![]() |
من صفر المونديال إلى صفر مياه النيل.. / وائل قنديل
لا نظيف ولا علام ولا غيرهما من الوزراء الموظفين ــ مع خالص الاحترام ــ يصلح لإدارة ملف الأزمة مع دول حوض النيل، وما جرى فى شرم الشيخ أمس الأول يكشف إلى مدى بلغت حالة موت السياسة فى مصر، فلأول مرة تعلن دول منابع النيل بوضوح وبالصوت العالى رفضها للرؤية المصرية ــ السودانية لاقتسام مياه النيل بين دول الحوض.
وقبل ذلك فإن كمية الأخطاء المباشرة وغير المباشرة التى ارتكبها المسئولون عن ملف مياه النيل فى مصر كانت كافية لوصول الأمور إلى هذا الحد من الارتباك والركاكة فى معالجة الأزمة، وأحسب أن الرئيس مبارك سيحسن صنعا لو اتخذ قرارا حاسما بعد استئناف نشاطه السياسى بإسناد ملف النيل إلى لجنة عليا من السياسيين وخبراء الأمن القومى، بدلا من هؤلاء الموظفين الذين حاولوا تكحيلها فأصابوها بالعمى. وما جرى خلال الأشهر الأخيرة على سبيل المثال كان أقرب للكوميديا منه إلى التعامل الدبلوماسى الجاد.. من ذلك أن الحكومة المصرية قررت تنفيذ استراتيجية جديدة تقوم على اختراق دول الأزمة بمجموعة من المشاريع الاستثمارية، بمشاركة رجال أعمال.. وهذا بحد ذاته جميل ورائع، لكن الشىء القبيح والركيك فى المسألة أن يجرى الإعلان عن ذلك قبل التحرك فى وسائل الإعلام الفضائية والبرية والبحرية وعلى أوسع نطاق، وكأننا نقول لشعوب دول الحوض إننا قادمون لكى نضحك عليكم بحفنة مشاريع واستثمارات مقابل الحصول على ما نريد من مياه النيل. وهكذا، بدلا من اكتساب مساحات سياسية وإنسانية بين هذه الشعوب تفاقمت حالة الإحساس لديها بأننا نتعامل معهم بمنتهى الفوقية وكأنهم قطعان من السذج الذين يمكن أن نسقيهم «حاجة صفراء» ونأخذ منهم كل ما نريد، والنتيجة هذه الحالة من التحفز والعناد من قبل مسئولى هذه الدول فى كل جولة مفاوضات تعقد لحل الأزمة. غير أن أخطر ما فى الموضوع أن أحدا لا يريد الاعتراف بأن الدبلوماسيات المصرية المتعاقبة طوال العقود الثلاثة الماضية سلمت عمق مصر الأفريقى إلى إسرائيل تسليم مفتاح، ذلك أنها تعاملت مع دول الحوض على أن ولاءها لمصر مع شهادة ضمان مدى الحياة، وتناست أن هذه الدول شبت عن الطوق ونضجت وبدأت تتهجى حروف لغة المصلحة وتنطقها بطلاقة، فيما نحن نغط فى وهم عميق ونترك الملعب مفتوحا للصهاينة يحرثونه ذهابا وجيئة.. ولعل أفدح مثال على ذلك أننا ذهبنا إلى عمقنا الأفريقى الذى كان بعد أن سبقنا إليه وزير الخارجية الصهيونى ليبرمان ودق أوتاده ونصب خيامه فيه. وشىء مما جرى مع دول أفريقيا هو بعينه ما جرى مع محيطنا العربى، نتعامل طول الوقت على أننا الدولة الكبيرة الرائدة دون أن ندرك أن من نعتبرهم صغارا كبروا وتعلموا وحققوا معدلات تنمية تجاوزتنا بمراحل، والأخطر أننا نريد مكانة الكبير دون أن نلعب دوره ونؤدى التزاماته، بل وفى أحيان كثيرة كنا نأتى بتصرفات صغيرة يخجل من ارتكابها الصغار أنفسهم. |
لا حول ولا قوة الا بالله
|
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:05 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.