بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   حي على الفلاح (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=25)
-   -   أين نحن من أطفال السلف؟! (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=556306)

abomokhtar 27-10-2013 06:43 AM

أين نحن من أطفال السلف؟!
 
أين نحن من أطفال السلف؟! (1)


عن أيوب، عن أبي قِلابة، عن عمرو بن سلمة - رحمه الله - قال: "قال لي أبو قِلابة: ألا تلقاه فتسأله؟ قال: فلقيتُه فسألته فقال: كنا بماءٍ ممرَّ الناس، وكان يمرُّ بنا الركبان فنسألهم: ما للناس، ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعُم أن اللهَ أرسله، أوحى إليه، أو: أوحى الله بكذا، فكنت أحفظُ ذلك الكلام، وكأنما يقر في صدري، وكانت العرب تلوَّم بإسلامهم الفتح، فيقولون: اتركوه وقومَه، فإنَّه إن ظهَر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت وقعة أهل الفتح، بادر كل قوم بإسلامِهم، وبدر أبي قومي بإسلامِهم، فلما قدِم قال: جئتُكم والله من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - حقًّا، فقال: ((صلُّوا صلاة كذا في حين كذا، وصلوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاةُ فليؤذِّن أحدُكم، وليؤمَّكم أكثركم قرآنًا))، فنظروا فلم يكن أحدٌ أكثرَ قرآنًا مني؛ لما كنت أتلقى من الركبان، فقدَّموني بين أيديهم، وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت عليَّ بردة، كنت إذا سجدتُ تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطون عنا اسْتَ قارئكم؟ فاشتَروا فقطعوا لي قميصًا، فما فرِحْتُ بشيء فرَحي بذلك القميص؛ (رواه البخاري رقم: 4051).

وقدم إياسُ بن معاوية - رحمه الله - الشام وهو غلام، فقدَّم خصمًا له إلى قاضٍ لعبدالملك بن مروان، وكان خصمه شيخًا كبيرًا، فقال له القاضي: أتقدِّم شيخًا كبيرًا؟ فقال له إياس: الحقُّ أكبر منه، قال: اسكُت، قال: فمَن ينطق بحجَّتي؟ قال: ما أظنُّك تقول حقًّا حتى تقوم، قال: أشهَد أن لا إله إلا الله، فقام القاضي فدخل على عبدالملك فأخبَره بالخبر، فقال: اقضِ حاجتَه وأخرِجْه من الشام لا يفسد عليَّ الناس؛ (عيون الأخبار 1 /112).

إنها نماذج مضيئة من تاريخنا المنسي، أهدت لأمتنا أروعَ الرجال، فما لنا نقصر في التعريف بهم لأبنائنا، بدلاً من تركهم فريسةً لقدوة مزعومة باطلة فجة، يهرولون إليها في شخصياتٍ تغمر الفضاء غمرًا، بما لا يتناسب وقِيَمنا ومبادئنا، فيتخيلون القدوة في راكلٍ للكرة، أو ممثِّل، أو غيرهم ممن تعِجُّ بهم سماء الإعلام المتناهية الفوضى!

لا بد لنا من آلةٍ إسلاميةٍ إعلاميةٍ قوية (ترسم القدوة) بألوان الحقِّ والخير والجمال، التي يمتلئ بها تاريخُ السلف الصالح.

ينبغي أن نضع أبناءَنا على طريق (القدوة الحسنة) التي يفوح شذاها كلما عانقت أعيننا قصص (أطفال السلف) وسيرتهم، فهل نحنُ فاعلون؟!



abomokhtar 27-10-2013 06:44 AM

أين نحن من أطفال السلف؟! (2)


الحمد لله رب العالمين، والصلاةُ والسلام على خير البشر أجمعين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

وبعد:
فمع توالي مظاهر التقصير من كثيرٍ من الكبار، ووصولاً إلى أسباب التقصير، لا بد لنا من البحث عن أوجه القصور التي انتابت الشخصية المسلمة؛ فلا هي علِمَت ما كان من السَّلف، فانتهجوا نهجَهم، ولا هي نَأَتْ عن التشبُّهِ بالغير، فحافظت على هويَّتِها الجميلة شكلاً وموضوعًا، واللافت للنظر هو ذاك (التهافت الفج) نحو أساليبَ تربوية غربيَّة، وكأننا (معدومو الهويَّةِ أو عديمو الحضارة)، مع أن نظرة بسيطة جدًّا للخلف، تكفي لأن نفخَرَ بدِيننا وقِيَمِنا وثوابتِنا التي التزم بها السَّلفُ، فأهدَوْا للبشرية أروعَ القِيَم.

إن تنشئة الجيل الواعد لإعزاز الدين هي أمل المصلحين، ولننظر كيف تربى أطفال السَّلف؟
لقد ربَّاهم الكتاب، وأضاءت دروبَ حياتهم السنَّةُ الطاهرة، فقد تربَّوا على العبادة بمختلف صُوَرِها, فعرَفوا الله فوحَّدوه، وما تركوا طريقًا للعلم النافع إلا سلَكوه؛ إعزازًا لدِينهم السامي، ورسمًا لشخصيَّةِ المسلم في أبهى صورة، على مبادئِ الحب والخير والجمال، وإثراءً للفكر البشري بأنبلِ القِيَم، فقد وعَوُا المسؤولية، فأدَّوُا الأمانة وأعلَوْا راية الدِّين.

لقد تعلَّموا قولَ: لا إلهَ إلا اللهُ، وفهِموه، ووعَوْه؛ قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "حافظوا على أبنائِكم في الصلاة، ثم تعوَّدوا الخير؛ فإن الخيرَ بالعادة"، وكان عروةُ يأمُر بنيه بالصيام إذا أطاقوه، والصلاة إذا عقَلوا، وكان السلفُ يشجِّعون أطفالهم بمكافأتهم إن أحسَنوا والتزموا، فغرَسوا فيهم مبدأ (الالتزام يؤدي إلى النجاح)، وروى البخاريُّ ومسلم عن الرُّبيِّع بنت مُعوِّذ قالت: "فكنا نصُومُه ونصوِّم صبيانَنا، ونجعل لهم اللُّعبةَ مِن العِهن، فإذا بكى أحدُهم على الطعام، أعطَيْناه ذلك حتى يكونَ عند الإفطار".

إن إيماننا بـ: (جودة الحياة) في ظل (النظام الإسلامي فكرًا وسلوكًا) ينبغي أن يكونَ دافعًا لنا للحرصِ على التشبُّهِ بأسلافنا، والوقوف على (كيف ربَّوْا أطفالهم)، فهؤلاء هم مَن سادوا العالمَ ونشروا الفِكر الإسلامي الهادف، وسط أصعب الظروف، فما بالُنا بنا نحن وقد تيسَّر لنا ما لم يتيسَّرْ لهم، ومع ذلك نجحوا وأخفقنا؟!

إنها (التُّربة الإيمانية الصالحة) التي غرَسوا فيها (شذاهم)، فعطَّروا الكون، كل الكون, فماذا نحنُ فاعلون؟!





abomokhtar 27-10-2013 06:46 AM

أين نحن من أطفال السلف؟! (3)


الحمد لله رب العالمين، والصلاةُ والسلام على خير الأنام سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد:
فقد ذكَر ابن الجوزي عن نفسه أنه كان يتأثَّر ببكاء بعضِ شيوخه أكثرَ من تأثُّره بعلمهم، وقال عتبةُ بن أبي سفيان لمؤدِّب ولده: "ليكن أولَ إصلاحك لولدي إصلاحُك لنفسك؛ فإنَّ عيونهم معقودةٌ بك، فالحسَنُ عندهم ما صنعتَ، والقبيح عندهم ما تركتَ"، ولا يفوتنا في هذا الصدد أن نذكرَ كيف أهمل الكثيرون مبدأ (القدوة الحسنة) وأثرَها في تربية النشء، وتشكيل شخصياتهم، بعدما تفشَّت ظاهرة (الخَدَم)، وانتشرت بين المسلمين، وبالأخص الخدم غير المسلمين، فأُوكِل الأمرُ إلى غير أهله، فضُيِّعت أماناتٌ عظامٌ وسط الغفلة، فأنَبْنا (الذئاب) في رعاية (الحملان)، وغيرُ خافٍ على الجميع القصص المُروعة التي ضُيِّع فيها الشباب نتيجة التساهل، وعدم الالتفات لخطورة ترك أبنائنا لمن لا يملِكون قِيَمنا لتربيتهم، والنظرة الضيقة للأمر رغم خطورته، وكأنَّ الوجاهةَ الاجتماعية لا تكتمل إلا باستيراد (خدم) - دون الاكتراث بخطورة تأثيرهم في تكوين شخصية أطفالنا وشبابنا - يتولَّون إدارة منازل المسلمين، فأداروها طبقًا لثقافتهم ومِلَّتهم، وسط (تغييب كامل) لمفهوم (القدوة الحسنة) كما علَّمنا إياه دِينُنا، وأرشدنا إليه نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم.

إن من تمام الأمانة التي كلَّف الله بها المسلمين تجاه أطفالهم تربيتَهم على المُثُل العليا والقِيَم، وجاء في الأثر: ((ما نحَل والدٌ ولدًا من نُحْلٍ أفضلَ مِن أدب حسنٍ)).

ولنرَ كيف كان السلف يشجِّعون أبناءهم بمكافأتهم لترغيبهم في العلم؛ فقد روى النضرُ بن شُميل قال: سمعتُ إبراهيم بن أدهم يقول: قال لي أبي: يا بنيَّ، اطلب الحديثَ، فكلما سمعتَ حديثًا وحفِظْتَه فلك درهم، فطلبتُ الحديث على هذا، وأرسل معاويةُ - رضي الله عنه - ابنه يزيدَ إلى عالم، فعلَّمه العربية وأنسابَ قريش، والنجوم، وأنساب الناس، ولما دفَع عبدالملك وُلْده إلى الشَّعبي يؤدِّبهم قال: "علِّمْهم الشِّعر يمجُدوا وينجُدوا، وحسِّن شعورهم تشتدَّ رقابُهم، وجالِسْ بهم عِلْية الرجال يناقضوهم الكلام"، والشاهد هنا هو ضرورة احترام عقول الصغار بالسماح لهم بطرح أفكارهم؛ مما يؤدي إلى تكوينِ شخصيةٍ قوية؛ فمن أكبرِ الأخطاء في التربية منعُ الصغار من حضور مجالس الكبار - من باب تأديبهم وتعليمهم وإكسابهم الخبرة - ولنرَ عمرو بن العاص -رضي الله عنه - عندما مرَّ على حلقة من قريش وقال: "ما لكم قد طرَحْتم هذه الأُغيلمة؟ لا تفعلوا، أوسِعوا لهم في المجلس، وأسمِعوهم الحديثَ، وأفهِموهم إياه؛ فإنهم صغارُ قومٍ أوشَك أن يكونوا كبارَ قوم، وقد كنتم صغارَ قوم فأنتم اليوم كبارُ قوم".

كم هو رائعٌ تاريخُ أسلافنا، يهدينا أروع سُبُل تربية (شخصية سوية قوية)، تُعِزُّ الدِّينَ في وقتٍ نحن أحوجُ ما نكونُ فيه للاقتداءِ بهم، فماذا نحنُ فاعلون؟!





abomokhtar 27-10-2013 06:47 AM

أين نحن من أطفال السلف؟! (4)


الحمدُ لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

وبعد:
فلنتأمَّلْ في هذه القصة التي رواها أحمد:
روى أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- خرَج إلى طعام كان قد دُعي إليه مع بعض أصحابه، فاستقبَل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمام القوم، وحسينٌ مع غلمان يلعب، فأراد رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أن يأخُذَه، فطفِق الصبيُّ ها هنا مرة، وها هنا مرة، فجعل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُضاحِكُه حتى أخذه، فهذه وسيلةٌ تربوية سهلة، توصل إلى المقصود؛ حيث يظن البعضُ أن الضربَ وسيلةُ تقويم للصغار؛ فقد أثبتت دراساتٌ حديثة أن هناك وسائلَ أخرى غير الضرب أفضل وأنفع، فلماذا نهرول نحو مكتبات الغرب (بدون تفكير)، ولا نُعطي لأنفسنا الفرصة أن نغُوص داخل تراثنا الثقافي الذي سبَق ما توصل إليه علماءُ التربية المعاصرون.

قال أنسُ بن مالك - رضي الله عنه -: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- من أحسنِ الناسِ خُلُقًا، فأرسَلني يومًا لحاجة، فقلت: واللهِ لا أذهب، وفي نفسي أن أذهَب لما أمرني نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فخرجتُ حتى أمُرَّ على الصبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قابضٌ بقفاي من ورائي، فنظرتُ إليه وهو يضحك، فقال: ((يا أُنَيس، اذهَبْ حيث أمرتُك))، قلت: نعم، أنا أذهبُ يا رسول الله.

وعن عقبةَ بن الحارث قال: رأيتُ أبا بكر - رضي الله عنه - يحمل الحسنَ بن عليٍّ ويقولُ:
بأبي شبيهٌ بالنبي http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ليس شبيهًا بعلي http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وعليٌّ معه يتبسمُ، قال الحافظُ في الفتح: وكان عُمُرُ الحسنِ إذ ذاك سبعَ سنين.

وعندما تزوَّج النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عائشة - رضي الله عنها - كانت صغيرةً؛ ولذلك كان -صلى الله عليه وسلم- يعطيها حقَّها من اللهوِ؛ فقد أذِن لها برؤية الحبشةِ وهم يلعَبون بالحِرابِ في المسجد، وسابَقها مرة فسبقَتْه، ثم سابَقها بعد أن حمَلتِ اللحمَ فسبَقها، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((هذه بتلك)).

إن جودة الشخصية المسلمة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالالتزام بما كان يفعَلُه أسلافُنا في ظلِّ التزامهم بما جاء به الكتاب والسنَّة، وبراعتهم في (صياغة الهوية الإسلامية) الراقية فكرًا وسلوكًا، والهادفة إلى خلق (جيلٍ قوي) يذبُّ عن دِينه وسَط (صراعاتٍ فكرية) تُحاكُ من خلالها (مخططات التَّغييب)، لطمس الهوية، بصورٍ شتى، ولو من خلال (أساليب تربوية)، ظاهرُها (الرحمة)، وباطنُها (زعزعة الثقة) في أننا نملِكُ الأفضلَ والأرقى منذ بُعِث رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم.

بحارُنا مليئةٌ بالدُّرَر، فماذا نحنُ فاعلون؟!





abomokhtar 27-10-2013 06:48 AM

أين نحن من أطفال السلف؟! (5)


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين، الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد:

فكيف سأنتصر لديني؟!
سؤال كان محورَ تفكير (زيد بن ثابت الأنصاري)، وهو يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - خارجًا لقتال المشركين يوم بدر، وعزَّ عليه ألا يشارك!

كان زيد طفلاً عندما هاجر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة (أمُّه النوار بنت مالك، وزوج أمه عمارة بن حزم أسلم في بيعة العقبة الثانية)، وكانت طفولته مبدعة، حيث لم يكن طفلاً عاديًّا، بل كان - رغم صغر سنه - ذا غيرةٍ على دينه، وهو يرى أذى الكفار، ورغبتهم في إطفاء نور الدين، بيد أنَّ زيدًا لا يستطيع أن يحارب؛ إذ كيف يُمسِك بسيفٍ أطول منه؟!

فكَّر زيد في طريقة أخرى يجاهد بها، وينصر بها دينه، فحفظ القرآن كله، ولم يكتفِ بذلك بل تذكَّر أيضًا رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - وهو يقول له: ((يا زيدُ، تعلَّمْ لي كتاب يهود؛ فإني والله ما آمنُهم على كتابي))، فتعلَّمها في نصف شهر!

ثم احتاجه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في تعلُّم السريانية والفارسية لمراسلة الملوك، فتعلَّمهما في فترة وجيزة تقارب الأسبوعين!

وتعلَّم زيد علم الفرائض - وعلمُ الفرائض يشبه الحساب اليوم، واحتاجه المسلمون؛ ليقسِّموا أموال الميراث بالعدل الذي أمر به الله تعالى؛ لأنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - يقول: ((تعلَّموا الفرائض وعلِّموها؛ فإني امرؤ مقبوض، وإنَّ العلم سيُقبض، حتى يختلف الاثنان في الفريضة، فلا يجدا أحدًا يفصل بينهما)).

إنها طفولة مبدعة، أنتجت شبابًا وقَّادًا، غيورًا على دينه، باحثًا عن عزته بالطريقة التي يستطيعها، فلا يُسلمه عجزُه في أمرٍ ما إلى تبرير عدم مشاركته، ولننظر إلى طريقة تفكير زيد عندما رأى أنَّ السيف أطول منه، هل استسلم؟! أم بحث عن طريقةٍ أخرى يخدم بها دينه وينصر بها نبيَّه - صلى الله عليه وسلَّم؟!

إنَّ طفولة زيدٍ صنعت منه الشخصية القوية، فاستحق احترامَ كبار الصحابة، ولننظر ماذا فعل عبدالله بن عباس (ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم) عندما يرى زيدًا - رضي الله عنهما - وقد همَّ بركوب دابته: يقف بين يديه، ويمسك له بركابه، ويأخذ بزمام دابته، فيقول زيد: دعْ عنك يا بن عم رسول الله.

فيقول ابن عباس: هكذا أُمِرنا أن نفعل بعلمائنا.

فيقول زيد: أرني يدك.

فيُخرج له ابنُ عباس يده، فيميل عليها زيد ويقبِّلها، قائلاً: هكذا أُمِرنا أن نفعل بآل نبيِّنا!

إنها صفحات ناصعة البياض في سيرة أسلافنا، نحن أحوج ما نكون لقراءتها، وأخذ الحكمة منها، والاستفادة بمدلولاتها؛ لرفع راية ديننا ونصرة نبينا، كلٌّ بالطريقة التي يستطيعها.

فهل نحنُ فاعلون؟!





abomokhtar 27-10-2013 06:49 AM

أين نحنُ من أطفال السلف؟! (6)


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المُرسَلين، سيدنا محمدٍ الأمين، وعلى آله وصحبِه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد:
فقدروى البُخاري وغيره عن عبدِالله بن عُمر - رضي الله عنهما - وكان دون الحُلُم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنَّ من الشجر شجرةً لا يَسقُط ورقُها، وإنها مثل المُسلم، فحدِّثوني ما هي؟)) فوقع الناس في شجر الناس في شجرِ البَوادي، قال عبدُالله: ووقَع في نفسي أنها النخلة، فاستحيَيتُ، ثم قالوا: حدِّثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: ((هي النخلة))، وفي رواية: فأردتُ أن أقول: [هي النخلة] فإذا أنا أصغرُ القومِ، وفي رواية: ورأيتُ أبا بكر وعمر لا يتكلَّمان، فكرهتُ أن أتكلم، فلمَّا قُمنا حدَّثتُ أبي بما وقع في نفسي، فقال: "لأن تكون قلتَها أحب إلى من أن يكون لي حُمْرُ النَّعم".

لنتأمل جيدًا الحديث، ولننظر كيف فكر الطفل عبدالله؟! وكيف تفاعل مع سؤال النبي - صلى الله عليه وسلَّم؟! ولنُلاحظ الحرص على حضور مجالس الكبار والتعلُّم منهم واحترام وجودهم.

ما لنا إلا أن نخجَلَ نحن الكبارَ أمام ما كان يفعله أطفال السلف، وما لنا سوى الاعتراف بالتقصير، إن كنا نريد حقًّا عزةَ دينِنا.

لنرَ كيف تصرَّف عبدالله - الطفل - ولم تَستهوِه نشوةُ التميُّز عن الكبار، في وقتٍ يلهث فيه كبار زماننا نحو أي تميزٍ ولو شكليًّا.

لنر كيف كان عبدالله يَحضر مع الكبار، ويُحسن الفهمَ والاستِماع، وكيف كان أبوه يُعطيه فرصة مجالسة الكبار، وكيف كان يتصرَّف؟


إنَّ كثيرًا من آباء هذا الزمان، لا يُخرِج أطفاله من حيز "البلاي ستيشن"، ولم يَمنحهم فرصة مجالسة الكبار، على اعتبار أنهم لا زالوا أطفالاً.

لنتأمل جيدًا "السلوك الراقي" لعبدِالله في حضرة الكبار، ولنخجَل - نحن معشرَ الكبار - إن فكَّرنا في مقارنة ما كان بما هو كائن.

إن كُنا نحن قد فوَّتنا الفرصة، يجب أن نعضَّ عليها بالنواجذ تجاه أطفالنا، فالأمل في صحوتنا الإسلامية هو ذاك الطفل رجل المستقبل، فماذا نحنُ فاعلون؟!





abomokhtar 27-10-2013 06:50 AM

أين نحن من أطفال السلف؟! (7)


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين، سيدنا محمدٍ الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد؛ فهذا هو الفُضيل وقد رزقه الله بابن اسمه علي، تكلَّم عنه ابن تيمية في الفتاوى وترجَمَ له، يقولُ ابن تيمية: ثبَت أن بعضَ الناس مات من القرآن، سَمِعَ القرآن فمات؛ مثل: عليِّ بن الفُضَيلِ بن عياضٍ، كان فيه خشيةٌ اللهُ أعلَمُ بها حتى كان أبوه يُصلِّي بالناس فيَنظُر هل ابنه وراءه في الصف، فإذا كان وراءه يقرأ من الآيات التي فيها رجاءٌ وفيها قصص، وما يَقرأ من آيات الخوف، وفي يومٍ مِن الأيام قام الفُضَيلُ لصلاة الفجر وظنَّ أن ابنه ليس معهم، فقرأ من الصافات، حتى بلغ قوله - سُبحانه وتعالى -: ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ ۞ مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ ۞ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ ﴾ [الصافات: 24، 26] قال: فأُغميَ على ابنه وسقط فحملوه فإذا هو ميِّت، وقد أوردَها الذهبيُّ وابن تيمية وأسانيدها صحيحة، وهو ممَّن صُعق بالقرآن، فلمَّا أُخبِرَ الفُضَيل بموت ابنه بالقرآن ضحكَ، وقال: الحمد لله، وسُئل ابن تيمية: كيف يَضحك الفضيل والرسول -صلى الله عليه وسلم- بكى على موتِ إبراهيم وقال: ((إنَّ العينَ لتَدمع، وإنَّ القلب ليحزَن، ولا نقولُ إلا ما يُرضي ربنا، وإنَّا لفراقك يا إبراهيم لمَحزونون))؟! فقال ابن تيمية: الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- أكملُ حالاً؛ لأنه جمَع بين الرضا والرحمة في آنٍ واحد، والفُضيل ما استطاع أن يجمع بينهما فأخَذَ الرضا وما أتى بالرحمة، وصدَق ابن تيمية - رحمه الله - وهذا هو العِلم والذَّكاء المطلوب، فقال: حالُ الرسول أكمل.

لنتأمَّل جيدًا حال "ابن السلف" وهو يسمَع القرآن.

ولنتأمَّل جيدًا أيضًا حال كثير من "ابن الخلَف" وهو يَستمِع إلى الغناء.

لنتأمَّل تلك الحالة المتناهية من الاستغراق من "ابن السلف".

ولنتأمَّل تلك الحالة المتناهية من الاستخفاف من "ابن الخلف".

"فجوةٌ عميقة" يُدركها المرء في لحظة تأمُّل صادقة، تضعه على حقيقة تميُّز "أبناء السلف" الوجداني، ولماذا صنَعوا "الفارق

"خجلٌ لا يوصَف" يَعتري الأنفس عندما تجد "مُستمع اليوم" أصمَّ.

"أبناء السلف" وضعوا "آباء الخلفِ وأبناءهم" موضعَ اتِّهامٍ بالتقصير، ينبغي "مُداواة جراحه" بتزكية النفوس بالقيام بمسؤولياتِهم الشرعية، إعزازًا للدِّين وانتصارًا للقِيَم.

"حرجٌ كبير" نَستشعِرُه عندما نقارن أنفسنا بـ"صغار السابقين الصالِحينفماذا نحنُ فاعلون؟!



abomokhtar 27-10-2013 06:51 AM

أين نحن من أطفال السلف ؟! (8)


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومَن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

وبعد:
فقد دخل أحد الصحابة مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - في غير وقت الصلاة، فوجد غلامًا لم يبلُغِ العاشرة من عمره قائمًا يُصلِّى بخشوع، فانتظر حتى انتهى من صلاته، فجاء إليه وسلَّم عليه، وقال له: يا بني، ابنُ من أنت؟ فطأطأ الغلامُ رأسه، وانحدرت دمعةٌ على خدِّه، ثم رفَع رأسه وقال: يا عم، إني يتيمُ الأب والأم، فرقَّ له الصحابيُّ وقال له:
يا بني، أترضى أن تكونَ ابنًا لي؟

قال الغلام: هل إذا جُعْتُ تُطعمني؟
قال: نعم.

قال الغلام: هل إذا عرِيتُ تكسوني؟
قال: نعم.

قال الغلام: هل إذا مرِضْتُ تَشفيني؟
قال الصحابي : ليس إلى ذلك سبيلٌ يا بني!

قال الغلام: هل إذا متُّ تحييني؟
قال الصحابي: ليس إلى ذلك سبيل!

قال الغلامُ: فدَعْني يا عمِّ للذي خلَقني فهو يهدين، والذي هو يُطعِمني ويَسقين، وإذا مرِضْتُ فهو يَشفينِ، والذي يُميتني ثم يُحيين، والذي أطمَعُ أن يغفرَ لي خطيئتي يوم الدِّين.

فسكت الصحابيُّ ومضى لحاله وهو يقول: آمنت باللهِ، مَن توكل على الله كفاه.

إن تربية النشء على الاعتماد على الله، واستيعاب (مفهوم التوكل) بمفهومه الصحيح، تخلُق جيلًا واثقًا في قدراته (غير مُتَّكلٍ) على الآخرين.

لنتأمل حال هذا (الطفل) ونقارِنْه بحال (طفل اليوم)، بل ونقارنه بحال (رجال اليوم)، لندرك كيف كانوا؟! وماذا نحنُ فاعلون؟!



abomokhtar 27-10-2013 06:53 AM

أين نحن من أطفال السلف؟! (9)



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المُرسَلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

وبعد:
فقد قال ابن عباس: جمعتُ المُحكَم في عهد رسول الله، "المُحكَم" يعني المُفصَّل - أي مِنالحجرات إلى آخر القرآن.


وقال أيضًا: سلوني عن التفسير؛ فإني حفِظْتُ القرآن وأناصغير.


وعن ابن عباس قال: مَن قرأ القرآن قبل أن يحتلم فهو ممَّن أوتي الحكم صبيًّا؛ "الآداب الشرعية" لابن مفلح (1: 244).


وممَّا يُستطرَف في هذاالشأن حكاية الفرزدق؛ حيث دخل مع أبيه على علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وقال له:إنَّ ابني يُوشك أن يكون شاعرًا، فقال له: أقرِئْه القرآن فهو خيرٌ له، فقال: ما زالت كلمته في نفسي حتى قيَّد نفسه بقيد، وآلى ألا يفُكَّه حتى يحفظ القرآن، فما فكَّه حتى حفظه؛ "خزانه الأدب" (1: 222).


قال صالح ابن الإمام أحمد بن حنبل: كان أبي يَبعث خلفي إذا جاءه رجلٌ زاهد أو مُتقشِّف لأنظر إليه، يُحب أن أكونَ مثله؛ "سير أعلام النبلاء" للذهبي (12: 529).


هؤلاء هم أطفال السلف، لننظر إذًا ماذا كانوا يَحفظون؟!

هل حفظوا الأغاني؟! واستغنَوْا عن القرآن؟!

هل حفِظوا أسماء الممثلين ولاعبي الكرة؟! واستغنَوا عن أسماء الصحابة؟!

هل غرَّتهم المظاهر الخادعة؟! وأهملوا الجواهر الصادقة؟!

لقد كانت لهم (رُؤية) رغم حداثة سنِّهم، فأضافت لهم (جودة النظام التربوي الإسلامي) أعمارًا إلى أعمارهم، فسبَقوا بأفعالهم (رجالَ اليوم) منذ مئات السنين، فصاروا للهدى أعلامًا، وللدعوة حُرَّاسًا، فأعزَّ الله بهم دينَه رغم كل المعوقات، فأهدوا لنا أجمل القيَم والمبادئ والأخلاق.

إن الغوص في سِيَرهم يجعلنا ندق ناقوس الخطر على مُفتقداتٍ كثيرة، ينبغي أن نبذُلَ كل جهدٍ لإحيائها، في وقتٍ نحن فيه أحوجُ ما نكون إلى اقتِفاء آثارهم، فهل نحنُ فاعلون؟!





abomokhtar 27-10-2013 06:54 AM

أين نحن من أطفال السلف؟! (10)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير البشر أجمعين، سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

وبعد:
فقال عبدالرحمن بن عوف: "بينما أنا واقف في الصف يوم بدر؛ إذ التفتُّ عن يميني وعن شمالي فرأيتُ غلامينِ من الأنصار، يقول: فلم آمَن بمكانهما، يقول عبدالرحمن: فغمزني أحدُهما سرًّا من صاحبه، وقال لي: يا عمِّ، هل تعرف أبا جهل؟ فقال له عبدالرحمن: نعم، وماذا تصنع بأبي جهل يا بن أخي؟ فقال له: لقد سمعتُ أنه يسبُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولقد عاهدتُ الله إن رأيتُه أن أ***َه أو أموت دونه، يقول عبدالرحمن بن عوف: فتعجَّبت لذلك، يقول: فغمَزني الغلام الآخر، وقال لي سرًّا من صاحبه: يا عم، هل تعرف أبا جهل؟ فقلت: نعم يا بن أخي، وماذا تصنع بأبي جهل؟ فقال: لقد سمعتُ أنه يسبُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولقد عاهدتُ الله - جل وعلا - إن رأيتُه أن أ***َه أو أموت دونه، يقول: فتعجَّبت، والله ما يسرُّني أنِّي بين رجلين مكانهما، يقول: فنظرتُ في القوم فرأيتُ أبا جهل يجولُ في الناس، فقلت لهما: انظُرَا هل تريانِ هذا؟ قالا: نعم، قال: هذا صاحبُكما الذي تسألانِ عنه، يقول: فانقضَّا عليه مثل الصقرينِ ف***اه، وجرى كل منهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: يا رسول الله، ***تُه، والآخر يقول: بل أنا الذي ***تُ أبا جهل، فقال النبي لهما: ((هل مسحتُما سيفيكما؟))، قالا: لا، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أعطني سيفك))، وقال للآخر: ((أعطني سيفك))، ونظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى السيفينِ فوجد دمَ أبي جهل على السيفينِ، فالتفت إليهما وقال: ((كلاكما قتَلَه))، والبطلان هما معاذ بن عمرو بن الجموح (ولد ذلكم الرجل الأعرج)، ومعوذ بن عفراء.

لنتأمل تنافس الطفلين في الانتصار لرسول الله - صلي الله عليه وسلَّم - وغيرتهما لدينهما، فامتلكوا عزيمةَ الرجال، وذادوا عن خير الأنام.

إنَّ مرحلة الطفولة هي أخصب وأهم فترة لغرس وتعزيز المبادئ والقِيَم، وفي قصص أطفال السلف مواقف كثيرة - تعليمية وتربوية هادفة - تحتاج إلى وقفات منا جميعًا بشأن التربية والإصلاح؛ لاستخراج فوائدها العظيمة، وقطف ثمارها الوفيرة، والاقتداء بها في دعم القِيَم، والتعامل من خلالها مع أطفال اليوم رجال الغد، لتنشئتهم التنشئة المثالية التي تتفق ومبادئَنا السامية، فهل نحن فاعلون؟!



abomokhtar 27-10-2013 06:55 AM

أين نحن من أطفال السلف؟! (11)



الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عباده الذين اصطفى، وإمامهم المصطفى سيدنا محمد، وعلى آله وصحبِه ومَن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

وبعد:
فإنه ونحن نعيش هذه الأيام المباركة، يقترب العيد، بما يصاحبه من مظاهر فرحة، لنا أن نفرَحَها كمسلمين، ولكن تصاحب هذه المظاهرَ بعضُ العادات، التي أخرجت مفهومَ الفرحة عن مضمونه الحقيقي.

وتعالوا نتأمَّلْ بروِيَّة هذه القصة:
رُوي أنَّ ابنة عمر بن عبدالعزيز دخَلَت عليه تبكي، وكانت طفلةً صغيرة آنذاك، وكان يوم عيد للمسلمين، فـسألها: ماذا يُبكيكِ؟

قالت: كل الأطفال يرتدون ثيابًا جديدة، وأنا ابنةُ أمير المؤمنين أرتدي ثوبًا قديمًا!

فتأثَّر عمرُ لبكائها، وذهَب إلى خازنِ بيت المال، وقال له: أتأذَنُ لي أن أصرفَ راتبي عن الشهر القادم؟
فقال له الخازن: ولمَ يا أمير المؤمنين؟!

فحكى له عمرُ، فقال الخازنُ: لا مانعَ، ولكن بشرط، فقال عمرُ: وما هو هذا الشرطُ؟!

فقال الخازن: أن تضمَنَ لي أن تبقى حيًّا حتى الشهر القادم لتعملَ بالأجر الذي تُريدُ صرفَه مسبقًا!

فترَكه عمرُ وعاد، فسأله أبناؤه: ماذا فعلتَ يا أبانا؟!

قال: أتصبِرون وندخُل جميعًا الجنة؟ أم لا تصبرون ويدخُل أبوكم النار؟!

قالوا: نصبِرُ يا أبانا!

نصبرُ يا أبانا، ترجمةٌ حقيقية لمعانٍ إيمانية وتربوية رائعة، يُهديها إلينا مَن يَعجِزُ كبارُ اليوم عن مجاراتهم فكرًا وسلوكًا، أولئك الأطفال الذين تربَّوا في رحاب القرآن والسنَّة؛ إذ لم يكن طلبُهم طلبًا ترفيهيًّا - كطلب شراءِ لُعبة مثلاً - ولكنهم يطلُبون ثيابًا جديدة كباقي أقرانهم، ومع ذلك كانوا عونًا لأبيهم على الطاعة، ولم يشكِّلوا جبهةَ ضغطٍ عليه كما نرى كثيرًا اليوم، فيقع من الآباء ما يقَعُ من تجاوزاتٍ في سبيل تحقيقِ طلبات أبنائهم، فنرى الأياديَ المرتعشة، والذِّممَ الضعيفة، فيؤثِرون ما هو فانٍ على ما هو باقٍ.

عمرُ وأبناؤه والخازن.
الخازن مرؤوس، ومع ذلك نبَّه رئيسَه!
الأبناء محتاجون، ومع ذلك أعانوا أباهم على الطاعة!
هل يوجَدون الآن؟!
الرئيس يأمُرُ!
الخازن يتزلَّفُ!
الكبار - إلا مَن رحم الله - لا يصبِرون على الطاعة!
كثيرون يتجرَّؤون على الله بارتكابِ المعاصي!
بل إنَّ المعاصيَ صارت تجترئ لَمَّا رأت التقصير، فماذا نحنُ فاعلون؟!





tata441 27-10-2013 11:30 AM

مشكووووووووووووووووووور

أ.محمد النجار 27-10-2013 11:36 AM

صحييييييييييييييييييييييييييييح


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:01 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.