الموضوع: درس
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 08-08-2009, 03:31 AM
المفكرة المفكرة غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 1,413
معدل تقييم المستوى: 18
المفكرة is on a distinguished road
افتراضي إن مع العسر يسراً

أفتح خزائن الحكايات ، أبعثر منها المحتويات ، أيها يليق أن استقبل به الناس في مجلسهم العامر ؟
هذه قديمة .. تلك مملة ، لا .. لا يليق بي أي من هذا بعد مرور الزمان .
تشير إلي من زمن حل بي ضيفاً منذ 28 عاماً .
أبتسم لها ، أجل ، تصلح . أرتدي لونها فتبرزني في بقعة ضوء مسلطة علي في أحد أركان المجلس البعيدة .
أحكيها لكم مع فنجان القهوة . عبق الحبهان و التحويجة و البن الفاتح ، يخلطه العسل و شيء من اللبن و نار هادئة ..
وجه القهوة تعلوه الرغوة ، الرائحة تنادي أن البن قد نضج . أصبه في فنجان أبيض نقشه ورود منمنمة بلون القهوة البني .
الحكاية :
مراهقة في الثانية عشر تفتح خزانة كتب أمها فتلمح كتاباً عتيقاً يعلوه التراب ، الله وحده يعلم فيم جذبها . الأوراق صفراء و الطباعة دقيقة الحجم و الكلام لا تفهمه . تلمح بين كلام العقاد عن عبقرية عمر بن الخطاب قصصاً عن عملاق جسماً و نفساً يملؤها عجباً و دهشة و حيوية!
أعصابها لن تتلقى عن العقاد قوله فهي لم تكتمل بعد . لكن فعل عمر بن الخطاب ينسل داخلها ، يستقر هناك دهشة تتركها تقارن الرجل بكل ما تعرفه عن العالم و الحياة حولها في ثمانينات القرن الماضي .
******************
إحدى قصص عمر ، أفردت لها ملفاً مميزاً في نفسي . إليكم التفاصيل :
عمر شاب قرشي يعاقر الخمر و يعبد الأصنام . يؤذي المسلمين و لا يعجبه أن رسولي صلى الله عليه و سلم تلتف حوله الأنفس ، تنسل منها الجاهلية و تمتلىء بالإسلام . يود لو تبقى الأمور على ما هي عليه ، لكن العالم كله يتطلع لهذا التغيير الذي يمتد في الأرض على يد محمد بن عبد الله .
يعزم عمر أمره على قتل محمد هذا الذي فرق أمر قريش و عاب آلهتها و سب آباءها . فيذهب متوشحاً سيفه متجها للدار التي يعبد فيها الرسول ربه و معه صحبه ، يخبرهم عن ربهم و يدعوهم لتوحيده .
يلتقي نعيم بعمر في الطريق فيرى في عيني عمر شراً يلوح . فيسأل عمر ما الأمر؟
عمر يفصح عما يجول بخاطره .
نعيم : أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم ؟
تأخذ عمر العزة و يسأل : أي أهل بيتي ؟
_ أختك فاطمة و ابن عمك سعيد بن زيد . فقد أسلما و تابعا محمداً على دينه .
******************
ينحرف عمر عن هدفه و يقصد بيت أخته .
داخل البيت ، فاطمة و زوجها سعيد و عندهما خباب يقرأ عليهما القرآن من صحيفة .
يصل سمع عمر بعض آي القرآن بينما هو يباغت أهل البيت ليتأكد من صدق ما سمع .
تشعر فاطمة بالحركة فتدس الصحيفة على عجل في ثيابها .
عمر غاضباً : ما هذه الهنيمة التي سمعت ؟
سمعت أنكما تابعتما محمد على دينه .
ثم يبطش بسعيد .
تحول فاطمة بين أخيها و زوجها . فتتلقى من غضبه لطمة تنزف إثرها .
يرق قلب عمر إذ يرى الأذى الذي حل بأخته و يدرك أن الأصنام و عبادة الآباء تفرق بينه و بين من يحب . يطلب الصحيفة كي يقرأ ما فيها .
خباب يستشعر الرقة التي يطلب بها عمر الصحيفة فيخرج من مخبأه مستبشراً فقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله البارحة راجياً إسلام أحد العمرين (ابن الخطاب أو ابن هشام) ، و ها هو ابن الخطاب يبوء بالدعوة .
تطلب فاطمة من أخيها الإغتسال ، يطهر الماء النفس من أدران الكفر . الآن تناوله صحيفة بها سورة طه . تجد لنفسه مسلكاً .
(طه . ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى . إلا تذكرة لمن يخشى . تنزيلاً ممن خلق الأرض و السماوات العلى. الرحمن على العرش استوى . له ما في السماوات و ما في الأرض و ما بينهما و ما تحت الثرى. و إن تجهر بالقول فإنه يعلم السر و أخفى .الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى ) .
عمر : دلني يا خباب على محمد حتى آتيه فأسلم .
******************
المشهد التالي :
عمر متوشحاً سيفه أمام بيت يجتمع به الرسول و صحابته . أحد الصحابة يراه من خلل بالباب فيخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم . حمزة يهب لحماية الرسول ، مستعد هو لمجابهة القادم إن بغى .
يأذن الرسول صلى الله عليه و سلم لعمر بالمثول في حضرته .
عمر أمام الرسول صلى الله عليه و سلم (اللقاء الأول بعد إيمانه) .
يأخذه الرسول صلى الله عليه و سلم بمجمع ردائه و يشده : (ما جاء بك يا ابن الخطاب ؟ فوالله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة !)
تهتز أرجاء نفس عمر معلناً الإسلام ...
التكبير أرجاء المكان .
******************
تشع القصة نوراً يضيء وجداني عمراً طويلاً ، يمتد أثره حتى الآن !

_ تلك فاطمة ، لاتزال اللطمة تمس خدي تخبرني أنها كلمة و لطمة ثم يملأ الحق المكان ، فقط لو وسع الصبر طاقتك قليلاً .
******************