بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=79)
-   -   تناتيش ونغابيش (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=643442)

simsim elmasry 29-04-2015 10:49 AM

تناتيش ونغابيش
 
تناتيش ونغابيش



http://www.alaraby.co.uk/File/GetIma...977f4f/612/349

(على بدر)





| بلال فضل
* في قصته الطويلة (الجريمة) التي اتخذها عنواناً لإحدى مجموعاته القصصية الجميلة، يروي أديبنا العظيم، نجيب محفوظ، تفاصيل مهمة وكيل نيابة، يذهب متنكراً إلى أحد الأحياء، للتحقيق في جريمة بشعة غامضة، فيكتشف، خلال عمله سائق تاكسي، عدم ثقة الناس في العدالة، واستياءهم من طمس معالم جرائم كثيرة تُقيّد ضد مجهول، بتواطؤ من رجال الأمن، لكن تعايش الناس مع ما يجري برغم رفضهم له، يحيره فلا يدري "كأنهم جميعاً مجرمون أو ضحايا أو الاثنان معاً". وحين يقرر مغادرة الحي، خوفاً من أن يتحول هو نفسه إلى ضحية لجريمة جديدة، يكشف له ضابط الشرطة المسؤول عن أمن الحي أنه كان يعرف شخصيته منذ البدء، ويسأله متحدياً عن ملاحظاته، فيقول: "إنكم لا تؤدون واجبكم"، فيحتج الضابط برضا الناس وصمتهم، فيرد محذراً: "أعلم أن أرزاق البعض بيد البعض الآخر، ولكن الغضب يتجمع في الأعماق وللصبر حدود"، ثم يدور بين الاثنين حوار حول واجب الشرطة، فيقول الضابط: "واجبنا هو المحافظة على الأمن". يسأله وكيل النيابة "وهل يُحفظ الأمن بإهدار العدالة"، فيرد الضابط "وربما بإهدار جميع القيم"، وحين يقول له وكيل النيابة: "تفكيرك هو اللعنة"، يسأله الضابط عن تخيله "لما يمكن أن يقع لو حققنا العدالة"، فيرد وكيل النيابة: "سيقع عاجلاً أو آجلاً"، فيطلب منه الضابط أن يفكر دون مثالية كاذبة قبل أن يكتب تقريره، ثم يسأله عما سيكتب في تقريره، فيقول وكيل النيابة بامتعاض عبارة يختم محفوظ بها قصته الملهمة: "سأكتب أن جميع القيم مهدرة، ولكن الأمن مستتب"، ولم يكن نجيب محفوظ يعلم أنه سيأتي على مصر زمن سيتحالف فيه القضاء مع الشرطة ضد العدالة، فتُهدر جميع القيم، بدون حتى أن يستتب الأمن.

* في روايته الجميلة (الوليمة العارية)، يحكي الكاتب العراقي، علي بدر، عن المعاناة التي عاشها الكاتب والشاعر العظيم، جميل صدقي الزهاوي، من كثير من أهل مدينته بغداد، حين كتب عن نظرية التطور، التي كانوا يسمونها بالنظرية القردية، حيث قام شيخ جامع مجاور لبيت الزهاوي بتحريض الناس ضده، واتهمه بترويج نظرية، تدعي أن جد النبي عليه الصلاة والسلام قرد، فتدافع الناس للذهاب إلى بيت الزهاوي ل***ه، وكان من بينهم شباب كثيرون غير متدينين، لكن كلا منهم كان يحلم بأن تراه الفتاة التي يعجب بها وهو يشُجّ رأس الزهاوي الكافر، وحين سمع أحدهم من يصف الزهاوي بأنه فيلسوف، صرخ مشيراً إليه باحتقار: "هذا فيلسوف هذا.. آني بضربة واحدة أكومه فوق التخت". وكان أكثر من تحمس للانتقام من الزهاوي وإراقة دمائه واحداً من أكبر بلطجية بغداد اسمه عبد العليم أبو شجّة، حيث أخذ يدق باب الزهاوي ب*** ويطلب منه أن يخرج له لكي يكسر رأسه، فخرج الزهاوي وهو يرتجف، ليمد عبد العليم يده ويقبض بتلابيبه ويرفعه إلى الأعلى، قائلا له "لك آني جدي قرد؟"، فقال الزهاوي وقد قرر أن يقصر الشر "لا والله العظيم انت جدك رسول الله بس آني جدي قرد ابن قرد"، فانفجر الجميع في الضحك، وأفلت الزهاوي بأعجوبة.
يصف علي بدر مشاعر بطل روايته محمود بك المندهشة من حماسة البلطجية والأشقياء والمعروفين بأفظع الأفعال، في الدفاع عن الإسلام، ضد الفكرة القردية التي "بثها اليهود والنصارى الأوروبيون لتهديم الدين، وتعهير الأمة وإشاعة السفور وخروج المرأة في الأسواق، وتمكينهن من أزواجهن حتى يضربهن بالأحذية. كانت بغداد تشهد يومها نوعاً من السعار الذي يجتاح العامة، نوعاً من الهياج الذي يدفع الجمهور لتهديم كل شيء بمجرد كلمة، حتى وإن كانوا لا يعرفون معناها، سعار يدفع بالأمهات إلى تقبيل أولادهن المشاركين بهذه الحملة المقدسة ضد جميل أفندي، فرحات لأن الأولاد الصغار أصبحوا رجالاً، فتمسح كل واحدة منهن وجه ابنها بذيل ثوبها من العرق، وتربت على كتفه مفتخرة به، فمن يدري، بكره أو بعد بكره، يشارك بالنهب والسلب، ويجلب ما يحتاجه بيته من بيوت الناس، فالولد صار رجّال".
كان الكل يعتبر الاشتراك في قمع الزهاوي فرصة للعودة إلى المجموع، فرصة يحتاجونها للشعور بأنهم لا يختلفون عن أحد. لذلك، أصبحوا أكثر حماسة من المشايخ الذين قاموا بتحريضهم، والذين كانوا يعادون الزهاوي لأسباب كثيرة من بينها أنه حين اقترب الأسطول الإنجليزي من العراق، طلب الناس من المشايخ أن يقرأوا صحيح البخاري أو كما يسمونه (الشريف البخاري) على الأسطول العثماني، لكي يباركه من أجل أن يهزم الأسطول الإنجليزي، فوقف لهم الزهاوي وقال "الأسطول الحربي يسير على شريف البخار لا على شريف البخاري"، ليدفع الزهاوي غالياً ثمن وقوفه ضد الجموع التي يشعرها الاختلاف بالقلق والتهديد.


http://www.alaraby.co.uk/Content/images/logo-small.png


http://www.alaraby.co.uk/opinion/201...%D9%8A%D8%B4-1


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 01:16 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.