![]() |
الجمهورية العربية التركية
يفتخر الإنسان العربي بالموقف التركي المشرف تجاه القضية الفلسطينية خاصة والقضايا العربية والإسلامية بشكل عام، كم كنت أتمنى أن تكون إحدى الدول العربية هي التي تتخذ هذا الموقف وتكون هي المبادئة لكن يبدو أن الدول العربية خاصة الفاعلة وذات الثقل قد اتخذت الموقف الإسرائيلي والأمريكي تجاه قضية فلسطين وتجاه شعوبها، فمن تقول إسرائيل عنه إرهابياً فهو إرهابياً لدى هذه الدول وتتخذ الإجراءات ضده وفقا للرؤيا الإسرائيلية الأمريكية.
لا بد أن أجهر بالقول بأني أخاف على تركيا اليوم أكثر مما أخاف على الدول التي تعتبر نفسها متبوأة زعامة النظام العربي، لماذا؟ الجواب سهل وبسيط هو ان هذه الدول العربية سوف تناصب العداء لتركيا لأنها تشعر بأن النظام السياسي التركي يقوم بالدور الذي كان من المفترض أن تقوم به هذه الدول، ولكن نظراً لان هذه النظم السياسية العربية أضحت فاقدة الإرادة بخضوعها للدول الكبرى التي تضمن لها الاستمرار في السلطة، لذلك ما في يدها شيء سوى وقوفها مع كل من يناصب العداء للنظام السياسي التركي الذي بأفعاله يعري هذه الأنظمة ويزيد من البون الشاسع بينها وبين شعوبها. الغريب العجيب أن هذا الوضع وهذه التبعية قد انتهت وتلاشت في شتى بقاع العالم عدى المنطقة العربية التي يتكرس فيها نظام التبعية للخارج مع مرور الزمن، لقد أفاقت شعوب العالم من سباتها وأفاق حكامها النائمون في العسل والتبعية وتحولت الأنظمة السياسية إلى لغة المصالح التي أصبحت هي اللغة السائدة حالياً التي تحكم العلاقات بين الدول، بينما حافظت الأنظمة السياسية العربية على استمراريتها باستخدامها لغة واحدة هي لغة الحفاظ على بقاء نظامها القائم بل اتجهت إلى ما هو ابعد من بقاء النظام على ما هو عليه وذلك لتتحول الأنظمة العربية الجمهورية إلى أنظمة ملكية مع مرور الزمن وقد ابتدعت طريقا جديداً في ذلك لم يظهر حتى لدى علماء السياسة كأرسطو وأفلاطون وابن خلدون والفارابي حيث اتبعت الأنظمة الجمهورية العربية طريقة توريث الحكم ليصبح ابن الرئيس هو الرئيس وليس بديلا عنه، وهذا ما تعمل هذه النظم على ترسيخه وكأن الشعوب هي تابعة ولا رأي لها وبالتالي لا حق لها حتى التفكير في غير ما يريده الحكام، مما جعل هذه النظم تعتمد على الخارج لحمايتها وبالتالي فقد باعت نفسها ومصالح شعوبها وأصبحت أسيرة الخارج أما شعوبها فتعتبرهم من أملاكها الخاصة وتتصرف فيهم أو تتنازل عنهم لمن تريد، لذلك كثيراً ما نرى الإنسان العربي مسجونا أو مقتولاً أو منتهكاً عرضه في كثير من دول العالم دون أن تلتفت إليه حكومة بلاده وكأنه من دولة واق الواق التي ذكرتها الأساطير. فكيف في وضع عربي كهذا لا أخاف من أنظمته السياسية على النظام السياسي التركي، والمستقبل قادم وسنرى أنه وتدريجياً ستتحول الأنظمة العربية المرتبطة بالخارج والمرتهن مستقبلها بمدى ولائها له، ولا أدري ما هو السبب التي ستتحجج به النظم السياسية العربية في إظهار عدائها لتركيا، ولنا سابقه لهذه النظم عندما حولت النظام السياسي الإيراني إلى عدو حينما أظهر تبنيه الدفاع عن مصالح المنطقة ودعمه اللامحدود للقضية الفلسطينية، فبقدرة قادر تحول النظام السياسي الإيراني إلى عدو ليحل محل العدو الإسرائيلي الذي أصبح صديقا لكثير من الأنظمة العربية، ولم يعد لهذه الأنظمة أي علاقة بالقضية الفلسطينية سوى التعامل معها لغرض الاستهلاك الإعلامي خوفاً من ثورة شعوبها إذا ما أعلنت نيتها الحقيقية في فك الارتباط بالقضية الفلسطينية أسوة بفك الارتباط المزعوم لإسرائيل مع قطاع غزة، والدليل على موقف هذه الأنظمة واضح وجلي فهي تشارك عمليا في حصار غزة براً وبحراً وجواً وكل ذلك يدل بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الأنظمة لن تغير مواقفها باتجاه مصالح شعوبها مهما حصل وأن ثورات شعوبها قادمة فالتاريخ شاهد على أن النظام السياسي الذي يبيع نفسه للأجنبي - وهذا ما هو عليه الحال في الكثير من الأنظمة السياسية العربية - لا يمكن أن يشتري حريته إلا بثورة شعبية تدفنه في أعماق التراب. لكل ذلك فإنه يشرفني أن أقول عاشت الجمهورية العربية التركية ويشرفني أن أنتمي إلى هذه الجهورية، لذلك أتمنى أن يستعيد الرجل المريض -الاسم الذي أطلقته الدول الاستعمارية الأوروبية على الدولة العثمانية قبل الحرب العالمية الأولى- عافيته ويعيد |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:16 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.