![]() |
الفعل ورد الفعل في السياسة العالمية
الفعل ورد الفعل في السياسة العالمية (1) تأليف الدكتور: لويد ***ن ترجمة الدكتور محمد بن أحمد مفتي الدكتور محمد السيد سليم تركزت دراستُنا حتى الآن على مجموعةِ العوامل المتعلقة بالأوضاع الداخلية في الدولة، باستثناء مكونات القوى الوطنية، وهي عنصرٌ ذو طبيعةٍ داخلية وخارجية في الوقت نفسه، وفي هذا الفصل، سنحاولُ استكشاف أثر العوامل الخارجية، وأثر هيكل النسق الدولي على سلوك السياسة الخارجية للدولة، ويمكن القول: إنه إن لم تكن هناك محدداتٌ خارجية، فإنه لن تكون هناك سياسةٌ خارجية؛ فالدولة حين تصُوغ سياستَها الخارجية، فإنها - في معظم الأحوال - تكونُ في حالة رد فعلٍ لبعض الظروف الواقعة في بيئتها الخارجية، ويلاحَظُ أن الدارسين الذين يؤمنون بمصداقية النموذج الرشيد (انظر الفصل الأول) أكثرُ ميلاً إلى اعتبار هذا المستوى من التحليل أعظمَ مستويات التحليل أهميةً. ويقع معظم ما كُتب في حقل العلاقات الدولية في إطار هذا المنظور التحليلي، مع إشاراتٍ طفيفة إلى العوامل الداخلية التي أشرنا إليها، ورغم ذلك، فإنه لا يوجدُ إلا عددٌ محدود من الدراسات المنهجية المقارنة التي تتناول أثَرَ المتغيرات الخارجية على السياسة الخارجية، ومن ذلك منهج "تحليل الأحداث"، فهذا المنهج يركِّز على جمع مئات من الأنشطة وترميزها؛ كالتهديدات، والوعود، والاحتجاجات، وال***، وغيرها، التي تدخل فيها الدول بعضها مع بعض بشكل يومي تقريبًا، ويتم تحويلُ هذه البيانات كميًّا وتحليلُها بهدف التوصلِ إلى معرفة أنماطِ التوجُّهات والتغيُّرات الرئيسة في السياسة الخارجية للدولة، كذلك تُفيدُ هذه البيانات في تحليلِ نماذج الفعل - رد الفعل في السياسة الخارجية. الفعل ورد الفعل في السياسة العالمية أثبت عددٌ من الباحثين - باستعمال منهجِ تحليل الأحداث - مَيْلَ الدول إلى الرد على السلوك الموجه إليها - سواء أكان سلوكًا عدائيًّا أم توفيقيًّا - بسلوك مشابه؛ فقد انتهى أحدُ دارسي سلوك السياسة الخارجية لثمان وسبعين دولة نامية، إلى أن "السلوك الصراعي الدولي لدول العالم الثالث يتَّفقُ - إلى حدٍّ كبير - مع علاقة الحافز والاستجابة؛ حيث إن السلوكَ الصِّراعي الذي توجِّهه الدولةُ إلى الدول الأخرى في الإقليم نفسِه هو نتيجة للسلوك الصراعي الذي تستقبِلُه الدولةُ من تلك الدول"[1]، وقد حلل باحثٌ آخرُ السلوك الصراعي العالمي خلال عام 1963م، وانتهى إلى أنه عندما تم تجميعُ البيانات على مدار السَّنة، كانت الدولُ التي سلكت سلوكًا صراعيًّا هي الدول ذاتها التي كانت هدفًا للسلوكِ الصراعي من قِبل دول أخرى[2]، بَيْدَ أنه عندما تم تجميعُ البيانات على أساس الشهر الواحد، فقد تبيَّن أن نمطَ التبادل السلوكي لم يستمرَّ، وهذا يعني أن ردَّ الفعلِ قد لا يكون فوريًّا في كل الحالات، والاستثناء الوحيد كان هو حالة ال*** المسلَّح؛ حيث تبيَّن أن الدولَ تتبادل ال***َ المسلح بشكلٍ فوري. وقد أكدت دراساتٌ إقليمية متعدِّدة نمطَ التبادل السلوكي في السياسة الخارجية، فعلى سبيل المثال، تبيَّن مِن دراسة للنزاع الهندي - الصيني عام 1961م أن هناك علاقةً قوية بين السلوك الصيني والسلوك الهندي في الصراع، كما اتضح من دراسةٍ أخرى للنزاع الكوبي - الأمريكي عام 1962م حول الصواريخ السوفيتية في كوبا: أن كوبا والولايات المتحدة تبادَلَتا السلوكياتِ العدائية والتوفيقية[3]، وقد تم التوصلُ إلى نتائجَ مشابهةٍ بتحليل الصراع العربي - الإسرائيلي، على الرغم من استعمالِ أدواتٍ بحثية وفترات زمنية مختلفة[4]، وأخيرًا، فقد وجدت زينس أن الرسائلَ الدبلوماسية المتبادَلة بين قياداتِ الدول خلال الأزمة التي سبَقَت اندلاع الحرب العالمية الأولى، تعكس وجودَ ارتباط وثيقٍ بين إدراك العداء الموجَّه إلى الدولة، وبين التعبيرِ عن هذا الإدراك بسلوكٍ عدائي، وذلك بالنسبة لكلِّ الدول التي دخَلَت الحرب[5]. وقد لاحظ ماكليلان أن الدولَ التي تمُرُّ بأزمات دولية حادة ومتكررة تتَّجهُ إلى وضعِ قواعدَ روتينية لسلوكها الدولي، وقد استخلص ماكليلان - من تحليله لأزمتي كيموى وماتسوى وبرلين - أن التفاعلَ الدولي أثناء الأزمات عبر فترة من الزمنِ، يؤدِّي إلى عملية تعلم قوامها اكتساب الدول خبرة في إدارة الأزمات، مما يحدُّ من خطورةِ التفاعل الدولي أثناء الأزمات اللاحقة[6]، والواقع أن لتلك النتيجة أهميةً خاصةً بالنسبة لاحتمالات تطوُّر السلام العالمي؛ لأن الدولَ تتعلَّمُ كيف تنظِّمُ سلوكها الصراعي دون اللجوءِ إلى ال***، شريطة ألا يؤديَ تعاقبُ الأزمات إلى عدمِ اكتراث الدولِ للنتائج السلبية المحتملة لتلك الأزمات. كذلك توضِّحُ الدراسات التي أجريت على السلوكيات التعاونية للدول أن هناك ميلاً مشابهًا نحو تبادل السلوك، فيوضِّحُ تحليل التنازلات التي قدَّمَتْها الولاياتُ المتحدة والاتحاد السوفيتي لبعضِهما حول قضايا نزع السلاح العامة خلال الإحدى والعشرين دورة من المفاوضات التي عُقِدت في لندن ونيويورك وجنيف خلال الفترة من عام 1948م حتى 1980م: أن هناك قدرًا كبيرًا من التبادل السلوكي بين الدولتين، فباستثناء سنة 1955م، التي تميَّزت بتقديمِ الاتحاد السوفيتي العديدَ من التنازلات مقابل تحفُّظ الولايات المتحدة على اقتراحاتها السابقة حول نزع السلاح، تبيَّن أنَّ هناك عاملَ ارتباطٍ بين السلوك التنازلي للدولتين، مقداره 0،57، وله دلالة إحصائية[7]، وقد تم استخلاصُ نتائجَ مشابهة عند تحليل التنازلات التي قدَّمَتْها الدولتان بخصوص محادثات حظر التجارِبِ النووية التي بدأت عام 1958م، والتي أسفَرَتْ عن توقيعِ معاهَدةِ الحظرِ الجزئي للتجارِبِ النووية عام 1963م[8]، بَيْدَ أنَّه في الحالة الأخيرة تبيَّن أنه ما إن اقتربتِ الدولتانِ من التوصُّل إلى اتفاق حول الحظر الشامل في إبريل عام 1960م - وذلك بالاتفاق على كلِّ بنودِ مشروع المعاهدة ما عدا ثلاثة بنود - بدأ السلوكُ السوفيتي يتسمُ بالمراوَغة، وهذا يدلُّ على أن الدولَ قد تقدم تنازلاتٍ عديدة عندما يبدو أن احتمالاتِ التوصُّلِ إلى اتفاق بعيدةٌ، تحت تأثير توقع أن الطرفَ الآخر لن يقبل تلك التنازلات، ولكن ما أن يبدو في الأفق احتمالُ التوصل إلى اتفاق حتى تبدأَ في المراوغة أو سحب التنازلات التي قدمَتْها، وقد أدى ذلك التراجعُ إلى التوصلِ إلى اتفاقيةٍ حول الحظر الجزئي للتجارِبِ الذرِّيَّة بدلاً من الحظر الشامل. وقد أوضَح تحليل مضمون مفصل للمداولات التي تمت حول اتفاقيةِ حظرِ التجارِب الذرِّيَّة - وذلك بترميز الاتجاهات، والسلوكيات، والردود - نمطًا مشابهًا من تبادلِ السلوك، وبالذات من ناحيةِ الولايات المتحدة؛ فقد انتهى التحليل إلى أنَّ تزايُد التعاون بين الدولتين خارجَ إطار المفاوضات - قد أسهَم في خلقِ نمطٍ من التفاعل الإيجابي داخل إطار المفاوضات، كما أن تزايُد كثافة الصراع بين الدولتين خارجَ إطار المفاوضات - كان له تأثيرٌ سلبي على المفاوضات[9]. بَيْدَ أنَّ التحليلَ قد انتهى إلى أن المفاوضاتِ قد تأثَّرت بالسلوك الفعلي أثناء المفاوضات أكثر من تأثرها بالسلوك الصراعي أو السلوك التعاوني للمشاركين خارج إطار المفاوضات. وتتضح أهميةُ تبادل السلوك في تسوية المنازعات الدولية من دراسة تناولت عشرين نزاعًا دوليًّا خطيرًا حدثت في القرن العشرين، وقد وجدت الدراسةُ أن الإستراتيجية التبادلية هي أكثرُ الإستراتيجيات فعاليةً في تفادي الهزيمة الدبلوماسية بدلاً من اللجوء إلى الحرب، وبالذات حين تطبق تلك الإستراتيجية في مواجهةِ عدو مشاكس، وترجع فعاليةُ هذه الإستراتيجية إلى أنها تحفَظُ ماءَ وجه الطرف الذي يطبِّقها، "بالإضافة إلى اتفاقِها مع القاعدة العامة للتبادل في الشؤون الدولية"[10]، وقد استخلصت دراسةٌ مقارنة للسلوك الصراعي والتعاوني لمجموعة من الدول خلال الفترة من (1961 - 1969م)، أن الدولَ تتفاعلُ على أساسٍ من التبادل، وأنها تتجاوَبُ مع الفاعلين الذين يوجِّهونَ نحوها قدرًا أكبرَ من الاهتمام[11]. انطلاقًا من التسليمِ بأهمية التنازلات للتوصل إلى اتفاق، اقترح أوسجود أنَّه على الأطراف الداخلة في صراع دولي الإقلالُ من حدة الصراع تدريجيًّا، عن طريقِ تقديم تنازلات من طرف واحدٍ مصحوبةٍ بطلباتٍ لفظية وضمنية إلى الطرف الآخر أن يفعَلَ الشيءَ ذاته[12]، بَيْدَ أنَّ نجاحَ هذه الإستراتيجية يتطلَّبُ توافُرَ شروط معيَّنة، أهمها: تكافؤ قوى الأطراف المتصارعة، ووصول محاولات حل الصراعِ بينها إلى حالةٍ من الجمود أو الابتعاد عن احتمالات التسوية، ووقوعها تحت ضغطٍ دولي للتوصُّل إلى اتفاق، وقد بيَّن العديدُ من الدراسات التطبيقية صحةَ نظرية التنازلات التدريجية من طرفٍ واحد التي قدمها أوسجود، ومن أهمِّ هذه الدراسات دراستانِ استعملتا أسلوبَ محاكاة سباق التسلح الإستراتيجي[13]، ودراسة استعمَلَت أسلوبَ تحليل مباراة "أزمة السجين[14]"[15]، وقد تبيَّن من الدراسة الأخيرة، التي قام بها كوموريتا، أنَّ إستراتيجية التنازلاتِ من طرَفٍ واحدٍ تؤدِّي إلى نتائجَ طيبةٍ إن طُبِّقت في أعقابِ وصول العلاقة الصراعية إلى طريقٍ مسدود، بالإضافة إلى ذلك تأكَّدت النتائجُ الإيجابية لتلك الإستراتيجية في دراسة أخرى حول محادَثات حظرِ التجارِبِ النووية بين الولاياتِ المتحدة والاتحاد السوفيتي[16]. على الرغم من أهميةِ التنازلات كعاملٍ من عواملِ تسهيل التوصُّل إلى اتفاق، فإن لها أخطارَها؛ فالعدو قد يفسِّرُها على أنها مؤشِّر لعدم اهتمام الطَّرَف الذي يقدِّمها بالقضيةِ محلِّ النزاع، أو يفسِّرُها على أنها علامة ضَعف، مما يدفع العدوَّ إلى طلب المزيد من التنازلات[17]، وقد أوضحت الدراساتُ التَّجريبيةُ حول المساومة التي قام بها سيجل وفوراكر، أنَّه على المفاوِض أن يبدأ عمليةَ التفاوضِ بمطالبَ متشددة؛ لأن البدءَ بمطالبَ توفيقية يزيد من تشدُّد الطرَف الآخر[18]. [1] Stephen G. Walker. ''New Naions and an Old Model: The Application of the Garrison State Theory to the Third World، '' in ****don W. Simon، ed، The Military and Security in the Third World (Boulder، Col.: Westview Press، 1978)، p. 180. [2] Warren R. Philips، ''The Dynamics of Behavioral Action and Reaction in International Conflict، '' Peace Research Sociery (International) Papers، 17 (1970)، 91-46. [3] John Osgood Field. ''The Sino-Indian Border Conflict: An Exploratory ****ysis of Action and Perception، '' Sage Prefessional Papers، 1 (1972)، 47، and Ole R. Holsti، Richard A. Brody and Robrt C. North. ''Measuring Affect and Action in International Reaction Models: Empirical Matetials from the 1962 Cuban Crisis، '' Journal of Peace Research، 1، no. 3.4 (1964)،177. [4] Jeffrey S. Milstein، ''American and Soviet Influence، Balance of Power، and Arab-Israeli Violence'' in Bruce M. Russett، ed.، Peace، War and Numbers (Beverly Hills، Calif،: Sage Publications، 1972)، p. 152، James M. McCormick، '' Evaluating Models of Crisis Behavior: Some Evidence from the Middle East، '' International Studies Quarterly، 19 (January 1975)، '' Journal of Conflict Resolution، 16 (June 1972)، 165-54. [5] Dina A. Zinnes، ''A Comparison of Hostile Behavior of Decision-Makers in Simulate and Historical Data،'' World Politics، 19 (April 1966)، 474-502. [6] Charles A. McClelland، '' Decision Opportunity and Political Controversy: The Quemoy Case، '' Journal of Conflict Resolution، 6 (Septimber 1962)، 201-13، and'' Access to Berlin: The Quantity and Variery of Events، 1948-1963، '' in J. David Singer، ed.. Quantitative International Polincs (New York: Free Press، 1968)، pp. 159-86. [7] Lloyd Jensen، ''Soviet-American Bargaining Behavior in the Post-War Disarmament Negotiations،'' Journal of Conflict Resolutions،'' 9(September 1963)، 522-41. [8] Lloyd Jensen، ''Approach-Avoidance Bargaining in the Test Ban Negotiations،'' International Studies Quarterly، 12(June 1968)، 152-60. [9] P. Terrence Hopmann، '' Internal and External Influences on Bargaining in Arms Control Negotiations: The Partial Test Ban، ''in Russett، Peace، War and Numbers، pp. 919-37. [10] Russell J. Leng and Hugh G. Wheeler، ''Influence Strategies and War، '' Journal of Conflict Resolution، 23 (December 1979)، 655-84. [11] Charles W. Kegley، Jr.، ''Selective Attention: A General Characteristic of the Interactive Behavior of Nations، '' International Interactions، 2(May 1976)، 113-16. [12] Charles E. Osgood، An Altetnative to War or Surrender (Urbana: University of Illinois Press، 1962). [13] المحاكاة هي منهجٌ للتحليل يقومُ على إعادةِ تصوير الموقف في إطار مصغر، انطلاقًا من معطيَاتِ وقواعدِ الموقفِ المراد محاكاتُه، بهدف فهمِ حركية الموقف واحتمالات تطورِه في المستقبل؛ (المترجمان). [14] أزمة السجين هي أحد أشكال تحليل المباريات التي تفترض وجود علاقة تعارض في المصالح بين سجينين حول الاعتراف (المترجمان). [15] Wayman J. Crow، '' A Study of Strategic Doctrines Using the Inter-Nation Simulation،'' Journal of Conflict Resolution، 7(September 1963)، 580-89; Mark Pilisuk and Paul Skolnik، ''Inducing Trust: A Test of the Osgood Proposal،'' Journal of Personality and Social Psychology 28(February 1968)، 121-33: S.S. Komorita، '' Concession-Making and Confict Resolution،'' Joutnal of Confilict Resolution، 19 (December 1973)، 745-62. [16] Amitai Etzioni، ''The Kennedy Experiment،'' Western Political Quarterly، 20 (June، 1967)، 361-80. [17] Charles Lockhart، Bargaining in International Conflicts (New York: Columbia University Press، 1979)، p. 124. [18] Sidney Siegel and L. E. Foutaker، Bargaining and Group Desesion Making (New York: McGraw-Hill، 1960). |
الفعل ورد الفعل في السياسة العالمية
الفعل ورد الفعل في السياسة العالمية (2) تأليف الدكتور: لويد ***ن ترجمة الدكتور محمد بن أحمد مفتي الدكتور محمد السيد سليم بصفة عامةٍ، فإن المحصلةَ النهائية للمفاوضات تكون عادةً في غيرِ صالح الطَّرَف الذي يبدأ تلك المفاوضات بمطالبَ توفيقيَّة. وقد اعترَض بعضُ الباحثين على نموذج "التنازل/ الاتفاق" كعاملٍ رئيسٍ من عوامل تحديد نتيجة المفاوضات، فمن واقعِ مقابلاته مع حوالي خمسين سفيرًا معتمدًا لدى الأمم المتحدة، استخلص زارتمان أن التفاوضَ هو عمليةٌ قوامها التوصُّل إلى الصيغة الملائمة ومحاولة تطبيقها، وأنه في غمار عملية التفاوض لا يوجه إلا قدر ضئيل من الاهتمام بعدد التنازلاتِ التي أعطاها كل طرَف. وبالعكس، فإن التنازلات هي أساسًا أعمالٌ رمزية تقدَّم في أغلب الأحوال قُربَ نهاية عملية التفاوض: حينما تلوح بوادرُ التوصل إلى اتفاق، وحينما يتوقع الطرَف الذي يقدِّم التنازلَ أن الطرَف الآخر سيقبَل الصفقة المقترَحة[1]، وقد أوضحت المقابلاتُ التي أجريت مع المشاركين في دورة كيندي حول المفاوضات التجارية عام 1967م - والتي أسفرت عن اتفاقٍ حول تخفيض التعريفات الجمركية - أن المشاركين لم ينتبهوا كثيرًا إلى التنازلات التي قدَّمها الآخرون، بدليل أن المشاركين في المفاوضات لم يستطيعوا تحديدَ النقطة التي حدَث عندها تحوُّل جذري في المفاوضات، أو حتى ما إن كان أيٌّ من الأطراف قد قدَّم تنازلاتٍ[2]، وفي مثل هذا النوعِ المعقَّد من المفاوضات، فإن تصرفاتِ الدول كانت مبنيةً على مدى ميل الدولة إلى تبنِّي سياسةٍ تجارِية حرة، لا على سلوك معيَّن للدول الأخرى المتفاوضة معها. كذلك، فقد أشارت بعضُ الدراسات إلى أن السلوكَ السابق للدولة ربما يفسِّر سلوكَها الراهن بصورة أفضلَ من السلوكيات السابقة للدول الأخرى، وليس من المؤكَّد ما إن كان تأثيرُ السلوكِ السابق للدولة على سلوكها الراهن هو نتيجة للاعتياد البيروقراطي، أم لشعورِ الدولة بالارتياح إلى أنماط السلوك المتبعة، ولكن المهم هو أن هذه الدراساتِ تُلقي بعضَ الشك على نماذج "الفعل - رد الفعل"، ويبدو أن هذه النماذج أكثرُ انطباقًا على السلوك الدولي أثناء الأزمات منها على السلوكِ الدولي في الأوقات العادية، وقد أوضحت دراسةٌ للأحداث التي سبقت أربع عشرة أزمة خلال الفترة من 1966م حتى 1969م، أن القدرةَ التفسيرية لنموذج "الفعل - رد الفعل" ضئيلةٌ إلى حد كبير، وأن السلوكَ السابق للدولة أكثرُ منه قدرةً على التنبؤ بسلوكها الراهنِ[3]، وعلى الرغم من أن مزجَ النموذجين في نموذجٍ واحد قد أدَّى إلى زيادة القدرةِ التفسيرية، فإن مدى إضافة نموذج "الفعل - رد الفعل" إلى تلك القدرةِ التفسيرية كان ضئيلاً، كذلك فقد تبيَّن أن نموذج السلوك السابق كان أكثرَ قدرةً من نموذج "الفعل - رد الفعل" في تفسيرِ أنماط الاتصال بين الهند والصين خلال الفترة من عام 1959م حتى عام 1964م، وكذلك الإدراكات والتعبيرات عن الإدراكات خلال أزمة عام 1914م في أوروبا[4]. ففي هاتين الحالتين، كانت الدولُ المتصارعة تميل إلى الاستمرارِ في اتباع أنماط سلوكياتها السابقة أكثر من ميلِها إلى التصرف بناءً على ما تفعلُه الأطرافُ الأخرى، كذلك أوضحت دراسةٌ عن المفاوضات الأمريكية - المصرية حول تمويل مشروع السد العالي أن كلَّ دولةٍ كانت أميلَ إلى التصرُّف بناءً على سلوكِها السابق منها إلى التصرُّف بناءً على سلوك الدولة الأخرى[5]. بَيْدَ أنه ربما كان من الخطأ أن نخلُصَ إلى أن كل الدراسات التي قارنت بين القدرة التنبؤية لسلوك الدولة السابق، وبين القدرة التنبؤية لسلوك الدول الأخرى - قد أكَّدت أفضلية السلوك السابق؛ فقد توصَّلت دراسة للعلاقات الكندية بالدول الأخرى خلال الفترة من عام 1957 حتى عام 1970م، إلى أن هناك معاملاتِ ارتباط عالية بين السلوك الكندي وسلوك الدول الأخرى تجاه كندا، وكان معامل الارتباط الكلي بالنسبة للسلوك الصراع الثنائي مع كل الدول هو 0,57، أخذًا في الاعتبارِ أن معاملَ الارتباط بالنسبة للسلوك الصراعي الأمريكي - الكندي كان أقلَّ من المعامل الكلي، وأن معامل الارتباط بالنسبةِ للسلوك الصراعي السوفيتي - الكندي كان أعلى من المعامل الكلي، وفي الوقت نفسِه، فإن معاملَ الارتباط بين السلوك الصراعي الكندي السابق، وبين السلوك الصراعي الكندي اللاحق كان 0,18، كذلك وجدت الدراسةُ أن حوالي 55% من الأحداثِ التي تم تجميعُها قد حدثت نتيجةً لحافز خارجي[6]. كذلك، فإن نموذج "الفعل - رد الفعل" يفسِّر إلى حدٍّ كبير سباقاتِ التسلح؛ فقد جمع ريتشاردسون بياناتٍ حول الإنفاق العسكري خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، واستنتج أن الإنفاقَ العسكريَّ للدولة يتأثَّرُ بالإنفاق العسكري للدول المعادية لها[7]، وعلى الرغم من أن عاملَ شعور الدولة بالعداء، وعامل الإرهاق يؤثِّرانِ أيضًا في مستوى الإنفاق العسكري، فإن الإنفاقَ العسكري للدول الأخرى كان هو العاملَ الأكثرَ أهميةً في تفسير الإنفاق العسكري للدولة خلال الفترات محلِّ البحث. بَيْدَ أنَّ محاولاتِ تطبيق نموذج ريتشاردسون حول سباق التسلُّح على الإنفاق العسكري لإحدى الدولتين لَم تُؤدِّ بالضرورة إلى زيادةِ الإنفاق العسكري للدولة الأخرى، بل لقد تبيَّن أن مستوى الإنفاق العسكري السابق للدولة كان أكثرَ تأثيرًا على مستوى إنفاقِها العسكري الراهن[8]. وعلى الرغمِ من أن إحدى الدراسات قد استخلصت أن هناك علاقةً إيجابية بين الإنفاق العسكري الأمريكي والإنفاق العسكري السوفيتي[9]، فإن لامبيث يؤكِّد أنه لا يوجد ما يؤكد أن نشرَ القوات السوفيتية كان متأثرًا بقرارات التسلُّح الإستراتيجية الأمريكية، وعلى سبيل المثال، فإن تطويرَ الاتحاد السوفيتي لنظام التسليح من طراز ميرف (الصواريخ ذات الرؤوس النووية المتعددة) كان سابقًا لتطوير الولايات المتحدة لهذا النظام، كما أن بناءَ الترسانة الحربية السوفيتية قد بدأ عام 1962م، وذلك قبل اتخاذ القرار الأمريكي بنشر 1054 صاروخًا عابرًا للقارات[10]. وقد انتهت دراساتٌ متعددة لسباقات التسلُّح في أجزاء أخرى من العالم وفي أزمنة أخرى إلى نتائجَ متفاوتة؛ فتحليل سباقات التسلح في الشرق الأوسط يوضِّح أنه في حالة بعض الدول، وفي بعض الفترات كان هناك نمط تبادلي لسباق التسلح، فبمقارنة سباق التسلح بين عام 1956 - 1967م، وعامي 1967 - 1973م، استخلص راتينجر أنه كان يوجدُ سباقٌ للتسلُّح في الشرق الأوسط في الفترة الأولى، بينما تميَّزت الفترةُ الثانية باختفاء نمط "الفعل - رد الفعل" في التسلُّح الإسرائيلي - العربي[11]، ويفسِّر المؤلف ذلك بأنه بعد عام 1967م، كانت الدول العربيةُ تستعد لشن حرب مسلحة، ومن ثَم فإنها كانت أميلَ إلى الاستمرار في التسلح بصرف النظر عما تفعلُه إسرائيل. كذلك، فقد كشفت دراسةٌ مماثلة لسباق التسلح في أوروبا أنه خلال الخمسينيات والستينيات كانت عمليات ردُّ الفعل أكثرَ وضوحًا في سلوك دول حلف الأطلنطي - وبالتحديد بريطانيا وفرنسا - عنه في سلوك دول حلف وارسو[12]، غير أن المؤلفَ وجَد أن لقوة الدفع البيروقراطية أثرًا أكبرَ على سباق التسلُّح من نموذج "الفعل - رد الفعل"، ومن حالة التوتر الدولي. كذلك توضِّحُ حالة سباق التسلح البحري البريطاني - الألماني خلال الفترة من عام 1905م حتى عام 1916م، أن بريطانيا كانت أميلَ إلى الردِّ على السلوك الألماني أكثرَ من رد ألمانيا على السلوك التسلُّحي البريطاني[13]، كذلك فإن ألمانيا كانت تميل إلى التأكيدِ على نوعية الأسلحة، أما بريطانيا فكانت أميلَ إلى التركيز على كمية الأسلحة. وهناك العديدُ من الأسباب التي تفسِّرُ عدم قدرة نموذج "الفعل رد الفعل" على وصفِ ما يحدُث فعلاً في عالم الواقع، ومن أول تلك الأسباب مجموعةُ العوامل السياسية الداخلية والبيروقراطية؛ فالإنفاقُ العسكري يتأثَّرُ بضغوط المركب العسكري - الصناعي على نحوِ ما أوضحناه في الفصل السادس، كما يتأثَّرُ الإنفاق العسكري بالحاجة إلى إرساء أسسِ النظام السياسي الداخلي؛ حيث إن المؤسسةَ العسكرية - وبالذات في الدول النامية - تلعَبُ دورًا مهمًّا في تأمينِ الاستقرار الداخلي، من ناحية أخرى، فإن الإنفاقَ العسكري يتأثَّرُ بالتنافس بين أفرعِ القوات المسلحة؛ إذ إن كلَّ فرعٍ يضغط من أجل زيادة مخصصاته المالية، ولا يعني ذلك أن زيادةَ إنفاق العدو العسكري لا تلعب دورًا؛ حيث إن تلك الزيادةَ تخلُق المبرِّرات الكافيةَ لزيادة إنفاق الدولة العسكري، وللحصول على تأييد الرأيِ العام الداخلي لتلك الزيادة. أما ثاني تلك الأسباب، فهو الميلُ إلى استمرار مستوى الإنفاق العسكري الراهن بحيث يعكس مستوى الإنفاق العسكري السابق؛ وذلك نظرًا لميلِ البرامج العسكرية إلى التوسعِ لامتصاص المبالغ المالية المتاحة؛ فبرامجُ الصواريخ الأمريكية توسَّعت بعد عام 1954م؛ نظرًا لأن مستوياتِ الإنفاق العسكري قد ارتفعت إبان الحرب الكورية[14]، وكذلك فإن انتهاءَ الحرب الفيتنامية لَم يُؤدِّ إلى خفض الإنفاق العسكري الأمريكي، ولكنه بالعكس، كان من العواملِ التي أدَّت إلى استمرارِ الميزانيات العسكرية الهائلة. من ناحية ثالثة، فإن إنفاقَ الدولة العسكري قد لا يعكس الإنفاقَ العسكري للعدو نتيجة الخطأ في حساب مقدرات العدو ونواياه؛ فافتقاد نمطٍ لتبادل السلوك في سباق التسلُّح الأمريكي - السوفيتي قد يكون راجعًا إلى أن كلَّ دولة من الدولتين كانت تتصرَّفُ بناءً على تقديرها لقوة العدو المتوقعة، وليس بناءً على قوَّته الراهنة، وقد أدَّى ذلك إلى أخطاء خطيرة في الحساب أدَّت بالتالي إلى وجودِ فجوات في مستويات التسلح؛ كفجوة قاذفات القنابل في الخمسينيات، وفجوة الصواريخ في أوائل الستينيات، وفي حالة فجوة الصواريخ، فإن الولايات المتحدةَ قد اكتشفت عن طريقِ طائرات الاستطلاع من طراز يو - 2 أن القوةَ الصاروخية السوفيتية أقلُّ بكثير من القوة الصاروخية الأمريكية، مما أغرى الولاياتِ المتحدة لدفع خروتشوف إلى اتخاذ القرارِ الخاطئ بنَصْب الصواريخ في كوبا عام 1962م. من ناحية رابعة، فإن نماذجَ سباقِ التسلح تُبنَى عادةً على أساس العلاقة الثنائية بين دولتين، ومن ثَم فإنها لا تأخُذُ في حسبانها احتمالَ وجود دولة ثالثة تؤِّثر في السباق، وعلى سبيل المثال: ما هو حجمُ المجهود العسكري السوفيتي الناشئ عن التهديد الصيني؟ وما هو حجم المجهود العسكري السوفيتي الناشئ عن التهديد الأمريكي؟ توضِّحُ نماذج سباق التسلح المبنية على افتراض ثلاثية السباق أن سباقَ التسلح بين اثنتين من دول ثلاث يتصاعد باستمرار، ليس بسبب حركية السباق بينهما، وإنما بسبب الخوفِ من تحالفات الطَّرَف الثالث[15]. من ناحية خامسة، توضح دراسات سموكر أن هناك درجاتٍ متفاوتةً للخوف من سباق التسلح[16]، ويقصد بذلك أن أحدَ الأطراف الداخلة في سباق التسلُّح قد يبدأُ في التخوف من تطورِ السباق إلى مستوًى يؤدِّي إلى خروج السباقِ عن نطاق سيطرته، ومن ثَم يشرَعُ في تخفيض إنفاقِه العسكريِّ في الوقت الذي يستمرُّ الطرَفُ الآخر في تصعيد السباق لانخفاض درجة الخوف لديه. من ناحية سادسة، فإنه في بعض الحالات تؤدِّي ضآلةُ مستوى التسلح لدى العدو إلى دفعِ الدولة الأخرى لتصعيدِ سباق التسلُّح؛ فالدافع الرئيس وراء ضغط الولايات المتحدة لزيادة الأسلحة التقليدية لحلف الأطلنطي في الستينيات كان هو اكتشاف الولاياتِ المتحدة أن الأسلحةَ التقليدية السوفيتية أقلُّ مما كان متوقَّعًا، مما أغراها بانتهاز الفرصة للحصول على تفوُّق على الاتحاد السوفيتي في هذا المجال، والدفاع عن أوروبا بالأسلحة التقليدية بدلاً من الأسلحة النووية[17]، وبالمثلِ فإنه ربما لم يكن الاتحادُ السوفيتي ليحاولَ أن يحسنَ من مستوى قدراته الإستراتيجية ما لم يكُنْ قد ظنَّ أنه من الممكن تحقيقُ التكافؤ مع الولايات المتحدة في هذا المجال. والواقع أن السؤالَ الأكثر أهميةً من وجهة نظر السياسة الخارجية هو هل يؤدي سباق التسلح إلى نشوب حرب؟ فقد استخلصت إحدى الدراساتِ أنه لا توجدُ علاقةٌ بين سباقات التسلُّح ونشوب الحروب[18]؛ فالحرب الكورية - على سبيل المثال - لم تبدأ بسباق للتسلُّح، ولكنها بدأت بسباق لنزع السلاح؛ حيث كانت الولاياتُ المتحدة تحاول إعادة قواتها إلى أراضيها بعد أنِ انتهت الحربُ العالمية الثانية، كذلك فسباق التسلُّح البحري البريطاني الفرنسي الذي استمر حوالي أربعة وستين عامًا (1840 - 1904م)، لم يؤدِّ إلى نشوب حربٍ بين الدولتين، وعلى الرغم من حدةِ سباقات التسلُّح بعد الحرب العالمية الثانية، فقد لوحظ أن عددًا قليلاً من سباقات التسلُّح بين الدول الكبرى قد انتهى إلى حرب؛ فمنذ الحربِ العالمية الثانية انتهت 8% فقط من سباقات التسلُّح بين القوى الكبرى إلى حرب بين تلك القوى[19]. وبالعكس، فقد أكدت بعضُ الدراسات أن سباقات التسلُّح تؤدي إلى تصعيدِ ال*** وزيادته. وقد وجدت إحدى هذه الدراسات أن ثلاثًا وعشرين من بين ستٍّ وعشرين مواجهة عسكرية حربية بين القوى الكبرى خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، كانت مسبوقة بسباق للتسلُّح. ولكن تبيَّن أيضًا أنه مِن بين اثنتين وسبعين مواجهة غير عسكرية بين القوى الكبرى كانت خمسٌ منها فقط مسبوقةً بسباق للتسلُّح[20]، كذلك فقد توصَّلت دراسةٌ أخرى - باستعمال بياناتٍ تتعلَّق بالفترة نفسها - إلى أن هناك علاقةً قوية بين معدَّل زيادة الإنفاق العسكري وعدد الحروب التي ظهرَتْ في السنوات الخمس التالية لتلك الزيادة[21]، وقد تأكدت تلك العلاقةُ حتى بعد أن تم تحييدُ أثر العوامل الأخرى التي قد تؤثِّر في تلك العلاقة. وقد أكدت دراسةٌ كلاسيكية لسباقات التسلُّح قام بها هنتنجتون أن هناك علاقةً عكسية بين طول الفترة الزمنية لسباق التسلُّح، وبين احتمال نشوب الحروب نتيجة لهذا السباق[22]؛ ففي المراحل الأولى لسباق التسلُّح لا توجد عادة أنماطٌ محدَّدة للتفاعل السلمي بين الدول الداخلة في السباق، ومن ثَم تزداد احتمالاتُ نشوب الحرب في تلك المراحل، كذلك يؤكد هنتنجتون أن احتمالاتِ نشوب الحرب تزدادُ في حالة سباق التسلُّح الكمي عنها في حالة سباق التسلُّح الكيفي؛ فسباق التسلُّح الكمِّي يؤدي إلى عدم التكافؤ؛ لأن أحدَ الطرَفين يزيد من كميات السلاح المتراكمة لديه على حسابِ الطرف الآخر، أما سباق التسلُّح الكيفي فإنه يؤدي إلى التكافؤ؛ لأن الميزةَ العلمية النوعية التي قد يتمتَّع بها طرَفٌ لا تستمر عادةً لفترة طويلة، أخذًا في الاعتبار التطور الهائل في التقنية الحديثة، ويؤدي هذا التكافؤُ - في نظر هنتنجتون - إلى الإقلال من احتمالات نشوب الحرب، كذلك فإن سباقَ التسلُّح الكمي ينطوي على أعباء مالية باهظة، ويؤدِّي إلى توترٍ شديد، وبالتالي يولِّدُ ضغوطًا هائلة لإنهاء هذا السباق، إما عن طريقِ اللجوء إلى الحرب، أو عن طريق نزعِ السلاح، ولسوء الحظِّ، فإن اللجوءَ إلى الحرب هو البديلُ الأكثر احتمالاً في تلك الحالة، أما سباق التسلُّح الكيفي، فإنه ينطوي على مجرَّدِ إعادة توزيع لميزانية التسليح أكثر منه زيادة جديدة في تلك الميزانية، ومن ثَم فإنه لا يولِّد ضغوطًا تؤدِّي إلى نشوب الحرب، ولا يعني ذلك أن سباقَ التسلُّح الكيفي هو سباق محمودٌ؛ لأنه إن شعرت الدولة الداخلةُ في سباق التسلح الكيفي أن الدولةَ الأخرى على وشكِ الحصول على مَيزة تقنية كبرى قد تؤدي إلى تغييرِ الميزان العسكري لصالحها، فإنها قد تجدُ نفسَها مدفوعةً إلى المبادرة بضربة عسكريةٍ ضد الدولة الأخرى، أو ضد نظام تسليحِها الجديد، وبالذات إن شعَرت أنها لن تكونَ قادرةً على اللحاق بها في المستقبل القريب، كذلك فإن سباقَ التسلُّح الكيفي يزيد من قدرة الدولِ الداخلة فيه على إحداث قدرٍ أكبرَ من الدمار في العالم. [1] I. William Zartman، ''Negotiations as a Joint Decision-Making Process،'' Journal of Confict Resolutions، 21 (December 1977)، 619-38. [2] Gilbert R. Winham، ''Complexity in Internations،'' in Daniel Druckman، ed.، Negotations: Social-Psychological Perspectives (Beverly Hills، Calif.: Sage Publications، 1977)، pp. 347-66. [3] Dina A. Zinnes،'' Three Puzzles in Search of a Researchet،'' International Studies Quarterly، 24 (September 1980)، 321. [4] G. Duncan and R. Siverson، ''Markov Models for Conflict ****ysis: Results fron Sino-Indian Relations، 1959-1964. '' International Studies Quartetly، 19 (September 1975)، 344-74، and Gordon Hilton، ''Expressions of Hostility Crisis،'' Journal of Peace Research، 8، no. 3-4 (1971)، 249-62. [5] Bertram I. Spector، ''A Social-Psychological Model of Position Modification; Aswan،"" in I. William Zartman، ed.، The 50% Solutions (Garden City، N.Y: Doubleday/Anchor Press 1976)، pp. 343-71. [6] Don Munton، '' Stimulus-Response and Continuity in Canadian Foreign Policy During the Cold War and Détente، '' in Breian W. Tomlin، ed.، Canadian Foreign Policy: ****ysis and Trends (Toronto: Methuen، 1978). [7] Lewis F. Richardson، Statistics of Deadly Quarrels (Pittsburgh، Pa.: Boxwood، 1960). [8] Charles W. Ostrom، Jr.، ""Evaluating Altirnative Foreign Policy Decision-Making Models،'' Journal of conflit Resolution، 21(June 1977)، 235-66، and W. Ladd Hollist،'' An ****ysis of Arms Processes in the United States and The Soviet Union،'' Internationmal Studies Quarterly، 21 (September 1977)، 503-28. [9] Sivia S. Wurtele، A Quantitative ****ysis of Arms Competitions (Los Angeles: Pan Heuristics، 1967). [10] Benjamin S. Lambeth، ''The sources of Soviet Militry Doctrine، '' in Frank B. Horton et al.، eds.، Comparative Defense Policy (Baltimora: Johns Hopkins Press، 1974)، pp. 202-3. [11] Hans Rattinger،'' From War to War: Arms Races in the Middle East،'' International Studies Quarterly، 20(December 1976)، 501-31. [12] Hans Rattinger، ''Armaments Détente، and Bureaucracy: The Case of the Arms Race in Eurpoe،'' Journal of Conflict Resolution، 19(December 1975)، 571-95. [13] John C. Lambelet، ''A Complementary ****ysis of the Anglo-German Dreadnought Race، 1905-1916،'' Peace Science Society (Intrnational Papers، 26) (1976)، 49-66. [14] Colin S.Gray، The Soviet-American Arms Race (Westmead، England: Saxon House، 1976). P. 107. [15] John E. Hunter،'' Mathematical Models of Three-Naticon Arms Race،'' Journal of Conflict Resolutions، 24 (June 1980)، 241. [16] Paul Smoker، ''Fear in the Arms Race: A Mathematical Study،'' Journal of Peace Research، 1، no.1 (1946)، 55-63. [17] Robert Jervis، Perception and Misperception in International Politics (Princeton، N.J.: Princeton University Press، 1976)، p. 86. [18] John C. Lambelet، ''Do Arms Races Lead to War،'' Journal of Paece Research 12، no.2 (1975)، 123-28. [19] Melvin Small and J. David Singer، ''Conflict in the International System، 1816-1977،'' in Charles W. Kegley، Jr.، and Patrick J. McGowan،eds.، Challenges to America: United States Foreign Policy in the 1980s (Beverly Hills، Calif.: Sage Publications، 1979)، p. 107. [20] Michael D. Wallace، ''Arms Races and Escalation،'' Journal of Conflict Resolutions 23 (March 1979)، 3-16. [21] Michael D. Wallace،'' Status، Formal Organization، and Arms Levels as Factors Leading to the Onset of War، 1820-1964، ''in Russett، Pace، War، and Numbers، pp. 49-69. [22] Samuel P. Huntington،'' Arms Races: Races: Prerequisites and Results،'' Public Policy، 1958، pp. 41-86. |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 06:34 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.