دعوة للدخول في زمن الوفاء لله الحبيب
بسم الله الذي وفى لعباده وخلق الوفاء في قلوب أحباءه
إن المطلوب اليوم من كل البشرية أن تحمل صفة الوفاء في وجدانها لله ربها ، وصفة الوفاء هي من أجمل صفات الإنسان ، بل إن الإنسان لا يكون إنساناً بمعنى الكلمة إلا بالوفاء ، وطبعاً الله الحبيب هو الأولى بوفاء الإنسان من كل جهة أخرى مهما كانت تلك الجهة صاحبة فضل عليه وصاحبة رعاية له وصاحبة نعمة عليه ، فالله الحبيب هو صاحب الفضل الكبير بل صاحب الفضل كله ، وهو صاحب النعمة الكبيرة بل صاحب النعمة كلها على الإنسان ، وهو صاحب الرعاية الكبيرة والدائمة لعبده ، فهو الذي لم تنم عينه عن عبده يرعاه صغيراً وكبيراً ، ويرعاه وهو غافل عن ربه ويرعاه وهو ذاكر لربه ، ويرعاه حين ضعفه وحين قوته ، ويرعاه في ليله ونهاره ، ويتواصل معه بكرمه وحنانه ، فهو الذي أوجده من عدم ، وهو الذي توالى عليه بالنعم ، وهو الذي طرق بابه بأعلى الكرم ، فأرسل إليه أولياءه يهدونه الى صلاح دنياه والى قرب الله في آخرته ، وهو الذي يرزقه في حياته المادية وفي قلبه ، وهو الذي هيأ له جناته ..
فمن غير الله أولى بالوفاء من الإنسان ، أليس الله الحبيب هو الأولى بالوفاء ، فهو صاحب الفضل العظيم والمن القديم والخير العميم ، أليس الله هو الذي يأخذ الإنسان بالصبر والحلم يريد له الخير ويريد له النجاة ، ويريد له القرب منه ، ويريد له جناته ، فأي شخص يدّعي أنه إنسان وليس فيه وفاء لربه فهو فاقد لإنسانيته ، فكيف يكون إنساناً وهو لا يملك الوفاء لله الحبيب الذي لم يُقصر معه أبداً ، ولم يريد له إلا الخير ، فاليوم نحتاج الى حملة وفاء لله في كل مجتمعاتنا ، وفي كل حياتنا كي نكون فيها مؤدبين مع الله الحبيب ، ونكون فيها مخلصين لله الحبيب ، ونكون فيها محبين لله الحبيب ..
ومن المهم جداً أن نعلن أن الله الحبيب أكثر وفاءاً للناس من وفائهم له ، وهذا هو سبب حقيقي لأن يكون الناس خجلين أمام الله ، فهو في وفاء دائم لمصالحهم الاخروية وحتى لمصالحهم الدنيوية التي لا تعارض تكامل قلوبهم ، وهو الذي يصبر على الناس رغم إعراضهم عن أولياءه ، وإدبارهم عن دعوته ، ونسيانهم لفضله ، وتجاهلهم لنعمه ، وتنكرهم لأفضاله ، وإنشغالهم عن حبه ، ورضاهم بالبديل عنه ، وأنسهم بغيره ، وعدم تمني قربه ، وعدم الشكر له ، والقسوة مع أحباءه ، والإهمال لوصاياه ، والإستغناء عن إصلاحه ، وكل هذا الحال المؤسف لم يمنع الله الحبيب من تكرار الرحمة مع عباده وطرق بابهم بأفضل ما لديه من كرم وحنان وعطاء وهداية ، فيُرسل إليهم أشرف خلقه وتاج أولياءه مهديه المحبوب عنده ، يريد أن يفتح به طريقاً جديداً للناس ويجعل به أملاً كبيراً لكل المذنبين كي يدخلوا في رحمته ويُعطي به كرماً عظيماً لقلوب الطيبين كي يقودها إليه ، ويُنزل به المن العظيم الذي يُزيل به نتائج الذنوب ويرفع به أثقال الأوزار ويُغير به أحوال الناس ، فيُخرجهم من ظلمات الحياة الغافلة عن الله الحبيب ، ويُدخلهم في نور الحياة الذاكرة لله الحبيب ، فهذا وفاء الله للإنسان ، فأين وفاء الإنسان لله .
الآن يبدأ زمن الجفاء بالإنهيار والسقوط والزوال ، ويبدأ زمن الحب والوفاء لله بالوجود والإنتصار والحكم على العالم كي يتعلم الناس معنى الوفاء مع الله الحبيب الذي حقه الوفاء كله