![]() |
إبراهيم بن موسى الشاطبي
اسمه وكنيته ونسبه
هو إبراهيم بن موسى بن محمد أبو إسحاق اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي، وكنيته التي عرف بها أبو إسحاق،. ولادته ونشأته ووفاته تعرض الريسوني لمكان ولادة الشاطبي فقال: " فالأظهر أنه ولد بغرناطة" وسبب هذا أن الإمام الشاطبي نشأ وترعرع بها ولم يُعلم أنه غادرها، وسبب عدم ترحاله أن أسفار العلماء كانت طلبةً للعلم، أما الشاطبي فكان العلم حاضر بلدته، أما عن وفاتهِ فهي يوم الثلاثاء من شهر شعبان سنة 790 هجري. شيوخ الشاطبي تتلمذ الشاطبي على يد الكثير من العلماء من شيوخ الغرناطيين والوافدين الذين أحسنوا إعداده الأدبي والعلمي في شتى الفروع العلمية، ومن هؤلاء: أولاً: علماء غرناطة من أبرز شيوخه ابن الفخار البيري، وأبو جعفر الشقوري، وأبو سعيد بن لب، وأبو عبد الله البلنسي. ثانياً: العلماء الوافدين إلى غرناطة أما شيوخه من العلماء الوافدين فمنهم: أبو عبد الله الشريف التلمساني، وأبو عبد الله المقري، وأبو القاسم السبتي ابن مرزوق الخطيب " الجد" أبو علي الزاوي. تلاميذ الشاطبي تلمذ على يد الإمام الشاطبي الكثير من العلماء الأجلاء الذين شُهد لهم بالفضل في العلم وقد تنوعت علومهم وإبداعاتهم في جوانب شتى من العلم وقد اشتهر منهم، العلامة أبو يحيى بن عاصم، والقاضي الفقيه أبو بكر بن عاصم, والفقيه أبو عبد الله البياني، وأبو جعفر القصار، وأبو عبد الله المجاري. طلبه للعلم كان الإمام الشاطبي شغوفاً بالعلم طالباً له من أهله، باحثاً عن كنوزه كاشفاً لأسراره، حيث جمع أصول العلوم الشرعية ففقه اللغة العربية وفنونها على يد شيخه ابن الفخار، وفقه النحو على يد شيخه أبي جعفر الشقوري، وفقه الفقه والفتوى على يد شيخه أبي سعيد بن لب، وفقه التفسير على يد شيخه أبي عبد الله البلنسي، وفقه أصول الفقه على يد شيخيه أبي عبد الله الشريف التلمساني وأبي علي الزاوي، وفقه القواعد الفقهية على يد شيخه أبي عبد الله المقري، وفقه العلوم اللسانية على يد شيخه أبي القاسم السبتي، وفقه علوم الحديث على يد شيخه ابن مرزوق، الملقب بالجد. فيكون بذلك الإمام الشاطبي حاز فنون كل علوم الشريعة، وهذا ما أهله بعد ذلك لينتج نظرياته الفقهية والأصولية التي أوقفت أهل العلم عندها طلاب، وأفصحت عن مراد الشارع، وكشفت لأهل العلم عنه الحجاب، حيث عمت به فائدة كبيرة لأهل العلم. منزلته العلمية بين العلماء ومؤلفاته لقد تميز الشاطبي بمنزلة عالية رفيعة بين علماء الشريعة الإسلامية، فتمهر على يديه الكثير من العلماء الذين خرًّجوا الكثير من العلماء، فكان الشاطبي، نجماً ساطعاً بين علماء عصره، حيث ارتقى الشاطبي، مرتبة العلماء الذين خلد التاريخ ذكرهم، فهم الذين أثْرَََو المكتبة الإسلامية بالفكر الذي تستند الأمة عليه، وقد وصفوه فقالوا :" هو الإمام العلامة المحقق القدوة الحافظ الجليل المجتهد الأصولي المفسر الفقيه المحدث اللغوي النظارة المدقق البارع صاحب القدم الراسخ والإمامة العظمى في سائر فنون العلم الشرعي، والإمام المحقق العلامة الصالح "، وللإمام الشاطبي مؤلفات كثيرة في مختلف علوم العربية والشرعية، كالنحو والصرف والاشتقاق والأدب والشعر وعلوم الحديث وفقهه والفقه وأصوله التصوف والبدع إلى غير ذلك من علوم، ومن كتبهِ المطبوع ومنها غير المطبوع على النحو التالي: أولاً: المطبوع طبع في أصول الشريعة وهو من أنبل الكتب في بابه.
ولم تحظ مجموعة أخرى من كتابات الإمام الشاطبي بالطباعة، وهذه الكتب هي:
بيان منهجه الأصولي ومذهبه الفقهي نبذة عامة عن منهجه العلمي كان للإمام الشاطبي منهجاً علمياً متزناً، حيث كان له مزايا على ما ذكر هو بنفسه فقال:" وذلك أني ولله الحمد لم أزل منذ فتق للفهم عقلي، ووجه شطر العلم طلبي، أنظر في عقلياته وشرعياته، وأصوله وفروعه، لم أقتصر منه على علم دون علم، ولا أفردت من أنواعه نوعاً دون أخر، حسبما اقتضاه الزمان والإمكان وأعطته المنة المخلوقة في أصل فطرتي، بل خضت في لجاجه خوض المحسن للسباحة، وأقدمت في ميدانه إقدام الجريئ..إلى أن من علىًّ الرب الكريم، الرؤوف الرحيم، فشرح لي من معان الشريعة ما لم يكن في حسابي..." ولعلها نظرته الشاملة في أخذه للعلوم، ثم رعته يد الله لينشأ نشأً بعد آخر، لمرحلة يكون الإسلام أحوج إلى علمه الزاخر، تماشياً مع حاجة الإسلام المتنامية يومأً بعد يوم، لما يَجِدُّ من حوادث، فيكون امتداداً بأصل التشريع إلى فرعه، لتكتب السلامة والنجاة لأهل هذا الدين الحنيف، ولم تكن الطريق ممهدة أمام الإمام الشاطبي، بل واجه العديد من الصعاب التي أوشكت أن تثقله إلى الأرض وكان من أبرزها ما أثاره بعض أهل العلم الذين عجِّلوا عليه أمره ممن عاصره منهم، ففهموا مقصده على غير وجهته، بالإضافة إلى أهل البدع والضلالات الذين لا يذرون في مؤمن إلاً ولا ذمةً، فاتهموه بكثير من الأمور التي لا تقبل فيمن هو دونه، فاتهموه بأنه يقول أنَّ الدعاء لا ينفع، وكل أمره أنه لم يلتزم الدعاء الجماعي في إمامته للناس، ونسب إلى التشيع والرفض وبغض الصحابة، لأنه لم يلتزم ذكر الخلفاء الراشدين في الخطبة، ونسب إليه تجويز الخروج على الأئمة، لأنه لم يلتزم ذكرهم في الخطبة، واتهم بالغلو والتشدد لأنه التزم الفتوى بمشهور المذاهب، إلى غيرها من أمور، وقد عبر عمًّا لاقى منهم بما جادت عليه فصاحته فقال: "بُليتُ يا قومِ والبلوى منوعةُ....بمن أُداريه حتى كاد يُرديني دفع المضرة لا جلبُ لمصلحةٍ..........فحسبيَ الله في عقلي وفي ديني " كان لنشأته السليمة دوراً كبيرأ في المضي قدماً في دربه الصعب، بل وخط لنفسه آليةً لأخذ علومه عَبر عنها بنفسه فقال:" فمن هنا قويت نفسي على المشي في طريقه بمقدار ما يسَّر الله فيه، فابتدأت بأصول الدين عملاً واعتقاداً، ثم بفروعه المبنية على تلك الأصول "، فأقبل على أصول الدين بادئ ذي بدء اعتقاداً وعملاً، ثم ألَّم بفروعه المبنية على تلك الأصول، وهي طريقة سليمة. ثم شرط على نفسه شروطاً لا يحيد عنها مهما كان الأمر فقال: " كثيراً ما كنت أسمع الأستاذ أبا علي الزاوي يقول: قال بعض العقلاء: لا يسمى العالم بعلمٍ ما عالماً بذلك العلم على الإطلاق، حتى تتوفر فيه أربعة شروط وهي:
منهج الإمام الشاطبي الأصولي تميز الإمام الشاطبي بنظرةٍ خاصةٍ لم يعتبرها كثيرٌ من الأصوليين والفقهاء، وتمثلَ ذلك باعتبار عدة أمورٍ:
أخذَ الإمام الشاطبي بالعادات واستثمرها بطريقة غريبة ناظر فيها عادات العرب التي اعتبرها الشرع الحنيف، بما توارث الناس من عادات أخرى، وهو منهج الإمام مالك حيث يقول الشيخ أبو زهرة: " ثانيهما: أن مالكاً كان يتجه إلى العادات القانونية التي كانت معروفة عند أهل المدينة، فيضفي عليها مسوحاً دينيةً، وأن تلك العادات هي صورةٌ للعادات العربية القديمة، لم تتفق بعد مع الدين تماماً ولكنها عادات نشأت من محيط المعاملات، وقد ظهر بعضها لمالكٍ كأنه السنة، أو حمَّله اسم السنة، وليس ذلك إلا إصباغا لعادات قانونية عربية بصبغة الدين، وإزالة لما عساه يكون مخالفاً للدين من هذه العادات." ومعنى ذلك أن الإمام الشاطبي وشيوخ المذهب المالكي قاموا بتصفية تلك العادات وتقريبها إلى الإسلام بما يقبله الإسلام ولا يرده، أما ما خالفه فقد تركوه ووازعهم في ذلك أن مجمل هذه العادات عادات عربية قديمة اعتبر التشريع صوراً كثيرةً منها، وقوََّمََ بعضها فكانت منهجية الإمام الشاطبي لينة تستوعب ما وافق التشريع وتترك ما خالفه من عادات توارثتها الأجيال، ولقد نص الإمام الشاطبي على ذلك فقال:" كل أصل علمي يُتخذُ إماماً في العلم فلا يخلو أن يجريَ به العمل على مجرى العادات في مثله، بحيث لا ينخرمَ منه ركن ولا شرط أو لا، فإن جرى فذلك الأصل الصحيح وإلا فلا." وهذا يعني أن الإمام الشاطبي اعتبر الدليل على صلاح الأصل الشرعي للاستدلال جريانه مع أعراف الناس وعاداتهم وجعل لذلك شرطاً: وهو عدم مخالفة أحد أركان هذا الأصل لمجرى العادات، ولقد عبر عن ذلك صراحة بقوله: ".. فإذن كل أصل شرعي تخلف عن جريانه على هذه المجاري فلم يطردَ ولا استقام بحسبها في العادة فليس بأصل يعتمد عليه ولا قاعدة يستند إليها ". منهج الشاطبي الفقهي لقد كان الإمام الشاطبي مالكي المذهب درس في مدرسة غر ناطة حيث شاع مذهب مالك بلاد الأندلس جميعها، حيث ينقل لنا الشيخ محمد أبو زهرة قول القاضي عياض في بيان البلاد التي انتشر بها مذهب مالك فيقول " غلب مذهب مالك على الحجاز والبصرة ومصر، وما وآلاها من بلاد أفريقية والأندلس وصقلية والمغرب الأقصى إلى بلاد من أسلم من السودان إلى وقتنا هذا، وظهر ببغداد ظهوراً كثيراً ثم ضعف بعد أربعمائة سنة، وظهر بنيسابور، وكان بها وبغيرها أئمة ومدرسون..."، فتتلمذ على يد مشايخها وتميز بالفهم العميق، مما أهله بعد ذلك أن يخرج كنوزه للناس ما لم يفعله سواه من مشايخ هذا المذهب، وهو الذي كشف الحجاب عما قصد إليه مالك ولم يعبر عنه صراحة بل وضع أسس بنيان شامخ جاءت مدرسة الشاطبي المقصدية ثمرة من ثماره، ثم نظرته للتعليل ثمرة أخرى. |
رحم الله إمام الأئمة ، وغفر له ماتقدم من ذنبه وماتأخر
|
جزاكم الله كل خير
|
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:55 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.