هكذا علمنا الرسول(1)
 

بـــســمـ الله الـرحـمـنـ الـرحـيـمـ


صُــوَرُ حِـسّـــيــة ومــعــنــويــة فـي الـوضـوء




الـصـلاة مـن أعـظـم أركـان الإسـلام ، أجـمـع الـمـسـلـمـيـن عـلـى أن تـاركـهـا جـحـودًا كـافـر مُـرتـد لـيـس مـن الإسـلام فـي شـيء ، وذهـب جـمـهـور الـعـلـمـاء إلـى أن تـاركـهـا كـسـلا ً يُـقـتـل ، يُـسْـتـتـاب وإلا أقـيـم عـلـيـه الـحَــدّ .

ومـن الـصـور الـجـمـيـلـة الـتـي نـجـدهـا فـي أحـاديـث الـنـبـي صلى الله عـلـيـه وسـلـم ، نـجـد شـيـئـا مـنـهـا فـي أحـاديـثـه عـن الـوضـوء .

والـوضـوء هـو الـتـحـضـيـر الـذي يـسـبـق أداء الـصـلاة ، ولا تـصـح إلا بـه :

قـال الله تـعـالـى :

{ يـا أيـهـا الـذيـن ءامـنـوا إذا قـمـتـم إلـى الـصـلاة فـاغـسـلـوا وجـوهـكـم وأيـديـكـم إلـى الـمـرافـق وامـسـحـوا بـرؤوسـكـم وأرجـلـكـم إلـى الـكـعـبـيـن .... الـمـائـدة : 6 } .

ومـن الأمـور الـمـتـصـلـة بـالـوضـوء الـمـاء :

عـن ابـن عـمـر رضي الله عـنـه قـال :

سـمـعـت رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم وهـو يُـسـأل عـن الـمـاء يـكـون فـي الـفـلاة مـن الأرض ومـا يـنـوبـه مـن الـسـبـاع والـدواب قــال :

(( إذا كـان الـمـاء قــَـلـّـتـيـن لـم يـحـمـل الـخـبـث )) رواه الـتـرمـذي و أبو داود .

فـالـمـاء فـي هـذا الـحـديـث يُـصَـوّر تـصـويـرًا حِـسِّـيّـا وكـأنـه كـائـنـا يـحـمـل الـخـبـث .


==============================


ومـن الأمـور الـمـتـصـلـة بـالـوضـوء الـتـي تـسـبـقـه قـضـاء الـحـاجـة :

عـن أبـي هـريـرة رضي الله عـنـه قـال :

قـال رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم :

(( إنـمـا أنـا لـكـم بـمـنـزلـة الـوالـد أعـلـمـكـم ، فـإذا أتـى أحـدكـم الـغـائـط فـلا يـسـتـقـبـل الـقـبـلـة ولا يـسـتـدبـرهـا ولا يَـسـتـطِـب بـيـمـيـنـه )) سـنـن أبـي داود .

قـول رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم (( إنـمـا أنـا لـكـم بـمـنـزلـة الـوالـد )) جـعـلـه مـقـدمـة لـلـتـعـلـيـم الـذي سـيـقـولـه ، وتـعـلـيـم مـثـل هـذه الأمـور إنـمـا يـكـون عـادة مـن الـوالـد لـلـولـد ، فـيـقـول صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم : إنـمـا أنـا لـكـم بـمنـزلـة الـوالـد وأنـتـم بـعـد إذ دخـلـتـم فـي هـذا الـديـن الـجـديـد فـأنـتـم لا تـزالـون تـحـتـاجـون فـي كـل أمـر يـتـصـل بـالـديـن إلـى رعـايـة وعـنـايـة ، كـمـا يـعـتـنـي الـوالـد بـولـده ويـرعـاه . أنـظـر إلـى هـذا الـتـصـويـر الـتـربـوي

ثـم يـبـدأ بـعـده رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم بـالـتـعـلـيـم ، فـنـهـاهـم عـن اسـتـقـبـال الـقـبـلـة واسـتـدبـارهـا والاسـتـنـجـاء بـالـيـمـيـن .

صـور حِـسِّــيـّـة فـي تـعـلـيـم رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم وانـظـركـيـف نـظـم عـبـاراتـه :

بـدأ بـالإسـتـقـبـال ثـم الاسـتـدبـار ثـم اسـتـخـدامـه لـعـبـارة فـعـلـيـة لـلـتـصـويـر الـتـربـوي (( يـسـتـطـب )) بـدلا مـن كـلـمـة الاسـتـنـجـاء ، فـتـظـن أنـه يـقـصـد الإسـتـطـبـاب .


==============================


ومـن الأمـور الـمـتـصـلـة بـالـوضـوء الـتـي تـسـبـقـه الإسـتـنـجـاء :

عـن أبـي قـتـادة رضي الله عـنـه أن رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم (( نـهـى أن يَـمَـسّ الـرجـل فــرجـه بـيـمـيـنـه )) صـحـيـح الـتـرمـذي .

تـصـويـر حِـسِّـي تـربـوي ، عـبّـر عـن الاسـتـنـجـاء بـالـمَـسّ .

هــذا أدب رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم فـي الـتـعـلـيـم يـخـتـار الـعـبـارات الـتـصـويـريـة الـتـربـويـة الـتـي لا تـنـفـّـر مـن يـسـمـعـه .


==============================


ثــم يُـصَـور رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم لأمّـتِـهِ فـضـائـل الـوضـوء بـصـور رائـعـة مـنـهـا :

عـن أنـس بـن مـالـك رضي الله عـنـه قـال :

قـال رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم :

(( مـن تـوضـأ فـأحـسـن الـوضـوء وعـاد أخـاه الـمـسـلـم مُـحـتـسِـبًـا بُـوعِــــدَ مـن جـهـنـم مـسـيـرة سـبـعـيـن خـريـفـا )) ... الـخـريـف هـو الـعـام .... سـنـن أبـي داود .

تـصـويـر تـربـوي حِـسِّـي و مـعـنـوي مـقـتـرنـان مـن مـعـلـم الـبـشـريـة رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم .

فـي هـذا الـحـديـث تـرغـيـب الـمـسـلـم فـي الـطـهـارة وجـعـلـهـا مـقـتـرنـة بـعـمـل خـيّـر صـالـح .

وكـون الـمـرء دائـمًـا عـلـى وضـوء أمـارة عـلـى حـرص صـاحـبـه عـلـى أداء الـعـبـادة وعـلـى اسـتـعـداده للاتـصـال بـالله عَـزّ وجَـلّ عـنـدمـا يـأتـي وقـت الـصـلاة ، تـتـطـلـع نـفـسـه إلـى مـنـاجـاة خـالـقـه جَـلّ وعـلا فـي عُـلاه .

وقـد رغـّـبَ الـشـرع فـي أن يـكـون الـمـرء عـلـى وضـوء فـي حـالاتـه كـلـهـا ، وهـذا الـحـديـث الـذي ذكـرتـه آنـفـا يُـرغِـّـبُ فـي أن تـكـون عـيـادة الـمـريـض مـتـصـفـة بـأمـريـن :

= أن تـكـون خـالـصـة لـوجـه الله لا يـريـد الـمـرء مـن ورائـهـا مـصـلـحـة دنـيـويـة .

= أن تـكـون عـلـى وضـوء أحـسـنـه صـاحـبـه ، وذلـك بـأن يـكـون أتـى بـه عـلـى الـوجـه الأكـمـل ، فـمـن تـوضـأ وأحـسـن الـوضـوء وذهـب لأمـر طـيـّب بـاعـده الله مـن جـهـنـم مـسـيـرة سـبـعـيـن عـامـا ، وهـذا دلـيـل عـلـى فـضـل الـوضـوء .

وفـي هـذا الـحـديـث تـعـبـيـر عـن الـنـجـاة مـن الـنـار بـالـمـبـاعـدة عـن الـنـار مـسـافـة طـويـلـة (( بـُـوعِـــد مـن جـهـنـم سـبـعـيـن خـريـفـا )) .

الـنـجـاة مـن الـنـار أمـر مـعـنـوي ، والـحـديـث يـعـرضـهـا بـتـصـويـر حِـسِّـي واضـح .

فـي هـذا الـتـعـبـيـر أيـضـا تـقـديـر الـمـسـافـة بـالـزمـن ، وهـذا الـمـهـم لـمـن سـيـقـطـع هـذه الـمـسـافـة !!!!! .


لـلـمـوضـوع بـقـيـة .



==============================
هـكـذا يُـعَـلـّمُـنـا .. هـكـذا يُـــربّــيـــنـا
مُـعَـلـّـم الـبـشـريـة
صلى الله عـلـيـه وسـلـم
==============================