ـــــــــ*×*ـــ((2))ـــ*×*ـــــــــ
هممت بأن أصرخ في وجهه و ألقنه درسا في احترام الدين الإسلامي ... لكن مرت بذهني فجأة آية كريمة أحبها : ((لو كنت فظاغليظ القلب لانفضوا من حولك)) و ((وجادلهم بالتي هي أحسن))...
فأخذت نفسا عميقا للسيطرة على انفعالي ثم قلت في ثقة :
ـ ليس من خلق رسولنا الكريم أن يرد على استفزازات المشركين، و نحن نسعى إلى أن نكون على خطاه، لذلك لن أرد عليك ... كما أنني آسفة لأنه يجب أن أنصرف فليس من خلق الفتاة المسلمه أن تجلس لمجادلة الرجال دون حياء، لكن إن شئت يمكننا أن ننضم جلسة نقاش يحضرها الشباب المسلم لتبادل الأفكار...
حينها سمعت صوته من خلفي يقول في صلابة و حزم :
ـ أنا أول المشاركين في الجلسة إن شاء الله!
التفتت مندهشة إلى مصدر الصوت... رأيته واقفا أمامي، تقدم بكل هدوء و سحب مقعدا ليجلس قبالة الشاب اللبناني و هو يقول :
ـ اعذراني إن قطعت حواركما، لكنه يبدو شيقا بالفعل، و يهمني أن أشارك...
كان من الواضح أنه استمع إلى قسم من حوارنا. أحسست بالسعادة... فقد جاءت المساندة!
لم أكن أعرف الشاب القادم بصفة شخصية لكنني أراه كثيرا في المكتبة، و يبدو عليه أنه طالب مجتهد. يجلس في ركن قصي حيث لا يضايقه أحد، لا يرفع رأسه عن كتبه... ربما من التركيز الشديد... و ربما غضا للبصر...
تكلم دون أن ينظر إلي بمثل وقاحة الكثير من الشباب اليوم :
ـ بعد إذنك أختي... سأتكفل بحجز إحدى القاعات، و أضع إعلانا على لوحة الإعلانات حتى يشاركنا كل من يريد أن يدلي بدلوه، و سأحرص على أن يكون الحوار منظما و حضاريا، دون تبادل الاتهامات المخزية و أو استعمال حجة الحنجرة و الاستفزاز... ما رأيكما في مساء الأربعاء؟
لم نملك إلا أن نوافق و قد بدا أنه سيطر على الموقف تماما...
لكنني كنت سعيدة، ربما لأن الإسلام لا يزال بخير
ربما لأنني كنت في موقف عصيب و وجدت من يقف معي و هو لا يعرف عني سوى أنني أخت في الله
و ربما...
لكن الأكيد هو أنني أحمد الله كثيييييرا لأنني لم أتسرع بالقيام بردة فعل عصبية كانت كفيلة بإفساد كل شيء في لحظات فتشوه صورة الإسلام و المسلمين
و تضيع فرصة الحوار بين الأديان...
و تجعلني في موقف حرج و فظيع أمام الشاب الشهم الذي أنقذ الموقف...
يوم الأربعاء، يكون بعد غد...
و بالفعل كان الإعلان يحتل صدر اللوحة صباح الغد... و رأيت عددا من الشباب يقفون لمطالعته
و كانت صديقتي راوية متحمسة جدا لحضور الجلسة، و لم تكن تعلم شيئا عن السبب الأساسي لعقدها...