بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   حي على الفلاح (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=25)
-   -   الشباب .......المشكلات المزمنة....،والحلول الواقعية.... (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=502167)

simsim elmasry 18-02-2013 10:11 AM

الشباب .......المشكلات المزمنة....،والحلول الواقعية....
 
بسم الله الرحمن الرحيم
يواجه الشباب عدداً كبيراً من المشاكل، لكن الشريعة الإسلامية الخالدة لديها الحلول المناسبة، منها:
مشكلة الحيرة والفراغ:
كثيراً ما يُسيء المجتمع إلى شبابه، وذلك من خلال تقديم الدين لهم في مناسبات معينة، أو تقديم شكليات الدين بعيداً عن روحه وجوهره، مما يجعل غالبية الشباب يتصورون أن الدين ليس إلا أذكاراً وتعويذات، وعكوفاً في الزوايا والتكايا، أما الأمور المستحدثة، كبنوك الحليب وبنوك النطاف، وفي المسائل الاقتصادية المعاصرة و·· فلا يجدون من يفتي بها، وبالمقابل يرى الشباب تفنن أهل المذاهب الهدامة في عرض ما لديهم، في الوقت الذي يعرض الدين عرضاً يناسب القرون الماضية ويركز على بعض الأمور التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وكم شغلونا في عدد ركعات التراويح؟ وكم نوقشت قضية أبوي الرسول [ أهما في الجنة أم في النار؟ ولكم ارتفعت الأصوات عالياً من أجل الأكل على الطاولة····؟!!
وكما قال الدكتور شوقي أبو خليل: (إذا طلبنا التفقه في الدين، بدأوا بنا بأنواع المياه السبع، وبالوضوء والمسح على الجبيرة، ومنذ أيام قال لي أحدهم إنه من السنة الأكل بثلاثة أصابع، ولعقها قبل مسحها أو غسلها، وأكل خبز الشعير من سنة الأنبياء، ولا يجوز سب البرغوث لأنه أيقظ نبياً لصلاة الفجر!!
وما أكثر الأمور التي حرمها بعض المشايخ ثم تبين أنها من الضروريات، مثل ركوب القطار، واستخدام مكبرات الصوت والتليفون ونحو ذلك؟!
والعجيب أننا ونحن نعرض الدين هكذا، نرى أن المستشرقين وأعداء الإسلام يركزون على محاولة ا***اعه من الجذور، مثال ذلك قول (مورد بيرجر): إن الخوف من العرب واهتمامنا بالأمة العربية ليس ناتجاً عن وجود البترول بغزارة عند العرب، بل بسبب الإسلام، ويجب محاربة الإسلام وعزته وانتشاره حيث إن الإسلام يفزعنا عندما نراه ينتشر بيسر في القارة الإفريقية·
من جهة أخرى، فإن الشاب في فترة الدراسة يعيش فراغاً وحيرة وتناقضا لا مثيل له، فمثلا عندما يدخل حصة العلوم ليستمع الى فكرة تطور الإنسان، وأن أصله قرد، ويرى بأم عينه تمجيد نظرية (داروين) وما يدور في فلكها!ويعقب ذلك حصة الفلسفة مثلاً، فيستمع الشاب إلى افتراضات وخيالات لارصيد لها على أرض الواقع! ثم يستمع الى مدرس مادة الدين، فيرى الاختلاف فهنا يقولون: إن أصل الإنسان من تراب ثم من نطفة ثم علقة، وهناك يقولون: إن أصل الإنسان قرد!!
وهكذا، يستمع الشاب إلى خطيب الجمعة وهو يتحدث عن المراقبة والخشبة والخوف من الله، وعن الزهد والورع والوقوف عند حدود الله، ثم يخرج إلى الشارع ليرى اللحم الحرام، ثم إذا جلس وراء شاشات ووسائل الإعلام رأى المسلسلات والمسرحيات التي تسخر من الدين والمتدينين، والتي تصور السبب الرئيس لتخلفنا وجهلنا وفقرنا هو الدين!!
كل هذا يزيد الشاب حيرة··· وفراغاً·· وعقداً، فما هو الحل إذن؟
من الحلول العملية استخدام وسائل الاعلام في توجيه الشباب، وذلك من خلال جعلها رديفاً للأمور التربوية والعلمية، لا أن تكون بؤرة للفساد وعرض اللحوم الحرام وشعار ال*** و···!! كذلك يجب التركيز على فكرة التوجه الإسلامي للتعامل مع الشباب، بحيث تطرح حقيقة أن الله سبحانه هو الذي خلق الانسان، وميزه عن الآخرين بالعقل، ورسم له منهجاً متكاملاً، وقال له إذا سرت على هذا المنهج فزت في الدارين، مصداق ذلك قوله تعالى: {ألم نجعل له عينين· ولساناً وشفتين· وهديناه النجدين}(سورة البلد 8-10)·
ولابد من تحقيق الفرص أمام الشباب، وذلك من أجل إمدادهم بالمعرفة والثقافة والعلوم، مع تعميم فكرة الوقاية من الضجر والحيرة والفراغ الفكري والنفسي عند الشباب، وذلك من خلال رسم دوائر الأسوة والقدوة، ليكون الكلام النظري مجسداً في شخص، قال تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً}(سورة الأحزاب، 21)
مع التركيز على مسألة حسن استثمار الوقت، وذلك لأن الوقت سريع الانقضاء، والعمر يسير بخطوات سريعة، وإذا مضى الزمان لا يعود أبداً، وكما قال الحسن البصري رحمه الله: ما من يوم ينشق فجره، إلا وينادي: يا ابن آدم، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني، فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة·
أما الحالمون·· والنادمون بعد أن يمر الوقت سريعاً، فلن ينفعهم ذلك أبداً، قال تعالى: {يأيها الذين أمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون· وأنفقوا مِن مَّا رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وكن من الصالحين· ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون}(سورة المنافقون 9-11)·
وسد الفراغ يسد أبواباً كثيرة من الشر، ذلك لأن الفراغ من الآفات الخطيرة جداً، كما قال الشاعر:
إن الشباب والفراغ والجده
مفسدة للمرء أي مفسدة

وهذا لا يعني أبداً ترك أمور الدنيا، والاعتكاف على العبادات، إنما لابد من برمجة الأنشطة الترويحية ليبعد شبابنا عن الحفلات الماجنة، التي ت*** فيها الفضائل وتهان الأعراض، ورضي الله عن علي عندما قال: روحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلب إذا أكره عمي·
وقد بينت الشريعة الإسلامية ألواناً من اللعب واللهو الحلال، مثل مسابقة الجري على الأقدام، والمصارعة، واللعب بالسهام، وألعاب الفروسية، والسباحة والرماية، وركوب البحر، وركوب الخيل، واللعب بالشطرنج، وما إلى هنالك·
لكن مما يؤسف له كثرة المتنطعين المتشددين، حيث يطلقون فتاوى التعسير و···!!
ورحم الله حذيفة بن اليمان عندما أخذ حصاة بيضاء، فوضعها في كفه، ثم قال: إن الدين قد استضاء إضاءة هذه، ثم أخذ كفاً من تراب، فجعل يذره على الحصاة حتى واراها، ثم قال: والذي نفسي بيده ليجيئن أقوام يدفنون الدين هكذا، كما دفنت هذه الحصاة!!
مشكلة التقليد الأعمى!!
في قوله تعالى: {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً}(سورة النساء-140)
وفي هذه الجملة القرآنية (إنكم إذاً مثلهم) بيان واضح للخطورة الكامنة جراء التبعية والتقليد الأعمى للكفرة، ورحم الله الشيخ الشعراوي عندما علق على هذه الآية بقوله: (وتأتي الكلمة التي ترهب المؤمن وترعبه: (إنكم إذاً مثلهم) أي إنكم إذا قعدتم معهم وهم يخوضون في آيات الله تكفرون مثلهم، لأنكم تسمعون الخوض في الدين بالباطل، ومن يرضي بالكفر يكفر·
لقد أعطتنا الآية مرحلة أولية، فإذا ما كانت البيئة الإيمانية مجتمعاً ذاتياً متكافلاً فليس لأحد من المؤمنين أن يجالس الكافرين، ولا نواليهم إلا إذا والونا، لأن الجلوس معهم في أثناء الخوض في الدين يجرئهم على مناهج الله، وعلى المؤمن أن ينهر أي ساخر من الدين، وعلى المؤمنين أن يعرضوا عمن ينحرف عن منهج الله أو يتعرض له، ولكن المجتمعات المعاصرة تكرم من يخوض بالباطل، وفي ذلك إغراء للناس على أن يخوضوا في الدين بالباطل)
ذلك لأن المقلد يحاول تقمص شخصية المقلد، فيلغي شخصيته أمام الآخر، ويقلده في كل شيء، ويتبعه إلى درجة عجيبة، وعادة ما تكون هذه ظاهرة بين شخصين: شخص قوي وشخص ضعيف، شخص متطور يملك أموراً حضارية، وشخص متخلف أقرب إلى العصر البدائى!
بل ذهب ابن تيمية رحمه الله الى أبعد من ذلك فقال: (إن المقلد أو المتشبه يفتح قلبه ويفسح صدره للمقلد، وبذلك تسري معه روح المقلد إلى المقلد، وتسري إليه عقيدته، وأفكاره، وكل ما يحب ويكره، وليس معنى هذا أن المقلد قد انسلخ عن أصله ومبدئه، والتحق بأصل آخر، ومبدأ آخر)·
وللتقليد على أرض الواقع أنماط وأشكال، فتارة يكون الاتباع والتقليد في اللباس والزينة والاحتفالات والمظاهر، وتارة يكون في الأمور التي تتعلق بالعادات والسلوك، لذلك نرى الضعيف المهزوم يقلد القوي في كيفية تعاطي المخدرات وشرب الخمور، وحتى لو خالفت الدين والشرف والعرف، وتارة يكون التقليد في تبني الافكار والنظريات، بل وحتى في استخدام الألفاظ والعبارات أثناء الحديث، وما إلى هناك!
هذه الظاهرة الخطيرة يجب أن تدرس بعناية فائقة، وذلك لما لها من مخاطر على الفرد والمجتمع، وذلك من خلال *** التفكير المستقل، بحيث أن التابع ليس بحاجة إلى النظر والتأمل والتفكر، وبالتالي فهو يجمد طاقاته العقلية التي منحه الله إياها، كذلك فالتقليد يؤدي إلى الاستكانة وعدم التحرك، مما يسبب *** كل إبداع واكتشاف، والسبب أن التابع يركن إلى الدعة، وينتظر ما يمليه عليه الذي يعجب به، فت*** في نفسه كل بوادر الإبداع والتفوق·
ومن مخاطرها أيضاً *** كل ما له علاقة بالشخصية القومية، كالعادات واللغة والدين، ونحو ذلك، وهكذا يؤدي التقليد إلى إرباك الواقع، وذلك من خلال تشويه الفضائل والأخلاقيات، وإحلال بدلٍ عنها كل ما ليس له علاقة بالأخلاق!
ومما يؤسف له أن يحمل بعض شبابنا عقد النقص أمام الآخرين، حتى أصبح بعضهم ينطبق عليه التعبير النبوي >إمعة<، فترى شاباً يفتخر بأنه من مقلدي النجم السينمائي فلان، وتفتخر فتاة مسلمة بأنها تلبس زيا يشبه زي الممثلة أو الراقصة فلانة!!
أجل! إن حل هذه المشكلة يكمن في التربية وعلى جميع المستويات، ففي البيت يجب الاهتمام بالأمور الدينية، وفي المدرسة والمعهد والجامعة يجب أن لا يكون هناك تناقض بين ما يطرح، وذلك كي لا يضيع الطالب في تلك المتاهات!
وأما وسائل الإعلام - وخاصة الفضائية منها - فيجب أن يكون دورها تغذية أرواح الناس جميعاً، ومن ثم تثقيفهم بما يوافق شريعتنا ومنهج حياتنا·
وكذلك مسألة طرح البدائل، فإذا قام من يحرم وسيلة ما- كالستلايت - تستخدم كسلاح ذي حدين، فعلينا أن نقول له: ما هو البديل عندك؟ هل هناك قناة إسلامية موجهة نحو أمور التربية ونحو ذلك، أم أن المسألة ليست إلا كلاماً وتشدد!!
وبالتالي، فعلينا الاهتمام - بالآخرين لإيصال الفكرة الصحيحة، وتبيان كل ما يبثه الغرب، ليميز شبابنا بين الصحيح والسقيم، وبين المفيد والضار، ذلك لأن مواجهة السيل الجارف أفضل بكثير من القيام بما تقوم به (النعامة) عندما ترى الصياد!
بعض المشكلات الاجتماعية:
يواجه شبابنا اليوم طائفة من المشكلات الاجتماعية ولعل أهمها ما يلي:
- غربة الشباب المسلم: لأنه يبدو كأنه يعيش في زمان غير زمانه، فالبيت يحمل التناقضات، ذلك لأن للأب ميولاً ما يختلف عن ميول الأولاد والزوجة، وبالتالي فالجميع متفقون على مخالفة الشاب الملتزم، ولذلك يمارس ضده كل الوسائل- حتى المنحطة منها، كأن يستخدم الأب والأم قضية رضا الوالدين كوسيلة ضغط وتهديد على هذا الشاب!
- رفقاء السوء: حيث لا يجد الشاب الملتزم - إلا ما ندر - شاباً يشاطره الفكر النزيه والحر، لأن الطامة أن الشر قد بسط أجنحته عن طريق ما لديه من وسائل إعلام حديثة!!
- مشكلة الزواج والاستقرار: ذلك أن الزواج قربة وسنة، فلا رهبانية في الإسلام، ولا اعتزال عن الحياة، وليست المرأة عندنا رجساً ولا وسيلة للشياطين، إنما النساء شقائق الرجال، والزواج فطرة وسكن ومودة، قال تعالى: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمه الله هم يكفرون}(سورة النحل-72)
والزواج أساس لتكوين الأسرة، وآية من آيات الله، وحماية للفرد من السقوط الغريزي، لذلك حرّمت الشريعة السفاح وأباحت النكاح، وحصرت المصرف الغريزي الشرعي في الزواج: {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}(سورة البقرة-187)
والجميل في المسألة أن الشريعة ضبطت مسألة اختيار الشريك الآخر، ففي صحيح البخاري قول النبي [: >تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك<
وفي سنن الترمذي قول النبي [: >إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض<·
لذلك فالشاب العاقل هو الذي يضع نصب عينيه الخصال لا الأشكال، والدين والخلق لا المظاهر والأزياء، ومن هنا نفهم السرّ وراء فشل اللاهثين وراء الفتاة المتلونة الأصباغ والمساحيق، المنبهرين بهذه الصراعات الحديثة، إنهم يصابون بخيبة بعد خيبة، فما إن ينتهي شهر العسل، وتذهب السكرة وتأتي الفكرة حتى تظهر الفتاة على حقيقتها، فإذا الأمر ليس كما كان يخيل إلى المسكين، مصداق ذلك قوله تعالى وهو يحدد الميزان: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو الى الجنة والمغفرة باذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون}(سورة البقرة -221)
وهكذا، فالخطأ يتحمله الجميع، ويتحمل جزءاً منه الشباب، ذلك لأن المجتمع قد عقد مسائل الحلال (الزواج)، وفتح منافذ الحرام (الزنى)، حيث الاختلاط الفاضح، فكيف يدرس الشاب أو يذاكر للإمتحانات، وإذا جلست فتاة في ريعان الصبا مثلاً في المعهد أو الجامعة، إلى جوار شاب في ريعان الشباب، وإذا به يرى المفاتن قد ظهرت من كل مكان··· فكيف يستطيع ذلك المسكين أن يحل مسألة الرياضيات، أو يفهم المعادلة الكيميائية، أو ما إلى هنالك؟
- مشكلة العمل والسكن: فالطالب الجامعي مثلاً، ما إن يتخرج ويريد العمل، حتى يجد أمامه المشاكل الكثيرة، فإما أنه لا يجد عملاً يناسبه، أو يواجه مشكلة تأمين البيت ·· ونحو ذلك!
وهذا أمر عجيب حقاً، فنحن العرب والمسلمين، بلادنا واسعة، ذات مناخ متنوع ورائع، وفيها الزراعة·· والتجارة·· والصناعة، وفيها الثروات النفطية والغاز والمعادن، وفيها توفر الأيدي العاملة، وفي بلادنا تراكم حضاري كبير، يعود إلى التاريخ السحيق، وبلادنا مهبط الأديان السماوية، ثم بعد ذلك نعاني من المآسي والمشاكل الشيء الكثير!
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها
ولكن أخلاق الرجال تضيق

لقد فاض المال في عهد عمر بن عبدالعزيز رحمه الله، وراحوا ينادون أين الفقراء؟ أين العزاب؟ أين الغارمون؟ أين من يريد بناء بيت؟··؟!
إذن: هذه المشاكل الاجتماعية لا حل لها إلا بالعودة إلى كتاب الله وسنة نبيه [، ذلك لأن الرعيل الأول قد جربوا ذلك المنهج الرباني فحلت مشاكلهم الدنيوية كلها، وسيعيشون السعادة الأبدية يوم القيامة، أما نحن قد رحنا نجرب إيديولوجيات وضعية·· فكانت النتيجة فشلاً يتلوه فشل، وعقداً يتلوها عقد، لكن من المسؤول عن وضع الحلول المناسبة؟!
لا نستطيع تحميل طرف دون طرف، إنما الجميع يشتركون في تلك الأمور:
أ- فالدولة مثلاً تستطيع أن تضع برامج هادفة لتوعية الشعب حول التشجيع على فتح أبواب الزواج، والإعلام له دور كبير في غرس الفضائل والقيم، والمؤسسات المختصة بالبناء تستطيع أن توفر لكل مواطن بيتاً بالتقسيط، وهكذا·
ب- والأغنياء لو ساهموا بقليل مما يملكون في سبيل حل مشكلات الشباب، كالبيت والمهر والعمل لكانت المسألة سهلة، لكن المشكلة الرئيسة في كثير من الأغنياء أنهم لا يدفعون المال إلا في المواضع التي يمدحهم الناس فيها! مثال ذلك: منذ سنوات خلت وفي حي من أحياء دمشق، تداعى أهل الحي لإقامة مئذنة فخمة لمسجدهم، وذلك الى جوار مئذنة مشادة أخرى، لماذا؟ لأن أهل المسجد القريب أشادوا مئذنة أعلى واضخم من مئذنة مسجدهم، وبلغت تكلفة المئذنة الثانية (5) مليون ليرة سورية!
يا ترى، لو أقمنا مجمعا سكنياً، يضم عدداً من الشقق السكنية للشباب القادم على الزواج، أليس ذلك المشروع أفضل عند الله من إقامة مئذنة ثانية للمسجد!!
ج- أولياء الأمور، حيث يستطيعون تربية أولادهم - ذكوراً وإناثاً - على المنهج الرباني، وعلى عدم تقليد الآخرين، تقليداً أعمى لا يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا وديننا، مصداق ذلك قوله تعالى: {يأيها الذين أمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}(سورة التحريم -6)·
د- الأصدقاء، وذلك من خلال مالهم من تأثير كبير على صديقهم، بحيث كما قالوا قديماً: الصاحب ساحب، فإذا كان الصديق سيء الخلق، تراه يغري صاحبه بالنظر الى ما حرّم الله، ويهيء له الجو المناسب لرؤية ما يرضي الشيطان ويغضب الرحمن، والعكس صحيح، قال تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}(سورة الزخرف -67)
هـ- المسجد: تلكم البقعة التي ترتاح فيها النفوس، وتجعل المؤمن يحلق بجناحيه إلى الله تعالى، ذلك لأن كل ما في المسجد يردد قوله تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً}(سورة الجن -18)
ولذلك يجب أن يستغل المسجد لطرح المشاكل·· ووضع الحلول المناسبة لها، ليكون مسجد اليوم كما كان عليه المسجد زمن الرعيل الأول، وخاصة من خلال التوعية الهادفة، والتربية الصحيحة، أما أن يكون رواد المسجد في واد، وما يطرح في المسجد في واد آخر، فتلك أم المشاكل·
و- الأسرة: وذلك من خلال الدور التربوي الكبير الذي تقوم به الأسرة، ابتداءً من المراحل الأولى للطفل، ومروراً بمرحلة الشباب، خاصة إذا كان التركيز على التربية الدينية والجسمية والعقلية والنفسية، وما إلى هنالك·
ز- الأجهزة التربوية والتعليمية، من مدرسين وموجهين وحملة أقلام، مع المدارس والمعاهد والجامعات، ليسهم الجميع وتتكاتف الجهود في سبيل إصلاح الشباب، وحل مشكلاتهم·
ح- الشباب، وذلك عندما ينزلون من أبراجهم العاجية، ومن خيالاتهم وأحلامهم النرجسية، ليعيشوا على أرض الواقع، فيكون الشاب واقعياً، وتكون الفتاة واقعية، ويتمثل كل واحد منهم نماذج من شباب الرعيل الأول، عندئذ تحل المشاكل والأزمات·
إذن: لابد أن تتضافر الجهود جميعها، وعلى جميع المستويات، ولابد من طرح القضية على بساط الواقع، ليصل الكل الى ما فيه حلحلة المشاكل كلها، مع الاعتماد الأول والأخير، والتوكل الأكيد على الله سبحانه: {وما ذلك على الله بعزيز}(سورة ابراهيم -20)·
شبهات تثار أمام الشباب:
بين الحين والحين يثير بعضهم زوبعات ضد الحل الإسلامي، ويركزون على أمور تخص الشباب، والهدف من ذلك كله إحداث قلاقل وبلبلات، ونزع الثقة من النظام الإسلامي، فهل أفلحوا في ذلك كله؟ مثال ذلك:
أ- أيها الشباب: إن أجدادكم حاربوا من أجل الغنائم والمكاسب: وهذه مسألة قديمة جديدة، أثارها (توماس أرنولد، ودوايت دونلدش) وغيرهما، والرد على ذلك أن المشركين قد عرضوا على الرسول [ الأمور الطائلة كي ينثني عن دعوته، فكان رده: >والله ياعم، لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته، حتى يظهره الله أو أهلك دونه<·
وعندما احتك الفرس والرومان بالجنود المسلمين الفاتحين، أيقنوا أن أولئكم القوم لم يخرجوا من بلادهم من أجل المغانم والمطامع، إنما كما قال أحد رسل المقوقس عندما رأى عمرو بن العاص وجيشه: رأينا قوماً الموت أحب اليهم من الحياة، والتواضع أحب اليهم من الرفعة، ليس لأحد منهم في الدنيا رغبة ولا نهمة، جلوسهم على التراب، وأميرهم كأحدٍ منهم، ما يعرف من صغيرهم، ولا السيد فيهم من العبد!
وهكذا كان الواحد منهم ينطلق نحو العدو، وهو يبتغي الشهادة، ولا يخطر بباله أي شيء من حطام الدنيا، مثال ذلك في (نهاوند) رفع قائد الجيش المسلم يديه - وهو النعمان بن مقرن ] وقال: اللهم اعزز دينك، وانصر عبادك، واجعل النعمان أول شهيد اليوم، اللهم إني أسألك أن تقر عيني اليوم بفتح يكون فيه عز الإسلام·
وذلكم خالد بن الوليد ]، قاتل وقاتل، وفتح الله على يديه بلاداً كثيرة، وغنم المسلمون من ذلك الشيء الكثير، تقول سيرته: عندما تمدد على فراش الموت، أوصى بكل ما يملك لابن خالته عمر ]، وعندما نقلت الثروة من حمص إلى المدينة المنورة، كانت فرساً وخادماً وسيفاً!!
ب- أيها الشباب، إن دينكم جاء لعصر الجمل وهو غير صالح اليوم! لكن من خصائص الشريعة المرونة والثبات، اي الثبات في العقيدة والفرائض والشرائع القطعية، مرن في الجزئيات، ولذلك كانت الرخص الشرعية ونحو ذلك·
كتب الفقه مصطلح (العفو) أو (منطقة الفراغ التشريعي)، وتعني: ان الشريعة وضعت قواعد التحريم، وقواعد الحلال، وسكتت عن بعض الأمور حتى يأتي زمانها فيستنبط الفقهاء الحكم عن طريق القياس والاستحسان والعرف، مصداق ذلك قول الرسول [: >إن الله حد حدوداً فلا تعتدوها، وفرض فرائض فلا تضيعوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها<·
ج- أيها الشباب، إن إسلامكم لم ينشر إلا بالسيف! رحم الله من قال (رمتني بدائها وانسلت)، وما محاكم التفشتيش عنا ببعيد! وما فعله الصليبيون في بلادنا عنا ببعيد! ذلكم المؤرخ النصراني (ميشو) يقول: لقد تعصب الصليبيون في القدس أشد أنواع التعصب، والذي لم يسبق له نظير، حتى شكا من ذلك المنصفون من مؤرخيهم، فكانوا يكرهون المسلمين على إلقاء أنفسهم من أعالي البروج والبيوت، ويجعلونهم طعاماً للنيران، ويخرجونهم من الأقبية وأعماق الأرض ويجروّنهم في الساحات، وي***ونهم فوق جثث الآداميين، ودام ال*** في المسلمين أسبوعاً، حتى ***وا منهم- على ما اتفق على روايته مؤرخو الشرق والغرب- (70000) سبعين ألفاً نسمة، ولم ينج اليهود كالعرب من ال***، فوضع الصليبون النار في الم*** الذي لجأوا إليه، وأهلكوهم كلهم بالنار!!
أما الأجداد فكان حالهم كما قال (جوستاف لوبون): إن الإسلام انتشر بالدعوة لا بالسيف، وبالدعوة وحدها اعتنق الأمم التي قهرت العرب، كالترك والمغول، الإسلام، وبالدعوة انتشر الإسلام في الصين التي لم يفتح العرب أي جزء منها··
وقال سبحانه: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا أنفصام لها والله سميع عليم}(سورة البقرة، 256)
ورضي الله عن أبي بكر عندما أوصى جيش أسامة بن زيد قائلاً: لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدورا ولا تمثلوا، ولا ت***وا طفلاً صغيراً ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا ت***وا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له!!
د- أيها الشباب، دينكم يدعو إلى مسالمة الأعداء!! فقيل لهم: ومن أين لكم ذلك؟
أجابوا: في العهد النبوي وقع الرسول [ مع المشركين (صلح الحديبية) بعيداً عن القتال·
لو استنطقنا التاريخ لسمعناه يقول: لم ولن يحرر الأرض، ولن يحمي العرض، ولن يعيد المقدّسات إلى أهلها جماعة الفن، ولا الخونة والمرتشون، ولا جماعة الإيديولوجيات الوضعية، إنما الذي فعل ذلك هم جماعة الأيدي المتوضئة والجباه التي لا تسجد إلا لله، وجماعة صيحات: >الله أكبر حيّ على الجهاد، يا رياح الجنة هبّي غداً نلقى الأحبّة محمداً وصحبه···
حتى الاستعمار الحديث (الفرنسي والبريطاني والإيطالي و···) لم يطرده من بلادنا في القرن العشرين إلا رجال تخرّجوا من الكتاتيب والمساجد، أمثال الشيخ بدر الدين الحسني، ومحمد الكيلاني، وسليمان الفيومي، وأحمد عرابي، وحسن الطويل، وسليمان الحلبي، وعمر المختار، وابن باديس، وعبدالقادر الجزائري، ومحمد الديراني، و··· رحمهم الله جمعياً·
وها هم الآن شباب حماس والجهاد الإسلامي هبّوا لتحرير فلسطين، لايبتغون مالاً ولا منصباً ولا جاهاً، إنما يطلبون النصر أو الشهاد في سبيل الله، لقد دفعوا ثمن الجنة، مصداق ذلك قوله تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقالون في سبيل الله في***ون وي***ون وعدا عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم}(سورة التوبة، 111)·
أجل >لقد حاول البعض ذر التراب تجاه السماء، لكن هل إذا جمع كل كناسي العالم في مكان ما، وقاموا بجمع التراب الكثير، ثم ذروه على السماء، فهل يؤثر ذلك عليها؟<
أبداً، إنما سيسقط التراب على رؤوسهم، وتبقى السماء هي السماء، وهكذا حال الإسلام في كل وقت وحين، ولاسيما أن الله قد تكفل بحفظه ورعايته من كل سوء، مصداق ذلك قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإن له لحافظون}(سورة الحجر، 9)·
تم بحمد الله
________________________________
الوعى الاسلامى العدد 532

مستر محمد سلام 18-02-2013 08:32 PM

شكرا جزيلا لك استاذنا الفاضل

simsim elmasry 19-02-2013 09:40 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مستر محمد سلام (المشاركة 5142423)
شكرا جزيلا لك استاذنا الفاضل


http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...175723_162.gif

basel1990 19-02-2013 11:53 AM

جزاكم الله خيرااااا

محمد محمود بدر 19-02-2013 12:20 PM



جزاكم الله خيرا


hishmet 25-02-2013 12:03 PM

http://up.3dlat.com/uploads/13316280237.gif


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 01:12 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.