![]() |
التحدي
كلنا يعرف قوله تعالي " أتستبدلون الذي هو أدني بالذي هو خير" , لكن بعد أن تقرأ هذا المقال ستعرفه بشكل آخر .
فالمعني الواضح الجلي الذي يصل للمرء عند تلاوة تلك الآية هو أن الناس يستبدلون خيار الأمور بشرورها , فهم يبدلون الخير بالشر , والبر بالإثم , والفضل بالنقصان . لكن المعني الشامل الذي يريد الله أن نتعلمه من تلك الآية هو أن الناس يضعون الأمور في غير نصابها , ومن تلك الأمور : التحدي . فالله – عزوجل – قد خلق في الإنسان صفة التحدي ؛ لكي يمنحه القدرة علي إعمار الأرض وتحقيق ذاته وعبادته سبحانه , لكن بدل أن يتحدي الإنسان عصره وظروفه وواقعه وشهواته ونفسه أيضاً لكي يحقق الغاية التي من أجلها جُعلت فيه تلك الصفة , يتحدي الإنسان ربه الذي جبله وأنعم عليه وأكرمه ! فجل الناس يتحدون ربهم ، بكفرهم به أو بمعصيتهم له أو بتركهم لفرائضه أو بجحودهم بنعمه . فالكافر يتحدي ربه ولا يبالي ظناً منه أنه في مأمن من بطش ربه , لكن ربه يمهل ولا يهمل , يقول تعالي : " فمهل الكافرين أمهلهم رويدا " . والعاصي يتحدي ربه بمعصيته له , فالله –عز وجل- قد أمر الإنسان أن ينتهي عن أشياء معينة ، فإذا لم ينته الإنسان عنها فهو يتحدي ربه بمعصيته أوامره . والتارك ما فرضه عليه ربه متحد له , فالتارك صلاته أو زكاته أو صيامه كافر باجتماع العلماء , فهو يتحدي ربه لأنه أُمر ولكن لم ينفذ ما أُمر به . والجاحد بنعمة ربه عليه متحد له , فهو أينما ينظر يري نعم الله حوله , ولكنه مع ذلك يأبي , فهو يتحدي ربه الذي أنعم عليه ومع ذلك لم يشكره بل يجحد بتلك النعم , والجحود بالنعمة كفر , يقول تعالي علي لسان سليمان : " ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم " . أما إذا كان التحدي في موضعه , فإنه يساعد الإنسان علي تحقيق ذاته ومن ثم إعمار الكون من حوله . فالتحدي يعني الصبر والمواجهة , وإذا تدبرنا ديننا وتاريخنا نجد أن الصبر دائما ما ينتهي بالنصر والتثبيت والفلاح , قال الله سبحانهوتعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُواوَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْتُفْلِحُونَ " , وقال تعالي : " يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بْالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَالصَّابِرِينَ " , وقال أيضا : " إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ " , وقال صلي الله عليه وسلم : (وَاعْلَمْ اَنَّ فِيالصَّبْرِ عَلَى مَاتَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا وَاَنَّ النَّصْرَ مَعَالصَّبْرِ وَاَنَّ الْفَرَجَ مَعَالْكَرْبِ وَاَنَّمَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) . فالحياة معركة حربية كبري , كر وفر ، والكر هو المواجهة والصبر هو الفر , فهي معركة عنوانها التحدي . عليك أن تتحدي نفسك أولا قبل أن تتحدي المصاعب ، فالنفس هي التي تثبط صاحبها ، ولن تقدر علي تحدي نفسك أو مشاكلك إلا إذا أقنعت نفسك بقوتك , ووثقت فيما وهبك الله من ملكات وقدرات , فالثقة هي التي تولد النجاح , والثقة هي أول طريق التحدي بل هي منتهاه . ولكي يتمكن المرء من زرع ثقته بذاته وضع خبراء التنمية البشرية له قواعد خمس لبرمجة العقل الباطن وهي : 1- يجب ان تكون رسالته واضحة محددة . 2- يجب ان تكون رسالته ايجابية مثل : "انا قوي ، انا سليم ، انا استطيع الامتناع عن ....." . 3- يجب أن تدل رسالته علي الوقت الحاضر مثال : لا تقول " أنا سوف أكون قوياً " بل قل " أنا قوي " . 4- يجب أن يصاحب رسالته الإحساس القوي بمضمونها حتي يقبلها العقل الباطن ويبرمجها . 5- يجب أن يكرر الرسالة عدة مرات إلي أن تتبرمج تماما . ومن أروع قصص التحدي ودوره في صنع البشر قصة العالم المصري أحمد زويل والذي زرع في نفسه فكرة كونه عالما منذ نعومة أظافره , حتي أن أهله كانوا ينادونه ( دكتور / أحمد ) وكان يعلق لافتة علي باب غرفته ( غرفة الدكتور / أحمد زويل ) , وحينما كبر واجهته الظروف المثبطة المحبطة , ولكنه صبر وتحدي ظروفه وصار أعظم علماء عصره ..! لذا ... فعليك أن تضع تحديك في موضعه الصحيح , الموضع الذي يصقل شخصيتك ويصنع ذاتك , وليس الذي يلقي بك في غياهب الكفر والفشل . تنكر لي دهـــــري ولم يدر أنني أعز وأحداثالزمان تهــــــــون فبات يريني الخطب كيفاعتداؤه وبت أريه الصبر كيف يكـــــون مصطفي عيد |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 04:46 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.