وقد أثنى الله على عباده المتعففين فقال :
للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لايستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا
البقرة : 273
وفي قوله :
وإذا استعنت فاستعن بالله
أمر بطلب العون من الله تعالى دون غيره ، لأن العبد من شأنه الحاجة إلى من يعينه في أمور معاشه ومعاده ، ومصالح دنياه وآخرته ، وليس يقدر على ذلك إلا الحي القيوم الذي بيده خزائن السموات والأرض ، فمن أعانه الله فلا خاذل له ، ومن خذله الله فلن تجد له معينا ونصيرا
وإذا قويت استعانة العبد بربّه ، فإن من شأنها أن تعمّق إيمانه بقضاء الله وقدره والاعتماد عليه في كل شؤونه وأحواله وعندها لايبالي بما يكيد له أعداؤه ويوقن أن الخلق كلهم لن ينفعوه بشيء لم يكتبه الله له ،ولن يستطيعوا أن يضرّوه بشيء لم يُقدّر عليه ، ولم يُكتب في علم الله ، كما قالسبحانه :
ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير
الحديد : 22
ولما وعى سلفنا الصالح هذه الوصية أورثهم ذلك ثباتا في العزيمة ، وتفانيا في نشر هذا الدين، غير مبالين بالصعوبات التي تواجههم والآلام التي تعتريهم ، لأنهم علموا أن طريق التمكين إنما يكون بالعمل بهذه الوصية النبوية وأن الفرج يأتي من بعد الكرب وأن العسر يعقبه اليسر ، وهذا هو الطريق الذي سلكه أنبياء الله جميعا عليهم السلام ..