![]() |
برنارد لويس وثورات الربيع العربى
برنارد لويس وثورات الربيع العربى مراد وهبة قبل أن يقترب من عامه المائة فى عام 2016 أصدر برنارد لويس أحدث كتاب له فى عام 2012 عنوانه ز مذكرات قرن من الزمان..تأملات مؤرخ للشرق الأوسطس. يقول فى مقدمته: منذ شبابه لم يكن مهموماً إلا بالشرق الأوسط. وكان هذا الهم، فى البداية، هواية ثم تحول إلى مهنة عندما تعلم لغات الشرق الأوسط وقرأ ما كتب عنه. وكان هو أول مَنْ مارس هذه المهنة فى بريطانيا حيث مولده من أسرة يهودية عريقة. ومن هنا كان من اللازم أن يبدى برنارد لويس رأيه فى ثورات الربيع العربى التى حدثت قبل عام من إصداره ذلك الكتاب. ولكن قبل أن يحدثنا لويس عن رأيه فيما حدث فى عام 2011 كان عليه تبرئة نفسه من ز نظرية لويسس وهى نظرية كان قد اخترعها سياسى مرموق ولكنه غريب الأطوار اسمه لِنْدن لاروش. قال عن لويس إنه هو الذى صك مصطلح ز الراديكالية الاسلاميةس التى تلتزم البحث عن الجذور بدون أى تأويل من أجل فرضها على كوكب الأرض كغاية نهائية. وبناء عليه وجه لاروش اتهاماً إلى لويس بأنه هو الذى أدار الثورة الايرانية وأوجد أشكالاً من التطرف الاسلامى، وذلك استناداً إلى أنه عميل فى جهاز المخابرات البريطانية من أجل إعادة الاستعمار البريطانى إلى منطقة الشرق الأوسط. ومع الوقت توارى لاروش وأتباعه ولكن بقيت ز نظرية لويسس مسئولة عن سياسة بوش الابن بوجه عام وغزو العراق بوجه خاص. ولويس هنا لا ينكر هذه المسئولية ولكنه ينكر تشويهها، وحجته فى ذلك هى على النحو الآتى: لقد التقاه نائب الرئيس ديك تشينى إثر أحداث 11/9. وكانت الغاية من هذا اللقاء ولقاءات أخرى أن يقدم لويس معلومات يكون من شأنها الإسهام فى اتخاذ قرار سياسى سليم. وكان تشينى ينصت لما يقدمه لويس ثم يناقشه فى التحديات والمخاطر الكامنة فى الشرق الأوسط. وبعد ذلك اجتمع لويس مع مسئولى البيت الأبيض فى جلسة بدون تسجيل، ثم اجتمع مع كونداليزا رايس مستشارة الأمن القومى فى جلسة خاصة. وفى النهاية التقاه الرئيس الأمريكى بوش الابن ثلاث مرات. وخلاصة رأيه فى تلك اللقاءات أن حكام الثورة الايرانية لديهم رؤية ايمانية بضرورة حسم الصراع بين قوى الله التى هى ايران وقوى الشيطان التى هى أمريكا. ويكون الحسم فى هذه الحالة معبراً عن نهاية الزمان أو نهاية التاريخ لأن مهمة الله عند هذه النهاية تكون محصورة فى تمييز المسلمين عن غيرهم من الضحايا واعطائهم تأشيرة الدخول إلى الجنة. وهذه هى الذهنية الايرانية الثورية بلا زيادة أو نقصان. ومن هنا يرى لويس أن أمريكا قد أخطأت فى مطلبها من ايران أن تخرج من العراق بعد الفوضى الذى سببها غزو أمريكا لذلك البلد، إذ كان هذا المطلب بمثابة قبلة الموت. هذا فيما يختص بايران الثورة أما فيما يختص بثورات الربيع العربى فقد كان من رأى لويس أن هذه الثورات تواجه إشكالية الديمقراطية، أى تواجه تناقضاً. والسؤال اذن: ما هو هذا التناقض؟ فى عبارات موجزة يقرر لويس أن البلدان الديمقراطية فى العالم الغربى، فى الأغلب الأعم، هى بلدان ذات نظام ملكى وذات طابع بروتستنتى مثل النرويج والسويد والدانمرك وهولندا وبلجيكا وبريطانيا. أما فيما عدا تلك البلدان فلدينا سويسرا وأمريكا وهما دولتان ديمقراطيتان بالرغم من أنهما لا يتبعان النظام الملكى. ومع ذلك فأمريكا متعثرة فى تطبيق الديمقراطية، إذ لديها عورتان: العبيد وقهر المرأة. أما فى العالم العربى والاسلامى فالديمقراطية كمصطلح سياسى ليس لها تاريخ، بل ليس لها ذكر، ومن ثم فثورات الربيع العربى خالية من الديمقراطية ومع ذلك فالعالم الغربى يريد فرضها على تلك الثورات، وقيل فى تبرير ذلك الفرض أن صندوق الانتخابات كفيل بالتعبير عن الديمقراطية. ولويس ليس من أنصار هذا القول ولا أدل على ذلك من استيلاء هتلر الدكتاتور على السلطة فى عام 1933. واستيلاء حماس الأصولية عليها فى عام 2007 وذلك استناداً إلى نتائج صندوق الانتخابات. وهنا سؤال لابد أن يثار: لماذا لاذكر للديمقراطية فى العالم العربى الإسلامى؟ جواب لويس أن الديمقراطية تنطوى على انتخابات دورية، ويخطئ الغرب عندما يريدها على هذا النحو فى الشرق الأوسط. وإذا أرادها كذلك فالنتيجة مأساوية بالضرورة. ولا أدل على ذلك من استيلاء حماس على الحكم بالانتخاب الحر وكانت ديكتاتوريتها هى الثمرة اللاذعة المذاق. وحتى القول بالانتخاب الحر مشكوك فيه لأن الأحزاب الدينية لها الكلمة فى أى انتخاب لأنها متحكمة فى دور العبادة. ولكن ما هو أسوأ من ذلك هو أن ثوار الربيع العربى طالبوا باسقاط النظام ولكن لم يكن لديهم البديل. والمفارقة هنا أن البديل جاء من الماضى وليس من المستقبل. جاء من الاخوان المسلمين وهم، فى رأى لويس، حركة خطرة للغاية، وشهوتهم فى الاستيلاء على الحكم، فى العالم العربى، كارثة، إذ من شأنه دفع ذلك العالم إلى العصور الوسطى المظلمة. وفى خاتمة كتابه يثير لويس السؤال الآتى: هل فى إمكان العالم العربى ممارسة الديمقراطية؟ جوابه بالنفى إذ للعرب تراث مناقض لتراث الغرب، إذ هم مؤهلون لأن يكونوا محكومين بالطغاة. وكل المطلوب بعد ذلك من الغرب هو المساهمة فى شرق أوسط مستقر مع طغاة متعاطفين مع الشعب دون تقديم حلول لأن الحلول مرفوضة باعتبارها آتية من الغرب. والرأى عندى أنه من السذاجة القول بأن العالم العربى والاسلامى يريد الاكتفاء الذاتى وتجاهل العالم الغربى، إذ إن ذلك العالم يريد الاستيلاء على الغرب ذاته حتى يُدخله فى الخلافة الاسلامية كوكبياً. |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:03 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.