عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 27-07-2009, 07:11 PM
المفكرة المفكرة غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 1,414
معدل تقييم المستوى: 17
المفكرة is on a distinguished road
افتراضي درس بالغ الصعوبة

علم الكيمياء الحيوية موضوع دراستي الجامعية : علم يظهر لك خلايا الجسم كائنات فاعلة ذات إرادة و وجود مستقل عن تلك الإرادة التي تأتي الخير و الشر . استوعب أن يدين اللسان صاحبه يوم القيامة و أن تنكر اليد أفعال صاحبها.
العلوم الحيوية حيث الخلية كائن أصغر منقطع النظير فقهاً و جمالاً و كمالاً بعض صنعة الخالق الباريء المصور.
منطقة تتكامل بها الصورة بحيث يذهب فصل مكوناتها بالحياة فلا جمال و لا كمال .
تمتزج دراستي بوجداني فتشكلني بشراً أكثر انضباطاً مع قوانين الدين فقوانين العلم و الدين ينبعان من رب عليم فعال لما يريد فأسجد له منبهرة بفعله الذي هو بعض كياني .
أما عملي في تدريس العلوم للصفوف الإبتدائية بعد الجامعة فنقيض ذاك الجمال و الإنضباط . و ما أدراكم ما هذا الهم و قد عملت في ثماني مدارس لها توجهات فكرية مختلفة يجمعها أن أقسام العلوم هي أضعف الأقسام و أقلها حظاً في عدد الحصص المخصصة في الجدول و عدد هيئة التدريس . المنهج نفسه هزيل، لا يبني عقل يفكر بمنهج علمي كنظيره الغربي .
أنوي التغيير . كأنه الصوديوم ألقيه في ماء العادة و التكرار: انفجار و دوي فرقعة ، يستعر اللهب . يزداد حرصي على التغيير فيتمسك من حولي بما بين أيديهم ، يزداد التفاعل قوة إلى ما يشاء الله ، تنطفىء الشرارة إذ أعلن تركي عملي !
تنطلق حكايتي التالية من تلك المسافة بين أنني أعمل وفق القوانين السائدة و أنني أتركهم لأنني لم استطع إصلاحاً. هنا حيث ابتكر طرقاً غير مألوفة كي أصل للمراد بإذن الله .
المعطيات : فصل يختنق بخمسين صبي يناهزون العاشرة ، زحام و سوء أدب و رغبة تتكرر في ترك الفصل لأجل شرب الماء فالحرارة لا تقل عن الأربعين معظم شهور السنة ، أمر يعطلنا تكراراً .
الإبتكار : قسمت أشبالي ثلاثة أقسام و أقمت بينهم مسابقة لشرب الحليب. يحضر كل منهم ما يطيب له من نكهات اللبن المعلب ثم اجمع أول كل حصة عدد العلب التي أحضرها كل قسم ، فيحظى العدد الأكبر بنقطة ثم آذن لهم بشربها و التنقل في الفصل لإلقاء الفوارغ في السلة ، مما يسعدهم أكثر .
أسجل في لوحة نتيجة كل طائفة و أعلق اللوح في الفصل . سباق يمتد شهراً بحيث يربح من يحرز عشر نقاط أولاً . يتراجع فريق ثم يسبق في جو من الإثارة و الهدوء البالغ (أساس كل الشروط) بحيث يعد الإخلال بطرفة عين من أصول الآداب خطوة للخلف .
الفريق الفائز يقف في الفصل ، يهتفون لأنفسهم في تحد واضح للباقي ، بينما قبضاتهم تشق الهواء : نحن الفائزون ، نحن الأفضل .
غاية تستحق السعي و الإنضباط لأجلها . لكنني قرنت الفوز بما يثير الشهية أكثر مما مضى.
يختار كل نفر من الفرقة الفائزة مجلة علمية مصورة (أشبالي مثلي ، شغفتهم القراءة حباً) اشتريها من مالي الخاص أو نموذج جمجمة بشرية مجسمة أصنعه لهم من الورق المقوى يعجبهم فيضبطون أنفسهم لنيله . (تصف غيري من المدرسات من أفعالهم العجب . ليس ناحيتي و للمولى الحمد .)
يطول ابتكاري عاماً، و تتوالى له أخوات عدة في أعوام متتالية مسابقات على كل شكل و لون أكرّم فيه انجاز كل منهم .
قضيت برفقة أشبالي ثلاثة أعوام حتى انتقلوا إلى المدرسة الإعدادية ، هنا يغرقنا سيل الخلاف ، أرذل فيلم لا يصف بعض ما يحصل على الأرض إذ تسوء الأمور ، أعفيكم من ذكره . يشتد المرض فيشدني لكهفي مرة أخرى تطبق على صخرته فانتقل لتدريس الفتيات في وظيفة جزئية ، اذهب فيها لعملي ساعتين ثم أعود للبيت ، أجر رجلاي كي أنهي روتين عمل بسيط ثم أترك العالم لأنام باقي اليوم لا يعنيني من أمر الدنيا شيئ . استمر مع الفتيات و أنهي عملي إذ ينهين دراستهن الإعدادية ، أترك المدرسة معهن .
ترى كيف حالهن و أشكالهن ؟ التقيت فتاة منهن منذ أعوام صدفة في معرض الكتاب . تغيرت تماماً ، تعرفت علي بينما أنكرتها . فتلك الوسيمة اللطيفة لا تشبه تلك التي حفظتها الذاكرة طفلة يتقافز في عينيها المرح و الحيوية .
خاتمة : أنهى أشبالي العام الأول من كليات الطب و الهندسة و يستعدون لبدء العام الثاني .
©©©©©©©©©©©©©©©©