![]() |
أخي الفاضل ((خسا الديب))...
أنا أشكرك كثيرا على الموضوع الرائع الذي طرحته...عمرة مقبولة بإذن الله تعالى..لو تدري كم أنا مشتاقة لعمل عمرة..والله إنها حلم حياتي أن أزور المدينة وأرى قبر حبيبي صلى الله عليه وسلم.. أنا تحمست جدا للموضوع وأحب أن أعرض عليكم قصصا أخرى من تأليفي لكنني أحب أن تعطوني رأيكم.. شراب الحياة مرَّا بشوارع موحشة مخيفة ..لم يعتقد سيف أن في مدينته مثل هذه الحواري الموحشة القذرة....و بعد قليل اجتازا الطريق الموحل...فانحرفا إلى منعطف من الطريق و بينما هما سائران وقف ناجي فجأة أمام أحد البيوت القديمة المتهالكة..سأل سيف بصوت ضعيف كَلَّلَه التعب:أهذا هو المكان؟...فاومأ ناجي برأسه طرق ناجي الباب طرقاً خاصاً بينما كان سيف يتأمل البناء بعينين ذابلتين..وبعد قليل سمعا وقع أقدام في الممر ثم رُفعت السلسلة وفُتح الباب بهدوء ودخل ناجي دون أن ينبس ببنت شفه..تبعه سيف صامتاً أيضاً...إلى أن وصلا إلى صالة طويلة تملأها رائحة العفونة..بينما كان هناك ضوء أحمر شاحب لا أحد يعلم من أين ينبعث...همس سيف في أذن ناجي:ما هذا المكان القذر يا ناجي؟.. هز ناجي كتفيه بلا مبالاة وقال:اتبعني بهدوء.. وكان في أقصى الغرفة سلم صغير يؤدي إلى غرفة مغلقة ..ولما رقي ناجي وسيف درجاته المتكسرة خلَصت إليهما رائحة الأفيون الثقيلة....ارتعب سيف لما عرف المكان الذي هو بصدد أن يدخله فصاح في وجه ناجي:مخدرات يا وغد؟.. ابتسم ناجي بخُبث وقال:من قال أنها مخدرات؟..إنه شراب الحياة،نحن هنا نحب التعامل مع هذه المصطلحات،ثم ألم تلحظ الهدوء المخيم؟..أرني هدوئك إذن.. لم يكن سيف في حالة تسمح له بالصياح والعناد أكثر ..فقرر أن يستمر وراء ناجي ...كان يبدو أن ناجي ارتاد هذا المكان منذ مدة..فكان كلما مضى بضع خطوات صاح أحد الرجال ورفع يده محيياً ناجي.. أجفل سيف وتطلع حوله نحو الأشكال الغريبة من شباب و رجال يضطجعون على مقاعدهم غائبين عن الوعي..بعضهم يهذي بكلمات غير مفهومة والآخرون يترنحون في إيقاعات غير منتظمة.....لقد كانوا في حالة أسوأ من حالته بكثير..لقد كان سجين الأفكار..كانت الذكرى تلتهم روحه..وكان يتراءى له من حين إلى حين أن عينا صديقه إسلام تتطلعان إليه..فشعر أنه لا يستطيع أن يبقى في هذا المكان..لقد أحب أن يكون مع إسلام الآن...لكنه لن يستطيع..فإسلام غائب عن البلاد......إن مجيئه مع ناجي كان أكبر خطأ ارتكبه في حياته..لقد كان هادئا في الشقة.. نهبا موزعا لأفكار شتى تخوض به في خضم ذكريات قديمة مؤلمة..قال من دون تردد:إنني لا أستطيع البقاء هنا دقيقة واحدة..وتكون مجنونا إذا توقعت أن أستطيع شرب "شراب الحياة"..ولا ترني وجهك ثانية... - لا لا يا عزيزي..تعال نشرب نخب الحياة وحسب..أنا متفهم لوضعك الراهن لكن ما من شيء غيره يستطيع سبر أغوارك وشفاء همومك - أتظنني مثلك أجوف القلب خالي اللب؟.. - دعك من هذه الخرافات..إنك ما زلت صغيرا على هذه النظريات..أنا أفضل الأفيون..تعال نطلب شيئا نشربه..يجب أن أحتسي شيئا... تمتم سيف:أقسم بالله أنك غبي...قلت لن أشرب.....أمجنون أنت حتى تطلب مني أنا سيف أن أشرب؟ - أنت حر..بإمكانك الذهاب..باب الخروج عند المنعطف الثاني على اليمين... هم سيف بالذهاب...لكنه سمع بعض الهمسات من حوله ..إذ همس أحدهم:إنه خائف.. فتردد سيف...أحس بشيء يمسك بقدميه كي لا تحاولا الخروج...تمتم ناجي هازئاً:ما بك؟..هل غيرت رأيك؟..أم لعلك خائف؟ معك حق..لا يرتاد هذا المكان إلا الشجعان الأقوياء..وقد ظننت أنك منا لكنك خيبت آمالي.. تضايق سيف من أسلوب ناجي الاستفزازي..فقال دون أن يدري ما هو مقدم عليه: أنا لا أخاف..ولكي أثبت لك هذا سأبقى هنا...لكن.. قال ناجي:لكن ماذا؟.. قال سيف:هل...هل صحيح أنني سأنسى ما مر بي؟..هل سأنسى الكارثة التي وقعت؟..بل قل لي...هل سأموت؟.. ضحك ناجي وقال:تموت؟..لا أظن..ربما بعد الإدمان.. ارتعب سيف واصطكت أسنانه عند ذكر الموت وقال:لا..لن أشرب.. قال ناجي:هل صدقت يا ولد؟..كنت أمزح فحسب..مضى علي وأنا أتعاطى هذه المواد والحقن شهوراً طويلة..وها أنا حي كما ترى.. وقرب ناجي وجهه من سيف وقال:تأملني جيداً..أنا حي أم ميت؟..أم لعلني شبح؟ وضع سيف يده على وجنة ناجي وقال:لا أظن أنك شبح..الشبح يبدو أقل وحشية منك..في رأيي على الأقل.. * * * * * * * * * * * * * * ارتمى سيف على أرضية الحانة غائباً عن الوعي بعد أن شرب وشرب من الويسكي..صارت حياته ضربا من النسيان...إذ يستيقظ في الصباح ويأخذ جرعة..ثم يهيم على وجهه في الشوارع ويبقى دائرا بلا هدف أو مسار إلى أن يحل الظلام..فيعود إلى الحانة ويتناول الفتات من الطعام ويتناول جرعة تغيبه عن الوعي إلى الصباح...هاهو ملقى على أرضية الحانة..لا يقوى على تحريك جسده يمنة ويسرة...أعضاؤه بدت متهالكة....وانتهت قصة حياة هذا الشاب الذي حمل ذات يوم هدفا عاليا وكان من أحسن الشباب وأقومهم خُلقاً...انتهت تحت هذا السقف المتهالك وهذه الحيطان الرطبة المليئة بالعفونة..انتهت؟.. هل انتهت قصة حياته؟...أحقاً هذا؟..كلا..هاهي شفاهه تتحرك...ترى بم تتمتم يا سيف؟..ماذا ترى في أحلامك؟..هل تذكرت دفء أحضان والدتك الحنونة؟..هل تذكرت بسمات والدك العطوف؟..هل تذكرت كريم وباسم؟.أم لعلك تذكرت ماضياً بعيداً؟..ماضي صديقك إسلام.. إسلام؟..ليتك ترى يا إسلام ما آل إليه صاحبك العزيز سيف...ليتك تأتي يا إسلام...إنه بحاجة إليك...ما عاد يستطيع المضي في الطريق وحده...الطريق طويل ومظلم..إنه بحاجة إلى نور قرآنك يا إسلام..إنه بحاجة إلى حنان إيمانك...احلم يا سيف وتذكر...فما خُلِقْتَ إلا للأحزان وما وُجِدَت الأحزان إلا لك...احلم أيها الجبان وتذكر...ولْتطُفْ بخلدك كل الذكريات التي ستنكأ جراحك وتدميك...احلم أيها الفتى الضائع..احلم بالماضي ولا تلتفت للمستقبل أبداً...ما المستقبل بالنسبة لمن كان مثلك؟...إنك للماضي..بل أنت الماضي وحده... احلم يا سيف..وليغشِ عينيك الخمر..احلم يا سيف..وليحاكِ محياك الألم..احلم يا سيف..ولتعانق روحك الهم والغم والكسل...احلم يا سيف ودَعْ الشيطان يعربد فوق أنقاض آمالك...يمزق بيديه الآثمتين صفحات مشرقة كانت ستبقي المجد هالة خضراء حول جبينك...احلم وابكِ وتذكر...فما الحزن للأكدار علاج..وما البكاء للجروح دواء.. * * * * * * * * * * أخذ إسلام يسير من شارع إلى شارع ومن حي إلى حي ومن زقاق إلى زقاق..عله يعرف لسيف مكاناً...أخذ يسأل ويتقصى...ولم يعرف أين راح سيف..قال له بواب البناية:لم يدخل صاحبك شقته منذ ما يقارب الشهر... وهام إسلام على وجهه..وأخذت الأفكار تهاجم مخيلته..ترى أين ذهب سيف؟..أيعقل أن يكون...كلا..إنه حي يرزق...أنا أحس بهذا...وسأجده بإذن الله...كان الله في عونك يا صديقي...والله إن ما تحمله على كاهلك من الأحزان لتنوء به الجبال...لكن..أين أنت؟..طال غيابك وطال بعدك...أين أنت يا سيف الشجاعة؟..أين أنت يا سيف الإباء؟..لا تضع السيف في الغمد..اشهر سلاحك تملك الدنيا...اشهر سيفك تملك الزمان..ما سيفك إلا قرآنك الصغير المبتل بدموعك النقية...ما لي أراني أذرف الدموع؟..أهو الشوق إليك؟...أأنت غالٍ على قلبي إلى هذه الدرجة؟..أأنت عزيز على روحي إلى هذا القدر؟... أنا قادم يا سيف..واللهِ إني قادم تحملني إليك نسيمات الهواء...فاصبر ولا تلقِ بنفسك إلى هذا الدرك الوضيع المنحط.....هيا يا سيف الشجاعة..يا سيف الإباء...هات يدك فأنا قادم... * * * * * * واختفى سيف...ولم يعد يُرى له أثر...وظن الجميع أنه قد مات وانتهى أمره...وصارت روحه مجرد ذكرى في فؤاد إسلام... لكن روحه المريضة مضت في الطريق الذي رسمه الشيطان...وسيمضي سيف في هذا الطريق إلى أن تمتد إليه يد حانية تنتشله من الدرك الذي وصل إليه...لكن من سينقذك يا سيف؟.......انتظر إذاً.. أو......أَنهِ حياتك لأن الانتظار سيطول.. منقووووووووووووووووووووووووووووول سيطــــــــــول |
قصة مؤثرة جدا
يارب اهدينا لطريقك المستقيم اشكرك |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:08 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.