لى صديق من الأخيار فى شخصيته و سلوكياته ، عبادته صادقة مخلصة لوجه الله تعالى ، لسانه نظيف لا ينطق الفاحشة ولا يقرب السوء أبدا وربما كان ذلك من طبيعة البيئة النظيفة التى ارعوى فى أحضانها لكنه يضيق ذرعا بأقضيته فى الحياة التى تتعقد بشكل مروع فما سلك مسلكا سهلا قط فى حياته إنما حياته كلها إجهاد و موجدة متصلة فإشفاقى عليه و إعزازى ليه دفعنى لأن أسألك فضيلة الشيخ :
هل من الممكن أن تكون العبادة خالصة لوجه الله تعالى و النية صافية و مع هذا لا يتقبلها الله ؟
أجاب عن هذا السؤال الشيخ محمد متولى الشعراوى بكتابه الفتاوى
أجاب فضيلته ….
أجل . و هنا مدخل الشياطين للنفس البشرية الطيبة و مجال ممارسته لنشاطه لأن الشيطان لا يعترض إلا الأتقياء و المخلصين فى العبادة .
قال تعالى بسورة العراف : [ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ] إذن فمن الممكن أن تتدخل الشياطين فتفسد عبادة العبد الصالح وقانا الله شر الشياطين .
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم .
ما الحكمة فى فرضية الجماعة فى صلاة الجمعة ؟
أراده الله لاستدامة الولاء الجماعى له سبحانه و تعالى ، لأن الولاء الجماعى يبدو أمام خلق الله تعالى و من ثم ينقطع فى البشرية مظهر الاستعلاء و الكبر .
كأن الله سبحانه و تعالى يقول : أنا أريد أن تعلنوا جميعكم ولاءكم لى باجتماعكم معا حتى إذا ما رأى الضعيف القوى عنه فى سجوده لله تعالى مساويا له استقر فى نفسه أن الجميع سواسية أمام الله تعالى فى موقف العبودية .
لذلك شرع الله سبحانه و تعالى اللقاء الجماعى يوم الجمعة مرة كل اسبوع للقضاء على الكبر فى النفوس و الكبر هذا مرض خطير فى النفوس .
أن الله سبحانه و تعالى قد وجهنا إلى هذا الولاء المستطرق فى فاتحة الكتاب و هو يعلمنا فيها أن نقول :
قال تعالى بسورة الفاتحة : ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) ) ثم يكون الدعاء ( اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) ) كان المفروض أن أقول : إياك أستعين اهدنا الصراط المستقيم .
لكنك تقول عنك و عن غيرك و غيرك يقول عن نفسه و عنك و كل من فى الجماعه دعا لك و أنت دعوت له و ربما كان أحد الصالحين موجودا فى الجماعة فيستجيب الله دعاءه للجميع و الله تعالى بكرمه يقبل عن الجميع بفضل الصالحين فى الجماعة .
لماذا أمره الله سبحانه و تعالى بالانتشار فى الأرض بعد صلاة الجمعة ؟ هل فى ذلك حكمة ؟
لو تنبهنا لقوله تعالى بسورة الجمعة : ( أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) )
لعلمنا أن وقت الانسان يجب أن يكون بين أمرين : بين انشغال بالمنعم لنأخذ منه شحنة الطاقة على حركتك فى النعمة و بين حركتك فى النعمة ذاتها .
فالأمر الأول : ( أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ )
و الأمر الثانى : ( فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ )
فالضرب فى الأرض هو المقصود من الخلافة فى الأرض .
فالضرب فى الأرض بالحركة جزء من منهج الله تبارك و تعالى و مادام الضرب فى الأرض بالحركة فيجب أن تكون الحركة فيما يهم الانسان أولا و هو رزق نفسه .
ثم يقول الحق بسورة الملك : ( فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) )
و هذا أمر بالكدح ، كبح لغرور الكادح .
هل حركة الانسان و مشيه فى مناكب الأرض هو الذى يجئ له بالرزق ؟
لا …فكم من عامل أكدى … لا تظن أن ضربك فى الأرض هو الذى جاء لك بالرزق ولكنها وصلت إلى الرزق الموجود و المخلوق فى الأرض والله طمأننا عليه بقوله بسورة فصلت : ( قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ (10) )
فكأن الأرزاق مكنوزة فى الأرض و عملك لا يخلق الرزق ولكن يوصلك فقط إليه .
و ذلك من استدامة و جماعية العبودية لله يوم الجمعة .
المصدر
كتاب الفتاوى كل ما يهم المسلم فى حياته و يومه و غده لفضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى الجزء الثالث ص 62
__________________
آخر تعديل بواسطة Mohamed_MA ، 14-08-2009 الساعة 11:53 PM
|