عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 17-08-2009, 04:36 PM
الصورة الرمزية ساره الالفي
ساره الالفي ساره الالفي غير متواجد حالياً
عضو ممتاز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
العمر: 33
المشاركات: 253
معدل تقييم المستوى: 17
ساره الالفي is on a distinguished road
افتراضي


ـــــــــ*×*ـــ((4))ـــ*×*ـــــــــ





جلست في غرفتي و قد بلغ مني القلق مبلغه و أنا أنتظر اتصال دالية... وعدتني بأن تفسر لي كل ما حصل البارحة... لكنني كنت قلقة، إحساسي يخبرني بأن القصة ليست مجرد تصميم تحطم، بل أن الحكاية أكبر بكثير!

كنت أطالع هاتفي في انتظار و ملل حين سمعت دقات على باب غرفتي... فتحت الباب في ضيق، و للمفاجأة كان وجه دالية يطل من الفتحة! عانقتها و أخذتها من يدها لنجلس على السرير. كانت علامات الحزن و القلق جلية على وجه دالية هي الأخرى... بادرتها في لهفة :
ـ أخبريني دالية... هل حصل شيء مع حسام؟ كيف تحطم التصميم؟!

ابتسمت في حزن و هي تهمس :
ـ لن تصدقي إن قلت لك أن... حسام حطمه بنفسه!

اتسعت عيناي دهشة و قلت في غير تصديق :
ـ كيف و لماذا؟؟ ألم يقضي أياما طويلة في صنعه؟ فلم فعل ذلك؟ ما المشكلة يا دالية؟؟

تنهدت دالية و هي تقول :
ـ كان في حالة نفسية سيئة... فأفرغ جام غضبه على التصميم!

شهقت في ارتياع :
ـ قولي ما به؟ ما بها حالته النفسية؟

لوحت دالية بكفها في ضيق :
ـ تشاجر مع أبي و كانت بينهما مشادة كلامية... فخرج حسام من عنده و أعصابه متعبة... و كان لتصميم هو أول ما وقعت عليه عيناه فقذفه إلى الحائط في عنف!

بدت على ملامحي علامات الحيرة و الاستغراب : تحسم تحصل له مشادة كلامية مع والده؟؟ لا أصدق! فهو شاب هادئ و رصين, لا أصدق أنه يتشاجر مع أي كان، فضلا عن والده!!

كانت نظراتي تحث دالية على المواصلة و التوضيح... ما الذي جعل حسام ينفعل إلى تلك الدرجة؟ لكن دالية لبثت مطرقة و قد بدا التردد في عينيها...

ـ دالية تكلمي... ما الذي حصل بالضبط؟!!

و بصوت كالهمس نطقت دالية :
ـ حسام فاتح والدي من جديد بخصوص موضوعكما...

اشتد وجيب قلبي و أنا أنصت إليها في اهتمام
ـ كان يريد أن يتقدم بصفة رسمية مباشرة بعد الانتهاء من امتحانات آخر السنة... و قد أراد أن يضع أبي في الإطار حتى لا يعارضه في اللحظات الأخيرة... لكن ما حصل هو أن المعارضة كانت منذ البداية!

كنت أشعر بالخيبة، و أنا أتابع كلامها في وجوم...

ـ أبي يعتقد بأن حسام لا يزال صغيرا بعد... و كما تعلمين فإن أبي كان مسافرا حين التقى حسام بوالدك في المرة الماضية... و أبي لم يكن مؤيدا للارتباط الفوري، و إن كان استحسن أن يكون والدك على علم بوجود علاقة ما بينكما حتى لا يعتقد والداك بأنه يلهو، و كان مسرورا من جدية حسام... لكنه في نفس الوقت لم يكن موافقا على ارتباط رسمي بهاته السرعة، أو بالأحرى في هاته السن!!

عاجلتها في دهشة :
ـ و لكنه كان موافقا على ارتباطك بوليد و أنت في هاته السن!! فلم يعارض ارتباطي بحسام؟؟

تنهدت داليه و هي تقول :
ـ بالنسبة إلى والدي وضعية البنت مختلفة عن وضعية الولد... فهو كان موافقا على وليد لأنه يراه ناضجا و عاقلا و ذا تجربة غنية في الحياة لتغربه و سفره المتواصل ثم عمله و استقلاليته المادية و المعنوية من عائلته... أما حسام فهو يراه قليل التجارب... لم يتم دراسته بعد، و أمامه طريق طويل حتى ينهي تخصصه و يشرع في العمل الفعلي... لذلك فهو يرى أن الارتباط الآن مستعجل جدا... و قد يكون سببا في تعطيل سير دراسته!

ـ تعطيل سير دراسته؟؟

ابتسمت دالية و هي تقول :
ـ نعم... أنت تعلمين أن المخطوبين ينشغلان كثيرا بالمكالمات و اللقاءات و الترتيبات و النقاشات و ما إليها... و أبي يرى أن كل تلك التفاصيل الجديدة ستربك مسار حسام الدراسي... و هو يضع كل أمله في تفوق حسام و تميزه... و لا يريد لأي شيء كان... أو أي شخص كان... أن يفسد عليه ذلك!!

كنت أحس بضيق شديد... كيف يمكن أن يفكر بأنني قد أكون سببا في تعطيل حسام عن دراسته و تراجع نتائجه؟؟ فقد كانت علاقتي بحسام في الفترة الأخيرة حافزا للعمل و الاجتهاد... لأنني أريده أن يكون فخورا بي و أريد أن أدخل السعادة على قلبه حين يعلم بأنني تميزت في دراستي... و هو أيضا كان كذلك... ينقل إلي أخبار دراسته في حماس... بل أن تشوقه لانتهاء السنة الدراسية كان كبيرا، لأن والدي اشترط عليه أن ينهي الدراسة النظرية قبل أن يتحدثا في أمر الخطبة الرسمية! فكيف تكون علاقتنا عامل تعطيل؟!!

ربتت دالية على كفي في مواساة و كأنها أحست بما يختلج في صدري من مشاعر، و هي تقول :
ـ هوني عليك... لازال هنالك بعض الوقت لانتهاء السنة الدراسية... و أعلم أن حسام لن ييأس و سيحاول التحدث إلى والدي من جديد... لذا لا تقلقي...

تنهدت في أسى... مسكين حسام... حتى أنه ضيع تعبه في إنجاز التصميم... و ضيع فرحته بهذا اليوم المميز... تمتمت أخيرا في قلق :
ـ و كيف حال حسام الآن؟

ـ أعصابه مشدودة... يصرخ لأتفه الأسباب... و لا يتحدث إلى أبي منذ البارحة...


انصرفت دالية، فسارعت بالاتصال براوية لأخبرها بما حصل معي...
ـ مرام... لا تشغلي بالك كثيرا... الوقت لا يزال مبكرا على الحديث في هذا الموضوع... و إن شاء الله سيلين قلب والد حسام و يوافق...

تنهدت للمرة الألف في هذا اليوم و أن أهمس :
ـ أرجو ذلك من كل قلبي... و لكنني قلقة على حسام...

همست راوية في خبث :
ـ طبعا... المشاركة الوجدانية!

هتفت في ضيق :
ـ راوية لست أمزح! أخاف أن تهتز معنوياته و لا يركز كما ينبغي على امتحانات آخر السنة!

قالت راوية مطمئنة :
ـ لا تخشي شيئا... حسام عاقل و واع تماما... لن يدع مثل هاته التفاصيل تؤثر على مردوده الدراسي... كما أن تراجع نتائجه ستكون حجة ضده أمام والده... و سيتهمه بأن انشغل بالتفكير في الارتباط و لم يعط دراسته حقها... و حسام أذكى من أن يترك لوالده مجالا لاتهامه من جديد...

تنهدت من جديد :
ـ معك حق... لكنني لا أتحمل أن تحصل له مشاكل مع والده بسببي!

ـ لا تلومي نفسك... فكل ما حصل ليس بسببك... لأن حسام طرف في الموضوع مثلك تماما... و لا تنسي أنه هو الطرف الفاعل، أي أنه من فاتحك و تقدم إليك و طلب لقاء والدك... يعني أنك لم تفعلي شيئا و لم تدفعيه إلى التسريع بالارتباط...

قاطعتها في ضيق :
ـ و هل ترينه أخطأ حين أراد أن يكون كل شيء بيننا واضحا و على بينة؟؟

ـ لا أبدا... لم أقصد ذلك... و لكن، ربما كان عليه أن يتحدث إلى والده من البداية، حتى لا يصطدم بمعارضته في مرحلة لاحقة! و لكن المسكين، كان خائفا من أن تضيعي من بين يديه ! فلم يتردد لحظة واحدة و لم ينتظر مشاورة أحد!

احمر وجهي خجلا و لم أنطق بكلمة، فانفجرت دالية ضاحكة و هي تتخيل الشكل الذي آل إليه وجهي ثم قالت :
ـ مرام حبيبتي... أنت في حاجة إلى تغيير الجو... ما رأيك في نزهة صغيرة، بعد أن ضيعت علينا متعة الفرجة على المعرض!

ابتسمت في حرج و أنا أذكر حالة راوية التي تركت أمها و أختها الصغرى منال في الكلية و أوصلتني إلى المنزل بعد أن استبد بي القلق... و بينما كنت في انتظار اتصال دالية، عادت أمي إلى المنزل. لم تدم فرجتها على المعرض طويلا، فهي كانت ذاهبة بالأساس لاصطحابي... لكن منال كانت تريد المكوث أكثر، فبقيت معها كل من أمي و والدة راوية للتتسليا بالأحاديث في انتظار أن تمل منال من المعرض الذي لم تكن تعي شيئا مما يدور فيه، عدا الأشكال و الألوان بطبيعة الحال!


تمشينا سوية عبر الشوارع في مركز المدينة و نحن نجول بأبصارنا حول واجهات المحلات... ثم تناولنا كأسي عصير في أحد المطاعم الصغيرة، و قفلنا راجعتين... لكن راوية أصرت على اصطحابي إلى منزلها!
فأطعتها على مضض...

وصلنا إلى منزل راوية... فحانت مني التفاتة إلى المنزل القريب الذي رأيت سهير واقفة عنده منذ أكثر من أسبوعين... و لوهلة، هيئ إلي بأنني ألمح خيالا طويلا يقف خلف ستارة النافذة المطلة على الشارع! تسارعت دقات قلبي، و تبعت راوية إلى الداخل و أنا أشعر بالارتباك و التوتر...

و ما إن دخلنا إلى غرفة راوية و أغلقنا خلفنا الباب، حتى فتح من جديد بقوة في حركة مفاجئة، استدرنا في دهشة فطالعنا وجه منال البريء و هي تلهث من الانفعال و هتفت بين أنفاسها المتلاحقة :
ـ العريس هنا!

تبادلت و راوية نظرات صامتة و قد بدا علينا عدم الاستيعاب، فقد مررنا على قاعة الجلوس و لم يكن هنالك أحد... فتابعت منال في حماس :
ـ لقد وصل منذ أكثر من ساعة و هو يجلس إلى والدي في الحديقة الخلفية!

تزاحمت الأفكار في رأسي... طارق؟ هل يكون فعلها و عاد من جديد؟!! أم أن جاد لم ييأس بعد؟؟ أم تراه عريسا جديدا لا علمي لي به؟؟

و قبل أن تتحول الأفكار إلى كلمات، كانت منال قد اختفت في سرعة مثلما ظهرت...



__________________