التكافل الاجتماعي في الإسلام مقدمة:
إن المجتمع المسلم هو الذي يطبق فيه الإسلام عقيدة وعبادة وشريعة ونظاماً وخلقاً وسلوكاً, وفقا لما جاء به الكتاب والسنة, واقتداءً بالصورة التي طبق بها الإسلام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده.
وعندما يلتزم المجتمع بهذه القاعدة يجد التكافل الاجتماعي مكانه بارزاً في المجتمع بحيث تتحقق فيه جميع مضامينه, ذلك أن الإسلام قد أهتم ببناء المجتمع المتكامل وحشد في سبيل ذلك جملة من النصوص والأحكام لإخراج الصورة التي وصف بها الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك المجتمع بقوله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"[1](1), لذا فإن التكافل الاجتماعي في الإسلام ليس مقصوداً على النفع المادي وإن كان ذلك ركناً أساسياً فيه, بل يتجاوزه إلى جميع حاجات المجتمع أفراداً وجماعات, مادية كانت تلك الحاجة أو معنوية أو فكرية على أوسع مدى لهذه المفاهيم, فهي بذلك تتضمن جميع الحقوق الأساسية للأفراد والجماعات داخل الأمة.
المقصود بالتكافل الاجتماعي:
يقصد بالتكافل الاجتماعي: أن يكون أفراد المجتمع مشاركين في المحافظة على المصالح العامة والخاصة, ودفع المفاسد والأضرار المادية والمعنوية, بحيث يشعر كل فرد فيه أنه إلى جانب الحقوق التي له, وأن عليه واجبات للآخرين, وخاصة الذين ليس باستطاعتهم أن يحققوا حاجاتهم الخاصة, وذلك بإيصال المنافع إليهم ودفع الأضرار عنهم[2](2).
مجال التكافل الاجتماعي:
والتكافل الاجتماعي في الإسلام ليس معنياً به المسلمون المنتمون إلى الأمة المسلمة فقط بل يشمل كل بني الإنسان على اختلاف مللهم واعتقاداتهم داخل ذلك المجتمع, كما قال الله تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8], أي أن التكافل الاجتماعي في الإسلام يعد غاية أساسية تتسع دائرته حتى تشمل جميع البشر مؤمنهم وكافرهم فقد قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: 13], ذلك أن أساس التكافل هو كرامة الإنسان حيث قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾ [الإسراء: 70], والتكافل يتدرج ليشمل الإنسانية جمعاء, حيث يبدأ الإنسان المسلم بدائرته الذاتية ثم دائرته الأسرية ثم محيطه الاجتماعي ثم إلى تكافل المجتمعات المختلفة.
التكافل بين المرء وذاته:
الإنسان مسئول عن نفسه أولاً, فهو مسئول عن تزكيتها وتهذيبها وإصلاحها ودفعها إلى الخير وحجزها عن الشر, قال الله تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾ [الشمس: 7-10], كما أنه مسئول عن حفظها ورعاية صحتها وتمتعها في حدود المباح, قال الله تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [القصص: 77]. ثم إنه منهي عن إتلاف نفسه وإضعافها وتعذيبها, فقد نهى الله تعالى عن الانتحار بقوله: ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً﴾ [النساء: 29], وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً, ومن تحسى سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً, ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً"[3](3).
كما يحرم عليه تعاطي كل ما يؤثر على صحته أو عقله, فإن من المقاصد العامة الضرورية للشريعة الإسلامية حفظ النفس والعقل والمال, قال الله تعالى في الخمر: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ *إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ﴾ [المائدة: 90-91].
التكافل داخل الأسرة :
لقد أكد الإسلام على التكافل بين أفراد الأسرة وجعله الرباط المحكم الذي يحفظ الأسرة من التفكك والانهيار, ويبدأ التكافل في محيط الأسرة من الزوجين بتحمل المسؤولية المشتركة في القيام بواجبات الأسرة ومتطلباتها كل بحسب وظيفته الفطرية التي فطره الله عليها, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته,.... والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته, والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها"[4](4).
ويأتي تقسيم وتوزيع المسؤوليات داخل البيت بين الرجل والمرأة بما يضمن قيام الأسس المادية والمعنوية التي تقوم عليها الأسرة, فالله سبحانه وتعالى يخاطب أرباب الأسر رجالاً ونساءً بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6].
ولا تتم هذه الوقاية إلا بالتبصر بالحق وتعليم العلم النافع والإرشاد إلى أبواب الخير, وهذا هو قوام التكافل العلمي والتثقيفي للأسرة، وهو مسؤولية مشتركة بين الزوجين, فكلما وجد أحدهما في الآخر تقاعساً أو تقصيراً نبهه وأرشده إلى الصلاح والإصلاح, قال الله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 71], وقد حث الإسلام على تنمية الود والحب الغريزي بين الرجل والمرأة في حياتهم الزوجية, فقال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21].
وأرسى لتحقيق ذلك مبادئ وضمانات عديدة منها:
1- حفظ الحقوق بين الزوجين: قال تعالى: ﴿َلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ﴾ [البقرة: 228].
2- حسن اختيار الزوجة والزوج: ذلك أن الأسرة هي الخلية التي ينشأ فيها الأبناء؛ لذا لزم أن تكون هذه الخلية صالحة من أساسها, فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها, فاظفر بذات الدين تربت يداك"[5](5), وأما فيما يختص باختيار المرأة لزوجها فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض"[6](6), وقال الله تعالى: ﴿وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [البقرة: 221].
3- حسن التعامل بين الزوجين: حث الإسلام على المعاملة الحسنة بين الزوجين, وثبت ذلك بنصوص الكتاب والسنة, فقد قال الله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً﴾ [النساء: 19], وقال الله تعالى: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 231]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً, وخياركم خياركم لنسائهم"[7](7), وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس معاشرة لأزواجه وأحسن الناس رفقاً بهم, وكان يمازحهن ويساعدهن في أعمالهن, ويسامحهن فيما يبدر منهن من أخطاء, وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"[8](8).
4- الإنفاق على الأسرة: ذلك أن المال قوام الحياة المادية، والمرأة داخلة في ولاية زوجها, فهو مسئول عنها بالنفقة، قال الله تعالى: ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً﴾ [الطلاق: 7], بل إن الإسلام قد أوجب النفقة للزوجة على الزوج حتى لو كانت مطلقة, فإن النفقة والسكن واجبة عليه طوال فترة العدة, كما أنه يدفع لها ثمن إرضاعها لابنه منها حال طلاقها, قال الله تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى﴾ [الطلاق: 6].
5- الاعتناء بالأولاد رعاية وتربية: لقد أكد الإسلام على حق الأولاد الصغار في الرعاية والتربية, وجعل ذلك أهم واجبات الأبوين, أي أن الإسلام لم يكتف بالدافع الفطري لقيام الأبوين بواجبهما, بل عزز ذلك بقواعد محددة تضمن للأولاد النشوء في صورة مثلى تكفل لهم حقوقهم كاملة, فمنذ الولادة نص القرآن الكريم على استكمال الرضاعة قال الله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [البقرة: 233], كما جعل التربية حقاً له على وليه قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6], وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مروا أولادكم بالصلاة لسبع, واضربوهم عليها لعشر, وفرقوا بينهم في المضاجع"[9](9).
التكافل داخل الجماعة:
لقد أقام الإسلام تكافلاً مزدوجاً بين الفرد والجماعة, فأوجب على كل منهما التزامات تجاه الآخر, ومازج بين المصلحة الفردية والمصلحة العامة, بحيث يكون تحقيق المصلحة الخاصة مكملاً للمصلحة العامة, وتحقيق المصلحة العامة متضمناً لمصلحة الفرد, فالفرد في المجتمع المسلم مسئول تضامنياً عن حفظ النظام العام, وعن التصرف الذي يمكن أن يسيء إلى المجتمع, أو يعطل بعض مصالحه, قال الله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 71].
كما أن الفرد مأمور بإجادة أدائه الاجتماعي بأن يكون وجوده فعالاً ومؤثراً في المجتمع الذي يعيش فيه قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2], وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً"[10](10), وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم حال أفراد المجتمع في تماسكهم وتكافلهم بصورة تمثيلية رائعة حيث قال صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"[11](11).
من جانب آخر فإن الجماعة أيضا مسئولة عن حفظ حرمات الفرد وكفالة حقوقه وحرياته الخاصة قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ *يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ﴾ [الحجرات: 11- 12].
وقد صور الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الصورة التكافلية في مثال رائع بقوله صلى الله عليه وسلم: "مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها, فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم, فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا, فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً, وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً"[12](12), والقائم على حدود الله يدخل فيه القائم على حفظ النظام العام للمجتمع وأفراده.
وأما التكافل بين جميع المجتمعات الإنسانية فهو الذي ترسم ملامحه الآية الكريمة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: 13], فهي تعلن مبادئ تكافل دولي بموجبه تنتظم كافة المجتمعات الإنسانية في رباط عالمي, هدفه النهائي والحقيقي إقامة مصالح العالمين ودفع المفاسد عنهم, وتبادل المنافع فيما بينهم, مادية ومعنوية, علمية وثقافية واقتصادية, مع الحفاظ على خصوصيات كل مجتمع وكيان, دون تهديد لتلك الخصوصيات بما يهدمها أو يلغيها, وأساس ذلك إحساس الجميع بوحدة أصلهم ومنشأهم ومصيرهم.
وهذا التكافل لا يقف عند تحقيق مصالح الجيل الحاضر بل يتعدى ذلك إلى نظرة شاملة تضع في الاعتبار مصالح أجيال المستقبل, وهو ما من شأنه أن يسهم في حل كثير من الأزمات المعاصرة, ويحاصر كثيراً من الأخطار التي تواجه مستقبل البشرية والتي نشأت من جراء لهاث هذا الجيل وراء مصالحه دون اعتبار للمستقبل البشرى العام, وهي أخطار ومشكلات كثيرة لعل من أخطرها مشكلة البيئة والموارد الطبيعية, ونجد مراعاة هذا التكافل بين الأجيال في سياسة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أرض السواد - الأرض الزراعية الخصبة في العراق - حينما فتحها المسلمون وأراد الجنود أن يقتسموها بينهم شأن بقية الغنائم فرفض هذا الرأي قائلاً: «إني أريد أمراً يسع الناس أولهم وآخرهم», فقرر أن يضرب الخراج على هذه الأرض, ويتركها في يد عمال يعملون فيها ويؤدون ضريبة لبيت المال (الخزينة العامة للدولة).
ومما يؤكد هذا المبدأ قول الله تعالى في تحديد العلاقة بين أجيال الأمة المسلمة: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [الحشر: 10], وحتى يحمل جيل المستقبل انطباعاً جيداً عن جيل الحاضر, ويحفظ له مكانته ويستغفر له, ويحمل له في قلبه أرق المشاعر, وهكذا ينبغي أن يحس جيل الحاضر بهذه العلاقة المتبادلة وبآثار تصرفاته على من سيأتي بعده, فلا ينتهب الموارد ولا يبدد طاقات الحياة التي يمتلكها وحده, وبذلك يضع السماد الطيب في تربة التواصل بين الأجيال فتشق الأمة طريقاً بين الماضي والمستقبل موصولة الخطا على أرض صلبة وتراث عريق مقدر.
وبهذا ترسم صورة إنسانية مثلى للتكافل يحنو فيها الحاضرون على الخالفين, وتهفو قلوب الخالفين إلى الماضين بالود, وتتحرك ألسنتهم بالاستغفار, فيتحقق بذلك التكافل الشامل لأمر الآخرة والأولى لكافة أجيال الأمة.
مظاهر التكافل الاجتماعي:
من العرض السابق تتجلى الخطوط العامة لهذا التكافل, وإذا أردنا أن نتلمس بعض المظاهر التفصيلية لهذا التكافل نجد اهتمام الإسلام بالفئات الاجتماعية الأكثر تضرراً والتي هي المستهدفة غالباً بالتكافل الاجتماعي في مفهومه الضيق:
كفالة كبار السن: لقد وجه الإسلام عناية خاصة لكبار السن واعتبرهم مستحقين للكثير من الرعاية مقابل التضحيات التي قدموها من أجل إسعاد الجيل الذي ربوه ورعوه, والعناية بكبار السن والمسؤولية عنه قد أنيطت في الإسلام بالأبناء أولاً, قال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً﴾ [الأحقاف: 15], ويقول تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً﴾ [الإسراء: 23], فمسئولية الأبناء عن بر الآباء ورعايتهم مسئولية إلزامية ديانة وقضاء, بمعنى أن أوامر الدين توجب على الأولاد وتلزمهم بها, فإذا قصروا فيها ألزمهم بها القضاء, ولو كان دينهما مختلفاً عن الأبناء, فإن ذلك لا يسقط حقهم ولا يلغي تلك المسئولية, قال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ *وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً﴾ [لقمان: 14- 15], وإذا لم يكن لهم أبناء انتقلت المسؤولية عنهم إلى المجتمع, ممثلاً في الدولة بصورة إلزامية.
ومما يعزز ذلك ما تزخر به النصوص من ترغيب في الخير وفي الإحسان إلى الآخرين وخاصة العاجزين, بما فيهم كبار السن, والذي ينشئ في النفس المؤمنة دافعاً تلقائياً إلى بذل الخير طواعية في تلك الوجوه.
والرعاية لكبار السن لا تقف عند الجانب المادي بل يدخل فيها الجانب النفسي والعاطفي, الذي هم أشد حاجة إليه قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً﴾ [الإسراء: 23- 24], وقال صلى الله عليه وسلم: "ليس منّا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا"[13](13).
كفالة الصغار والأيتام:
سبق القول عند الحديث عن التكافل داخل الأسرة أن الإسلام يهتم بالطفولة ويلزم الآباء برعاية الأبناء وتربيتهم حتى بلوغ سن الرشد مع القدرة على استقلالهم بالمسئولية.
فإذا فقد هؤلاء الأبناء آباءهم فإن المسئولية تنتقل بشكل متدرج إلى الأقارب القادرين, فإذا انعدموا قامت على المجتمع بأسره.
وقد ورد في الحث على كفالة الأيتام والعناية بهم ما يبعث في نفس المؤمن دافعاً قوياً إلى ذلك, قال تعالى: ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ﴾ [الضحى: 9], وقال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 215], وهناك العديد من الآيات التي تحض على رعاية اليتيم والإحسان إليه, ورعاية ماله إن كان له مال.
وإذا تصفحنا تاريخ الإسلام وجدنا أن كثيراً من عباقرة الإسلام والمبدعين على أكثر من صعيد كانوا قد فقدوا آباءهم وهم صغار, وما ذلك إلا نتاج ملموس للتوجيهات والسياسات الإسلامية في هذا الصدد, والتي أصبح المجتمع يقوم بها بشكل طوعي وتلقائي حتى في الأوقات التي تتخلى فيها الدولة عن واجبها فإن هذه العناية لم تغب إذ قام بها المجتمع وأقام لها من المؤسسات الخيرية ما يلبي حاجتها.
ومن مظاهر العناية التي أولاها الإسلام للأيتام حفظ أموالهم والسعي في تنميتها والابتعاد عن كل تصرف ضار بها, قال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾ [الأنعام: 152], وقال تعالى: ﴿وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً﴾ [النساء: 2], ويقول تعالى في نفس السورة: ﴿وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيباً﴾ [النساء: 6] وقال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً﴾ [النساء: 10], كما دعا إلى استثمارها والإنفاق عليهم, قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [البقرة: 220].
كفالة الفقراء والمساكين:
إن النصوص الإسلامية زاخرة بالحض على كفالة الفقراء والمساكين, ومشاركتهم آلامهم وتنفيس الكرب عنهم, وبذل العون لهم مادياً ومعنوياً.
إن الإسلام في مواجهة المشكلات الاجتماعية يفرض الحد الأدنى لاستقامة الحياة وجريانها على الصلاح, ثم يفتح المجال أمام التطوع والإحسان مع الترغيب فيه والحث عليه, وبيان ما ينتظر صاحبه من جزاء في الدنيا والآخرة.
وكما هو شأن الإسلام في مواجهة مشاكل الحياة والاجتماع فإننا نجده يسلك نفس السلوك في مشكلة الفقر, ففي الوقت الذي يفتح فيه فرص العمل أمام الجميع ويزيل العقبات والعراقيل أمام الفقراء ليعملوا فإنه يفرض على المجتمع المسئولية الكاملة عن فقرائه الذين لا يجدون عملاً أو لا تتسع مواردهم للوفاء بحاجتهم, وذلك من خلال فريضة الزكاة التي تتمثل في 2.5 % من ثروة المجتمع, تجنيها الدولة كل سنة لتردها على الفقراء والمساكين وغيرهم, من مصارف الزكاة الذين حددهم الله تعالى في القرآن الكريم بقوله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60].
كما يعلن مسئولية الدولة عن توفير العمل لمن لا يجد عملاً, وإيجاد ميادين العمل, وفتح أبوابه أمام العاطلين, بل إنه يجعل للإمام في الحالات التي يهدد فيها التوازن الاجتماعي وتميل فيه الكفة نحو احتكار المال في أيد محدودة يجعل له الحق في أن يعيد الأمور إلى نصابها, ويتخذ من الإجراءات ما يراه كفيلاً بإعادة التوازن إلى المجتمع, ثم يفتح بعد ذلك الطريق أمام التطوع والإحسان, ويحض عليه ابتغاء الدار الآخرة والثواب من الله تعالى: ﴿لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [البقرة: 177], ويقول تعالى: ﴿لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ [آل عمران: 92].
رعاية حق الجار:
ومن مظاهر التكافل في الإسلام أيضاً رعاية حقوق الجوار, فقد أكد الإسلام على البر بالجار وصلته, وكف الأذى عنه وإيصال الخير إليه, قال تعالى: ﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً﴾ [النساء: 36], وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله لا يؤمن, والله لا يؤمن, والله لا يؤمن", قيل: ومن يا رسول الله ؟, قال: "الذي لا يأمن جاره بوائقه"[14](14), وقال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره"[15](15).
حقوق الضيف والغريب:
لقد حض الإسلام على إكرام الضيف وعلى إحسان ضيافته, واعتبر إكرام الضيف خلقاً كريماً يدل على صدق الإيمان وتأصله في النفس, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه"[16](16), كما أكد على الإحسان إلى الغريب (ابن السبيل) -وهو الذي انقطعت به السبل ولم يستطع الوصول إلى بلده- وجعل له حقاً واجباً في الزكاة, قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60].
وسائل الإسلام في تحقيق التكافل:
لقد شرع الإسلام من الوسائل والنظم ما يحقق التكافل الاجتماعي, وبعض هذه الوسائل منوط بالأفراد، والبعض الآخر منوط بالدولة.
الوسائل المنوطة بأفراد المجتمع:
أناط الإسلام بالأفراد عدداً من هذه الوسائل, وجعل بعضها إلزامياً, وترك البعض الآخر للتطوع, ومن هذه الوسائل الفردية الإلزامية التي شرعها الإسلام لتحقيق التكافل ما يلي:
1- فريضة الزكاة:
وهي من أهم هذه الوسائل, وهي فريضة إلزامية فرضها الله على المسلم ديناً, وجعل للدولة الحق في أخذها منه قهراً إذا هو امتنع عن أدائها.
وتأتي أهمية الزكاة من حيث شمولها لمعظم أفراد المجتمع, ومن حيث أهمية المقدار الذي تمثله من الثروة العامة حيث تمثل 2.5% من مجموع الأموال, وهي نسبة كفيلة -لو نظمت- بأن تحل كثيراً من المشاكل الاجتماعية الناتجة عن الفقر وأن تسهم في الحد منه, ومن ثم كان لها تأثيرها الحيوي في إشاعة التكافل, هذا فضلاً عن آثارها المعنوية حيث تنفي من المجتمع الأحقاد والبغضاء الناتجة عن انقسام الناس إلى مالكين لا يعبأون بغيرهم, ومحرومين لا يُعبأ بهم.
2 – الكفارات:
وهي ما فرضه الإسلام على المسلم لارتكابه بعض المحظورات أو تركه بعض الواجبات, ككفارة اليمين إذا حلف المسلم بالله فحنث، وكفارة الفطر عمداً بدون عذر مقبول شرعاً في نهار رمضان وغيرها, ومن بعض مصارف هذه الكفارات إطعام الطعام لعدد من المساكين, ومن هنا كانت وسيلة لتحقيق التكافل, قال الله تعالى: ﴿لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 89].
3- صدقة الفطر:
وهي صدقة يجب إخراجها يوم عيد الفطر بعد شهر رمضان, ومقدارها صاع من غالب قوت البلد, وهي واجبة على كل مسلم: الرجل والمرأة, والصغير والكبير.
4- إسعاف المحتاج:
حيث يلزم على من عَلِم بأن جاره جائع ولا يجد ما يأكل أن ينقذه إذا كان ذلك في استطاعته, يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما آمن بي من بات شبعاناً وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به"[17](17).
الوسائل الفردية التطوعية:
وإذا كان الإسلام قد أرسى وسائل إلزامية للتكافل فإنه أيضاً فتح الباب أمام التطوع, وذلك من خلال تشريعه لوسائل التكافل الطوعية والتي منها:
1- الوقف:
فقد شرع الإسلام الوقف وجعله من أفضل الأعمال, وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, أو علم ينتفع به, أو ولد صالح يدعو له"[18](18), ومعنى الوقف: أن يتبرع المسلم بعين تبقى لمدة من الزمن لجهة معينة, شريطة عدم التصرف في العين, مع الاستفادة من منافعها وغلاتها, وذلك كعمارة سكنية أو أرض زراعية أو غير ذلك.
وقد عرف الوقف في التاريخ الإسلامي بكثرته وتنوع مصادره وتعدد أهدافه وجهاته, حيث شكل مرفقاً حيوياً للمجتمع يقوم حتى اليوم بالوظائف العامة والأمن والرعاية الاجتماعية للفئات المحتاجة.
2- الوصية:
وهي أن يوصي الشخص عند موته بنسبة من ماله لشخص معين أو جهة معينة أو جماعة من الناس بأعيانهم أو بأوصافهم أو أي جهة من جهات الخير.
وقد رغب الإسلام في الوصية، قال الله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 180], وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أمولكم زيادة لكم في أعمالكم"[19](19)
إلا أن الإسلام وازن بين حقوق الورثة والموصى إليهم, حيث منع الوصية بأكثر من الثلث؛ اعتباراً لحق الورثة, ومراعاة لظروفهم بعد الميت, وقد سأل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني رجل ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي, أفأوصي بثلثي مالي ? قال: "لا", قلت: بالشطر ؟ فقال: "لا", ثم قال: "الثلث والثلث كبير, أو كثير, إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس, وإنك لن تنفق نفقة تتبغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في فيّ امرأتك"[20](20).
3- العارية:
وهي تمكين الشخص غيره من استخدام إحدى وسائله مجاناً, شريطة أن يردها له. وقد حث الإسلام على هذا الأسلوب من التعاون والتكافل لما له من آثار إيجابية وبناءة في غرس المحبة بين أفراد المجتمع, وفي تقوية العلاقات الاجتماعية وإقامتها على المشاركة والتعاون، وأنكر على من يمنع هذا الحق ما دام لا يلحق به ضرر, وجعلها من الصفات التي يستحق بها صاحبها العقوبة, قال تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ [الماعون: 4-7], والماعون لفظ يطلق على الأدوات والوسائل التي تستخدم في مختلف المناشط الحياتية كالآنية والآلات اليدوية. [21](21)
وجعل الإسلام في مقابل هذا الحق وجوب الوفاء بالجميل للمعير برد أدواته إليه, مع المحافظة عليها وصيانتها من التلف, قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58], وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ [المؤمنون: 8].
4- الهدية والهبة:
وقد حث الإسلام على تبادل الهدايا, ذاكراً دورها في تقوية النسيج الاجتماعي وإشاعة روح الألفة والمودة بين أفراد المجتمع, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تهادوا تحابوا"[22](22).
مسئولية الدولة:
وإذا كان الإسلام قد أعطى عناية كبيرة لوسائل التكافل الفردية فإنه لم يكتف بها بل أقام إلى جانبها الوسائل العامة التي جعلها من مسئولية الدولة ومن واجباتها الاجتماعية, ومن أهم هذه الوسائل:
1- تأمين موارد المال العام:
وذلك باستثمار المحيط الطبيعي للدولة وما ينطوي عليه من ثروات باستخراج معادن الأرض وكنوز البحار وكافة الثروات التي أودعها الله تعالى في الكون, واستخلف فيها الإنسان, وجعله سلطاناً على تسخيرها والانتفاع بها في حياته؛ ليتحقق أقصى حد للرفاهية الاجتماعية الشاملة التي لا تقتصر على فئة دون فئة أو مجال دون آخر.
ولو أن كل دولة قامت بواجبها في هذا المجال, ووزعت نتائج هذه المصادر بالقسط -خدمات عامة وفرص عمل- لأقبلت المجتمعات الإنسانية كلها على نهضة جبارة.
2- إيجاد فرص عمل للقادرين عليه:
وذلك بالبحث عن أفضل الحلول لمواجهة البطالة, وبإقامة المشاريع البناءة التي تساهم في النهضة العامة, وتوفر في ذات الوقت فرص العمل للأيدي العاطلة بعدالة تامة, ومراعاة للحاجات العامة, وإعطاء الأولوية للفئات الفقيرة المحرومة, ونذكر هنا تلك الحادثة التي لها دلالتها حيث جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله فأعطاه درهماً, وأمره أن يشتري به فأساً ويذهب إلى الغابة فيحتطب ويأتيه بعد فترة, فلما جاءه أخبره أنه وفر قدراً من المال لحاجته, وتصدق بالبعض الآخر, فقال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلاً فيسأله أعطاه أو منعه"[23](23).
3- تنظيم وسائل التكافل الفردي:
فالدولة مسئولة عن تنظيم الوسائل الفردية للتكافل -سابقة الذكر- وخاصة الزكاة والوقف, وذلك بإقامة السياسات اللازمة لتحقيق أهداف تلك الوسائل, المتمثلة في القضاء على الفقر وتقريب الهوة الاجتماعية بين الموسرين والمحرومين, وإيجاد الضمانات اللازمة لتحقيق ذلك, وفي هذا السياق يأتي الأمر في القرآن الكريم للرسول صلى الله عليه وسلم ولمن يقوم بالولاية العامة على المسلمين من بعده: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [التوبة: 103].
فعندما يتعرض المجتمع لأوضاع غير عادية يصل فيها التفاوت الاجتماعي إلى حد غير مأمون وتعجز الدولة بمواردها العامة عن تلبية الحاجات الاجتماعية, وعن القيام بوظائفها وواجباتها تجاه المجتمع, فلا مانع -بل يجب- في رأي معظم فقهاء الإسلام أن تفرض الدولة في أموال الأغنياء ما يحقق ذلك, حتى تعود الأوضاع إلى حالتها السوية, على أن تكون في ذلك قوامة بالقسط, وأن تكون الدوافع الحقيقية هي خدمة الصالح العام.
إعداد: عادل الصعدي مراجعة: علي عمر بلعجم.
[1](1) - أخرجه مسلم في صحيحه 4/1999, برقم: 02586
[2](2) - التكافل الاجتماعي, نقلاً عن موقع: http://www.islamtoday.net/toislam/toislam.cfm?toislam=114&sub=3 0
[3](3) - أخرجه البخاري في صحيحه 5/2179, برقم: 5442, ومسلم في صحيحه 1/103, برقم: 0109
[4](4) - أخرجه البخاري في صحيحه 1/304, برقم: 853, ومسلم في صحيحه 3/1459, برقم: 01829
[5](5) - أخرجه البخاري في صحيحه5/1958, برقم: 4802, ومسلم في صحيحه2/1086, برقم: 01466
[6](6) - أخرجه ابن ماجة في سننه 1/632, برقم: 1967, وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة 3/20, برقم: 01022
[7](7) - أخرجه الترمذي في سننه3/446, برقم: 1162, وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 1/573, برقم: 0284
[8](8) - المرجع السابق 5/709, برقم: 3895, وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 1/575, برقم: 0285
[9](9) - أخرجه أحمد في مسنده 2/187,برقم: 6756, وحسن إسناده شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.
[10](10) - أخرجه البخاري في صحيحه 1/182, برقم: 467, ومسلم في صحيحه 4/1999, برقم: 2585 0
[11](11) - أخرجه مسلم في صحيحه 4/1999, برقم: 2586 0
[12](12) - أخرجه البخاري في صحيحه 2/882, برقم: 2361 0
[13](13) - أخرجه الترمذي في سننه 4/321, برقم: 1919, وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 5/230, برقم: 2196 0
[14](14) - أخرجه البخاري في صحيحه5/2240, برقم: 5670, ومسلم في صحيحه 1/68, برقم: 46 0
[15](15) - أخرجه البخاري في صحيحه 5/2240, برقم: 5673, ومسلم في صحيحه 1/68, برقم: 47 0
[16](16) - أخرجه البخاري في صحيحه 5/2273, برقم: 5785, ومسلم في صحيحه 1/68, برقم: 047
[17](17) - أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 1/259, برقم: 751, وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: 05505
[18](18) - أخرجه مسلم في صحيحه 3/1255, برقم: 01631
[19](19) - أخرجه ابن ماجة في سننه 2/904, برقم: 2709, وأحمد في مسنده 6/440, برقم: 27522, وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة 2/111, برقم: 2190 0
[20](20)- أخرجه البخاري في صحيحه 1/435, برقم: 1233, ومسلم في صحيحه 3/1250, برقم: 01628
[21](21)- يذكر تفسير هذا المعنى من مظانه.
[22](22) - أخرجه الطبراني في الأوسط 7/190, برقم: 7240, وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم: 05315
[23](23) - أخرجه البخاري في صحيحه 2/535, برقم: 1401 .
__________________
|