بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   حي على الفلاح (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=25)
-   -   الجحيم رؤية من الداخل (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=166027)

Khaled Soliman 18-11-2009 11:11 PM

الجحيم رؤية من الداخل
 
الجحيم رؤية من الداخل

المقدمة:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} (آل عمران:102)
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً} (النساء:1)
{يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً} (الأحزاب:70-71)
وبعـد،،،

سأنقل لحضراتكم رؤية للجحيم من الداخل رؤية لأحد الإخوة جزاه الله خيراً
وهذه أول مشاركة في هذا الموضوع وأرجوا منكم متابعة الباقي بارك الله فيكم وجزاكم خيراً


1- في أول الطريق: الفردوس هي الأمل:

عندما كنت في بداية الطريق، طريق الإسلام، وكان هذا بحمد الله في أول مراحل الشباب، كنت أرى أن الفردوس هو المكان الذي يجب أن تتعلق همتي بـه. وربما كان يخالجني الشعـور لا الأمل فقط بأنني جدير به!! وكنت أظن أن مسألة النار، والتفكير بالنجاة منها خـارج عن سعي مثلي ودعائه؛ فمثلي ليس من أهلها -إن شاء الله- ولا يدخلها!! وبالتالي، فهو غني عن الخوف منها، والاستعاذة بالله منها، وإن دعا الله بالنجاة منها، فإنما ذلك تأسياً بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي يدعو بالنجاة من النار مع القطع أنه ليس من أهلها. وكان كثيراً ما يخالجني الشعور عند الاستغفار أنني لم أعمل ما يوجب النـدم الطويل، ولا الأسف البالغ، فإن ما وقعت فيه من الذنب قد وفقني الله للإقلاع عنه، والاعتذار منه، وهذا كاف في باب التوبة!!
وقـد استمر بي هذا الظن مرحلة من عمري في الدين. ثم لما بدأت في فقه القرآن، وعرفت حقيقة معنى الإيمـان، وحقيقة معنى المعصية، ودرست أخلاق الرسل والصالحين وأهل الإيمان، بدأ هذا الشعور يتلاشى شيئاً فشيئاً. ثم أصبح الهاجس الأول والأخير هو التفكير في كيفية النجاة من النـار، والفرار مما قبلها من أهوال وأما الجنة؛ كل الجنة؛ ولا سيماً الفردوس فلهـا حسابات أخرى!! وسعي آخر رأيت أن همتي وعزمي وعملي دونه بكثير. وأن المعاصي التي ارتكبتها والذنوب التي قارفتها لا يكفيها البكاء من يومي هذا إلى الممات، وأنني إن لم تتداركني رحمة الله بالمغفرة، أصبحت من الخاسرين. فكيف كان ذلك؟‍‍‍!
2- إدراك مفهوم الذنب:
لقد اجتمعت مجموعة من الأمور جعلتني أراجع حساباتي السابقة، وأنظر إلى الأمر نظرة جديدة، وكان أول ما أيقظ شعوري بخطأ تصوراتي السابقة حول الجنة والنار -وأنا في بداية الطريق- هو إدراكي لمعنى الذنب، وأن معصية الله سبحانه وتعالى شيء كبير، وكان مما أشعل في نفسي هذا المعنى كلمةٌ لأحد الصالحين يقول فيها: "لا تنظر إلى صغر الذنب، ولكن انظر من عصيت"!!
ووجدت مصداق ذلك فيما يتصف الله به من صفات كماله وأنعامه وتفضله على عباده. وأن حقه سبحانه وتعالى على عباده أن يتقوه حق تقاتـه، وأن يطيعوه ولا يعصوه، وأن يشكروه ولا يكفروه، وأن يذكروه ولا ينسـوه. ومن الذي يستطيع أن يقوم بذلك على وجهه الكامل؟ ووجدت أن الله سبحانه وتعالى يحذر عباده من عقوبته. وأنه يؤاخذ بالذنب صغيره وكبيره!! وتيقنت أن حق الله على عبـاده أعظم وأكبر من كل ما يأمرهم به. وأن الجميع تحت رحمته وطوع أمره، وأنه سبحانه {لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد}.
3- لماذا كانت المعصية شيئاً عظيماً؟:
المعصية في ذاتها شيء عظيم لأنها مخالفة لأمر الرب الإله الذي لا إله إلا هو، خالق السموات والأرض، وخالق كل شيء، وهو رب كل شيء ومليكه الذي خضع له كل شيء، وذل له كل شيء، فهو القاهر فوق عباده، وهو الحكيم الخبير الذي لا يغيب عنه من شؤون عباده صغير ولا كبير.. فهو القائم على كل نفس بما كسبت، والذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض... الذي تخافـه الملائكة العظام الكرام، وتكاد السموات أن يتفطرن من فوقهن فرقاً وخوفاً منه.
والذي يمسك السموات والأرض أن تزولاً... والذي لا يحيط أحد من خلقه علماً به، وهو يحيط علماً بكل مخلوقاته، ولا يغيب عنه سبحانه خطرات قلوبهم ولا نزغات نفوسهم، ولا وساوس صدورهـم، الذي وسع كل شيء رحمة وعلماً، والذي لا يقبل من أحد من مخلوقاته إلا الإذعان له، والاستسلام لأمره.
والذي يكرم من شاء من خلقه وعباده فلا يكون لإكرامه منتهى ولا لعطائه حد. ويهين من شاء من خلقــه، فلا تكون لإهانته مثيل، ويعذب من أراد من عبيده فلا يكون لعذابه نهاية، ولا لعذابه شبيه {فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد}.
وهو الرب الإله الذي جعل الخلق كله له والأمر كله له، فلا يخلق إلا هو، ولا يستطيع غيره أن يخلـق ذَرَّة، ولا بُرَّةً، ولا ذباباً. والذي يملك نفع خلقه وضرهم فلا يملك غيره لأحد من خلقه لنفسه نفعـاً ولا ضراً إلا ما شاء هو.. وهو الرب الإله خالق السماوات والأرض الذي لا يكرثه ولا يتعبه خلق السموات والأرض ولا حفظهما في أماكنها ومداراتها.
فمن ذا يستطيع أن يضع الشمس في مكانها غيره؟ وأن يضع القمر في مكانه غيره؟ والنجوم في مسـاراتها، والمجرات في مجاريها؟ ومن الذي أتقن كل ذلك. قال تعالى: {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليماً غفوراً}
فهو مالك الملك كله، ومدبر الكون كله لم يساعده أحد و لم يعاونه أحد في خلق الكون، ولا حفظه، بل هو الخالق لكل ما في الكون والحافظ له، والمقيم له، وهو الذي يفرط عقد هذا الكون وقتما يشاء، ويبدل السموات والأرض وقتما يريد. قال تعالى: {إذا السماء انفطرت* وإذا الكواكب انتثرث* وإذا البحار فجرت* وإذا القبور بعثرت* علمت نفس ما قدمت وأخرت}
وقال تعالى: {إذا الشمس كورت* وإذا النجوم انكدرت* وإذا الجبال سيرت* وإذا العشار عطلت* وإذا الوحوش حشرت* وإذا البحار سجرت* وإذا النفوس زوجت* وإذا الموءودة سئلت* بأي ذنب قتلت* وإذا الصحف نشرت* وإذا السمـاء كشطت* وإذا الجحيم سعرت* وإذا الجنة أزلفت* علمت نفس ما أحضرت} (التكوير:1-14)
وقال تعـالى: {إذا السماء انشقت* وأذنت لربها وحقت* وإذا الأرض مدت* وألقت ما فيها وتخلت* وأذنت لربها وحقت} (الانشقاق:1-5)
هذا الرب الإله سبحانه وتعالى الذي وصف نفسه في القرآن فقال: {إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} (الأعراف:54)
وقال جل وعلا: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنه ولا نوم له ما في السموات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بأيديهم وما خلفهـم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم} (البقرة:255)
وقـال جل وعلا: {الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش مالكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون* يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون* ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم* الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين* ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين* ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون} (السجدة:4-9)
وقـال جل وعلا: {الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماءاً فأخرج به من الثمرات رزقـاً لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار* وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار* وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار} (إبراهيم:32-34)
وهكذا فإن معصية هذا الرب العظيم الكبير المتعالي أمر عظيم، ومخالفته فيما أوجب على عباده ذنب كبير جداً.

Khaled Soliman 19-11-2009 12:26 AM

4- حق الله على عباده أكبر من كل ما يأمرهم به:
ثم إن مما يجعل مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى أمر عظيم، وإثم كبير هو أن حق الله على عباده أكبر مما يأمرهم به، فإن الله هو خالق الخلق، ومدبر شؤونهم، والمتفضل عليهم بنعمة الوجود أولاً، ثم ما من نعمة إلا وهي منه سبحانه وتعالى، فهو وحده الرزاق لكل عباده وهو ربهم الذي يكلئهم ويرعاهم، ويربيهم برحمته، وليس لهم رب سواه، ولا إله لهم غيره.
ولو أمر عبـاده بما أمر، فإن هذا حقه على عباده فإنه خالقهم وربهم، ومنشئهم من العدم، ومع ذلك فلا يكلف سبحانه وتعالى نفساً إلا وسعها ولا يأمر عباده إلا بما ينفعهم، وإذا أمرهم فإنه يأمرهــم وهو غني عنهم، غير فقير لعبادتهم، وعبادة العباد له هي من جملة الفضل الذي يتفضل به عليهم، لأنها سبب لزكاتهم وطهارتهم، وسبب لنيل مرضاته ورحمته وجائزته. وهكذا تصبح معصية العاصي أمراً عظيماً وإثماً كبيراً لأنه يخالف الرب الإله الذي أحسن وأكرم، وخلق ورزق، وتحنن على عبده!!
5- الدين الذي لا يقبل الله من عباده غيره هو الإسلام:
والدين الذي لا يقبل الله من عباده غيره، هو الإسلام ومعناه الاستسلام لله بتصديق خبره وتنفيذ أمره. قال تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام}، وقال جل وعلا: {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}..
والإسلام هو الدين الذي رضيه الله لعباده {ورضيت لكم الإسلام دينا} وهو دين ملائكته وكل طائع له طوعاً من خلقه. قال تعالى: {يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون}، ودين السماوات والأرض. قال تعالى: {ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين}!!
وأما من لم يطعه طوعاً من خلقه فكرهاً: {أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون}.
6- تكذيب الخبر كفر، ورد الأمر كفر:
ومن رد خبر الله سبحانه وتعالى، أو كذب بشيء من الغيب الذي قصه علينا فقد كفر، وكذلك من رد أمر الله سبحانه وتعالى وأبى أن يطيعه استكباراً وعناداً فقد كفر.
والمعصية الأولى التي عصى بها إبليس ربه كانت من النوع الثاني أعنى أنها رد الأمر، فإن الله قد أمره بالسجود لآدم فقال: {لم أكن لأسجد لمن خلقت طيناً}، ولم يكن إبليس -لعنه الله- مكـذباً بشيء من أخبـار الله. وإنما انحصرت معصيته في رد الأمر الإلهي كبراً وعلواً عندما ظن أن هذا الأمر يخالف الحكمة إذ زعم أن الفاضل لا يسجد للمفضول، وقد رأى نفسه، وقد خلق من النار أفضل من آدم المخلوق من الطين. وقياس إبليس قياس فاسد.
ولما أصر إبليس على معصيته كان جزاؤه أن لعنه الله أبداً وطرده من رحمته سرمداً.
فمعصية إبليس إذن كانت إباءاً ورداً للأمر الإلهي، ومن أجل ذلك كفر إبليس، ولعن وطرد من رحمة الله.
وأما المعصية الثانية التي عصى بها الله سبحانه وتعالى، فقد وقعت من آدم عليه السلام، ولما لم تكن عنـاداً، وإنما كانت ضعفاً ونسياناً كما قال تعالى: {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً} ثم إن آدم لم يصر عليها، بل سارع إلى الفرار منها والاعتذار عنها قال تعالى: {وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين* قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}.
فلما اعترف آدم وزوجه بالخطيئة، وسارعا إلى التوبة والإنابة، فإن الله سبحانه قبل عذره، وأقال عثرته.
والناظر في معصية آدم يجد أن هذه المعصية قد كانت مخالفة للأمر الإلهي فقط، فإن الأكل من شجرة في الجنة ليس إثماً في ذاته، لولا أنه معصية لله الذي أمره ألا يأكل من هذه الشجرة.

عبدالقادر محمد 19-11-2009 12:35 AM

جزاك الله خيرال
ديما ممتعنا بمواضيعك الهادفة
ربنا يبارك فى حضرتك

Khaled Soliman 20-11-2009 01:01 AM

7- العبودية لله هي طاعة الأمر فيما عقل معناه، وما لم يعقل معناه:
والعبـودية لله إنما هي في طاعة أمره أيا كان هذا الأمر في صغير أو كبير. فيما يوافق معقول المأمـور، أو يخالف معقوله. فإن الرب الإله سبحانه وتعالى هو أعلم بما يأمر به وينهى عنه، والعبد لا يكون عبداً على الحقيقة إلا إذا أطاع معبوده دون تردد أو توقف أو نظر أو سؤال؛ لم أمر بكذا؟ ولم نهى عن كذا؟ ولو كان العبد لا يطيـع إلا فيما عقل وفهم لكانت طاعته لمعقوله ومفهومه وليس لخالقه وإلهه ومولاه..
فإن الإنسان يطيع عقله، وقلبه في أشق الأمور على نفسه وبدنه، بل قد يركب الصعب والذلول في تنفيذ ما يأمره به سلطان العقل، أو سلطان القلب والهوى...
ولو كانت طاعة الله تابعة لسلطان العقل والقلب والهوى لكان المعبود حقاً هو العقل والقلب والهوى وليس الله سبحانه وتعالى...
بل العبودية أن يطيع العبد ربه فيما يخالف سلطان عقله وقلبه وهواه.
بل إن الدين قائم على مخالفة ما تهواه النفوس، وما يخالف رأي الإنسان ومعقوله أحياناً وهذا هو معنى التعبد لله... ولا يمنع أن يكون في الدِّين ما يوافق معقول الإنسان ونظره، ولكن الله سبحانه وتعالى شاء أن يتعبد عباده بما يحكم به هو سبحانه وتعالى، لا بما يرونه بأنفسهم أو يعقلوه بعقولهم، أو تهواه أنفسهم.
8- إبراهيم عليه السلام هو الإمام والمثال والقدوة والأسوة في المسارعة إلى تنفيذ أمر الله سبحانه:
هـذا نبي الله إبراهيم جعله الله إماماً للناس جميعاً، وجعل النبوة في ذريته دون سائر البشر، ولم يصل إبراهيـم عليه السلام إلى ما وصل إليه من إمامة الدين إلا أنه أُمِرَ بأوامر إلهية تخالف معقول البشر فنفذها إبراهيم عليه السلام على النحو الذي أمره الله بها تماماً. قال تعالى: {وإذ ابتلى إبراهيم رَبُّه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً}، وكان مما أمر به مما يخالف معقول البشر أن يلقي زوجته هاجر وابنها اسماعيل في أرض مقفرة موحشة لا إنس فيـها ولا شيء وهي أرض مكة، وليس معهم أحد على الإطلاق وليس لهم من الزاد إلا جراب تمر، وقربة ماء... ثم كر عائداً وحده إلى بلاد الشام.
وهـذا الأمر الإلهي لإبراهيم عليه السلام يخالف معقول البشر فإن أحداً لو فعل ذلك من عند نفسه لكان فعله جريمة وإثماً!!
وكذلك أمر الله سبحانه وتعالى له بأن يقتل ابنه بكره إسماعيل عليه السلام بعد أن شب وبلغ مبلـغ الرجال، فسارع إلى تنفيذ الأمر دون تلكأ أو نظر، أو تسويف، ولو أن إنساناً عمد إلى أن يقتل ابنه دون أمر من الله لكان هذا جريمة وإثماً.
فقـد روى الإمام البخاري رحمه الله بإسناده إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال: [أول ما اتخذ النساء المِنْطَق من قِبَلِ أم اسماعيل، اتخذت منطقاً لتُعَفِّي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت، عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجـد وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء فوضعهما هنالك، ووضع عندها جراباً فيه تمر وسقاءاً فيه ماء، ثم قَفَّى إبراهيم منطلقاً.
فتبعته أم اسماعيل فقالت: يا إبراهيـم أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مراراً. وجعل لا يلتفت إليها فقالت: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذن لا يضيعنا. ثم رجعت.
فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه فقال: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم} حتى بلغ {يشـكرون} وجعلت أم اسماعيل ترضع اسماعيل، وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نَفَدَ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها فجعلت تنظر إليه يتلوى، أو قال: يَتَلَبَّط، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً فلم تر أحداً، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثـم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها فنظرت هل تـرى أحداً فلم تَرَ أحداً، ففعلت ذلك سبع مرات.
قال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: [فذلك سعي الناس بينهما].
فلما أشرفت على المروة سمعت صوتاً فقالت: صَهْ!! تريد نفسها، ثم سمعت فسمعت أيضاً، فقالت: قد أسمعت إن كان عندك غواث!! فإذا هي بالملك عند موضع زمزم فبحث بعقبه، أو قال: بجناحه حتى ظهر الماء فجعلت تحوِّضُه وتقول بيدها هكذا، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعدما تغرف...
قال ابن عبـاس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: [يرحم الله أم اسماعيل لو تركت زمزم -أو قال: لو لم تغرف من زمزم- لكانت زمزماً عيناً معيناً].
قال: فشربت وأرضعت ولدها، فقال لها الملك: لا تخافوا الضَّيعَة، فإن هذا بيت الله يبني هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله.
وكان البيت مرتفعاً من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله. فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جُرْهُم أو أهل بيت من جرهم مقبلين من طريق كُدَاء، فنزلوا في أسفل مكـة فرأوا طائراً عائفاً فقالوا: إن هذا الطائر ليدور على ماء، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء، فأرسلوا جرياً أو جريين فإذا هم بالماء، فرجعوا فأخبروهم بالماء فأقبلوا.
قال: وأم اسماعيل عند الماء فقالوا: أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟ قالت: نعم. ولكن لا حق لكم في الماء!! قالوا: نعم. قال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: [فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأُنْسَ] فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم.
وشب الغلام وتعلم العربية منهم، وأنفسهم وأعجبهم حين شب، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم.
وماتت أم إسماعيل.
فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته، فلم يجد إسماعيل، فسأل امرأته عنه فقالت: خرج يبتغي لنا، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت: نحن بِشَرٍّ!! ونحن في ضيق وشدة!! فشكت إليه. قال: فإذا جاء زوجك اقرئي عليه السلام وقولي له يُغيِّر عتبة بابه، فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئاً فقال: هل جاءكم أحد؟ قالت: نعم، جاءنا شيخ كذا وكذا فسألنا عنك، فأخبرتـه، وسألني كيف عيشنا، فأخبرته أنّا في جهد وشدة، قال فهل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم! أمرني أن أقرأ عليك السلام ويقول: غَيِّرْ عتبة بابك، قال: ذاك أبي،وقد أمرني أن أفارقك!! الحقي بأهلك فطلقها!! وتزوج منهم امرأة أخرى.
فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم بعد فلم يجده، فدخل على امرأته فسألها عنه فقالت: خرج يبتغي لنا. قـال: كيف أنتم؟ وسألها ما طعامكم؟ قالت: اللحم!! قال: فما شرابكم؟ قالت: الماء، قال: اللهم بارك لهم في اللحم والماء.
قـال النبي صلى الله عليه وسلم: [ولم يكن لهم يومئذ حَبٌّ، ولو كان لهم دعا لهم فيه]. قال: فهما لا يخلـو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه. قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ومُريهِ يثبت عتبة بابه. فلما جاء إسماعيل قال: هل أتاكم من أحد؟ قالت: نعم. أتانا شيخ حسن الهيئة وأثنت عليـه فسألني عنك فأخبرته، فسألني كيف عيشنا؟ فأخبرته أنّا بخير، قال: فأوصاك بشيء. قالت: نعم! هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك. قال: ذاك أبي وأنت العتبة، أمرني أن أمسكك.
ثـم لبث عنهم ما شاء الله ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نبلاً له تحت دوحة قريباً من زمزم، فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد. ثم قال: يا إسماعيل إن الله أمرني أن أبني هاهنا بيتاً، وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها. قال: فعند ذلك رفعا القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة، وإبراهيم يناوله الحجارة يبني حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه وهو يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان: {ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم}. قال: فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت، وهما يقولان: {ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم}] (رواه البخاري)

Khaled Soliman 20-11-2009 01:11 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالقادر محمد (المشاركة 1748459)
جزاك الله خيرال
ديما ممتعنا بمواضيعك الهادفة
ربنا يبارك فى حضرتك


بارك الله فيك و جزاك خيراً أخي الكريم وديماً تشجعنا بمشاركاتك الجميله دي

صوت الامة 20-11-2009 04:54 PM

ما شاء الله على حضرتك يا استاذنا الحبيب
استاذ خالد ربنا يعزك ويكرمك
راااااائع ما قدمت يا استاذى الحبيب
جزاكم الله خيرا
وبارك الله فيك
تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال
وجمعنا سويا فى ظل الرحمن

Khaled Soliman 22-11-2009 02:05 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صوت الامة (المشاركة 1751563)
ما شاء الله على حضرتك يا استاذنا الحبيب
استاذ خالد ربنا يعزك ويكرمك
راااااائع ما قدمت يا استاذى الحبيب
جزاكم الله خيرا
وبارك الله فيك
تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال
وجمعنا سويا فى ظل الرحمن

عاش من شافك يارجل ياطيب ؟؟؟
بارك الله فيك وجزاك خيراً وشكر الله مرورك ومشاركتك وتقبل منك الدعاء

Khaled Soliman 22-11-2009 02:07 AM

9- الجانب التعبدي في الإسلام كبير جداً:
وإذا كانت الشريعة المنزلة على محمـد صلى الله عليه وسلم في عمومها مما يوافق معقول أهل العقل والحجا والحكمة إلا أن الجانب التعبدي فيها كبير جداً... فإن مواقيت الصلاة، وأعـداد الركعات، وهيئات الصلاة، وكون الزكاة في بعض الأموال وليست في جميعها، وتقدير النصاب، وصفة الصوم، وأعمال الحج من طواف وسعي وتقبيل للحجر الأسود، والوقوف بعرفـة، والمبيت بمزدلفة، ورمي الجمار، كل ذلك من الأمور التعبدية التي يراد منها ابتلاء طاعة العباد لربهم وخالقهم سبحانه وتعالى.
كما أن الحدود والعقوبات الشرعية الشأن فيها التعبد لله سبحانه وتعالى بتنفيذ أمره والانتهاء عن نهيه جل وعلا..
وكذلك ما أباحه الله وما حرمـه...فإن الله أباح البيع وحرم الربا، وقد يكسب البائع في بيعه ألفـاً في المائة، وقد يكون الربا المحرم درهم في الألف، ويبقى الربا حراماً والبيع حلالاً.. وقد أمرت المرأة أن لا تحد على ميت أكثر من ثلاثة أيام، ولو كان الميت أعز الناس لديها كابنها وأخيها وأبيها، ولكنها يجب أن تحد على زوجها أربعة أشهر وعشراً!!
ولا شك أن وراء كل أمر إلهي حكمة عليا قد يخبرنا الله بها، وقد يهدينا إلى معرفتها، وقد يخفيها عنا، وفي كل ذلك يجب على المكلف أن يسمع ويطيع. وأما إن علق طاعته لله على فهمـه ومعقوله ومعرفته لحكمة الآمر، فإنه لا يكون عابداً لله على الحقيقة ولو رد الأمر الإلهي ظاناً أنه مخالف للحكمـة والعقل لكان كافراً، وكان كفره ككفر إبليس الذي لم تكن جريمته إلا رد الأمر الإلهي كفراً وكبراً وعناداً.
10- المفهوم الشمولي لمعنى الذنب:
إذا عرف العبـد ربه على الحقيقة، وأنه هو خالقه ورازقه، ومتولي شؤونه، ومن بيده نفعه وضره، ومن يعلم علانيته وسره، وحياته ومماته، وأن العبد لا يستغنى عنه طرفة عين، علم أن حق الله على عبـاده أن يطيعوه فلا يعصوه، وأن يشكروه ولا يكفروه، وأن يذكروه ولا ينسوه، وأن يتقوه حق تقاته.
وكل تقصير في هـذه الحقوق تقصير ومعصية... فالغفلة ولو للحظة واحدة عن ذكر الله إثم، وعدم القيام بشكر نعمة واحدة من نعم الله التي لا تحصى إثم، ومعصية أمر الله في الكبير والصغير إثم.
وقد أمر الله عباده أن يتقوه حق تقاته، أي كما ينبغي له إذ هو سبحانه وتعالى أهل لأن يتقى، فهو الرب الإله القائم على كل نفس بما كسبت. قال تعالى: {وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمـل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه، وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين} (يونس:61)
وقد علم الله سبحانه وتعالى أن عباده لا يطيقون أن يقوموا بحقه وأن يتقوه كما ينبغي له سبحانه وتعالى، ففرض عليهم من ذلك ما يستطيعون، فقال جل وعلا: {فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا} فمن غفل عن ذكر الله الواجب المستطاع فهو آثم، كما قـال صلى الله عليه وسلم: [ما من قـوم جلسوا مجلساً ثم قاموا منه ولم يذكروا الله فيه إلا كان هذا المجلس عليهم ترة يوم القيامة] أي حسرة وندامة... ولا حسرة إلا في ترك واجب.
ومن قصر في شكر نعمة عرفها فهو آثم ولو كانت في شربـة ماء شربها، ولم يحمد الله عليها. قال تعالى: {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر لما خرجا من بيوتهم بسبب الجوع ثم أضافهـم أنصاري فقدم لهم عذقاً من تمر ورطب فأكلوا وقـدم لهم ماءاً بارداً فشربوا... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إن هذا من النعيم ولتسألن عنه يوم القيامة].
ومن عصى الله في صغير أو كبير فهو تحت الحساب والمؤاخذة إلا أن يغفر الله ذنبه.
إذا علم هذا علم معنى الذنب الذي ينسب إلى الأنبياء والرسل فإنه ليس كبيرة بحال، وليس تعمـداً لمعصيته الله، وإنما قد يكون اختياراً لخلاف الأولى، أو انقطاعاً لحظة عن الذكر الدائـم، أو قعود لحظة عن الشكر الدائم، قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم: [إنه ليُغَانُ على قلبي وإني أتوب إلى الله في اليوم أكثر من مائة مرة]..
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل حتى تتفطر قدماه، فإذا سئل في ذلك قال: [أفلا أكـون عبـداً شكوراً] فمن عرف حق الله على عباده، وعرف أن حقه يعظم كلما عظمت نعمته على العبد وعلم أن حق الله سبحانه على عبده أن يذكره فلا ينساه، ويشكره فلا يكفره، وأن يطيعه فلا يعصاه، وأن يخافه ويتقيه كما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه..
علم العبد عند ذلك ماذا تعني المعصية والذنب؟

أريــــ الجنة ــــد 22-11-2009 11:57 PM

جزاك الله خيرا على المجهود العظيم والموضوع الرائع

Khaled Soliman 28-11-2009 07:42 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أريــــ الجنة ــــد (المشاركة 1756683)
جزاك الله خيرا على المجهود العظيم والموضوع الرائع

وجزاكي خيراً وبارك فيكي وشكراً مروركم

Khaled Soliman 28-11-2009 07:49 PM

11- المؤاخذة بالمعصية :
كل من عصى الله سبحـانه وتعالى فهو تحت المؤاخذة إلا أن يغفر الله ذنبه، والمؤمن قد يؤاخذ بمعصيته في الدنيا، ويحصل له من البلاء ما يطهر ذنبه، ويعلي درجته، وقد يؤاخذ الله بعض أنبيائه في الدنيا بسبب معصية صغيرة تقع منهم ومن ذلك.
أ- آدم عليه السلام ومعصيته للأمر الإلهي:
فآدم عليه السلام الذي لم تكن معصيته إلا أنه خالف الأمر الإلهي بأكله من شجرة نهاه أن يأكل منها، ومعصية آدم بالأكل من الشجرة فإنها -والله تعالى أعلم- لم تكن فاحشة في ذاتها ولا إثمـاً لولاً المعصية. فقد أباح الله لآدم الأكل من كل أشجار الجنة، فليس الأكل من هذه الشجرة مذهباً للعقل، ولا ضاراً في النفس أو البدن، ولا تعدياً على حق مخلوق، ونحو ذلك مما هو من تعليل الإثم. وإنما كانت معصية آدم فيما أخبرنا الله به والله تعالى أعلم- في أنه أطاع الشيطان الذي حذره الله من طاعـته، وأنه عصى الله فيما أمره به. قال تعالى: {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجـد له عزما، وقال تعالى: {وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين} (الأعراف:22)
ومع ذلك كان من آثار هذه المعصية آلاماً طويلة في الدنيا منها: خروج آدم وزوجه من الجنة، وتعرضه هو وذريته لما يتعرضون له من البلاء في هذا الدار.. وإلى يوم القيامة!!
ب- نوح عيه السلام ووعظ الله له:
وهذا نبي الله نوح عليه السلام سماه عبداً شكوراً، وكان من أولي العزم من الرسل، وقد قام في عبادة الله سبحانه وتعالى ألف سنة إلا خمسين عاماً يتحمل في أثنائها الكرب الطويل والأذى البالغ. قال تعالى:{ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ونجيناه وأهله من الكرب العظيم} (الصافات:75-76)
ولما دعا نوح ربـه قائلاً: {رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين} (هود:45) أجابه الله سبحانه: {يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين} (هود:46)
فقال العبد الصالح: {رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين} (هود:47)
فاعترف عليه السلام بذنبه، وأنه قد قال قولاً لا علم له به!!
ج- يونس عليه السلام والسجن في بطن الحوت:
وهـذا يونس عليه السلام عاقبه الله لأنه ترك قومه الذين كذبوه وآذوه، دون أن يأذن الله له، فسجن في بطن الحوت إلى أن تداركته رحمة الله بالخروج، ضعيفاً مريضاً. قال تعالى:{فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} (الصافات:143-144)
وقال تعالى: {وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين* فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين} (الأنبياء:87-88)
د- الوعيد بالعذاب لقبول الفداء من الأسرى:
ونبينا صلى الله عليه وسلم عاتبه الله سبحانه بعد قبوله فداء الأسرى ويقول: [لقد عرض عذابكم أدنى من هذه الشجرة]!!
فقد روى الإمام أحمد قال: حدثنا عبدالله بن أبي ثنا أبو نوح أنبأنا عكرمة بن عمار ثنا سماك أبو زميل حدثني ابن عباس حدثني عمـر بن الخطاب رضي الله عنه قال: [لما كان يوم بدر قـال: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وهم ثلاث مائة ونيف، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة، ثم مد يديه وعليه رداؤه وإزاره ثم قال: اللهم أين ما وعدتني؟ اللهـم أنجز ما وعدتني، اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تُعبد في الأرض أبداً].
قـال: فما زال يستغيث ربه عز وجل ويدعوه حتى سقط رداؤه، فأخذ (أبو بكر) رداءه فرداه ثم التزمه من ورائـه، ثم قال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك. وأنزل الله عز وجل {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين}.
فلمـا كان يومئذ والتقوا، فهزم الله عز وجل المشركين فقتل منهم سبعون رجلاً، وأسر منهم سبعون رجلاً، فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا نبي الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان فإني أرى أن تأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار وعسى الله أن يهديهم فيكونون لنا عضداً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ما ترى يا ابن الخطاب]؟ قال: قلت والله ما أرى رأي أبي بكر، ولكني أرى أن تمكنني من فلان -قريباً لعمر- فأضرب عنقه، وتمكن علياً من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان -أخيه- فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أنه ليست في قلوبنا هــوادة للمشركين. هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم!! فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قلتُ، فأخذ منهم الفداء.
فلما أن كان من الغد قال عمر رضي الله عنه: غدوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو قاعـد وأبو بكـر رضي الله عنه وإذا هما يبكيان!! فقلت: يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما!! قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلـم: [الذي عرض عليّ أصحابك من الفداء، لقد عُرِض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة] لشجرة قريبة، وأنزل الله عز وجل {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض} إلى قوله: {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم}.
ثم أحل لهم الغنائم فلما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون وفر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكسرت رَبَاعِيَّته وهُشِّمَت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه، وأنزل الله تعالى: {أو لما أصابتكم معصية قد أصبتم مثليها} الآية بأخذكم الفداء] (رواه أحمد)
12- الرسل عليهم السلام يخافون ذنوباً لو كانت لأحدنا لعدها من الطاعات:
الرسل عليهم السلام يخافون ذنوباً لو كانت هذه الذنوب نفسها لأحدنا لعددناها من الطاعات والقربات.. فمن منـا لا يتمنى أن يكون صنع ما صنع إبراهيم عليه السلام من كذبه على قومه عباد الأصنام عندمـا قال لهم: {إني سقيم} (الصافات:289) وقوله: {بل فعله كبيرهم هذا} (الأنبياء:63) حتى يحطم أصنامهم، ويرجعهم إلى عقولهم ورشدهم؟! ومن منا لا يتمنى أن يقول عن زوجته هي أختي ينقذها ونفسه من جبار كافر أراد أن يقتله ويستحوذ على زوجته!! ومع ذلك يقول إبراهيم عليه السلام يوم القيامة معتذراً عن التصدر للشفاعة خائفاً من معصيته!! [وإني قد كذبت ثلاث كذبات!!] (رواه البخاري)
وهذا نبي الله موسى عليه السلام، وهو من أولي العزم والرسل، يقتل نفساً قتلاً شبه عمد وليس عمداً، ويقتله بغير قصد قتله، يقتله دفاعاً عن مظلوم، وهذا الفعل منه كان قبل الرسالة ومع ذلك يقول:{رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي، فغفر له إنه هو الغفور الرحيم} (القصص:16)، ومع ذلك يظل موسى خائفاً من فعلته هذه إلى يوم القيامة ويقول: [إن ربي قد غضب اليـوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله وإني قد عصيت ربي فقتلت نفساً لم أومر بقتلها]. (رواه البخاري)
ومن منا لا يتمنى أن يكون صنع ما صنع موسى في دفاعه عن مظلوم من قومه!!
13- ازدياد الخوف من الله مع زيادة الإيمان، ونقص الخوف مع نقص الإيمان:
كلما تبلـد الشعور، وزاد البعد عن مصدر النور، زال الإحساس بالذنب، فالكفار يكفرون ويجرمـون ويفسقون وهم يضحكون. والفاجر والمنافق يرى ذنبه كأنه ذباب يحط على أنفه لو أشار إليه بيده رده، والمؤمن يرى ذنبه كالجبل يوشك أن يسقط عليه، وكان أنس بن مالك يقول وكان قد عمـر زماناً بعد النبي صلى الله عليه وسلم: [أنكم تعملون أعمالاً كنا نعدها من الكبائر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في أعينكم أصغر من الشعر]
14- ألوان وأنواع العقوبات لعصاة المؤمنين:
كل ذنب داخل في الحساب إلا ما يغفره الله سبحانه وتعالى. قال تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره* ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره} (الزلزلة:7-8)
وبعض العصاة من الموحدين قد يعذبون في النار، أو في القبر، أو في الحشر في صغائر من الذنـوب، وفي كبائـر يظنها بعض الناس صغائر، فامرأة يراها النبي في النار في هرة حبستها حتى ماتت جوعاً. وقتيل مع الرسول ظنه الصحابة شهيداً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [كلا. إني رأيته في النار في بردة غلها] (رواه مسلم)، ولم تكن هذه البردة تساوي أربعة دراهم!!
والرجل يتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى، لا يلقي لها بالاً فتهوي به في النار سبعين خريفاً.
ونساءٌ كثيراتٌ كثيراتٌ من أهل التوحيد يدخلن النار لأنهن يكثرن اللعن، ويكفرن العشير!!
ورجـال يحبسون في النار في ردغة الخبال، ووسط عصارة وصديد أهل النار لأنهم تكلموا في إخوانهـم المسلمين بغير حق. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله، ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع عنه، ومن قـال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال] (رواه أبو داود)
والوعيد الشديد لعصاة أهل التوحيد يشمل المعاصي كلها صغيرها وكبيرها، فقاتل النفس عمداً يقول الله فيه: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاءه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً} (النساء:93)
وآكل الربا يقول الله فيه: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا، وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} (البقرة:275)
والكنّازون مانعي الزكاة يقول الله في وعيدهم: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم* يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون} (التوبة:34)
وفي هـذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: [ما من صاحب ذهب ولا فضة، لا يؤدي منها حقها إلا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه، وجبينه، وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار]. (رواه مسلم)
والذي يقتطـع حق امرئ مسلم بيمينه -ولو كان هذا المقتطع شيئاً يسيراً ولو عوداً من أراك - فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة. قال تعالى: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم} (آل عمران:77)
وفي هـذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: [من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة] فقال رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ فقال: [وإن قضيباً من أراك]. (رواه مسلم)
ورأي النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من أصحابه لبس خاتماً من ذهب، فاقتلعه النبي من أصبعه، ورمى به قائلاً: [يعمد أحدكم إلى جمرة من نار، فيجعلها في يده]!! (رواه مسلم)
وامرأة كانت من أهل النار لأنها تؤذي جيرانها بلسانها!! وفقير من فقراء المهاجرين، عذب في قبره لأنه مات وكان عليه ديناران لم يسددهما!! وظل يعـذب حتى تصدق عليه أبو قتادة وسدد عنه دينه!!
ورجل يعذب في قبره لأنه كان لا يستنزه من بوله، وآخر يعذب لأنه يمشي النميمة بين الناس، وقـال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [لا يدخل الجنة قتات] (نمام)، و[لا يدخل الجنة قاطع]!! و[لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر]!! و[ان الكبر بطـر الحق وغمط الناس].. وكم يقع مثل هذا!!
اللهم أني استغفرك لذنبي، وأعوذ بك من شر نفسي وسيئات عملي.
ومما قصه النبي صلى الله عليه وسلم من عذاب عصاة المؤمنين قوله: [إنه أتاني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني وإنهمـا قالا لي: انطلق، وإني انطلقت معهما، وإنا أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائـم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فَيَثْلَغُ رأسه، فيتهدده الحجر هاهنا، فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه، حتى يصح رأسه كما كان، ثم يعود عليه فيفعل به كما فعل به المرة الأولى.
قال: قلت لهما سبحان الله!! ما هـذان. قال: قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على رجل مُسْتَلقٍ لقفاه وإذا آخر قائم عليه بكُلُّوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شِقَّي وجهه، فيشرشر شدقه إلى قفـاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه فيفعل مثل ما يفعل في المرة الأولى.
قال: قلت: سبحان الله ما هذان؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق. فانطلقنا فأتينا على مثل التنور، وأحسب أنه كان يقول: فإذا فيه لغط وأصوات فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة!! وإذا هم يأتيـهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضَوْضَوْا.قال: قلت: ما هؤلاء؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق!!
قـال: فانطلقت فأتينا على نهر حسبت أنه كان يقول: أحمر مثل الدم، وإذا في النهر رجل سابح يسبـح، وإذا على شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة، وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح، ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة فَيَفْغَرُ له فاه، فيلقمه حجراً، فينطلق يسبح، ثم يرجع إليه، كلما رجع إليه فغر له فاه فألقمه حجراً، قال: قلت لهما: ما هذان؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق!!
فانطلقنا، فأتينا على رجل كريه المرآة أو كأكره ما رأيت من راءٍ رجلاً مرآة، وإذا هو عنده نار يَحُشُّها ويسعى حولها، قال: قلت لهما: ما هذا؟ قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على روضة معتمـة فيها من كل لون الربيع، وإذا بين ظهري الروضة رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولاً في السماء، وإذا حول الرجل من أكثر ولدانٍ رأيتهم قط، قال: قلت لهما: ما هذا؟ ما هؤلاء؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق. فانطلقنا، فأتينا إلى روضة عظيمة لم أر روضة قط أعظـم منها، ولا أحسن. قال: قالا لي: ارْقَ فيها فارتقيت فيها، قال: فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة، فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففتح لنا، فدخلناها فتلقانا رجال شطر من خَلْقِهم من أحسن ما أنت راءٍ، وشطر كأقبح ما أنت راء. قال: قالا لهم: اذهبوا فقعوا في ذلك النهر، قال: إذا هو نهر معترض يجري كأن ماءه المحض في البياض فذهبوا فوقعوا فيه، ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم، فصاروا في أحسن صورة قال: قالا لي: هذه جنة عدن، وهَذَاكَ منزلك، فسما بصري صعداً، فإذا قصر مثل الربابة البيضاء، قالا لي: هذاك منزلك؟
قلت لهما: بارك الله فيكما فذراني فأدخله، قالا: أما الآن فلا، وأنت داخله.
قلت لهما: فإني رأيت منذ الليلة عجباً، فما هذا الذي رأيت؟! قالا لي: أما إنا سنخبرك أما الرجـل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر، فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة.
وأما الرجل الذي أتيت عليه يُشَرْشَرُ شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه ، فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق.
وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور، فهم الزناة والزواني.
وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويُلْقَمُ الحجارة فإنه آكل الربا.
وأما الرجل الكريه المرآة الذي عند النار يحشها ويسعى حولها، فإنه مالك خازن جهنم.
وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم.
وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة.
وفي رواية البرقاني: [ولد على الفطرة]، فقال بعض المسلمين: يا رسـول الله وأولاد المشركين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأولاد المشركين!! وأما القـوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح، فإنهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً، تجاوز الله عنهم]. (رواه البخاري)

أبو إسراء A 28-06-2010 02:52 PM

جزاك الله الفردوس الأعلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 01:19 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.