![]() |
الإعلام الحديث كيف يكون مؤثرًا؟
يحكي أن الرجل الحكيم أخذ ينصح الشاب قائلاً: يا بني...
هذا الأسلوب في السرد صار قديمًا وغير مقبول فقبل أن تقول النصيحة سيطلع لك مشاغب يقول ( يا عم ليه الرجل الكبير لازم يكون حكيم؟ والشاب يقبل منه النصيحة؟ الكبار قالوا ما تنفعش الثورة والشباب اللي عملوها) يا بني اسمع النصيحة الأول وبعدين اعترض: النصيحة تقول (من طلب العلا سهر الليالي ومن جد وجد) يرد المشاغب (من طلب العلا في الدراسة مثلاً ياخد درس عند مدرس جامد ويذاكر الملخصات كويس، من غير سهر ولا حاجة) يا بني فيه حقائق في الحياة. حقائق! سلامات يا حقائق!، قولوا لنا حقيقة واحدة ظهرت بخصوص قتل المتظاهرين أو شهداء بورسعيد أو موقعة الجمل، فين الحقائق؟ لازم يكون فيه احترام للكبير ولازم تسمع كلام النخب الخبيرة. أشاح المشاغب بيده: لن أعترف إلا بما يدخل عقلي ويقنعني أولاً، وهذا ما أفعله مع زملائي علي الفيس بوك، هل تعرفون عالم الفيس بوك وتويتر واللا لسه في الزمن الماضي؟ نعرف يا سيدي العالم الافتراضي ونشارك فيه، ولكن قل لي ما الذي تريده أنت وجيلك؟ أنا وجيلي كده كلنا حزمة واحدة ؟ لنا مطالب كثيرة متنوعة ومختلفة واللا انتوا عايزين تفهمونا شروة واحدة. ألا يمكنك أن تتكلم بجدية؟ ترددت ضحكاته: وليه بجدية؟ عملت لنا إيه الجدية، ألا تعلمون أن الضحك يطيل العمر. _ _ جيل جديد مختلف وليس سيئًا أبدًا ففيه خير كثير وقدرة هائلة على المرونة والإبداع ولكنه ينتمي لثقافة حديثة جدًا ليست الثقافة التقليدية التي تربينا عليها وكانت وسائل الإعلام تبثها ليل نهار سواء في البرامج أو الدراما أو حتى نشرات الأخبار، كانت سمات المدرسة التقليدية في الإعلام هي: هناك مسلمات وبديهيات انطلق منها (مثل نصح الحكيم للشاب) ثم تكلم عن التقدم التدريجي بالمتاح من وسائل التعليم والعمل المدرسية، ثم تناول الأخبار وقدم تحليلاً واحدًا لها كأنك تحتكر الحقيقة مثلاً لماذا هزمنا؟ لأن هناك خونة ومؤامرات داخلية وخارجية وهكذا ترسب لدينا أن الخونة والمتآمرين في العالم كله يتحالفون جميعًا لإفشال خططنا وإضعاف بأسنا أما نحن فلا نضعف ولا نخطئ ولا نتهاون أبدًا. ثم أقبل كلام النخبة كأنه مقدس والنخبة هم من يظهرون في وسائل الإعلام ومهما كان كلامهم فارغًا لكننا سوف نصدقه. نحن جميعًا كجماهير وقتها كنا نكتفي بالتلقي نستمع للراديو نشاهد التليفزيون نقرأ الصحف فقط ولا نشارك أبدًا وليس لدينا وسيلة للتفاعل ( قبل ظهور الإنترنت) حتى الدراما كانت معروفة (فاتن حمامة) دائمًا مظلومة وصادقة (وفريد شوقي) سوف يضرب كل الناس في الفيلم، والبطل سيهزم الشرير في النهاية، والنهاية دائمًا سعيدة. ـ ـ ثقافة الشباب الحديثة تقوم على أعمدة جديدة، ليست هناك مسلمات كثيرة والحقيقة متعددة الأوجه ودائمًا هناك مطالبة بالمساواة بين البشر بلا تراتبية. العالم الافتراضي صار متداخلاً ومؤثرًا مع عالم الواقع والبشر يتسمون بالتنوع في الأنماط ويمكنهم تقبل بعضهم بشرط الاقتناع والاحترام، الجيل الجديد يميل للمرح والإبداع في عز الأزمات ويعبر عن نفسه فنيًا بطرق مبتكرة وليس أدل على ذلك مما حدث أيام الثورة. ما نفتقده حاليًا هو وجود إعلام مناسب للشباب يؤثر فيهم ويخطف أبصارهم ويدخل قلوبهم وعقولهم ويتفاعلون معه، الإعلام هو السلاح الناجع للم شتات الوطن المبعثر وبث روح الجماعة والعاطفة الوطنية أولاً قبل التحدث بالمنطق والإقناع، ولذلك لابد من وجود قناة فضائية قوية ومتطورة في تليفزيون الدولة تتخلى تمامًا عن الأساليب التقليدية وتستعين بمن يعرف كيف يتواصل ويؤثر بشرط أن تتوافر لديه الموهبة والدراسة، هناك قنوات محلية وتعليمية وغيرها كثيرة خاملة ولا يشاهدها أحد لماذا لا يتم إلغاؤها أو تصفيتها وتركيز موارد الدولة في قنوات مؤثرة وحديثة بشرط ألا تصطبغ بأي صبغة فكرية وأن تكون فعلاً قناة لكل المصريين، ولا تعيد استخدام الوجوه الإعلامية الموجودة على الساحة، وأن تقدم تلك الخلطة التي تناسب العصر شفافية كاملة في الخبر وإتاحة الفرص لكل التيارات للتعليق والتحليل والتزام صارم بآداب الحوار والتداخل في العالم الافتراضي ورش المرح دائمًا بين ثنايا البرامج ليخفف توترها وتركيز الضوء على نجوم جديدة بدلاً من تلك الرموز المستهلكة الباهتة التي تظهر على السطح فقط لتصفية الحسابات وبث السموم. بدلاً من الشكوى من الإعلام وفساده لماذا لا نواجهه بإعلام حديث قوي ومؤثر وجذاب ونظيف وشاب؟ إيمان القدوسي |
كلام جميل ... ومنطقى
لكن فى الواقع مش ممكن لأن واقع الاعلام اما له توجهات خاصة أو مصالح خاصة ______ جزاكم الله خيرا |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 08:16 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.