![]() |
كلنا.. فاسدون
كلنا.. فاسدون
وكأننا لم نتحرك قيد أنملة.. وكأن ستين عاماً لم تؤثر على صفحة عقولنا بعلامة واحدة.. وكأن تجارب السنين الطويلة والمريرة لم تحرك وعينا لحظةً واحدة.. التاريخ يتحرك والدنيا تتحرك بسرعة الصاروخ ونبقى نحن نراوح مكاننا كالموتى هكذا تصورت عندما قرأت العنوان/النداء.. «إلى جيش مصر.. لإنقاذ شعب مصر». ياللهول.. هل هجم الصهاينة؟؟.. هل بدأ الغزو؟؟.. متى؟؟.. ومن أين؟؟ مانشيت لافت ومثير بل مخيف وبالذات عندما يصدر عن واحد من مثقفينا الكبار وفى جريدة من الجرائد المقروءة. صدمنى المانشيت عندما قرأته فى الزاوية التى اعتدت أن أقرأ فيها المقال اليومى لصديقى المثقف الكبير والفنان الناقد الموهوب الأستاذ سمير فريد فى جريدة المصرى اليوم. ذكَّرنى المانشيت/النداء.. بنداء انطلق عام 1954.. أطلقته القوى العمالية التى قامت ثورة 1952 من أجلها والتى استطاعت «القوى العمالية» أن تحولها من حركة مباركة وانقلاب عسكرى إلى ثورة شعبية بحق.. كان النداء يطالب بسقوط الديمقراطية بعد فترة من التعثر.. وقد كان، واستولى العسكر على الثورة ولم يعودوا إلى ثكناتهم - حتى الآن - وقد ترتب على ذلك حرمان شعب مصر من الديمقراطية كل هذا الزمن.. ربما كان نداء الطبقة العاملة أو ممثليها فى ذلك التاريخ البعيد له ما يبرره.. أقول ربما!!.. ولكن أن ينطلق نفس النداء الآن وعلى لسان مثقف من مثقفى مصر الذين لا مراء فى إخلاصهم ونفاذ بصيرتهم، فهذا فى رأيى أمر يتحتم أن نقف عنده وندرسه ونعرف أسبابه ودوافعه.. خصوصاً بعد عام ونيف من ثورة بكل المقاييس عظيمة.. ثورة قام بها الشعب المصرى بقيادة شبابه الذين أذهلونا قبل أن يذهلوا العالم كله ويدفعوه دفعا لأن يراجع معلوماته عن معنى كلمة «ثورة».. وعن «ميكانيزمات» قيامها.. وتجليات انتصارها.. وأن يكون الطلب الملح الذى يطرحه صديقنا فى مقاله هو مطالبة المجلس العسكرى بـ«إعلان الأحكام العرفية وحل البرلمان ومنع المظاهرات والاعتصامات والإضرابات وتشكيل حكومة من الفنيين والاستمرار فى الحكم عدة سنوات!!!..» ثم ينهى المقال/النداء بقوله: «الحياة تحت الحكم العسكرى المباشر أفضل من الموت العبثى..!!!؟؟؟» لا شك عندى أن صديقى العزيز كان واقعاً تحت انفعال حاد أفقده للأسف أى قدرة على الرؤية أو الحكم الصحيح.. وقد كان من الممكن أن أرفع سماعة التليفون وأهاتفه وألومه.. ولكن الأمر قد تعدى ذلك.. وهو يستلزم فى رأيى رداً.. يا صديقى العزيز.. الخيار الذى طرحته بين الحياة تحت حكم العسكر أو الموت العبثى هو خيار غير مبرر بالمرة.. وكان الأجدر والأقوم.. والأصح.. أن تدعو إلى رأب الصدع.. وحشد القوى الحية فى هذا المجتمع - أو المساعدة فى ذلك على الأقل - والدعوة للنضال السلمى بلا هوادة من أجل إقامة دولتنا المدنية التى طال شوقنا إليها.. دولتنا الحديثة الديمقراطية.. القادرة على البقاء والازدهار.. أعرف أن هذا ليس سهلاً بالمرة.. ولكنى أعرف أيضاً أن هذا الشعب يستحق ذلك وهو جدير به وقادر عليه، وقد أثبت ذلك مرات عديدة.. وإذا كانت هناك صراعات ومرارات وإخفاقات فهذه هى الثورة يا صديقى.. أو ما أسميه أنا - جدل الثورة - فالثورة بطبيعتها صراع.. صراع شديد بين قوى التطور والنمو والتحضر.. وبين القوى المعاكسة.. بين قوى الديمقراطية والحداثة.. وقوى الديكتاتورية والجهل والتخلف.. ولا يجوز أن نستسلم هكذا ببساطة.. كلمة أخيرة منى لصديق العمر: أنا بشكل شخصى أثق تمام الثقة.. بل إن ثقتى تصل إلى حد اليقين فى هؤلاء الشباب الذين فاجأونا وفاجأوا العالم كله وقاموا بثورة عظيمة التف حولها الشعب كله.. أثق فى قدراتهم التى أنكرناها سابقاً ولم نلتفت إليها.. أثق فى عمق رؤيتهم وحصافة رأيهم ورؤاهم.. . أما جيلنا العجوز الذى تجاوز الستين من مدة طويلة.. فنحن لا يحق لنا أن نعبر عن أحلامهم أو نطرح رؤاهم.. إنهم أصحاب هذا الوطن.. أصحاب الحاضر والمستقبل فيه، ونحن ضيوف عليهم، نرجوهم أن يحسنوا وفادتنا.. ونطلب منهم ألا يستمعوا إلى كلامنا.. فنحن جيل أفسدته أنظمة القهر والهوان والاستبداد.. وزرعت فينا العجز.. وقلة الحيلة.. نحن فاسدون يا صديقى وكل ما أرجوه ألا نفسد أبناءنا.. تحياتى إليك وأرجو ألا يستمع أو يلتفت شبابنا إلى نصائحك ولا فتاواك، وأن يعتبروها مجرد تنفيس عن ضيق صدر.. و.. قلة حيلة.. لا أكثر.. |
جزاك الله خيرا
|
يا صديقى العزيز.. الخيار الذى طرحته بين الحياة تحت حكم العسكر أو الموت العبثى هو خيار غير مبرر بالمرة.. وكان الأجدر والأقوم.. والأصح.. أن تدعو إلى رأب الصدع.. وحشد القوى الحية فى هذا المجتمع - أو المساعدة فى ذلك على الأقل - والدعوة للنضال السلمى بلا هوادة من أجل إقامة دولتنا المدنية التى طال شوقنا إليها.. دولتنا الحديثة الديمقراطية.. القادرة على البقاء والازدهار.. أعرف أن هذا ليس سهلاً بالمرة.. ولكنى أعرف أيضاً أن هذا الشعب يستحق ذلك وهو جدير به وقادر عليه، وقد أثبت ذلك مرات عديدة.. وإذا كانت هناك صراعات ومرارات وإخفاقات فهذه هى الثورة يا صديقى.. أو ما أسميه أنا - جدل الثورة - فالثورة بطبيعتها صراع.. صراع شديد بين قوى التطور والنمو والتحضر.. وبين القوى المعاكسة.. بين قوى الديمقراطية والحداثة.. وقوى الديكتاتورية والجهل والتخلف.. ولا يجوز أن نستسلم هكذا ببساطة..
جزاك الله خيرا و بارك الله فيك |
دولة مدنية
دوله دينية دولة عسكرية دولة زى ماتكون فمامعنى ماجاء فى حديث المصطفى صل الله عليه وسلم ( وإنهم فى رباط إلى يوم الدين ) فلتكن دولة أولا ثم نختلف بعد ذلك فى نوعها يمتلكها الجميع ولاينفرد فصيل بحكمها وإلا فلماذا كانت الثورة إذا ؟ شكرا جزيلا |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:07 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.