![]() |
صرخةُ طفْلَةٍ سوريَّة في مخيَّم الزَّعْتَري ... عبد الرحمن بن صالح العشماوي
شكراً لكم أنا لا أطِيقُ كَلامَا *** فالزَّعْتريُّ يُؤجِّجُ الآلاما والزَّعْتَريُّ حكايةٌ معجونةٌ *** بدِمَائنَا تُغري بِنا الأسْقَاما أنا طِفلَةٌ مذعُورَة مجرُوحَةٌ *** مازلتُ أمْلِكُ هيْكَلاً وعِظامَا مازلتُ أملكُ مقْلتَينِ وخَافِقاً *** في الصَّدرِ أمْسَى بالهُمومِ حُطاما أنا طِفلةٌ من سوريَا من حِمْصِها *** خلَّفتُ بيتَ الوالِدينِ رُكامَا خلَّفتُ غُرفَتِي الَّتي أحبَبْتُها *** ورسمْتُ في جُدْرانِها الأحْلامَا خلَّفتُ فيْهَا لُعْبَتي وحقِيبَتي *** ودَفَاتري والحبرَ والأقلامَا وتَرَكتُ فيها المِرسَم الموضُوعَ في *** كرَّاسَتي وخَيَالِيَ الرَّسَاما أنا طِفلةٌ في الزَّعْتريِّ إِقامتِي *** واحَسْرَتاهُ فقَدْ شقيتُ مقاما أصبحتُ لاجئَةً هنا ويَتِيمَةً *** حوْلي الألوفُ منَ البنَاتِ يتَامَى صِرْنا هُنا نستَثْقِلُ اليومَ الَّذي *** يأتي ونرقبُ بعدَهُ الأَيَّاما ثقُلتْ عَلَينا رحلَةُ الزَّمن الذي *** يحْبو فأصْبَحَ يومنا أَعْوامَا أنا طفلةٌ من سُوريَا فارقتُهَا *** وقنابِلُ البَاغِي تشُبُّ ضِرَامَا فارَقْتُها مع أُسْرَةٍ من حَيِّنا *** في ليلَةٍ تُهدِي الظَّلامَ ظَلامَا لا تَسْألونِي عن حِكَايَةِ رِحْلَتي *** فالرُّعبُ كان يضَخِّمُ الأَوْهَاما كنَّا نرَى الدُّنيَا ظَلاماً دَامِساً *** ونَرَى النّجومَ الغَائراتِ سِهَامَا كنَّا أُلُوفاً في الطَّريقِ يسُوقُنا *** حزْنٌ تَدَاعَى نحْوَنا وتَرَامَى كانتْ مسِيرتُنا مسِيرَةَ حسْرَةٍ *** تُلْقي إلى الألَمِ الدَّفينِ زِمَاما نَمْشي وآثَارُ الدَّمارِ ورَاءَنا *** دفنتْ هنَالِكَ أهْلنَا الأَعْلامَا دفنَتْ هُنَاكَ رِجَالَنا *** وأحبةً في الرَّاحِلينَ كِرامَا أنا طِفْلةٌ مطرُودَةٌ من شَامِكم *** شامُ العُلا هل تذكرونَ الشَّامَا لم يبقَ لي منْ أسْرَتِي إلاَّ أَخٌ *** فقَدَ اليَدَينِ وَمَا يزالُ هُمَامَا أمَّا أَبي وحبيبتي أمِّي فقَدْ *** لقِيَا مع القَصْفِ الرَّهيبِ حِمَامَا وقعَ الرُّكامُ عليْهِمَا فتَشَهَّدا *** وعلى الشَّهَادَةِ في الرُّكامِ أقَامَا أنا طفلةٌ في الزَّعْتَريِّ إِقامَتي *** أعلنتُ فيِهِ لخَالِقي اسْتِسْلامَا أسمعتُكُمْ صوتِي لأبَرِّئَ ذِمَّتي *** فلعلَّكم لا تخْفِرُونَ ذِمَامَا ولعلَّكمْ تسْتَدْرِكونَ فإِنَّني *** لأَرَى التَّخاذُلَ زادَكم إِرْغَاما إجْرامُ طَاغِيةُ الشَّآمِ حقِيقَةٌ *** كبْرَى فمَنْ ذا يرْدَعُ الإِجْرَامَا؟ |
شكراً شعر بصراحة روعة
|
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:36 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.