عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 11-06-2009, 06:58 PM
الصورة الرمزية العروبة2
العروبة2 العروبة2 غير متواجد حالياً
معلم لغة إنجليزية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
العمر: 44
المشاركات: 3,673
معدل تقييم المستوى: 20
العروبة2 is on a distinguished road
افتراضي

وماذا عن التخاطب المباشر مع حماس، وعدم وصفهم بالإرهابيين؟

حقيقة امتنع أوباما عن الحديث عن الإرهاب، وهذا طبيعى، فالحديث عن الإرهاب اليوم، وكما استخدمته أمريكا، وكما فهمه العالم خلال السنوات الماضية يستدعى مباشرة وبالتداعى عبارة الإرهاب الإسلامى. وهو فى هذا الخطاب بالذات يريد أن يتجنب أى إشارة عدائية للإسلام، يريد أن يفك الاشتباك مع الإسلام، ويريد أن يتخلى عن الشعار العقائدى الذى كان مرفوعا من قبل، الذى اقترن الإرهاب فى ظله بالإسلام، وهذا شعار وصلت سياساته إلى طريق مسدود. هو يريد التراجع عن هذا الشعار، أو العنوان، وأن ينشئ شيئا آخر مختلفا، ولكن أن يعيد إطلاق صفة الإرهاب فهو يستدعى بالضرورة الإسلام، وتهزم هدفك الأساسى من الخطاب.

وماذا عن التخاطب المباشر مع حماس؟

لم يكن هناك باستمرار إنكار لوجود لحماس، فليس إنكار حماس هو المسألة، وإنما مطالبة جميع الأطراف لها، بمن فى ذلك الأوروبيون، بأن تعترف بإسرائيل وبأن تقبل بالالتزامات التى قبلت بها السلطة الفلسطينية، ويقال لهم إنكم إذا ما قبلتم بذلك فقد صرتم طرفا شرعيا. أما حماس فقد ردت: لو قبلنا بهذا لما عدنا حماس، أنتم تطالبوننا بأن نتخلى عن هويتنا.

ليس فى هذا جديد إذن، فما أنت بصدده فى الحقيقة هو مجرد تعبيرات مختلفة بقصد التأثير، وفى مجال التأثير أعتقد أن أوباما حقق نجاحا مهما.

قلت إن هذا هو مهرجان الترويج الثالث، ولكن لماذا جاء أوباما. هل بسبب ما ذكرته عن حماس، وهل الهدف هو التوصل إلى تسوية نهائية للقضية الفلسطينية. بوش فشل مع العالم الإسلامى، وأنا أعتقد أن إدارة بوش فشلت أمام الشعوب الإسلامية، ولكن أوباما جاء كى يتحدث مع الشعوب الإسلامية، لأنه يعرف أن لديه شعبية ويستطيع أن يبنى عليها معهم. وهناك عبارة قالها ذات مغزى كبير، فقد طالب جميع الأطراف بأن يقولوا فى العلن ما يقولونه له فى الغرف المغلقة. ألا يعنى هذا أنه يقول للمعتدلين العرب أن ما تقولونه لى سر عليكم أن تقولوه أمام شعوبكم علنا، شعوبكم التى أنا زعيمها، وليس أنتم؟

بشكل أو بآخر ما تقوله صحيح، ولكننى لا أعتقد أنه كان يوجه خطابه للعالم الإسلامى. هناك أشياء عمومية كانت موجهة للعالم الإسلامى، ولكن القصد الرئيسى للخطاب كان لتقديم غطاء للمعتدلين العرب لكى يكملوا ما أرادته منهم إدارة بوش، وطلباتها منهم كثيرة.

العرب المعتدلون أمامهم مطالب أمريكية كثيرة ـ عليهم مطلب تسوية نهائية بأى شكل للصراع العربى الإسرائيلى، أو النزاع الفلسطينى الإسرائيلى كما يسمونه الآن. وعليهم مطالب فى العراق تمكن الأمريكان من انسحاب أمن من المدن يضمن بقاء بترول العراق فى أيديهم. وعليهم مواجهة إيران فى المنطقة، وفى إيران نفسها إن أمكن.

قائمة المطلوب منهم كبيرة، وكله فى مقابل ضمانات ـ لا أعرف ضمانات لمن ولماذا؟

هو طالب كل العواصم أن تخرج للعلن، وتصرح بما تخفى، بما فى ذلك العرب وإيران وإسرائيل. ولكنه يعرف أن بعض الأنظمة العربية لا تستطيع ذلك، فماذا تفعل؟ وأنا أعتقد أن أوباما فى مأزق، وكذلك فهو قد وضعنا فى مأزق. من يستطيع أن يقول هذا الكلام الممنوع فى العالم العربى، فالشعوب غير مستعدة لاستقباله؟

من بين الأشياء الواضحة، التى رجحت اختيار القاهرة أنه قيل إن مصر هو البلد العربى الوحيد الذى كسرت فيه كل الحدود العربية المعروفة. وعلى سبيل المثال كان حزب الله صعبا، فلا أحد يقترب من حزب الله، لأنه تمكن من الصمود أمام إسرائيل واستطاع بنجاح أن يصد عملية عسكرية ضخمة، ولكن قمنا فى مصر بتقريبه و«بهدلته». وكذلك كان الأمر مع حماس. هذه مسألة جديرة بالتوقف أمامها، فهذا البلد دوره التاريخى هو أن يحفظ الحرمات لا أن يكسرها، ولكن إذا كانت قوتنا تتمثل فى إننا نستطيع أن نتجرأ على من نشاء، وعلى «بهدلة» من نشاء، فنحن حينئذ ننسى تأثير ذلك على مكانة مصر، وقيمتها التاريخية، واحترامها لنفسها، نحن بهذا نستهلك من أرصدة مصر التاريخية.

لابد أن نعيد لخطابنا السياسى بعض الاحترام الذى فقده. لابد أن نعرف كيف نفرق بين عدو وصديق وبين قريب وغريب. مع الصديق نستطيع أن ننصح ونعاتبه إذا أخطأ. إننى لا أتجاوز إذا قلت إننى شخصيا عتبت على السيد حسن نصرالله فى بعض ما قاله وبدا وأنه تحريض للجيش المصرى، وللأمانة فإن الرجل تقبل وسمع طويلا، وأنا أشرح له بعض جوانب فى نفسية الشعب المصرى، فكل شعب حتى لو كان ينتمى إلى نفس الأمة، له تكوينه الخاص، والمؤثر على مزاجه. ولكن علينا دائما أن نعرف أن هناك حدودا وهناك حرمة.

هذا التيار الذى يكسر الحرمات وجد فى زيارة أوباما دعما كبيرا؟

للأسف بعض الساسة فى العالم العربى مثل البوربون، لا ينسون شيئا ولا يتعلمون شيئا. قيل عن أسرة البوربون الملكية فى فرنسا، التى عادت بعد سقوط نابليون، ولكن بعد أن نجح نابليون فى العودة من منفاه فى ألبا، ونزل على الشواطئ الفرنسية، إذا بالملك لويس الثامن عشر يسارع بالهروب من باريس قبل وصول نابليون، حينها قال تاليران عن البوربون عبارته الشهيرة: إنهم لم ينسوا شيئا ولم يتعلموا شيئا.

جاء أوباما إلى القاهرة ليتحدث تحت «بداية جديدة»، وهذا هو العنوان الرسمى لخطابه، ولا يتذكر أحد أن أول عبارة قالها كيسنجر عند هبوطه من الطائرة فى مطار القاهرة فى 7 نوفمبر 1973 كانت «اللى فات مات»، قالها باللغة العربية، وكانوا لقنوها له. «اللى فات مات» كانت تلك العبارة أول ما قاله كيسنجر للصحفيين عند هبوطه من الطائرة. 35 سنة مرت بين «اللى فات مات» و«البداية الجديدة»، ونحن وكأننا لم نتعلم شيئا خلال السنوات الـ35 الماضية.