عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 02-08-2009, 09:05 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 37
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الوقفة الثانية:
وهي نـتـيـجة للوقفة الأولى، وذلك بأن ينظر إلى قضية الحجاب اليوم وما يدور بينها وبين السفور مـن معارك إلى أنها لم تعد قضية فرعية ومسألة خلافية فيها الراجح والمرجوح بين أهل العلـم، ولكنها باتت قضية عقدية مصيرية ترتبط بالإذعان والاستسلام لشرع الله ـ عز وجـــل ـ فـي كل صغيرة وكبيرة وعدم فصله عن شؤون الحياة كلها؛ لأن ذلك هو مقتضى الرضى بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.
إن التشنيع عـلـى تـغـطـيـــــة المرأة وجهها والتهالك على خروجها من بيتها واختلاطها بالرجال ليست اليوم مسألة فقهية فرعية ولكنها مسألة خطيرة لها ما بعدها؛ لأنها تقوم عند المنادين بذلك على فصل الدين عن حياة الناس وعلى تغريب المجتمع وكونها الخطوة الأولى أو كما يحلو لهم أن يعبروا عنه بالطلقة الأولى.
وإن لنا في جعل قضية الحجــاب اليوم قضية أصولية كلية مع أن محلها كتب الفروع ـ إن لنا في ذلك أسوة في سلف الأمة؛ حيث صنفوا بعض المسائل الفرعية مع أصول الاعتقاد لَمَّا رأوا أن أهل البدع يشنِّعون على أهل السنة فيها ويفاصلون عليها، من ذلك ما ذكره الإمام الطحاوي في العقيدة الطحاوية فـي قــــولــه عن أهل السنة والجماعة: "ونرى المسح على الخفين في السفر والحضر كما جاء في الأثر" وعلق شارح الطحاوية على ذلك بقوله: "وتواترت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسح على الخفين وبغسل الرجلين، والرافضة، تخالف هذه السنة المتواترة"(5).
ومعلوم أن المسح على الخفين من المسائل الفقهية؛ ولكن لأن أهل البدع أنكروه وشنعوا على مخالفيهم فيه نص العلماء عليه في عقائدهم.
إذن فلا لوم على من يجعل قضية الحـجـــاب اليوم قضية أصولية مصيرية، وذلك لتشنيع مبتدعة زماننا ومنافقيهم عليه ولحملتهم المحمـومة لنزعه وجر المرأة بعد ذلك لما هو أفسد وأشنع من ذلك، وأنها لم تعد مسألة فقهية يـتـنـاقـــــش فيها أهل العلم المتجردون لمعرفة الراجح وجوانب الحاجة والضرورة فيه.
وقـــــد صرَّح بعضُ العلماء بتكفير من قال بالسفور ورفْع الحجاب وإطلاق حرية المرأة؛ إذا قال ذلك معتقداً جوازه.
قال الشـيــخ محمد بن يوسف الكافي التونسي في كتابه: "المسائل الكافية؛ في بيان وجوب صدق خبر رب البرية"(6):
"المسألة الســـابعـة والثلاثون": من يقول بالسفور ورفع الحجاب وإطلاق حرية المرأة ففيه تفصيل:
فإن كان يقول ذلـك ويُحسِّنُه للـغـيـر مع اعتقاده عَدَم جوازه، فهو مؤمن فاسق يجب عليه الرجوعُ عن قوله، وإظهارُ ذلك لدى العموم.
وإن قال ذلك معتقداً جوازه، ويراه مـــــن إنصاف المرأة المهضومة الحق على دعواه! فهذا يكفر لثلاثة أوجه:
الأول: لمخالفته القرآن(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وبَنَاتِكَ ونِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ))[الأحزاب: 59].
الثاني: لمحبته إظهار الفاحشة في المؤمنين. ونتيجة رفع الحجاب، وإطلاق حرية المرأة، واختلاط الرجال بالنساء: هو ظهور الفاحشة، وهو بيِّنٌ لا يحتاج إلى دليل.
الثالث: نسبةُ الحيف على المرأة وظلمها إلى الله ـ تعالى الله عما يقول المارقون ـ؛ لأنه هو الذي أمر نبيه بذلك، وهو بيِّنٌ أيضاً.
قلتُ: وظهور الـفــاحـشـــة نتيجة لرفع الحجاب، وإطلاق حرية المرأة، واختلاط النساء بالرجال ـ يَشهد به الواقعُ من حال الإفرنج والمتفرنجين الذين ينتسبون إلى الإسلام، وهم في غاية البعد منه.
وصرح الشيخ محمد بن يوسف الكافي أيضاً بتكفير من أظهرت زينتها الخلقية أو المكتسبة، معتقدة جواز ذلك، فقال في كتابه المشار إليه ما نصُّه: "المسألة السادسة والثلاثون": من أظهرت من النساء زينتها الخِلقـيــة أو المكتسبة؛ فالخلقية: الوجه والعنق والمعصم ونحو ذلك، والمكتسبة ما تتحلى وتتزين به الخلقة كالكحل في العين، والعقد في العنق، والخاتم في الإصبع، والأساور في المعصم، والخلخال في الرِّجل، والثياب الملونة على البدن، ففي حكم ما فعلتْ تفصيل:
فإن أظهرت شيئاً مما ذُكِرَ معتقدة عدم جواز ذلك، فهي مؤمنة فاسقة تجب عليها التوبة من ذلك، وإن فعلته معتقدة جواز ذلك فهي كافرة لمخالفتها القرآن؛ لأن القرآن نهاها عن إظهار شيء من زينتها لأحد إلا لمن استثناه القرآن، قال الله ـ تعالى ـ: ((ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ)) [النور: 31].
قال هشام بن عمار: سمعت مالكاً يقول من سَبَّ أبا بكر وعمر أُدِّب، ومن سَبَّ عائشة قُتِل؛ لأن الله يقول(يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)) [النور: 71]. فمن سَبَّ عائشة فقد خالف القرآن، ومن خالف القرآن قُتِل أي لأنه اسـتـبــاح ما حرَّم الله ـ تعالى ـ انتهى.
__________________