ثالثا : من تاريخ الاستقراء :
1) الاستقراء تراث إنسانى :
لقد دار جدل كبير حول من هو أول من وضع أساس الاستقراء ؟ حيث انقسم الباحثون الغربيون إلى فريقين :
أ ) يرى فريق أن أرسطو أول من حاول وضع منهج للتفكير يقوم على المشاهدة أوالملاحظة فقد ذكر فى كتبه المنطقية منهجا آخر أسماه " الاستقراء " بوصفه منهجا متميزا عن القياس , وبذلك يكون أرسطو هو الواضع الحقيقي لمنهج الاستقراء .
ب) يرى الفريق الآخر أن إهتمام أرسطو كان منصبا أساسا على القياس لذلك لم يقدم لنا فى منهجه الاستقرائى شيئا له قيمة أما الذى يعود إليه الفضل فى وضع منهج الاستقراء هو الفيلسوف الإنجليزى " فرنسيس بيكون " حيث تحدث عن هذا المنهج بصورة جديدة وبطريقة علمية .
* ولكن يمكن أن نلاحظ على هذين الرأيين ما يلى :
لقد يتجاهل الرأيان السابقان مساهمات أخرى لعبت دورا هاما فى تطور المنهج العلمى الاستقرائى من أمثلتها :
1) المساهمات التى قدمتها الحضارات القديمة ( السابقة على أرسطو ) كالحضارة البابلية حيث نبوغهم فى علم الفلك وكذلك الحضارة المصرية حيث براعتهم فى الطب والكيمياء والتحنيط ... إلخ فليس من المعقول أن يصل المصريون إلى كل هذا الإنجاز العلمى دون أن يكون على معرفة بالطريقة العلمية فى التفيكر والبحث وهذا ما أوضحه " برسند " أحد المؤرحين الغربيين عندما علق على بردية مصرية عن الجراحة والطب وما تزال محفوظة بالمتحف البريطانى بلندن كتبت منذ أكثر من خمسة ألاف سنة .
2) كما أن الحضارة الإسلامية صاحبة فضل كبير على العلم والمنهج العلمى حيث يموج تاريخنا العربى الإسلامى بشتى نماذج العلماء الذين كانت لهم اكتشافاتهم العلمية فى جميع ميادين العلم وفروعه مثل :
أ ) جابر بن حيان فى الكيمياء الذى وصفه مؤدخو العلم بأنه رجل التجارب العلمية التى اطلق عليها اسم التدريبات الذى كان يراها ضرورية للعلم التجريبى .
ب) أبو بكر الرازى فى الطب والكيمياء .
جـ) ابن سينا فى الطب .
د) الحسن بن الهيثم فى الطبيعيات والذى وصفه أحد المؤرخين الغربيين بأنه أكبر عالم طبيعيات مسلم وواحد من أعظم علماء البصريات فى كل العصور .
و) البيرونى فى الفلك ... إلخ .
ومن ثم فإن إرجاع الفضل فى وضع الاستقراء إما إلى أرسطو أو بيكون أمر ينطوى على بعض التعصب فهذا المنهج هو فى حقيقة الأمر تراث إنسانى ساهمت جميع الحضارات فيه بنصيب وكان له رجاله فى كل العصور .
وإن كان هذا المنهج قد تطور تطورا هائلا فى أوربا فى العصر الحديث إلا أن ذلك لم يبدأ من فراغ بل أن العلماء الأوربيون استوعبوا جهود السابقين عليهم وخاصة العلماء المسلمين التى ترجمت أعمالهم إلى اللاتينية فى فترة الحضارة الإسلامية بأوربا عن طريق الأندلس .
ولكن مع هذا فإننا لا ننكر مساهمة كل من أرسطو وبيكون فى وضع أساس هذا المنهج وفضلهم فى تحديد معالمه .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
الاستقراء عند أرسطو
أ ) الاستقراء التام " الكامل " :
لقد أهتم أرسطو بالإستقراء الكامل الذى يقوم على الإحصاء التام لجميع جزيئات الظاهرة الموضوعة تحت البحث حيث جعله فى مرتبة واحدة من حيث اليقين مع القياس .
** مثال : للاستقراء الأرسطى :
الحديد والنحاس والذهب ... إلخ تتمدد بالحرارة
الحديد والنحاس والذهب ... إلخ هى كل المعادن
كل المعادن تتمدد بالحرارة
ب) الاستقراء الحدسى :
حيث كان يعتقد أرسطو أنه يكفى من مجرد الحكم على جزئية واحدة الحكم على النوع بأسره ويسمى ذلك " الاستقراء الحدسى " .
فيكفى أن أرى قطعة واحدة من قطع الحديد تتمدد بالحرارة لأحكم بالحدس على نوع الحديد كله يتمدد بالحرارة " حيث أن الجزيئات التى كان يحصيها أرسطو هنا ليست الأفراد الجزئية بل الأنواع " .
فالاستقراء الحدسى عند أرطو هو الانتقال من الحكم على جزئية واحدة إلى حكم عام على كل الجزيئات المماثلة لها .
لذلك فالاستقراء عند أرسطو هو إقامة البراهين على قضية كلية بالرجوع إلى الأمثلة الجزئية التى تؤيد صحتها على أن تكون الأمثلة هنا الأنواع لا الأفراد الجزئية .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
نقد نظرية الاستقراء الأرسطية
1) لا يعد استقراء بالمعنى الدقيق بل هو حجة استنباطية مثل القياس تأتى فيه النتيجة مساوية للمقدمات .
2) عقيم لا يؤدى إلى معرفة جديدة .
3) هناك استحالة منطقية فى إحصاء جميع الأفراد والأنواع .
ومن ثم فقد قيل أن استقراء أرسطو لا قيمة له من الناحية العلمية وهو بذلك لا يصح أن يكون منهجا علميا .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
المنهج العلمى عند بيكون
أراد بيكون أن يضع أداة جديدة فى البحث لتحل محل الأداة الأرسطية القديمة المليئة بالعيوب فوضع الأورجانون الجديد بوصفه منهج للفكر العلمى الحقيقى .
* ينقسم منهج بيكون إلى قسمين " جانبيين "
1) جانب سلبى " هدمى " 2) جانب إيجابى " بنائى "
أولا : الجانب السلبى :
وفيه يريد بيكون أن ينبه الباحث إلى بعض الأخطاء التى قد أن يتعرض لها أثناء البحث فتوقعه فى الخطأ وقد حددها بأربعة أنواع من الأخطاء أطلق عليها اسم الأوهام أو الأوثان وهى :
1) أوهام الجنس 2) أوهام الكهف 3) أوهام السوق 4) أوهام المسرح
هى تلك الأخطاء التى يقع فيها الإنسان بحكم طبيعته البشرية الناقصة والجنس البشرى كله معرض لهذا النوع من الأخطاء مثل التسرع فى الحكم والتوصل إلى الأحكام العامة دون أساس متين .
وهى تلك الأخطاء التى يقع فيها الفرد بحكم طبيعته وشخصيته الفردية فهى أخطاء خاصة تختلف من فرد لأخر حسب ميول الفرد أو بيئته الخاصة وعوامل نشأته وتربيته ومهنته .
وهى تلك الأخطاء التى يقع فيها الفرد نتيجة الإستخدام الخاطئ للغة أو نتيجة لغموضها أو التباسها فالإنسان هو الذى يضع اللغة ويعتقد الناس أن عقولهم تتحكم فى الألفاظ التى يستخدمونها ناسين أن هذه الألفاظ تقود بدورها وتتحكم فى عقولهم وهذا ما أصاب الفلسفة والعلوم بالسفسطة والجمود .
وهى تلك الأخطاء التى يقع فيها الفرد نتيجة لتأثره بمشاهير المفكرين والفلاسفة دون التفكير فيعتقد البعض بصدق ما يقولون زقد لا يكون الأمر كما يعتقد فقد رفض علماء القرن (17) تصديق جاليليو على بعض الحقائق لأن أرسطو لم يقل بها .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
مستر احمد يحيى
مشاهدة ملفه الشخصيإرسال رسالة خاصة إلى مستر احمد يحيىالبحث عن المشاركات التي كتبها مستر احمد يحيى
#
3

04-23-2009, 08:30 PM
مستر احمد يحيى
مدير عام المنتدى

تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 720
الاوسمة
مجموع الاوسمة: 1
رد: شرح الفصل السابع ................منطق
ثانيا : الجانب الإيجابى :
ويتناول فيه بيكون الخطوات التى يقوم بها الباحث فى مجال البحث وهى :
1) جمع كل المعلومات المتعلقة بالظاهرة موضوع الدراسة .
2) ترتيب أو تنظيم هذه المعلومات فى ثلاثة جداول أو قوائم هى :
3) تحليل هذه القوائم لمعرفة ماتدل عليه بالنسبة للظاهرة موضوع الدراسة .
4) الوصول إلى تفسير أو علة الظاهرة فقد توصل إلى أن الحركة " علة الحرارة "
1) قائمة الحضور أو الإثبات زفيها يضم جميع الشواهد التى تظهر فيها الظاهرة موضوع الدراسة
2) قائمة الغياب أو النفى وفيها يضع الباحث حميع الشواهد التى تنعدم فيها الظاهرة .
3) قائمة التفاوت فى الدرجة وفيها يضع الباحث الشواهد التى تتفاوا فيها الظاهرة زيادة ونقصا .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
تقييم منهج بيكـــــــون :
يمثل منهج بيكون خطوة واسعة فى طريق تقدم العلم إلا أنه إنطوى على بعض العيوب أهمها أنه لم يعط إهتماما بالفرض العلمى كخطوة سابقة على القانون المفسر للظاهرة .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
رابعا : خطوات المنهج الاستقرائى التقليدى :
يمكن تحديد خطوات المنهج الاستقرائى التقليدى بأربع خطوات هى :
1) الملاحظة . 2) الفرض العلمى .
3) التجربة لتحقيق الفرض العلمى . 4) القانون العلمى .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
أولا : الملاحظة
معناها :
هى توجيه الحواس والذهن نحو ظاهرة معينة بغرض دراستها " هذه هى الملاحظة المقصودة " .
أنواع الملاحظة :
1) الملاحظة العابرة " البسيطة " 2) الملاحظة المقصودة " العلمية "
هى تلك الملاحظة التى تحدث لكل منا فى حياته اليومية دون أن يقصد القيام بها بل جاءت عفوا ولكن مع أن هذا النوع من الملاحظة غير علمى إلا أنه أدى إلى بعض الإكتشافات العلمية مثل اكتشاف نيوتن لقانون الجاذبية , واكتشاف أرشميدس لقانون الطفو فكلا منهما بدأ بملاحظة عابرة ومع ذلك فلا يمكن الركون إلى هذه الملاحظات العابرة فى البحث العلمى .
هى الملاحظة العلمية التى لابد أن يتوافر فيها قدر كبير من الدقة ويقوم بها الباحث عن وعى ويهدف من ورائها الدراسة والبحث .
شروط الملاحظة العلمية
1) أن يتوافر للملاحظة أكبر قدر من الأمان فالشخص الذى لا يشعر بالأمان لا يمكن أن يقوم بملاحظات دقيقة .
2) أن يكون الملاحظ مستعدا للملاحظة ومهيئا لها .
3) أن تكون الظاهرة قابلة للتكرار حتى يستطيع الباحث من أن يلاحظ فى كل مرة ما فاته وأن يدقق فى ملاحظاته ويراجعها ويصحح ما يمكن أن يكون قد وقع فيه من خطأ .
4) يجب ملاحظة الظاهرة من جميع جوانبها لأن إغفال أى جانب قد يؤدى إلى خطأ تفسير الظاهرة .
5) الموضوعية فى الملاحظة وهو أن يلاحظ الباحث الظاهرة كما تحدث فى الواقع وأن يسجل كل ما يشاهده بأمان ونزاهة .
6) استخدام الأجهزة والآلات التى تساعد على دقة الملاحظة حيث أن الآلات العلمية توسع مجال الملاحظات الحسية ولكن يجب أن نكون على حذر عند استخدامها فقد تكون دقيقة الصنع وتصاب بعطب بسيط لا يدركه الباحث فيؤدى استخدامها إلى ملاحظات مضللة لذا يجب التأكد من صلاحية هذه الآلات وسلامتها قبل استخدامها .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
ثانيا : الفرض العلمى
معنــاه :
هو تفسير مؤقت للظاهرة التى يقوم الباحث بدراستها :
أهميته :
يعد الفرض الخطوة الأساسية نحو وضع القانون ( لأن القانون ما هو إلا فرض أثبتنا بالتجارب صحته ) .
شروط الفرض العلمى
1) يجب أن يبدأ الفرض من الوقائع الملاحظة فلا يكون مجرد تخيلات لا صلة لها بالواقع .
2) يجب أن يكون الفرض قابلا للتحقق سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لأن إمكان التحقق من صحة الفرض هى التى تجعل إما أن يكون الفرض صحيح ويصبح هو القانون أو غير صحيح فنعدل عنه ونفكر فى غيره من الفروض .
3) يجب أن يكون الفرض متسقا مع الحقائق العلمية الأخرى لأنه إذا جاء الفرض متناقضا مع ما نسلم به من حقائق علمية كان من العبث محاولة إثبات صدقه ولكن يجب ملاحظة أن هذا الشرط لا يصدق فى جميع الأحوال ذلك لأن الفرض قد يوضع بهدف إثبات عدم صحة حقيقة من الحقائق التى كنا نسلم بها ويقدم الفرض هنا كشفا علميا جديدا يساهم فى تقدم العلم وتطوره .
4) يجب عدم التمسك بالفرض إذا لم تثبت صحته حيث لابد على الباحث أن يضع نصب عينيه دائما أن الفرض ليس إلا مجرد اقتراح قد يصدق وقد لا يصدق .
ثالثا : التجربة والتحقق من الفروض
معنى التجربة :
التجربة هى ملاحظة مستثارة ففيها يهيئ الباحث ظروفا معينة غير متوافرة فى الطبيعة لحدوث الظاهرة لكشف أمور يريد معرفتها .
تعد التجربة الوسيلة الأساسية للتحقق من صحة الفروض التى يقوم الباحث بافتراضها نتيجة لما قام به من ملاحظاته فإذا صح الفرض عن طريق التجربة كان قانونا علميا وإذا لم يصح أبعدناه من فروضنا التى وضعناها لذلك كانت التجربة بمثابة القنطرة التى نعبر فوقها من الفرض إلى القانون .
ولكن بالرغم من أهمية التجربة فى العلم إلا أنها لا تكون ميسورة فى بعض العلوم مثل علم الفلك حيث لا يمكن إخضاع الظواهر الفلكية لإرادة الباحث والتحكم فى حدوثها وهنا يستعاض عن التجربة بالملاحظات الدقيقة .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
شروط التجربة
1) العناية بكل صغيرة وكبيرة تكشف عنها التجربة لأن العناية بالأمور الصغيرة التى قد تبدو تافهة هى التى أحيانا ما تقرر نتيجة البحث .
2) يجب على المجرب أن يفهم الطرق الفنية التى يستخدمها فى التجربة وأن يدرك حدودها ولا يتعداها .
3) يجب على المجرب أن يكون حذرا دائما من نتائج التجربة فلا يرفض الفرض لمجرد أن التجربة لم تستطيع إثبات صحته فعدم القدرة على إثبات فرض بالطرق التجريبية ليس دليلا كافيا على خطأ هذا الفرض .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
ما الفرق بين الملاحظة والتجربة ؟
الملاحظة التجربة
1) فى الملاحظة يرقب الباحث الظاهرة ويسجل حالتها من غير أن يحدث فيها تغيرا .
2) الملاحظة لا يمكن تكرارها إلا إذا تكررت الظهرة .
3) ما يعرفه الباحث بالملاحظة يبدو أنه يظهر طوعا من تلقاء نفسه .
1) فى التجربة يرقب الباحث الظاهرة التى يدرسها فى ظروف هيأها هو وأعدها بإرادته تحقيقا لأغراض يريدها .
2) التجربة يمكن تكرارها .
3) ما يعرفه الباحث عن طريق التجربة فهو ثمرة محاولات يقوم بها للتحقق من شئ معين .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
رابعا : القانون العلمى
هو المرحلة النهائية فى كل بحث علمى فإذا ما تحقق الفرض عن طريق الملاحظات والتجارب فإنه يصبح التفسير النهائى للظاهرة موضع البحث ويكون لدينا قانون من قوانين الطبيعة .
خامسا : الاستقرار والمنهج العلمى المعاصر
لقد أدى تطور العلوم الطبيعية فى القرن الأخير وخاصة علم الفيزياء إلى أن المنهج الاستقرائى بصورته التقليدية كما عند بيكون ومل لا يمكنه أن يفى تماما بوظيفة العلوم الحديثة وأصبح عاجزا عن مسايرة تطوراتها وتحقيق أهدافها الأمر الذى أدى إلى بروز صورة جديدة للمنهج العلمى تختلف اختلافا واضحا عن المنهج الاستقرائى التقليدى .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
1) السببية والقانون العلمى
لقد كان الاعتقاد السائد عند العلماء حتى القرن الماضى أن القانون العلمى لابد أن يكون قانونا سببيا فكان السؤال الذى يحاول الإجابة عنه هو لماذا تحدث الظاهرة ؟ وتأتى الإجابة ذكراً للأسباب التى أدت إلى حدوث الظاهرة .
ولكن حين تقدمت العلوم الطبيعية وخاصة الفيزياء بدأ العلماء المعاصرون ينظرون إلى القانون العلمى على أنه ليس بالضرورة قانوناً سببياً يكشف عن الاسباب التى أدت إلى حدوث الظاهرة بل هو قانون وصفى يحاول وصف ما يحدث دون أو يذكر الأسباب التى أدت إلى حدوث الظاهرة لأن هذه الأسباب لا يمكن معرفتها على الإطلاق لذلك يأتى القانون العلمى إجابة عن السؤال كيف تحدث الظاهرة ؟ .
كما قد أيدت الاكتشافات العلمية هذا الاتجاه فى رفض القول بأن القانون العلمى هو دائماً قانون سببى مثال حركة الإلكترون حول نواة الذرة لا يمكن معرفة أسبابها ولا يمكن تفسيرها بقوانين الحركة عند نيوتن .
ولكن يمكن القول بأن العلماء المعاصرين لم ينكروا أن هناك قوانين سببيه بل أنكروا فقط أن تكون جميع القوانين قوانين سببية .
لذا يمكن القول بأن الفرق بين تطبيق المنهج الاستقرائى التقليدى وتطبيق المنهج العلمى المعاصر هو " أن القانون العلمى فى المنهج التقليدى قانون سببى بينما فى المنهج العلمى المعاصر قانون وصفى " .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
2) الحتمية والقانون العلمى
أ ) ولما كان المنهج التقليدى يهدف إلى صياغة القوانين السببية وذلك بربط أسباب الحوادث بمسبباتها فلابد أن يكون القانون هنا ضرورياً حتمياً .
ب) ولكن هذه النظرية الحتمية إلى العلم قد قوبلت من جانب العلماء المعاصرين بمعارضة شديدة حيث أن إكتشاف النظريات الجديدة فى العلم ( نظرية الكوانتوم – نظرية النسبية ) قد أبعدت كل قول بالحتمية فى مجال العلوم .
روابط بوابة التفوق الاعلانية
مستر احمد يحيى
مشاهدة ملفه الشخصيإرسال رسالة خاصة إلى مستر احمد يحيىالبحث عن المشاركات التي كتبها مستر احمد يحيى
#
4

04-23-2009, 08:31 PM
مستر احمد يحيى
مدير عام المنتدى

تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 720
الاوسمة
مجموع الاوسمة: 1
رد: شرح الفصل السابع ................منطق
جـ) ولقد عكس المنهج العلمى المعاصر هذه الحقيقة الجديدة فهو لا يهدف إلى صياغة قوانين سببية حتمية بل أن يصل إلى قوانين وصفية إحتمالية وهذا فرق ثان بين المنهج التقليدى والمنهج المعاصر .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
3) الإستقراء والإستنبط الرياضى فى المنهج العلمى المعاصر
لقد كان المنهج التقليدى إستقرائياً خالصاً بينما كان المنهج العلمى المعاصر يجمع بين الاستقراء والاستنباط أى جامعاً بين المنهج الإستقرائى والمنهج الاستنباطى وهذا فرق ثالث .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
خطوات المنهج العلمى المعاصر
1) الفرض الصورى 2) ترتيب النتائج اللازمة عن هذا الفرض باستخدام منهج الاستنباط الرياضى . 3) التحقق من صحة هذه النتائج عن طريق الملاحظة والتجربة .
أطلق على هذا المنهج اسم " المنهج الفرضى " نظرا للدور الذى يلعبه الفرض الصورى فى هذا المنهج .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
الفرق بين المنهج التقليدى والمنهج العلمى المعاصر
المنهج التقليدى المنهج العلمى المعاصر
1) يبدأ بالملاحظة .
2) الهدف من التجربة هو التأكد من صحة الفروض .
3) الفرض من الدرجة الأولى حيث يأتى مباشرة من الملاحظات .
4) الفرض يتم التحقق منه بطريقة مباشرة عن طريق التجارب .
5) الفرض مادى يشير إلى كائنات واقعية محسوسة يمكن ملاحظتها .
6) الهدف من الفرض أو القانو هو تفسير ظاهرة معينة بمعرفة أسبابها .
7) القانون سببى , حتمى – استقرائى خالص .
1) يبدأ من الفروض ثم ينتهى إلى الملاحظة والتجربة .
2) الهدف من التجربة هو التأكد من صحة النتائج اللازمة عن الفرض الصورى .
3) الفرض من الدرجة الثانية حيث يأتى استدلال من قوانين سابقة .
4) الفرض يتم التحقق منه بطريقة غير مباشرة عن طريق الاستنباط .
5) الفرض عقلى صورى يشير إلى كائنات واقعية ولكنها لاتخضع للإدراك الحسى .
6) الهدف من الفرض أو القانون هو تفسير قوانين سبق التوصل إليها وتكون فى حاجة إلى مزيد من التفسير
7) القانون وصفى – احتمالى يجمع بين الاستقراء والاستنباط .
سادسا : المنهج الإستقرائى والعلوم الإنسانية
طبيعة العلوم الإنسانية :
1) يقصد بالعلوم الإنسانية هى تلك العلوم التى تجعل اهتمامها منصبا على دراسة الإنسان من جوانبه المختلفة كفرد ( علم النفس ) وكعضو فى جماعة ( علم الاجتماع ) أو من حيث المبادئ التى يلتزم بها فى تعامله مع الغير " القانون ... الخ " وتسمى أحيانا باسم العلوم الاجتماعية .
2) اختلف الباحثون فى طبيعة هذه العلوم حيث انقسموا إلى فريقين :
الفريق الأول الفريق الثانى
يرى أن العلوم الإنسانية فرع من العلوم الطبيعية بالمعنى الواسع لكلمة طبيعة والتى تعنى كل ما هو موجود فى الواقع الفعلى .
يرى أن العلوم الإنسانية ليست فرعا من العلوم الطبيعية لأن الإنسان كائن متميز عن بقية الكائنات الطبيعية .
ولكن إذا نظرنا نظرة علمية موضوعية إلى هذه العلوم الإنسانية لوجدناها لا تتنافى مع تطبيق المنهج العلمى القائم على الملاحظة والتجربة , وكل ما هناك من فرق بين الظاهرة الانسانيه والظاهره الطبيعيه هى فى درجة تعقيد الظاهرة الانسانية وتشابكها عن الظاهرة الطبيعية كما أن هناك بعض المعوقات ما زالت تقف فى وجه العلوم الانسانية وتطبيق المنهج العلمى فيها تطبيقا دقيقا0
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
صعوبات البحث فى العلوم الإنسانية
1) تعقد الظاهرة الإنسانية :
فالظاهرة الإنسانية أشد تعقيدا وتشابكا من الظواهر التى تقوم بدراستها العلوم الطبيعية الأخرى فالأمر سهل عندما يدرس العالم أثر الحرارة على تمدد الحديد بينما يكون صعبا عند دراسته أثر أصدقاء المدرسة على سلوك الطفل وذلك حيث يمكن التحكم على العوامل المؤثرة فى الحالة الأولى بينما يصعب فى الحالة الثانية .
2) استحالة تكرار الظواهر الإنسانية
فالظاهرة الإنسانية أقل تكرارا من غيرها من العلوم حيث أن الظاهرة الإنسانية فريدة من نوعها وبالتالى يصعب الوصول لأحكام دقيقة بشأنها وذلك بعكس ما تصل إليه من أحكام فى العلوم الأخرى .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
3) صعوبة التجريب
حيث يصعب إخضاع مادة العلوم الإنسانية ( الإنسان ) للملاحظة الدقيقة والتجربة لأن الإنسان كائن حى يحس ويفهم ويفكر لأنه مجرد أن يشعر بأنه موضع ملاحظة يصبح تصرفه مختلفا عن التصرف العادى مما يجعل النتائج غير دقيقة وذلك بعكس مادة العلوم الطبيعية الأخرى .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
4) صعوبة تحقيق الموضوعية
حيث يصعب أن يتخلى الباحث فى العلوم الإنسانية عن عواطفه وأهوائه الشخصية كما أن الإنسان ( المبحوث ) مخلوق غرضى يعمل للوصول إلى أهداف معينة ويملك القدرة على الاختيار مما يساعده على أن يعدل من سلوكه كما لا نضمن الاستجابة الموضوعية من المبحوثين بسبب اتجهاتهم الفكرية وأغراضهم السياسية والاجتماعية .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~
5) صعوبة التعبير الكمى
فما زالت العلوم الإنسانية تستخدم ألفاظ كيفية فما زلنا ى علم النفس نستخدم ألفاظ كيفية ( عاطفة – دافع ... الخ ) وكذلك فى علم الاجتماع ( أسرة – طبقة ) وكذلك فى علم الاقتصاد ( منفعة ) حيث لا يمكن التعبير عن تلك الألفاظ تعبيرا رياضيا دقيقا وذلك بعكس العلوم المتقدمة كالفيزياء نجد كل ألفاظها تصاغ بلغة رياضية دقيقة .
ويلاحظ أن هذه المعوقات التى ما زالت تقف عقبة فى سبيل تقدم العلوم الإنسانية يرجع بعضها إلى طبيعة مادتها ويرجع بعضها إلى المشتغلين بها .
كما أنه لا يعنى ذلك أن نضع هذه العلوم الإنسانية خارج نطاق العلوم الطبيعية بل كل ما هنالك أنها ما تزال فى مرحلة من التقدم متأخرة عن بقية العلوم الأخرى والمستقبل كفيل بالتغلب على مثل هذه الصعوبات حتى تسير وتساهم فى تقدم الإنسان والمجتمعات .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~