تَاجُ الحُبِّ
عبد الستار المرسومي



رَسولَ اللهِ أَرَّقَني اشتِياقي *** ودَمْعُ العَينِ مِخْراقُ الخِناقِ
حَنينُ الرُّوحِ جَيّاشُ العَنانِ *** إلى المُخْتارِ والصَّحْبِ العِتاقِ
جَعلتُ الحُبَّ نِبراساً لقلبي *** وصَفْوَ الوُدِّ مَعْسُولَ المَذاقِ
أُحِبُّكَ يا حَبيبَ اللهِ حُبّاً *** تَغَلغَلَ في حَشا لُبِّ العراقي
ولُبُّ الحُبِّ للأحبابِ تاجٌ *** وتاجُ الحُبِّ لَنْ يُؤتى لِعَاقِ
أيا تاجَ الرُؤوسِ وَتَاجَ حُبَّ *** تَجاوزَ قَدْرُهُ حَدَّ الطِّباقِ
شَقائِقُ في خَمائِلكَ الغَوالي *** سَفكْتُ الدَّمعَ مِهْراقاً سَواقي
ونفسي إنْ تُطَاوِعُني فإنّي*** أقَدِّمُ في الهوى نُورَ المآقي
فعُذراً يا نَبيَّ اللهِ إنّي*** قليلُ الفعل ِكالرَّجُل ِ البَقاقِ ([1])
أَتَسمَحُ لي أُنادي: يا حَبيبي؟ *** وَأََنْحرُ في اللُقا عِينَ النِّياقِ
محمدُ يا حبيباً طَافَ قلبي *** فَأحرَقَ مُهجَتي وَهْجُ العِناقِ
أيا ماحِي الجهالةِ عنك َصَالتْ *** جيادُ اللهِ تَغزو باستِباقِ
وتَبذُلُ للأنامِ كَمِثلِ ريحٍ *** أو الغيثِ المُندَّدِ باغتِباقِ
يُحبُّكَ يَا نَقِيَّ القَلبِّ ربٌ *** أخَصَّكَ تَمتَطِي ظَهرَ البُرَاقِ
فأحمدُ في عُلا مَولاهُ يَسمو *** ورُوحُ اللهِ بالمُختارِ رَاقِ
فَيَدنُو من جَلالِ الله قُرباً *** وكانَ القابُ قوسيِّ ارتفاقِ
فكَلَّمَهُ إلهُ النَّاسِ حَتِى *** يُدَغْدِغُ قَلبَهُ بَرْدُ التَلاقي
حَبيبُ الرُّوحِ يَا أيَّامَ عُمرِي *** فَما قَدْري لَديكَ وَمَا خَلاقِي؟
يقولُ الناسُ عني: بي جُنونٌ *** وليس يضرُّ بي غيرُ الفِرَاقِ
فهل تَرضى يَمُسَّ الجِبسُ [2]قَلْباً *** تَلألأ في سَمَا حُبِّ الرِقَاقِ
بنَبضِ القَلبِ رَوضٌ أنتَ فيهِ *** أُصلّيْ في الرِّياضِ مَعَ الرِّفاقِ
عَرُسْنا عِندَكَ الأمسُ كِفاتاً *** لُقا الأَحْبابِ للتّاريخِ باقِ
وَلكِنَّ الزيارَةَ ذاتُ شَرطٍ *** فيَمنَعُ بينَ طَيبةَ والعِراقِ
أَخالُ الحَجَّ مِطوالاً فأَصْحو *** على الأَيامِ أنّي في سِباقِ
فَمَن رجُلٌ يَمُنُّ على فُؤادي؟ *** ليَرشُفَ عذبةَ الطِّيبِ الرِّحاقِ
رَوَيْتُ الحُبَّ أَلوانَ الحَكايا *** تمامُ البدرِ هالَتُهُ احتراقي
شَغَافُ القلبِ مَسكَنُهُ حَبيبي *** أنين ُالشَّوق ِطَوقاً بالوَثاقِ
فَمهلاً يا حبيبَ القلبِ إنّي *** بِجوف ِ اللَّيلِ أهوالاً أُلاقي
بجَوفِ اللّيل يَعثُو بي سُهادٌ *** يُمَزِّقُ أضلُعِي ويَشُّلُ سَاقي
يُجافي مُقلَتي نَومُ البَرايا *** وتَبْلُغُ غُصَّتي حَدَّ التَراقي
مخافةَ إنْ تَقَدَّرَ وألتقَينا *** أَأُسْقى شُربةَ الكأسِ الدِّهاقِ؟
أم الزَّجْرُ المُعَنَّفُ ذا نَصيبي *** فَأُحْرَمُ رَشْفَة ًمن خَيرِ ساقِ!
فلَو كَتَبَ الإلهُ لنا لِقاءً *** وَكَحَّلَ نُورُهُ جَفْنَ المَآقِ
أُقَبِّلُ وَجْنَةً شَوقي إليها *** كَمَا شَوقِ العَليلِ لكفِّ راقِ
وأُخبِرُهُ بحالٍ لَيسَ يُرضِي *** فَأُمَّتُهُ تَدَنَّتْ مِنْ شِقاقِ
سأَبكي حتَّما أُشْفِي غَليلي *** وأَذرفُ حَتَّما سَمْلِ الحِداقِ
وأَشْكو حَتَّما تَصفُو عُروقي *** وبَوحِي حَتَّما فَكِّ الخِنَاقِ
وأعترفُ بذَنبٍ تِلوَ ذَنْبٍ *** أُطَهِّرُ مُهجَتِي مَا مِنْ بَواقِي
وأيقَنَتِِ الهَلاكَ المُرَّ روحي *** فَها هيَ مَنْ يُنازِعُها سِياقي([3])
تقول النَّفْسُ:أحمدُ ذا حَبيبي*** وِصالُ الرُّوح ِرُغماً بالفُواق([4])

([1]) البقاق: الرجل كثير الكلام قليل العمل.
[2]الجبس: الرجل السييء.
([3])سياق الموت: حين يجود الإنسان بنفسه.
([4]) الفواق:الموت