علوة حامد |
28-02-2013 10:47 PM |
النخبة.. أهل الصعيد
أمس كنت أركب ميكروباص عائدا من عملي للمنزل من دار السلام إلى البساتين، وكان يركب بجواري رجلان شقيقان من الصعيد الطاهر، من أسيوط، وبعد قليل صعدت أسرة صعيدية أم وابنتها وزوجها، كانوا من معارف الرجلين الأولين ومن اهل بلدهم..
دار حوار بينهم عن الأهل والأقارب وخلافه، فكانوا يحكون عن أزمة تعيشها قريتهم، حيث اختلف رجلان على قطعة أرض، فتحزبت القرية حزبان وصار لغة الكلام هي لغة السلاح، فقال أحد الرجلين: (والله يا حاجة، اللي بيحصل هناك ده أوسخ من الإرهاب)، فأنا شدتني الكلمة، فسألته ليه يا حاج، قالي: ( يا باشا أصلا إرهاب ده فكر، ممكن يتحل بالفكر وبالعقل، بس اللي بيحصل عندينا ده عند، والعند بيلغي العقل، وبيورث الكفر)، فسعدت بعقله جدا، وقبل أن أكمل نقاشي معه انبرى أحد الراكبين من أهل القاهرة الكرام وقال: (ما هو مرسي هو السبب) بدون أي لازمة في الحوار :
وكأن قيامة الرجل الصعيدي قامت، رد عليه: ( أقولك يا باشا ، والله ما مأخر البلد دي إلا أهل القاهرة، ناس كده ما بيعجبهمش العجب ولا الصيام في رجب، شحاتين زي بقية المصريين بس متقنزحين عشان هم من مصر، ماله مرسي يا بيه، والله احنا في أراضينا ما شفنا البركة ولا الخير إلا من ساعة ما جه الراجل ده، وحوادث التار اللي بنحكي عليها دي من ساعة ما جه الراجل ده، أقولك ليه، عشان هو راجل رباني، شوفته امبارح لما قال انه لما بيختلي بربه بيقعد يبكي، شفته لما طلب مننا نسامحه واحنا أصلا البلا اللي هو شايله، ارحموا البلد دي شوية)،
هذا النص لم أزد عليه حرفا، المهم أن الرجل الأول جلس يرغي ويزبد عن الاقتصاد ولقمة العيش الصعبة وخلافه، سكت الرجل الصعيدي شوية يسمعه، ثم رد قائلا: ( يا باشا هي هي اللقمة الصعبة من ايام مبارك، هو هو الاقتصاد التعبان من أيام مبارك، هي هي البلطجة من أيام مبارك)، قاطعه الرجل القاهري: ( يبقى اهو مفيش فرق بين الاتنين.. انت نفسك بتقول كده)،
الصعيدي قال: (لع، فيه فرقين: أيام مبارك مكانش فيه أمل، كنا بنصحى وننام واحنا عارفين انه السنة الجاية زي السنة الراحة، دلوقت أه لدنيا صعبة، بس عندنا أمل، والبني دم من غير أمل مالوش عازى، الفرق التاني الحرية يا بيه، لقمة العيش بالذل تكسر النفس وتقصر العمر وتسود الوش، لقمة العيش الحرة تقوي الظهر، وتشرح القلب وتجيب البركة)
فجلسنا جميعا وكأن على رؤوسنا الطير، ثم سلمت عليهوسألته عن تعليمه فقال لي انا معايا دبلوم صنايع، قلتله شغال ايه ، قالي عنده ورشة تصليح أجهزة كهربائية، فحييته وقلتله ربنا يبارك في الصعيد وأهل الصعيد ورجال الصعيد، أنتم الخير الباقي في هذه الأرض..
|