بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   أرشيف المنتدى (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=513)
-   -   معاناتي في الغربة بسبب ديني (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=632402)

abomokhtar 18-01-2015 07:48 AM

معاناتي في الغربة بسبب ديني
 
السؤال

ملخص السؤال:
فتاة سافرتْ إلى دولة أجنبية للدراسة، لكن زملاءها يستهزئون بها وبدينها، ويدعونها إلى ترك الإسلام والتحول إلى المسيحية، وهي مترددة وبدأت تشكّ، وتسأل: ماذا أفعل؟

تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا والحمد لله فتاةٌ جامعيةٌ مسلمةٌ، مقيمة في بلد أجنبي طيلة فترة دراستي؛ وأتلقَّى أسئلةً كثيرة من زملائي عن ديانتي، ولماذا ألبس الحجاب؟

عندما أجيبهم بأنه يمنع الفِتَن والفواحش لا يقتنعون بكلامي، بل يستهزئون بي، وأجد الشباب يُقلدون طريقةَ لبسي للحجاب، ويَضْحكون أمامي، ويقولون: إنهم يتمنون أن يكونوا مسلمين لكي يستطيعوا الزواج بأربع نساء! فهذا ما يُعجبهم في الإسلام!

بدأتُ أشك في نفسي وديني؛ فأنا المسلمة الوحيدة، ووصل الأمر إلى أنهم يدعونني إلى أن أغير ديانتي للمسيحية؛ فهي الأفضل في رأيهم!

لستُ مقتنعةً بهذا الكلام، ولكنني بدأت لا أرى مكانة للمرأة في الإسلام، ومن أسباب ذلك أننا - معشر النساء - نلبس الحجاب ونتعرض للإهانة. لقد أصبحت أكرهُ نفسي لأنني فتاةٌ، وأتمنى لو كنت شابًّا حتى أرتاح نفسيًّا من إهانات ونظرات مَن حولي، فالفتى المسلمُ لا يتعرض لهذه الإساءات إطلاقًا.

أرجو أن توضحوا لي هذه النقاط، وجزاكم الله خيرًا

الجواب

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فقد وقعتِ في خطأ كبيرٍ - أيتها الابنةُ الكريمةُ - لمَّا سافرتِ لبلاد الكفر وأنت لستِ محصنةً بالقدْرِ الكافي من العلوم الشرعية؛ فتتمكنين من إظهار دينك، وأداء شعائرك التعبُّدية، وتأمنين على نفسك مِن فِتَن الشبُهات والشهوات.


فدينُ المرء أغلى ما يملك، وأولى ما تجب المحافَظةُ عليه، فإذا كنتِ في مكانٍ لا تستطيعين إقامته أو تخشين من فتنة الشبهات التي يلقيها عليك أولئك الضُّلاَّل، فعليك بالفرار بدينك إلى مكانٍ تنجين فيه مِن الفتن، وتأمنين على نفسك؛ فالسلامةُ في الدين لا يعدلها شيءٌ، والفرارُ إلى الله تعالى هو عينُ السلامة.


ما تشعرين به مِن انهزامٍ نفسي هو ثمرةٌ طبيعيةٌ لوجودك وسط هؤلاء الكفار، واختلاطك بهم، وسماحك لهم بالكلام معك؛ لذلك فرجوعُك لبلاد الإسلام أصبح متحتمًا عليك، فماذا تنتظرين وأنت تقولين: إنك المسلمة الوحيدة هناك، وهم يدعونك للكفر؟ وما تسألين عنه في رسالتك هو بسبب هجومهم عليك، فالواجبُ عليك الفرار بدينك، والحفاظُ على إيمانك وعفتك وعِرضك!


أما المرأةُ وشأنها في الإسلام: فعلى العكس الذي يُصَوِّره هؤلاءِ الضُّلاَّلُ؛ فقد رفع الإسلامُ عن المرأة إهانات الجاهلية الأولى، وسائر الجاهليات القديمة والمعاصرة التي نزلتْ بالمرأة عن منزلة الرجل نُزولاً شنيعًا، حتى تركتْها أشبه بالسلعة منها بالإنسان، فلا تَعْرِف لها حقوقًا، بل تَتَّخِذُ منها مادةً للتسلية والمتعة البهيمية، وتُطلقها فتنةً للنفوس، وإغراءً للغرائز، وموضوعًا للتشهِّي والغزَل العاري، فجاء الإسلامُ فرَدَّها لمكانها الطبيعيِّ في كيان الأسرة، فجعل دورها الجدِّي بناء الأسرة والمجتمع، وقرَّر تعالى مبدأً عامًّا في مفتتح سورة النساء: ﴿ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ [النساء: 1].


رفع الإسلام مُستواها من المستوى الهابط إلى مستوى الرفعة الإنساني في نظام الأسرة، وظللها بظلال الاحترام والمودة والتعاطف والتجمل، فقد راعى الإسلامُ إنسانية واستقلال شخصية المرأة، وكلَّفها بما كلف به الرجل من التدين والعبادة، والمشاركة في النشاطات الاجتماعية، وسمح لها بالأعمال التي تتفق مع طبيعتها، وتُناسب فطرتها وأنوثتها، وشرع لها نصيبها في الميراث، وأشْرَكَها في إدارة شؤون الأسرة وتربية الأولاد، وأوجب معاملتها بالمعروف، واحترام آدميتها؛ كما أنه ساوى بينها وبين الرجال في الولاية على المال والعقود، وجعل لها ذمة ماليةً مستقلة، ومنع الآباء من إجبارهنَّ على الزواج.


والحاصل: أن الإسلام رفَع من شأن المرأة، وسوَّى بينها وبين الرجل في أكثر الأحكام من الإيمان والطاعة، وحق التعبير عن الرأي والنصح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، كما أن لها حقَّ التملك والبيع والشراء والميراث، ولها أن تتصدقَ مِن مالها ما شاءتْ، ولا يجوز لأحدٍ أن يأخذ مالها بغير رضًا منها، ولها حقُّ الحياة الكريمة، لا يُعْتَدَى عليها ولا تُظلم، ولها حق التعليم.


ولمزيد فائدة راجعي الكتب التالية: "حقوق المرأة في الإسلام"؛ لمحمد رشيد رضا، و"حقوق المرأة في الإسلام"؛ للدكتور علي عبدالواحد وافي، و"المرأة بين الفقه والقانون"؛ للدكتور مصطفى السباعي، و"الإسلام والمرأة المعاصرة"؛ للأستاذ البهي الخولي.


أما الالتزامُ بالحجاب والصبرُ على ما تجدينه من أعداء الدين من السخرية والاستهزاء، فمِن الأمور الواجبة التي لا يخفى الثوابُ العظيمُ المترتِّب عليها، ورفع الدرجات، كما قال تعالى عمن أوذوا في سبيله: ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ﴾ [آل عمران: 195].


وأنا على يقينٍ بأن كل مَن يسخر من الحجاب يُدْرِك الحكمةَ العظيمةَ والغاية النبيلة منه، وأنه يكفل لأي مجتمعٍ كان - إن التزمه - الصيانةَ والعفاف، وانتشار الفضيلة، وحسن الخلق، وأنَّ في التفريط في أمر الحجاب والتهاون فيه ما يُفضي إلى انتشار الفساد، وشيوع الرذيلة والمنكرات؛ وهذا أمرٌ بدهيٌّ معلومٌ بَيِّنٌ لكل أحدٍ، ومُشاهَدٌ للقاصي والداني، فلا تظني أن سخرية هؤلاء صادرةٌ عن اشتباه في الأمر، أو شكٍّ في عفتك، وصِدْقِ الإسلام، وإنما هم يُكابرون ويُنكرون الحقائق؛ كما حكى سبحانه عن إخوانهم من الكافرين: ﴿ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾ [الأنعام: 33].


وقال تعالى:
﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [الأنعام: 27 - 28].


قال شيخ الإسلام ابن القيم في "عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين" (ص: 186): "القومُ كانوا يعلمون أنهم كانوا في الدنيا على باطلٍ، وأن الرسل صدَقوهم فيما بَلَّغوهم عن الله، وتَيَقَّنوا ذلك وتحقَّقوه، ولكنهم أخفوه ولم يُظهروه بينهم، بل تواصوا بكتمانه، فلم يكن الحاملُ لهم على تمني الرجوع والإيمان معرفة ما لم يكونوا يعرفونه مِن صِدْق الرسل؛ فإنهم كانوا يعلمون ذلك ويُخفونه، وظهر لهم يوم القيامة ما كانوا ينطوون عليه من عِلْمِهم أنهم على الباطل، وأن الرسل على الحق، فعاينوا ذلك عيانًا بعد أن كانوا يكتمونه ويخفونه، فلو رُدُّوا لما سمحتْ نفوسهم بالإيمان، ولعادوا إلى الكفر والتكذيب؛ فإنهم لم يتمنوا الإيمان؛ لعلمهم - يومئذ - أنه هو الحق، وأن الشرك باطل، وإنما تمنوه لما عاينوا العذاب الذى لا طاقة لهم باحتماله.


وهذا كمَن كان يخفي محبة شخصٍ ومعاشرته، وهو يعلم أن حبه باطلٌ، وأن الرشد في عدوله عنه، فقيل له: إن اطلع عليك وَلِيُّه عاقبك، وهو يعلم ذلك ويُكابر، ويقول: بل محبتُه ومعاشرته هي الصواب، فلما أخذه وليُّه ليُعاقبه على ذلك، وتيقن العقوبة تمنى أن يعفى من العقوبة، وأنه لا يجتمع به بعد ذلك، وفى قلبه من محبته والحرص على معاشرته ما يحمله على المعاودة بعد معاينة العقوبة، بل بعد أنْ مَسَّتْهُ وأنهكته، فظهر له - عند العقوبة - ما كان يخفي من معرفته بخطئه، وصواب ما نهاه عنه، ولو ردَّ لعاد لما نُهِيَ عنه".


ولا يَخْفَى عليك أيتها الابنةُ الكريمة أن إرضاء الناس غايةٌ لا تُدرك، ومَن راقب الناس مات غمًّا، وأيقني أن الله - سبحانه وتعالى - راضٍ عنك بطاعتك، وهو مُطَّلِعٌ على ما تتعرضين له في سبيل استقامتك، وسيجعل لك بعد عسرٍ يسرًا.


يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن التمس رضاء الله بسخط الناس، كفاه الله مؤنة الناس، ومَن التمس رضاء الناس بسخط الله، وكله الله إلى الناس))؛ رواه الترمذي.


وقد كتبتْ عائشة - رضي الله عنها - بهذا الحديث إلى معاوية، بعد أن طلب منها النصيحة، وكتبتْ إليه مرة أخرى فقالتْ: "أما بعدُ: فاتقِ الله؛ فإنك إذا اتقيتَ الله كفاك الناس، وإذا اتقيت الناس لم يغنوا عنك من الله شيئًا، والسلام".


نصيحة أخيرة: عُودي لبلاد المسلمين
ولا تُغامري بنفسك، دينك دينك لحمك دمك







جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:01 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.