![]() |
يا أهل الحل ......الوطن هو الحل
يا أهل الحل ......الوطن هو الحل
بقلم/ سمير الأمير كلما فكرت فى معنى كلمة " الوطن " تذكرت قصة المرأتين اللتين احتكمتا إلى سيدنا سليمان فى طفل تدعى كل منهما أنه ابنها، وربما كانت تلك القصة أيضا هى نفس موضوع مسرحية " دائرة الطباشير القوقازية" للمسرحى العظيم "بورتلد بريخت" ومفاد تلك القصة أن الملك سليمان أراد أن يعلم من منهما الأم الحقيقية للطفل فتفتق ذهنة عن حيلة بارعة وهى أن يحكم بقسمته بينهما بالسيف أو كما عالجها "برخت"مسرحيا برسم دائرة وجعل المرأتين تجذبان الطفل فأيهما استطاعت أن تأخذه إلى ناحيتها تصبح أمه ، فى الحالة الأولى يحكم الملك سليمان للمرأة التى رفضت قسمة الطفل بالسيف وصرخت " لا تقسمه إنه ليس ابنى، إنه ابنها هى , " أو يحكم ( طبقا لبرخت) للمرأة التى رق قلبها على الطفل فلم تستطع جذبه ناحيتها بعنف خشية أن يصيبه مكروه، أظن أن الوطنية ليست أكثر من ذلك ، إذ فى الدول الديموقراطية تنتقل السلطة انتقالا سلسا حرصا على سلامة الوطن ومن ثم يصبح كل من يساعد على هذا الانتقال السلس محبا للوطن وليس محبا لطبقته أو طائفته أو عائلته فقط وهذا ما نفتقر إليه فى معظمنا ولا سيما هؤلاء المنتمين للنظم المترنحة بحكم التوجه السياسى أو بحكم المصلحة الاقتصادية أو لمجرد التعود على السلطة التى أصبحوا جزءا لاينفصل عنها، إذ لا يمكنهم تخيل العيش بدون ممارسة التسلط والجبروت فهم ( من وجهة نظرهم طبعا) هم الأجدر والأحكم والأولى وكل أنواع أفعل التفضيل التى يمكن أن تتفتق عنها عقلية الديكتاتور وأعوانه ، والوطن بالنسبة لهؤلاء هو المشروع الاقتصادى ( البيزنس) الذى لاينبغى أن يتراجع فى كل الظروف وهم فى ذلك يشبهون " جو كيلير " فى مسرحية ا لكاتب الأمريكى آرثر ملير " كلهم أبنائى" ، و" جو كيلير " هذا طبقا للمسرحية الشهيرة قام بشحن رؤوس اسطوانات معطوبة ليستعملها سلاح الجو الأمريكى مما أدى إلى سقوط عشرين طيارا من رفاق ابنه وانتحار ابنه خجلا بعد أن شعر بالعار من نظرات زملائه فى القاعدة الجوية ، لم يكن " كيلر " يدرك أن مسئولية المرء ينبغى أن تمتد لتشمل العائلة الكبيرة " الوطن " وكان يصر على أن حدود مسئوليته تتلخص فى جمع المال والنفوذ لأبنائه تماما كما يعمل معظم الحكام العرب الذين يسعون لنفس مصير " كيلر " وهذا المصير المحتوم ليس شيئا آخرا غير الانتحار بعد أن تتأكد خسارة العائلتين الصغيرة والكبيرة ( الوطن) معا، أليس هذا ما يفسر تمسك القذافى بالسلطة حتى ولو أدى ذلك إلى فناء ليبيا والشعب الليبى ، أليس هذا مايجعلنا ننظر بقدر من الاحترام إلى ما فعله الملك فاروق حين لبى نداء الجيش دون أدنى مقاومة لكى يحافظ على مصر التى أحبها والتى ربما ساهم فى تخلفها ودفعها للثورة عليه ولكنه لم يقبل بقسمتها بالسيف تماما كالأم الحقيقية التى يهمها أن يعيش طفلها حتى لو كان ذلك فى كنف من تعتبرها منافسة لها ، ألا يفسر ذلك لنا عملية قبول ورفض نتائج الانتخابات فى بلادنا ناهيك عن تزويرها أصلا من جانب الحكومات وبعض رموز المعارضة على حد سواء ومن ثم يكمن التناقض فى مسألة القبول بقسمة الطفل إلى نصفين نصف للأم التى كان ينبغى أن تكون الأم الحقيقية و هى فى حالتنا كل من يدعى أنه يحافظ على بقاء الوطن بغض النظر عمن يحكمه ونصف للأم المزيفة التى لايهمها من القسمة سوى موت الطفل الذى لم تستطع أن تحصل عليه لنفسها ليس حبا فى الأطفال ولكن طمعا فى التملك والتسلط ورغبة فى التلذذ بتعذيب وقهر الآخرين. يبدو أنه فى الحالة العربية تغيب الأم الحقيقية عن المشهد إذ تصبح هى الطرف الثالث الذى لم يكن مسموحا له أبدا بحضور المحاكمة ومن هنا يجب أن نمعن التفكير فى الثقافة التى مازالت قادرة على إعادة انتاج التسلط والتخلف مرات ومرات لأن الثورات العربية المتواترة تفتح الباب فقط لإمكانية تجاوز دوائر الطباشير القوقازية المنتشرة فى ربوع العالم العربى شريطة أن يصبح الطفل هو الأهم وليس الدائرة وعندها سنعلم أن الوطن فقط هو الحل، وليس شيئا آخرا مهما بلغت أهميته عند البعض لأن الوطن هو الفضاء العام الذى يتسع للجميع ، وربما بعد أن نغتسل من أمراضنا و نجتاز المطهر ندرك أننا فانون بتعبير " رجب طيب أردوغان" وأننا أيضا لسنا أقل وطنية من الملك فاروق. |
يسلم قلمك النبيل
وفكرك البناء الراقى الممتلئ بالاحساس الطيب الموضوع جميل جدا وهادف وفى وقته المقدمة الانسانية البارعة التى بدأت بها - إلى جانب أنها تبرز أسمى معانى الحب والرحمة - فهى تذكرة قوية لمنع الفتنة لمن يحب وطنه التضحية بكل شئ غالى علينا لمن هو أغلى تحياتى لأستاذى العظيم |
نرحب بمستر سمير الأمير رئيس قسم اللغة الانجليزية بمدارس المنصورة كولدج . بالقسم العام شاعر المنصورة
|
تفكير سليم وهو ليس بغريب على استاذنا وشاعرنا المبدع
الاستاذ سمير الامير الوطن اغلى من الجميع وفوق الجميع وللجميع تحياتي وتقديري لحضرتك |
نرحب بكاتب كبير مثل مستر/ سمير الامير فى منتدانا العزيز وطالما أسعدتنا مقالاته سواء فى الأهرام أو فى غيرها من الصحف ونفتح بباب النقاش لمواضيعه سواء كنا مع أو ضد . ونتمنى ألا ينقطع عن زيارة المنتدى.
|
بارك الله فيكم جميعا
|
موضوع جميل و رسالة واضحة لجميع المصريين ، أيهما تفضل : أن نقتل الوطن ونقسمه من أجل أن تحصل على قطعة منه ، أم ندع الوطن يعيش بنا وفينا ، و نشترك جميعا فى بنائه وتقدمه ، فالوطن ملك لجميع المصريين ، عليك أن تفكر ماذا نستطيع أن تعطى لمصر بدلا من أن نفكر من يمتلك مصر الاجابة واضحة و معروفة للجميع < مصر ملك للمصريين > و كل الشكر و التقدير لكاتب المقال |
جزاك الله خيرا
|
يا اهل الحل ....... الاسلام هو الحل
|
ممالا شك فيه أن الاسلام دين دولة ودين حياة وأن تطبيق شرع الله هو النجاة لما نحن فيه ، وأنه - لن يصلح أخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها - فديننا العزيز لم يترك لنا شيئا إلا وعلمنا إياه ولقد علمنا النبى صلى الله عليه وسلم حتى برى القلم ولكن ديننا الحنيف ينأى بنفسه عن صراعات السياسية .
وعندى سؤال خبيث :ايه رأى اساتذتى فى النتائج المترتبه على: موقف سيدنا معاوية (رضى الله عنه وأرضاه)عندما أمر الرجال برفع القرآن على أسنة الرماح عندما تأكد فوز سيدنا على كرم الله وجهه وطلب تحكيم القرآن بينهم .... هل كان القرآن فى هذا اليوم هو الحل أم أن الدين ينأى بنفسه عن الصراعات الحزبية وحروب السلطة والحكم ؟! أرجو أن يكون المقصد واضح من كلامى ولا أجد من يصفنى بالعلمانية والبتاعه دى اللى اسمها ليبراليه. هل تعلموا مانتائج إدخال الدين فى قزارة السياسة سوف تكون النتيجة كما كانت عندما طلب تحكيم القرآن فى مصائر الرجال بأن تشيع الشيعة وخرجت الخوارج وظهر المرجئة وتشتت الأمة من يومها إلى يومنا هذا . الخلاصة من كلامى...... أن الدين تصديق بالشريعة ،والسياسة تصديق بالخصومة ،فمن جعل الدين سياسة جعل الدين خصومة ،ومن جعل السياسة دينا ،جعل السياسة شريعته ،وعدل الله يأبى أن يكون دينه وشريعته خصومة بين الناس.... دا رأى السخصى . |
الدين اولا ثم الوطن وهذه الدعاوى المقصود بها تهميش الدين
|
لو كان شكسبير حيا لما تردد لحظة واحدة في أن يُبدِّل نموذجه الدرامي الشهير عن التردد (هاملت)، بنموذج آخر أكثر ثراءً من الناحية الدرامية، وأكثر امتلاءً بالتناقضات التي تجعله متردداً أكثر بكثير من الأمير الدنماركي الشهير.
هذا النموذج البديل هو شخص يؤمن أنه "مسلم ليبرالي" وهو لم يكن يقول ذلك صراحة أول الأمر وإن كان في داخله شيء من الاثنين، مع الوقت تزايدت حدة الصراع في داخله، وصار يقول سراً - لنفسه على الأقل-: أنه "مسلم ليبرالي" ولكن تغيرات إقليمية عميقة لا تخفى جعلته أكثر صراحة وصار يقول ذلك الآن بصوت أعلى من ذي قبل. هذا "المسلم الليبرالي" شخصية مغرية جداً بالنسبة لكتّاب الدراما وللفنانين عموماً، ذلك أن وجود المتناقضات في داخله يجعل منه شخصية مركّبة ومعقدة تثير تحدياً مستفزاً أمام الفنانين لتجسيدها، وكما كان تردد هاملت سبباً في جعله رمزاً درامياً للتردد، كوضع إنساني ينتهي بالعجز وعدم القدرة على الفعل، فإن ثراء "المسلم الليبرالي" من الناحية الفنية ينتهي عند حدود العمل الفني فقط، ليتضح بعدها أرضاً بواراً غير قادرة على الإنتاج، لأن ترددها بالذات هو سبب عجزها و عقمها. مبعث كل هذا هو أن هذا "المسلم الليبرالي" أو "الليبرالي المسلم" - لا فرق-، آمن بالشيء ونقيضه في آن، وتقبّل وجود نقيضين حادين والتمزق بينهما. سيهبُ الليبرالي المسلم هنا غاضباً معترضاً على اعتبار الليبرالية والإسلام نقيضين، كما يليق بأي مصاب بانفصام أن يعترض على تشخيص حالته، فبالنسبة له: الليبرالية والإسلام متوازيان متآلفان بلا أي إشكال في التوليف والتوفيق بينهما - وهو بذلك يعبر عن عدم فهمه لواحد منهما أو للاثنين معاً -، أو ربما كان التوفيق بين النقيضين يدور بمستوى لا علاقة له بالفهم والوعي، أي في العقل الباطن في اللاوعي. وفي دفاعه عن فصامه سيجمع بطلنا بين بعض مظاهر وأعراض الليبرالية، و بين الإسلام وسيقول أنه لا تعارض بينهما، وهذا صحيح تماماً مع بعض مظاهر الليبرالية (مثل حرية الرأي والمساواة بين البشر) ولكن ليس مع "الحجر الأساس" فيها، ليس مع الدعامة الأساسية التي تنتج هذه المظاهر ضمن أشياء أخرى. فالحجر الأساس في الليبرالية هو المهم وليس نتائجه بالذات، وهذا الحجر هو الذي يتعارض بشكل قاطع مع عقيدة الإسلام. ما هو الحجر الأساس هذا؟ ما هي (كلمة السر) في الليبرالية؟ إنها "الحرية الفردية"، كل الليبرالية أقيمت على هذا، حتى اسمها اصطلاح اشتق من الكلمة اللاتينية (Libre) التي تعني (الحر عكس العبد). سيعترضون: هل هذا سيء بالضرورة؟، هل الإسلام ضد الحرية؟، سنذكرهم هنا أن أسمى مراتب الفرد في الإسلام هي أن يكون عبداًُ لله - عز وجل -، وأن عبوديته لله هي عبودية يختارها المرء بملء إرادته - يكون فيها كتاب الله هو مصدر الحلال والحرام، وموضع الحدود التي لا ينبغي على الفرد والمجتمع تجاوزها أما مع الليبرالية وبسبب من ارتكازها على الحرية الفردية، فالفرد نفسه هو "مصدر التشريع"، وبما أنه كذلك فإن حدود الصواب والخطأ غير واضحة، ناهيك عن القول أنه لا مجال لوجود حلال أو حرام في مقياس كهذا، والعقد الاجتماعي الوحيد الممكن هو أن لا تتعارض حرية الأفراد فيما بينهم، وأن لا تضر حرية فرد منهم فرداً آخر، والضرر هنا يقاس بنفس مقياس الفرد -المقياس الآني المباشر-، لا الذي قد يتراكم على المدى البعيد (غير المنظور فرديا) ليقوّض دعامات المجتمع. وهكذا فإن ما يفعله اثنان بملء إرادتهما - دون إقسار بغض النظر عن جنسهما لا يمكن أن يعد خطأً - ما داما يلتزمان بالقواعد الصحية التي تضمن عدم انتقال العدوى، سيضج أصحابنا معترضين: الجنس الجنس الجنس، هذا كل ما تفكرون به!، لكن لا!، ليس الأمر هكذا بالضبط لكن لا يمكن عزل الأمور عن بعضها. والزنا ليس مجرد إيلاج وقضاء شهوة ساعة أو أكثر أو أقل، لكنه أيضاً نتائجه بعيدة المدى المتراكمة: انهيار بنية الأسرة مثلاً، أم أن هذا غير مهم؟ أريد ليبرالياً مسلماً واحداً أن يفسر لي 'حسب ليبراليته' لم اللواط - مثلا- خطأ؟ أو الزنا؟ أو الربا؟، أريد ليبرالياً مسلماً واحداً يخبرني لم الزواج المثلي ليس صواباً، ما دام الفرد في داخله مقتنعاً بصوابه ولا يتأخر عن عمله ولا يرمي بقمامته أمام باب جاره؟! وأنا هنا لا اتهم هؤلاء 'الليبراليين المسلمين' بالتهتك أو بممارسة كل ما أشرت إليه، لكن مشكلتهم أنهم –بالتعريف - غير قادرين على اتخاذ موقف ولو فكري ضد التهتك. وأنا أيضاً أثبت هنا إمكانية تعايشنا مع الليبراليين ومع سواهم، كما يتعايش أصحاب الأفكار المختلفة، لكن المشكلة الحقيقية هي في تعايش "الليبراليين المسلمين" مع أنفسهم، ففي كل منهم (رجال متشاكسون) يُعكِّرون عليهم صفو أن يكونوا سلُما لمرجع واحد. تعدد المرجعيات واصطدامها أحياناً، هو سر مأساة الليبرالي المسلم وسر ملهاته أيضاً، سر وقوعه في اللافعل، واللاقرار، واللاحسم. الدين عنده سينسحب ليكون شعائراً وطقوساً لها دور صمام الأمان، للتخفيف من ضغوط الحياة أو للتلطيف من حدّة التناقضات، أو لتحسين صورة الذات، لكن "نصوصاً دينية" معينة ستظل تطارده كما طاردت الأشباح هاملت. لو كان لهذا النموذج الشجاعة الكافية لحسم الأمر حتى ولو بطريقة تخرجه من أبطال شكسبير إلى أبطال ديستوفيسكي، لكنه لا يملك هذه الشجاعة، إنه يكتفي فقط بالثرثرة والجعجعة ولا شيء سواها. إنه في النهاية جزء من قدر المرحلة التي نعيشها، مرحلة اختلطت فيها أوراق واحترقت فيها أوراق، وعندما ينتهي "عصر الحيرة" ويبزغ "عصر الحسم "، سيذوب هؤلاء كأشباح هاملت بلا أثر. http://www.alqlm.com |
استاذ عبد الله الرفاعى لا انفصال بين الدين والسياسه والتاريخ الذى كتبه الشيعه الروافض عن الاسلام به مغالطات كبيره فهم اكذب خلق الله ويحولون كل شيئ لخدمه افكارهم فرجاء التأكد من مصدر المعلومه عند الكتابه فى التاريخ الاسلامى الذى شوهه الشيعه
|
الوطن , او الرابطة المكانية
رابطة فطرية , كأي امر فطري اخر تزيد قوته وتضعف في النفس العقل و الافكار والاديان والمعتقدات هي الاولى و الاحق بالاتباع , فتجد ان اهل منطقة واحدة قد يتخاصمون ويتقاتلون من اجل معتقد وكلما كان هذا المعتقد قويا ثابتا كانت تضحيات البشر من اجله اكبر واكثر مثال على ذلك , الدين الاسلامي لان البشر يحمل عقل وهو بطبيعته مفكر و يبحث ويتساءل , يزهد بالرابطة الوطنية بشكل سريع في سبيل الروابط الاقوى منها كرابطة الدم ( القبائل ) والاقوى من ذلك كله هو الرابطة العقدية الفكرية التي تشبع رغبات عقل الانسان ( الدين و المعتقد ) الوطنية يطبل لها المجرم المتسلط الذي يريد ان يستعبد الناس في وقت هم يشكلون فيه مصدر تهديد لبقاءه وثروته وسلطته (رأى لا احد الاصدقاء منقول بتصرف ) |
هل الوطنُ والقومُ أولاً ، أم الدينُ والقِيَمُ العليا : قِيَمُ الحقِّ والعدل والإحسان والخير .. ؟
أيُّ ذلك أحقُّ بالتقديم ، وأيُّ ذلك أحقُّ بالتأخير ؟ وَرَدَني هذا السؤال من أكثر من سائل ، وأكثر من مكان ولكن لماذا يُطْرح هذا السؤال ؟ الوطنُ والقوم ، والدينُ والقيمُ العليا ، من طبيعتين مختلفتين تتكاملان في الغالب ولا تتناقضان ، ولا يَستغني عن أيٍّ منهما الإنسان فقد يكون الإنسان فرنسيّاً أو ألمانيّاً ، آرِيّاً أو ساميّاً ، عربيّاً أو عَجَمِيّاً .. وهو في ذات الوقت نصرانيٌّ أو يهوديٌّ أو مسلم ، أو يدين بغير ذلك من الأديان والنِّحَلِ والمذاهب ولا وجود لوطن دون عقائدَ وقيم ولا قيمة لوطن دون عقائدَ وقيم وبالعقائد والقيم ترتفع الأوطان أو تهبط ، وتُذَمُّ أو تُحمد ، وتَنفعُ أو تَضر والوطن الذي يتجرّدُ من العقائد السامية والقيم العليا : قيم الحقِّ والعدلِ والإحسانِ والرحمة والحرية وحقوق الإنسان ، أو يرفعُ نفسَه فوقها ، أو يقدّمُ نفسَه عليها .. لا يصلُ بأبنائه ، ولا بغيرهم من البشر ، إلى سعادةٍ وفلاحٍ وخير ، ولا يستأهلُ المحبة والاحترام ، ولا يستطيع أن يصل مع بقية الأوطان إلى التوافق والتعاون ، وإلى ما ينظِّمُ علاقات الدول بالدول ، والبشر بالبشر ، على أساس مَنْطِقِيّ عادل سليم ، يحمي الإنسانية والإنسان جميعاً ، حيثما كانوا من الأرض ، وحيثما كانوا من القوة والضعف ، والغنى والفقر ، واختلاف الدين واللغة والجنس واللون ، ويفتح لهم جميعاً أبواب الأمن والسلام والتعاون والتقدّم التحدّي الكبير الآن في كل وطن من الأوطان ، بل في العالم كله : كيف تُرَتَّب الأمورُ محليّاً ودوليّاً بما يصون للناس عقائدهم وخصائصهم ، وحريّاتهم وحقوقَهم المشروعة ، ويتقدّمُ بهم في حدود القواسم المشتركة ، والحاجات المشتركة ، والمصالح المشتركة ، والواجبات المشتركة ، إلى أفضل وأعدل الدساتير والقوانين الواعية النافعة ، التي تحقق خيرَ الوطن والمواطنين ، وخيرَ الإنسانية جمعاء والناسُ الذين خدموا أوطانهم ، وخدموا الإنسانية كلّها ، حسب اجتهاد كلٍّ منهم وطريقته ، هم أصحاب الأُفُقِ الإنسانيِّ الواسع الرفيع مع الأفُق الوطنيّ المحليّ لقد شعر أكثر الروَّاد الكبار ، الذين يستحقّون الإعجاب والتقدير ، وما كلُّ رائدٍ في مجاله يستحقُّ الإعجاب والتقدير ، أنّهم بَشَر قبل انتسابهم إلى هذا البلد أو ذاك البلد ، وإلى هؤلاءِ القوم أو أولئك القوم ، وأنَّ ارتباطهم الأكبر والأوثق إنّما هو بالحق والعدل والقيم العليا ، فخدموا بذلك أوطانهم ، وخدموا العالم كلّه في وقت واحد وأتذكّر هنا وأنا أخطّ هذه السطور كلماتٍ مُضيئةً وعتْها ذاكرتي في ماضيات أيامي لعدد من أعلام الغرب البارزين في الفكر والسياسة والأدب ، وأراها هنا الآن مناسبة لإهداء بعضها في خاتمة الكلام إلى الإخوة القراء أتذكر – على سبيل المثال – كلمةَ ” مونتسكيو Montesquieu “ أحدِ أبرزِ مفكري ما يُدْعى بـ ” عصر التنوير “ ، ومُؤسّسي الدولة الدستورية القانونية الحديثة : Je suis homme avant d´être Français « أنا إنسان قبل أن أكون فرنسيّاً » وكلمةَ ” هَايْنَرْ جايسْلَرْHeiner Geißler “ الأمين العام السابق للحزب المسيحي الديمقراطي الألماني : « Christ sein, Demokrat sein, ist für viele, auch für mich wichtiger als Deutscher zu sein » « أنْ تكون نصرانيّاً ، أنْ تكون ديمقراطيّاً ، هو عند كثيرين ، وعندي أيضاً ، أعظمُ أهميةً من أن تكون ألمانيّاً » وقولَ الشاعر الألمانيّ الكبير ” شيلّرْ Schiller “ : « Dort, wo das Recht ist, ist unser Vaterland » « هناك حيث يكون الحق والعدل يوجد وطننا » وقولَه في جملة أبيات طويلة جميلة : « Festen Mut in schwerem leiden, Hilfe, wo die Unschuld weint, Ewigkeit geschwornen Eiden, Wahrheit gegen Freund und Feind » - « شجاعةٌ راسخةٌ في المعاناة الثقيلة العسيرة مبادرةٌ بالنجدة حيثُ تبكي البراءةُ وتَسْتَصْرِخ قَسَمٌ أَبَدِيٌّ أقسمناه : أن نكونَ مع الحقِّ في مُواجَهَةِ الصديقِ والْعَدُوّ » * * * المسلم العالم بإسلامه ، العامل به ، يحبّ بفطرته ، وتعاليمِ دينه ، قومَه وبلدَه ، ويَعي مسؤوليته عن قومه وبلده ، ويقدِّمهما ، ويسعى في خيرهما ، ويخدمهما بجدٍّ وصدق وإخلاص ؛ ولكنه لا يعرف أبداً العصبية العمياء لقومٍ أو بلد ، وأهلٍ أو ولد ، إنّما ولاؤه قبل كل شيء ، وبعد كل شيء لما أمره الله أن يكون ولاؤه له ، وارتباطُه به ، من الحقّ والعدل والإحسان .. لا يفرق في ذلك بين قومٍ وقوم ، وواحد وواحد من الناس روى أبو داود في سننه عن عبد الله بن سليمان ، عن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ t أَنَّ رسول اللَّه r قال : « لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَصَبِيَّةً ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ » وقد سأل واثلةُ بنُ الأَسْقع رسول الله صلى الله عليه وسلم : - يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الْعَصَبِيَّةُ ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: - « أَنْ تُعِينَ قَوْمَكَ عَلَى الظُّلْمِ » رواه أبو داود وروى أبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود عن أَبيه رضي الله عنهما قال : - « مَنْ نَصَرَ قَوْمَهُ عَلَى غَيْرِ الْحَقِّ فَهُوَ كَالْبَعِيرِ الَّذِي رَدَى ، فَهُوَ يُنْزَعُ بِذَنَبِهِ » (1) معناه أنه وقع في الإثم وهلك ، كالبعير الذي سقط في هوّة أو بئر فهو ينـزع (أي يشدّ) بذنبه ، ولا يُقْدَرُ على خلاصه . فأَحْبِبْ وطنَكَ ، وأحْبِبْ قومَكَ ما شِئتَ ؛ ولكن إيّاك أن تكون معهما في ظلم ، أو أن تعينهما على ظلم سأل أبيُّ بن كعب النبيّ صلى الله عليه وسلم : - أَمِنَ الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يُحِبَّ الرَّجُلُ قَوْمَهُ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : - « لاَ ، وَلَكِنْ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يَنْصُرَ الرَّجُلُ قَوْمَهُ عَلَى الظُّلْمِ » رواه أحمد ورُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : - « خَيْرُكُمُ الْمُدَافِعُ عَنْ عَشِيرَتِهِ مَا لَمْ يَأْثَمْ » رواه أبو داود أي يدافع عنهم بالحق ، ولا يدافع عنهم في باطل وعدوان وظلم ، وإلاّ وقع في الإثم وكما لا يتعصّب المسلم الْحَقُّ لوطنه بالباطل على سائر الأوطان ، ولقومه على سائر الأقوام ، لا يتعصب بالباطل لأخ قريب ، أو صديق عزيز ، أو لإنسان كائن من كان ، على من سواه من الناس ولو كانوا ألدَّ الأعداء روى البخاري في صحيحه عن أنس t قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : - « انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا فَقَالَ رَجُلٌ : - يَا رَسُولَ اللَّه ِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا . أََرَأَيْتَ إِنْ كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ ؟ قَالَ : - تَحْجُزُهُ - أَوْ تَمْنَعُهُ - مِنَ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ » فلا يكفي أن تؤدِّيَ حقَّ الله ، وما أوجبَه اللهُ من العدل والإنصاف بعدم معونته ونصره ؛ وإنما عليك أيضاً أن تؤدّي له حقّه من الأخوّة والمحبّة والنصيحة ، بحجزه ومنعه من الظلم ؛ فالظلمُ شيء فظيع قبيح حقير في الدنيا ، والظلمُ « ظلمات يوم القيامة » . وتَناصُرُ المسلمين ، وتعاونُهم فيما بينهم ، وتعاونهم مع غيرهم من الناس ، إنما يكون على العدل والخير ، وما يرضي الله من العمل الصالح ، ولا يكون أبداً على الإثم والعدوان : (... وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة : 2] الإسلام عدل مطلق يستوي فيه الكبير والصغير ، والغني والفقير ، والقويّ والضعيف ، والقريب والبعيد ، والمؤمن والكافر ، والصديق والعدوّ ، ومن تحبه أعظم الحبّ ، ومن تكرهه أشدّ الكراهية .. - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المائدة : 8] وقال : - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) [النساء : 135] يعني يجب على المسلم الصادقِ الإسلام أن يؤثر الحقّ والعدل حتى على نفسه ، ووالديه ، وأقرب الناس إليه وأن يكون مع الحق والعدل ولو على نفسه ، ووالديه ، وأقرب الناس إليه ، لا يميل به عن الحق والعدل هوىً ، ولا يخرجه عنه ، أو يقف به دونه ، أيّ اعتبار والله تعالى يخبرنا في كتابه العزيز أنه أرسل رسله ، وأنزل كتبه ، ووضع ما وضع من الموازين والمقاييس ، ليقوم الناس بالقسط : (... لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) [الحديد : 25] قال الإمام ابن القيم في كتابه : ” الطرق الحُكْميّة في السياسة الشرعية “ : - « إنّ الله عز وجل أرسلَ رسلَه ، وأنزل كتبَه ، ليقومَ الناسُ بالقِسْط ، وهو العدل الذي قامت به الأرضُ والسماواتُ ؛ فإذا ظهرت أمارات العدل ، وأسفر وجهه بأيّ طريق كان ، فثمَّ شرعُ اللهِ ودينُه » . * * * أنا أعلم أنّ الإسلام في مبادئه وقيمه وأحكامه شيء ، وأن المسلمين – أو كثيراً منهم – في واقعهم شيء آخر ولكن يبقى أن هذه المبادئ والقيم والأحكام هي مَثَلُ المسلمين الأعلى ، الذي يحبونه ، ويقدّسونه ، ويتوقون إلى تحقيقه ، ويحاول كثير منهم أن يصلوا إليه بأنفسهم وواقعهم ، وأنّ من هؤلاء من وصل ، ومنهم من اقترب ، ومنهم من لا يزال في أوّل الطريق أو وسط الطريق ولكننا نطمح دائماً إلى المزيد ، ونطمع دائماً بالمزيد ، ونؤمن بقدرتنا – بإذن الله وعونه وتوفيقه – على المزيد والمزيد . * الأستاذ عصام العطار : كاتب سوري |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:51 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.