![]() |
حقك فى الاضراب
القيود الموضوعية لممارسة حق الإضراب بمناسبة ما أثير في الآونةالأخيرة من إقدام بعض أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية وبعض النقاباتعلي الإضراب, ونظرا لأن هذا الإجراء خطير ويحتاج إلي تحديد موقف الدستوروالقانون منه الذي أورد العديد من القيود التي تحافظ علي النظام العام حتييظل الإضراب حقا مشروعا بمراعاة تلك القيود فإذا ما تجاوزها عدد غيرمشروع, بيد أن مبدأ الحرية النقابية يرتبط بإحدي الوسائل المؤثرةوالفعالة لتحقيق تلك المطالب والمصلحة, ويتمثل في حقهم في الإضراب عنالعمل, ونظرا لخطورة ما يرتبه الإضراب من آثار قد تؤثر علي كيان المجتمعمما يضر بالنظام العام, وذلك إذا ما أسيء استخدامه, مما قد يبعث عليالفوضي والإضطراب الأمر الذي يستلزم معه وضع بعض القيود التي تكفل موضوعيةوشرعية الإضراب. ويقصد بالإضرابامتناع العاملين عن الاستمرار في عملهم لفترة زمنية مؤقتة بقصد تحقيق مطالبيسعون لبلوغها أو احتجاجا منهم علي بعض الأوضاع التي تمس وتنقص منمصالحهم, وهو بهذا المعني يمثل امتناعا جماعيا متفقا عليه بين مجموعة منالعاملين عن العمل فترة مؤقتة لممارسة الضغط حتي يمكن الاستجابةلمطالبهم. ويستفاد من ذلك أن الهدف من الإضراب في حقيقته هوأنه وسيلة للتعبير عن الاستياء من أوضاع معينة غير صحيحة, وقد يترتبعليه تصحيحها, من ثم يكتسب العمال حقوقهم المعطلة والمسلوبة, إلا أنهمن ناحية أخري قد يؤثر ذلك سلبا علي مصلحة بعض الأفراد بسبب تعطل المرافقالعامة نتيجة لهذا الإضراب,ولا يمكن نكران ما للإضراب من تأثير مباشرعلي الرأي العام في المجتمع, فضلا عن المساس بالحياة الاقتصاديةوالإضرار بمصلحة أمن الدولة, ومن ثم فإن بعض الدول تنظر إليه بعدم القبولوالارتياح, بينما تري معظم الدول في الإضراب حقا مشروعا من حقوق الإنسان مع ضرورة وضع عدة ضوابط حتي لا يساء استعمال هذا الحق. استحدث المشرع المصريفي قانون العمل الجديد رقم12 لسنة2003مشروعية حق الإضراب السلمي للعمال ونظم أحكامه بمقتضي المواد من192حتي195 وذلك بحسبان أن هذا الحق من الحقوق الإنسانية للعمال علي المستويالدولي ووفقا للاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيةالتي اقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في1966/12/16 ووقعت عليها مصرفي1967/8/4 ووافق عليها رئيس الجمهورية بالقرار رقم537 لسنة1981 بعدموافقة مجلس الشعب عليها, ولاشك أن إقرار المشرع المصري لحق الإضرابللعمال يعد تعبيرا عن إرادة المجتمع الدولي المتمثلة في الاتفاقيةالمذكورة, والتي أصبحت ملزمة لمصر. إذا كان المشرع المصريقد أباح للعمال حق الإضراب إلا أنه قد أحاطه بالعديد من القيود التي تحولدون الإضرار بمصلحة المجتمع أو الحياة الاقتصادية أو الإخلال بأمن البلادأو التخريب لأموال الدولة, ذلك أن ممارسة حق الإضراب, ولئن كان حقا وثيق الصلة بالواقع الاجتماعي والمهني والاقتصادي في المجتمع الذي يمارس فيه,إلاأنه يتعين أن يحاط بسياج من القيود التي تستهدف أساسا حماية النظام العامفي الدولة حتي يمكن التوفيق بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة, وكذابين ممارسة حق الإضراب وضرورة حماية النظام العام, ويمكن تحديد القيودالواردة علي حق العمال في الإضراب في قانون العمل الجديد فيما يلي: القيد الأول:يتمثل في أنه يلزم أن يكون الإضراب سلميا, ومن ثم فإنه لا يجوز استخدامالقوة بشأنه أو إحداث أضرار بالمنشآت أو الممتلكات أو تخريبا لأموال الدولةأو إخلالا بالنظام العام أو الآداب العامة, كما لا يجوز فيه الهتافاتالمعادية للنظام الحاكم أو التحريض علي النيل من أمن البلاد, والهدف مناشتراط المشرع لأن يكون الإضراب سلميا يتمثل في الحفاظ علي استقرارالبلاد, وعدم المساس بأمنها ومصالحها العليا. القيد الثاني: ويتمثل في أنه يلزم أن يكون إعلان الإضراب السلمي وتنظيمه من خلال منظماتهم النقابية, ومن ثمفلايجوز إضراب العمال بمفردهم, ومن تلقاء أنفسهم دون اللجوء إلي منظماتهمالنقابية, إذ يلزم الحصول علي موافقة المنظمة النقابية التي يتبعهاالعمال المقبلون علي الإضراب سواء من حيث الإعلان عنه أو تنظيمه, وذلكحتي تتمكن المنظمة النقابية من الرقابة علي الدوافع الحقيقية للإضراب,وما إذا كان يمارس في ظل القيود والضوابط التي نص عليها القانون من عدمه,وللتأكد من عدم الخروج علي أحكامه. القيد الثالث:يتمثل في أنه يلزم أن يكون الهدف من الإضراب السلمي للعمال الدفاع عنمصالحهم المهنية والاقتصادية والاجتماعية, وذلك في الحدود وطبقا للضوابطوالإجراءات المقررة قانونا,ويترتب علي ما تقدم أنالمشرع المصري استهدف من الإضراب الدفاع عن المصلحة المهنية والاقتصادية والاجتماعية,ومن ثم فإذا استهدف الإضراب أغراضا أخري أو سياسية فإنه يضحي غير مشروع, وهذا ما استقر عليه مجلس الدولة الفرنسي منذ حكمDehaenــ والأحكام اللاحقة له ــ والذي قام علي أنه ولئن كان حق الإضراب معترفابه في فرنسا منذ عام1946 إلا أن هذا الحق يمكن أن ترد عليه القيود بسببمقتضيات سير المرافق العامة. القيد الرابع:ويتمثل في وجوب قيام اللجنة النقابية بإخطار كل من صاحب العمل والجهةالإدارية المختصة قبل إجراء الإضراب بمدة معينة, وقد فرق المشرع بينالإضراب الواقع من عمال المنشأة ذات اللجنة النقابية, وبين الإضرابالحادث من عمال المنشأة التي لم يكن بها لجنة نقابية, ففي الحالة الأوليفإنه عند اعتزام عمال المنشأة ذات اللجنة النقابية الإضراب في الأحوال التييجيزها القانون, أوجب المشرع علي اللجنة النقابية ــ بعد موافقة مجلسإدارة النقابة العامة المعنية بأغلبية ثلثي عدد أعضائه ــ إخطار كل من صاحبالعمل والجهة الإدارية المختصة قبل التاريخ المحدد للإضراب بعشرة أيام عليالأقل, وذلك بكتاب مسجل بعلم الوصول. وفي الحالة الثانية فإنهإذا لم يكن بالمنشأة لجنة نقابية يكون الإخطار باعتزام العمال الإضرابللنقابة العامة المعنية, وقد أوجب المشرع علي النقابة العامة المعنية بعدموافقة مجلس إدارتها بأغلبية ثلثي عدد أعضائه القيام بالإخطار المشارإليه,وقد أوجب المشرع في كل الأحوال ضرورة أن يتضمن الإخطار الأسبابالدافعة للإضراب, حتي يمكن للدولة بسط رقابتها علي تلك الأسباب, وماإذا كانت تستهدف الدفاع عن المصلحة المهنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية,ومن ثم يكون الإضراب مشروعا بمراعاة القيود الأخري أم كانت تلك الأسبابتهدف إلي أغراض سياسية وحينئذ يكون الإضراب غير مشروع, كما يتعين كذلك أنيتضمن الإخطار المدة الزمنية المحددة للإضراب. القيد الخامس:يتمثل في حظر المشرع علي العمال الإضراب أو إعلانه بواسطة منظماتهمالنقابية بقصد تعديل اتفاقية العمل الجماعية أثناء مدة سريانها, واتفاقيةالعمل الجماعية هي اتفاق ينظم شروط وظروف العمل وأحكام التشغيل, ويبرمبين منظمة أو أكثر من المنظمات النقابية العمالية, وبين صاحب عمل أومجموعة من أصحاب الأعمال أو منظمة أو أكثر من منظماتهم, كما حظر المشرعكذلك علي العمال الإضراب أو إعلانه بواسطة تنظيماتهم النقابية خلال جميعمراحل وإجراءات الوساطة والتحكيم. القيد السادس:يتمثل في أنهيحظر الإضراب أو الدعوة إليه في المنشآت الإستراتيجية أو الحيوية التييترتب عليها توقف العمل فيها الإخلال بالأمن القومي أو بالخدمات الأساسيةالتي تقدمها للمواطنين, ويختص رئيس مجلس الوزراء بتحديد المنشآت المشارإليها,والقصد من هذا القيد هو الحفاظ علي النظام العام فيالدولة, وحتي لا تتأثر مصلحة الأفراد سلبيا بسبب تعطل المرافق العامة,ويراعي أنه يترتب علي الإضراب المذكور احتساب مدته إجازة للعامل بدونأجر. وقد صدر قرار رئيس مجلسالوزراء رقم1185 لسنة2003 بشأن تحديد المنشآت الحيوية أو الإستراتيجيةالتي يحظر فيها الإضطراب عن العمل أو الدعوة إليه وهي:منشآتالأمن القومي والإنتاج الحربي والمستشفيات والمراكز الطبية والصيدلياتوالمخابز ووسائل النقل الجامعي للركاب( النقل البري والبحري والجوي)وسائل نقل البضائع ومنشآت الدفاع المدني ومنشآت مياه الشرب والكهرباءوالغاز والصرف الصحي ومنشآت الاتصالات ومنشآت الموانيء والمطارات . وربما يكون قصد المشرعمن تضييق النطاق علي الأماكن التي يحظر فيها الإضراب المحافظة علي النظامالعام, وعدم تعطيل المرافق العامة, وتلك مصلحة عامة تعلو علي المصالحالخاصة. . بقلم : المستشار د. محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:19 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.