لم تمر ساعات حتى فوجئت نور بـ يوسف يعود اليها مرة أخرى .. و قد كانت السعادة ترتسم على وجهه ..
يوسف :- نور .. أنا قلت لك ان عندى مفاجأة , لما جت لى المكالمة ..
نور :- اه .. و سيبتى أفكر .. و تعبت من التفكير فى المفاجأة ..
يوسف :- أنا قلت لك قبل كدة .. ان واحد صاحبى طلب منى انى اشتغل فى شركة حراسات فى ايطاليا ؟..
نور :- اه ..
يوسف فى سعادة :
- أنا رفضت تماما .. و النهاردة لقيت شغل جديد ..
نور فى دهشة :
- شغل !!
يوسف :- أنتى عارفة أنى شاطر فى الرماية .. و رجل أعمال كبير شافنى فى النادى .. و طلب منى أنى أكون حارس شخصى لبنته اللى بيخاف عليها جدا ..
نور :- بودى جارد يعنى ؟
ضحك يوسف:
- أيوة بودى جارد بس من غير عضلات .. و هو هيتكفل بترخيص سلاح لى .. و أول ما يوصل الترخيص هبدأ شغلى الفعلى ..
نور :- يعنى أنت ممكن تقتل برضه ..
يوسف :- بس المرة دى هيبقى فى سبيل الحق .. و الدفاع عن النفس .. ثم نظر اليها فى حيرة :
- أنا ليه حاسس أنك مش مبسوطة .. أنتى أول حد أقول له الخبر .. ده أول مرة هشتغل .. و أكسب فلوسى بالحلال ..
نور :- أنا مبسوطة طبعا .. مبروك .. بس أوعى البنت دى تأكل عقلك ..
يوسف فى دعابة :
-لا .. عقلى خلاص عرف مين اللى أكله ..
نور :- و هتبدأ من امتى ؟
يوسف :- زى ما قلت لك .. وقت ما يوصل ترخيص سلاح لى .. يكون شغلى بدأ ..
بعدها واصلا حديثهما .. لكن سرعان ما غادر يوسف حين شعر بتأخر الوقت .. و شعوره بالارهاق فى آن واحد ..
***
فى اليوم التالى .. طلب المقدم أحمد سرور مقابلة نور .. و قد ذهبت لمقابلته ..
المقدم أحمد :- نور .. وصلتى لـ فين فى الاعترافات ؟
نور :- بصراحة يا فندم مفيش جديد .. وقت اعترافه جت له مكالمة .. و خرج بعدها ..
المقدم فى غضب :
- نور .. أنا أعرف أنك شاطرة .. بس شكلى كدة هبدأ أغير رأيى ..
نور :- يا فندم ..
قاطعها و لا يزال غاضبا :
- أنا عاوز الاعترافات دى فى أسرع وقت .. فهمانى .. فى أسرع وقت ..
حتى قاطع حديثه رنين الهاتف المتواجد على مكتبه .. و بعدما انتهى من المكالمة .. نظر اليها :
- قلت لك .. كل لحظة هنتأخر فيها جرايمه هتزيد ..
أكمل :- جت لنا أخبار .. أنه ممكن ينفذ جريمة النهاردة ..
نور وكأنها مندهشة :
- هو أنا عندى سؤال ..
:- هو ليه متقبضش عليه بعد المرة اللى فاتت .. طالما فى شهود أكدوا انه هو ؟
المقدم فى حزم :
- ده شغلنا .. و عارفين احنا بنعمل ايه .. و كل حاجة لها وقتها ..
نور :- يعنى هتقبضوا عليه النهاردة ؟
المقدم فى غضب .. و قد لمع بريق عيناه :
- قلت لك ده شغلنا .. اهتمى أنتى بس بمهمتك ..
***
عادت نور الى بيتها لكنها كانت فى اضطراب شديد .. و قلق .. لا تعلم مصدرهما .. فذهبت الى سمر .. و بالها ما زال منشغلا .. و قد أخبرت سمر بما أخبرها به المقدم أحمد سرور ..
سمر فى غرابة :
- و لما هو معروف كدة .. أنه حاول يقتل المسئول ده .. و هينفذ جريمة النهاردة .. ليه متقبضش عليه ؟
نور :- أنا سألت نفس السؤال ده .. و المقدم أحمد قال لى أنهم عارفين شغلهم .. و ان مهمتى الاعترافات و بس ..
:- أنا بقيت فى حيرة .. كنت الأول مش مصدقة أن يوسف اتغير .. بس بعد كدة بدأت أحس بتغيره فعلا .. و عمر ما احساسى كدبنى ..
و فى نفس الوقت .. مش عارفة ليه لما سألته هو راح فين بعد الحفلة .. حاول يغير الموضوع ..
صمتت سمر وبعد تفكير :
- ممكن يكون عنده انفصام فى الشخصية ..
صمتت نور هى الأخرى .. و مازالت الحيرة على وجهها .. حتى أخرجت هاتفها الخلوى .. لتحدث يوسف .. و ما ان قام بالرد :
- يوسف .. أنت فين ..
يوسف :- أنا فى شقتى ..
نور :- طيب ممكن أشوفك النهاردة ؟
صمت يوسف قليلا :
- للأسف .. النهاردة عندى حاجة مهمة لازم أعملها ..
نور :- حاجة أيه ..
يوسف :- نور .. أنا آسف هقابلك بكرة ..
نور مرة اخرى:
- طيب قول لى .. حاجة أيه ..
فجأة قطع الاتصال .. و كلما تحاول نور الاتصال به .. تجد هاتفه مغلقا .. فنظرت الى سمر :
- المقدم كان عنده حق ..
:- بيقول ان عنده حاجة مهمة .. و مش هيقدر يقابلنى ..
سمر فى دعابة :
- يا خسارة كنت افتكرت أنه اتغير .. وقلت أنك هتاخدى ثواب فيه ..
نور :- أنا لازم أمنع أنه يرتكب الجريمة دى ..
سمر :- بلاش تهور .. هتعملى أيه ..
نور :- سمر .. أنا ممكن هدفى الأول أنه يتقبض عليه .. بسبب الجرايم اللى عملها .. بس فى نفس الوقت عاوزاه يكون انسان تانى زى ما قال ..
سمر :- يا بنتى ده قاتل .. قاتل ..
نور :- أنا هروح لشقته .. و أحاول أعطله عن اللى هيعمله بأى طريقة ..
سمر :- نور.. بصراحة أنتى حبتيه ؟
نور :- مش عارفة .. بس أنا لازم أروح له ..
***
استقلت نور سيارة صديقتها سمر .. و اتجهت الى مسكن يوسف حتى وصلت .. فوجدته يستقل سيارته مبتعدا عن مسكنه .. فتعقبته بالسيارة التى تقودها ...
تعقبت نور يوسف .. و لا تعلم لماذا تفعل كل هذا .. و كأن شئ بداخلها لا يريد أن يرتكب يوسف تلك الجريمة .. حتى شاهدته يوقف سيارته بالقرب من منطقة سكنية عشوائية .. و يترجل منها .. و بدأ يسير نحو تلك المنطقة .. فغادرت هى الأخرى السيارة .. و بدأت ترقبه من بعيد ..
...
ظل يوسف يسير فى تلك المنطقة السكنية .. و لا يدرى أن نور تتبعه .. حتى وقفت قدماه أمام بيت قديم .. يبدو كالكهف فى صغره .. و نافذته المنخفضة التى تطل على الشارع الضيق .. و قد دخله .. و وجد ذلك العجوز الذى كان يصطاد فى فراشه .. و يبدو أنه فى اعياء شديد .. و قد نظر اليه يوسف فى حزن :
- أنا آسف أنى اتأخرت عليك يا حاج ..
أخرج العجوز ابتسامة رغم اعياءه الشديد :
- كفاية يا بنى أنك الوحيد اللى بتسأل عليا ..
يوسف :- لو تعرف الراحة اللى بحس بيها لما بكون معاك .. هتعرف أد ايه أنا مديون ليك .. ده غير دين الفلوس اللى أخدتها منك عشان اشترى العقد .. و أنا عارف أنها فلوس تعب سنين كتير .. و ربنا يقدرنى و أردهم لك من شغلى الجديد ..
العجوز فى ابتسامة :
- هعمل بيهم أيه .. اعتبرهم هدية منى ..
و نور تقف بجوار النافذة المنخفضة التى تطل على الشارع .. و تسمع بأذنيها حديثهما .. و أحيانا تشاهدهما بعينيها من خلال فتحات النافذة المتآكلة ..
العجوز فى تعب :
- يوسف .. انسى ماضيك ..
يوسف :- أنا بحاول أنساه ..
العجوز :- أنت لسة بتساعد اللى بتحبها فى رسالتها ؟
يوسف :- أيوة ..
العجوز :- كفاية اللى عرفته عنك .. و بلاش تكمل الرسالة ..
يوسف :- ليه .. أنا بحبها و بساعدها ..
العجوز :- مساعدتك ليها هتخلى ماضيك قدام عينيك طول عمرك .. هى لو بتحبك فعلا .. كانت رفضت أنك تحكى لها عن ماضيك .. ابدأ حياتك جديدة .. اوعى تكون زيي ..
يوسف ينظر اليه فى دهشة ..
أكمل العجوز :- أنا كنت زيك كدة فى شبابى .. بس أنا معرفتش أبدأ حياتى الا متأخر .. متأخر أوى .. تقدر تقول بعد فوات الأوان .. و أنت شايف حالى أهه بين الحياة و الموت .. مش عاوزك تكون زيى .. ثم بدأ اعياؤه يشتد ..
يوسف :- أنا لازم أنقلك مستشفى ..
العجوز :- لا .. سيبنى.. أنا هموت هنا .. و أكيد ريحتى هتفوح .. و الناس هتعرف أنى مت ..
يوسف :- أنا مقدرش أسيبك و أنت تعبان كدة ..
العجوز :- اسمع بس الكلام اللى أنا قلته لك .. و ارجوك سيبنى .. محتاج أكون لوحدى ..
***
غادر يوسف بعد الحاح العجوز على رحيله .. لكنه لم يلاحظ وجود نور التى تأثرت كثيرا بذلك العجوز .. حتى تلقت اتصالا من ذلك المقدم .. يطلب منها الذهاب اليه مرة أخرى .. و على الفور اتجهت اليه ..
المقدم :- للأسف .. زى ما توقعنا .. المجرم ارتكب جريمة تانية من ساعة ..
نور فى دهشة :
- مجرم مين ؟!
المقدم :- كاسانو ..
نور :- كاسانو مين ؟!
المقدم فى غضب :
- نور .. أنتى مش طبيعية ليه .. المجرم اللى هنسلمه للشرطة ..
نورفى تعجب :
- قتل الضحية .. و الشرطة كانت عارفة ؟!!
المقدم :- كان عندنا شك أن الجريمة كانت ممكن تحصل .. بس قدر يخدعنا .. و ينفذها و يهرب ..
نور :- يا فندم .. كاسانو برئ من الجريمة دى ..
المقدم فى غضب .. و قد ارتفع صوته :
- نعم ؟!!
نور :- أيوة يا فندم .. كاسانو من ساعة كان معايا ..
اشعل سيجارته .. و مازال الغضب يظهر عليه :
- لا .. لا .. لا .. مش عاوز اسمع الكلام ده خالص .. كاسانو هو اللى حاول يقتل المسئول من كام يوم .. و النهاردة هو اللى قتله ..
نور :- يا فندم .. أنا متأكدة ..
المقدم فى هدوء :
- نور .. ده مجرم .. و يتحمل نتيجة جرايمه .. خلاص كل الشهود أكدوا ان هو القاتل .. و مش عاوز أسمع تانى .. أنه كان معاكى من ساعة ..
نور :- ليه ؟!
المقدم :- اسألتك كترت أوى يا نور .. أنتى لكى مهمة معينة .. تنفذيها و بس ..
نور فى صوت منخفض :
- تحت أمرك يا فندم ... ثم غادرت ..
***
غادرت نور .. و قد سقطت بعض دموعها .. و عادت الى صديقتها سمر مرة أخرى ..
نور :- أنا فهمت اللعبة ..
سمر فى دهشة :
- لعبة أيه ..
نور :- أقولك أيه اللعبة .. يوسف يقدم اعترافات بالجرايم اللى عملها .. و لحد ما يقدم اعترافاته .. أى جريمة ترتكب .. و القاتل مش معروف .. يكون يوسف هو اللى ارتكبها .. و بكدة تكون الشرطة بتقوم بواجبها .. و طبعا مين اللى هيصدق أنه برئ من الجرايم دى .. بعد اعترافاته أنه مجرم و قاتل ..
سمر :- بس ممكن يكون هو القاتل فعلا ..
نور :- لا .. أنا النهاردة اتأكدت مليون فى المية أنه برئ .. و اتأكدت هو بقى انسان أد أيه ..
سمر :- و ناوية تعملى أيه ؟
صمتت نور قليلا .. بعدها ........
يتبع