أي رسالة ؟!!!!!!! ....
وأي ماجستير؟!!!!! ...
وما علاقة (رسالة) بالماجستير ؟!!!!! ...
وهل يوجد ماجستير بدون (رسالة) ؟!!!! ...
لقد كان محمد – إنساناً عادياً للغاية .. يذهب إلي جامعته مثل أي أحد ..
يجلس مع أقرانه لتناول الشطائر في الكافيتريا مثل أي أحد .. (يزوغ) من
المحاضرات المملة مثل أي أحد .. شخصية لا تميزها عن أي شخصية أخري ..
إلي أن وقع الحادث الذي – كما يقول كاتبي القصص- قلب مسار حياته رأساً
علي عقب ..
لقد شاء القدر أن يصاب محمد بالعمى إثر حادث أليم عندما كان في السنة
النهائية بكلية آداب قسم اجتماع ..
لقد كان حادثاً أليماً زلزل حياة محمد ، فقد أضحت الدنيا في عينيه سوداء
معتمة – بالمعني المجازي والحقيقي للكلمة- فقد أصبح فجأة أعمي لا يري ،
صدمة شديدة أصابت محمد وأسرته في مقتل ، فحقيقة الأمر أن الإنسان إذا ولد
أعمي في الأصل فإنه لا يشعر بحجم المأساة التي يشعر بها من أصيب بالعمى
بعد طول إبصار ..
اختبار صعب بالفعل ، ومحنة – ستتحول فيما بعد إلي منحة – لا يستطيع أن
يجتازها إلا من ثبته الله عز وجل وصب عليه الصبر صباً ..
وبالفعل تقبل محمد ابتلاء الله عز وجل بنفس راضية محتسبة واثقة في الله الذي
لا يضيع من رضي بقضائه ولم يتهمه في أمر قضاه ..
واستطاع محمد بفضل الله ثم أصدقائه الأوفياء أن يجتاز اختبار السنة
النهائية لكي يحصل علي ليسانس آداب قسم اجتماع ..
وقرر محمد بعد ذلك أن يخوض تحدياً صعباً يتردد الأصحاء كثيراً قبل أن
يخوضوا فيه ..
قرر محمد أن يستكمل دراساته العليا وأن يبدأ في تحضير رسالة
الماجستير .. قرر محمد أن يتحدى عجزه وأن يثبت لنفسه وللناس بأن الإنسان
العاجز هو الإنسان الذي يريد أن يكون عاجز .. وأن العجز الحقيقي هو عجز
الإرادة لا عجز الجوارح ..
ولكن عندما بدأ محمد في رسالة الماجستير أدرك أن الأمر لم يكن بهذه
البساطة التي كان يحسبها ، ففي بداية الأمر يجب عليه أن يحدد نقطة البحث
ثم يستعرض العديد من المراجع التي ناقشت هذه النقطة وقبل كل ذلك يجد
أستاذاً جامعياً رحيماً به وبظروفه الحالية يقبل به ويتحمله..
وبعد جهد جهيد منّ الله علي محمد بأستاذ جامعي متفهم لحالته الصحية بل
ومتحمساً أيضاً لنقطة البحث التي اختارها محمد ،ولكن بقي أمامه المشكلة
الأكبر ألا وهي كيف يستطيع أن يستعرض المراجع السابقة وهو الذي لا يري كف
يده الممدودة أمامه ؟ ..
جلس محمد مهموماً وهو يروي تفاصيل مشكلته لأحد أصدقائه ، ولكنه فوجىء
بصديقه يربت علي كتفه مشجعاً وشعر بشبح ابتسامة ترتسم علي شفتي صديقه
وهو يخبره أن حل مشكلته التي تؤرق مضجعه سهل وميسور للغاية ..
لقد أخبره صديقه أن يتوجه إلي مقر جمعية رسالة للأعمال الخيرية ويروى
لهم مشكلته بالتفصيل ويترك كل شيء بعد ذلك لله ثم لرسالة ..
لم يصدق محمد بالطبع ما أخبره به صديقه ولكنه قرر الذهاب إلي رسالة من
منطلق التجربة ،ومن منطلق اليائس المتشبث بأي أمل ..
وبالفعل توجه محمد إلي مقر جمعية رسالة ، وعندما عرض عليهم مشكلته
فوجىء بأن هناك نشاطاً منفرداً للمكفوفين بداخله قسم خاص لمساعدة طلبة
الماجستير والدكتوراة ..
وفي نفس المقابلة تم تحديد عدد من المتطوعين لمباشرة محمد وتلبية
احتياجاته من قراءة المراجع وتسجيلها له لكي يتسنى له الاستماع وقتما
يريد ..
ولم تكتف رسالة بذلك فحسب بل وفرت أيضاً لمحمد متطوعين لكتابة رسالة
الماجستير ووفرت له أيضاً الورق المخصص لطباعة الرسالة بطريقة برايل
وقامت أيضاً بطبع الرسالة..
كما قام المتطوعين أيضاً بمصاحبة محمد أثناء مناقشته لرسالة الماجستير
للشد من أزره ، وبالفعل تمكن محمد من الحصول علي درجة الماجستير وسط
فرحته العارمة وأهله ..
طبعاً من نافلة القول ها هنا أن نذكر أن محمد بدأ برسالة بعد الله عز وجل
في الشكر والتقدير التي ُتكتب في بداية أي رسالة للماجستير..
ومن نافلة القول أيضاً أن نذكر أن رسالة قد قامت بعمل (زفة) صغيرة لمحمد
احتفالاً بنيله لدرجة الماجستير ،وعقبال الزفة الكبيرة إن شاء الله.
(منقول)
__________________
سبحان الله وبحمده,,,سبحان الله العظيم
|