فصيلة دمي O– فصيلة المتبرع العام ، من يمنح الدم لأي من الفصائل الأخرى دون أن يتعرض أصحابها لتلزن الدم (التصاقه على نحو يفسده). و صاحب تلك الفصيلة لا يستقبل الدم من أي متبرع سوى فصيلته.
فتلك الفصيلة ميزة لغير صاحبها يفيد بتبرعه بالدم غيره . فإذا احتاج الدم في جراحة أو مرض فإنه قد يعاني من قلة المتبرعين من هذه الفصيلة و أنه لا يستقبل من عداها .
يغطي سطح خلايا الدم الحمراء مجموعة معقدة من المواد السكرية التي تحدد هوية الخلية و تعرّف الجسم بها فيدرك أنها تابعة له. و تدعى Antigens (محفّزات إنتاج الأجسام المضادة إذ أن كلمة Anti تعني مضاد و كلمة genتعني يصنع أو يحفّز) ، كلمة أجنبية لم تترجم لذلك استخدمها كما هي.
يوجد في بلازما الدم (المادة السائلة بالدم من ماء و أملاح و بروتينات) أجسام مضادةAntibodies.
و عند نقل الدم بين شخصين من فصيلتين مختلفتين تلتصق الأجسام المضادة في البلازما بالأنتيجينات الغريبة في خلايا الدم المنقولة ، إلتصاق يقال له تلزن فتتلف الخلايا المنقولة و إذ يمر الدم بالكليتين تسد الأجسام المتلزنة أنابيب التصفية بالكليتين فتتلفها فتعجز عن أداء مهمتها الحيوية التي لا يستغني عنها الجسم لحظة . لذلك يشكل نقل دم من فصيلة مغايرة خطراً على حياة الشخص المنقول إليه هذا الدم.
و خلايا دم فصيلتي ليس بها تلك الأجسام المعادية Antigen. لذلك يمكن نقلها إلى أي فصيلة.
تغرس الممرضة الإبرة في وريد دموي بذراعي فيتدفق الدم عبر انبوبة إلى كيس متصل بآخرين. و يمتلىء أحد الأكياس بنصف لتر من دمي خلال خمس دقائق .
يضع أخصائي المعمل الدم في ماكينة تفصل مكوناته إلى ثلاثة أجزاء : أولها البلازما و ثانيها الصفائح و هي أجسام صغيرة تكـّون الجلطات عند النزف ، و ثالثها خلايا الدم الحمراء. و يملأ بهذه المكونات الكيسين الباقيين. و بذلك يستفيد ثلاثة مرضى من تبرع شخص واحد.
تتكسر صفائح الدم عند الإصابة بجرح و تنتج إنزيمات تكون جلطة تغلق الأوعية الدموية المتهتكة لتمنع استمرار فقدان الدم.
أما مرضى الهيموفيليا فلديهم جين معيب لا يكّون الإنزيمات اللازمة للتجلط . أي أمل لهؤلاء إن نزفوا في حادث أو جراحة ؟
هؤلاء معفون من دخول الجيش و عند الجراحة يلزمهم نقل صفائح من المتبرع لسد الجرح بالجلطة و إغلاق موضع النزف.
يحمي الجلد الجسم من الجفاف ، إذ يمنع تبخر الماء في الخلايا و الدم . أما من احترق جلده فيفقد بلازما الدم التي تتبخر بسرعة تاركة المريض على شفا وادي الموت . لذلك يجب إمدادهم بأكياس البلازما .
و يمكن فصل العديد من المكونات من الدم _ لا يحضرني ذكرها _ تعطى للعديد من الأمراض .
يضخ القلب الدم بقوة في شرايين جسمي ، قوة نسميها ضغط الدم ، تعتمد أساساً على كمية الدم العائدة للقلب . و إذ تنقص هذه ينخفض الضغط و لو انخفض نتيجة خسارة كمية كبيرة من الدم يتوقف نبض القلب .
للرجل خمسة ليترات من الدم في شرايينه و أوردته و تنقص عنه المرأة بنصف لتر تقريباً .
يزيد قلب المتبرع دقاته دافعاً الدم بقوة أعلى للمخ ، و يشرب المتبرع عصيراً فيمتص الدم الماء من الأمعاء بسرعة فائقة لتعويض الفاقد من الدم . الأولوية الآن لاستعادة حجم الدم و ذاك ما يعيد الضغط لطبيعته .
لا يسد التبرع حاجة بنوك الدم هنا في مصر . قالت لي إحدى مسؤولات بنك الدم أن بنوك الدم يصلها 10 ألف كيس من المتبرعين بينما تصل حاجات المستشفيات الفعلية لثلاثمائة و خمسين ألف كيس ، مما يضطر البنوك لشراء الدم من دول أخرى ينتشر بها الإيدز و أمراض ماحقة ينقلها الدم الملوث .
يبدو لي شراء الدم من تلك الدول خطر ساحق بوسعنا تجنبه إذ يزيد عدد المتبرعين ، فتحليل الدم من كل متبرع للتأكد من خلوه من فيروسات كالإيدز و فيروس سي المسبب لإلتهاب الكبد غير وارد . أمراض لا علاج لها سوى توقي الإصابة ما وسعنا ذلك .
مشكلتي مع التبرع هي الأنيميا (نقص كفاءة الدم في حمل الأكسجين) . خلل تتعدد أسبابه و يخل بوظائف الجسم . الهيموجلوبين بروتين في خلايا الدم الحمراء يقتنص الأكسجين و يفرغ حمولته عند خلايا الجسم .
و الطبيعي أن يحتوي الدم على 12 – 15 جرام لكل ديسيلتر من الدم . كلما قمت بهذا التحليل ، لا يتجاوز الهيموجلوبين لدي 9 إلى 10 .
و إذ يؤخذ مني الدم أفقد الحيوية و يعتريني النعاس و يبرد جسمي في عز صيف القاهرة الحارق . عندها أطهو الكبد ، ذاك الدم المتجمد لدقائق معدودة حتى يذهب عنه لون الحمرة . فإنه مخزن للحديد و كل مكونات الدم الأخرى، أثره سحر في إزالة الأنيميا تجهزاً لتبرع آخر .
************************************************