و نهض الرجل يطوف المدينه .يسأل الناس عن بغيته فسخروا منه فهم مشغولون عن الله ومشاهدته بأعمالهم الدنيوية فذهب إلى رجال الدين فحاوروه و جادلوه بصيغ محفوظة و نصوص موضوعة .....فلم يخرج منهم بطائل و تركهم يائسا ....و مشى فى الطرقات مغموما يسأل نفسه :أيعود إلى طفله كما ذهب خاوى اليدين مما طلب ؟؟؟؟ و أخبرا عثربشيخ قال له
إذهب إلى طرف المدينة تجد ناسكا هرما لا يسأل الله شيئا إلا أستجاب له فربما تجد عنده بغيتك
فذهب الرجل توا إلى ذلك الناسك فقال له :
جئتك فى أمر أرجوألا تردنى عنه خائبا
فرفع إليه الناسك رأسه بصوت عميق لطيف
- اعرض حاجتك
- أيها الناسك أريد ان ترينى الله
فأطرق الناسك وأمسك لحيته البيضاء بيده و قال :
- أتعرف معنى ما تقول ؟؟
فقال الناسك بصوته العميق اللطيف :
- أيها الرجل إن الله لا يرى بأدواتنا البصريه و لا يدرك بحواسنا الجسديه و هل تسبر عمق البحر بألإصبع التى تسبر عمق الكأس ؟؟
- و كيف أراه إذن ؟؟
- أذا تكشف هو لروحك
-و متى يتكشف لروحى ؟؟
- إذا ظفرت بمحبته
فسجد الرجل و عفر التراب جبهته و أخذ يد الناسك وتوسل إليه قائلا :
أيها الناسك سل الله أن يرزقنى شيئا من محبته
فجذب الناسك يده فى رفق و قال :
- تواضع أيها الرجل و أطلب قليل القليل
- فلأطلب إذن مقدار درهم من محبته
- يالطمع هذا كثير كثير
- ربع درهم إذن ؟؟؟؟
- تواضع .... تواضع
مثقال ذرة من محبيته
لا تطيق مثقال ذرة منها
- نصف ذرة إذن ؟؟؟
- ربما
و رفع الناسك رأسه إلأى السماء وقال :
يا رب ........... إرزقه نصف ذرة من محبتك
و قام الرجل و إنصرف ...... و مرت الأيام و إذا أسرة الرجل و و طفله و أصحابه يأتون إلى الناسك و يفضون إليه أن الرجل لم يعد إلى أهله ومنزله منذ تركه وأنه إختفى ولا يدرى أحد مكانه .... فنهض معهم الناسك قلقا ، و لبثوا يبحثون عنه زمنا إلى أن صادفوا جماعة من الرعاة قالوا لهم
إن الرجل جن و ذهب إلى الجبال ودلوهم على مكانه
فمضوا إلأيه وو جدوه قائما على صخرة .........شاخصا ببصره إلى السماء .....فسلموا عليه فلم يرد السلام
فتقدم الناسك إليه قائلا :
إنتبه إلى أنا الناسك ....فلم يتحرك الرجل
فتقدم إليه طفله جزعا و قال بصوت صغير حنون
- يا أبت ..... ألا تعرفنى ؟؟؟؟؟
فلم يبد حراكا فصاحت عائلته و زووه من حوله محاولين إيقاظه و لكن الناسك هز رأسه قانطا و قال لهم
لا جدوى .... كيف يسمع كلام الأدميين من كان فى قلبه نصف مثقال ذرة من محبة الله ؟! ...و الله لو قطعتموه بالمنشار لما علم ذلك
و أخذ الطفل يصيح ويقول :
الذنب ذنبى ... أنا الذى سألته ان يرى الله
فألتفت إليه الناسك وقال كأنه يخاطب نفسه :
إن نصف ذرة من نور الله كافية لتحطيم تركيبنا الآدمى و إتلاف جهازنا العقلى !!!!!!!!!!!
__________________
أنا الذى كنت منذ الأزل.... وها أنا ذا
و سأكون الى اخر الدهر .. وليس لكيانى انقضاء
آخر تعديل بواسطة Mystry ، 26-07-2009 الساعة 08:55 AM
|