ما بعد الحكم الجبري ؟
أولا: و بعيد عن الأرقام و التأويلات التي قد تربك البعض، نقول: مما لا شك فيه أن الأمة اليوم
تعيش مرحلة الحكم الجبري واقعا ملموس، و قد بينت السنة المطهرة أن الأمة تنتقل من هذا الظلم
إلى العدل مباشرة ، أي أن الأمة تتحول بشكل غير تدريجي إلى حكم الخلافة التي هي على
منهاج النبوة 00و أركز على هذا الأمر، كي لا يعتقد البعض أن الأمة ستنتقل بالإصلاح
التدريجي نحو الخلافة 00
و لو كان هذا الأمر صحيح ، لكان هناك تدرج في أفضلية الحكام الذين يتناوبون على حكم
فترة التغيير، يرافقه تدرج في زوال الظلم، و هذا يقتضي مجيء حاكم أصلح مما لدينا اليوم،
فيرفع جزء من الظلم عن كاهل الأمة ، ثم يأتي من هو أصلح منه ، حتى يأتي المهدي و هو
أصلح الجميع 00و لكن هذا التدرج يخالف السنة و يخالف الواقع 00 واليكم الدليل :
ـ( سلسة الأحاديث الصحيحة- المجلد الرابع)
(1529 ) (الصحيحة )
(لتملأن الأرض جورا وظلما ، فإذا ملئت جورا وظلما ، بعث الله رجلا مني ، اسمه اسمي ، فيملؤها قسطا وعدلا ، كما ملئت جورا وظلما ) 0
أما عن مخالفة هذا التدرج للواقع00 فنحن نعلم كيف تحرك الحقد الذي ملئ صدور اليهود و
النصارى، لمجرد ظهور بعض بوادر الصحوة لدى المسلمين، و ها نحن نترقب المواجهة التي لا
يعلم منتهاها إلا الله 0
إذاً 0 أي تغير لدى المسلمين نحو الأفضل يعني المواجهة، و المواجهة تعني التغيير الثوري و
المفاجئ، لأن المواجهة تأول إلى أحد ثلاث أمور:
إما النصر و الخلاص من التبعية، و بالتالي يكون المسلمون أحرار اًفي تقرير نظام الحكم لديهم 0
وإما أن تكون المواجهة تعني الهزيمة و مزيد من التبعية و الخنوع0
و إما أن تكون مواجهة من العيار الثقيل، تنتهي بدمار شبه كلى لدى كلا الفريقين، و بالتالي
يستطيع كل طرف اختيار نظام الحكم الذي يريد بعيدا عن تأثير الطرف الأخر 00و أنا أرجح
الخيار الثالث و الله أعلم
فمن هو هذا الخليفة ؟ و هل ذكرت السنة مهدي واحد أو أكثر ؟
الصحيح أن السنة ذكرت أكثر من مهدي، و أظن أن من ذكروا في السنة ثلاثة أو أربعة00 و
سنرى ذلك عند الخوض في التفاصيل:
أخوتي : ذكرت السنة ، مهدي يحكم هذه الأمة سبع سنين أو تسع سنين من الرخاء و النعيم،
يأتي زمانه بعد عهد من الظلم و الجور، و أسمه محمد بن عبد الله، قرشي النسب ، من عترة
محمد صلى الله عليه و سلم ، و هو أجلى الجبهة، و اقنى الأنف،كما في الحديث التالي :
ـ( سنن أبي داود أول كتاب المهدي)
(4285 ) ( حسن)
( حدثنا سهل بن تمام بن بزيع ، ثنا عمران القطان ، عن قتادة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "" المهدي مني أجلى الجبهة ) الجلي: هو انحسار الشعر عن مقدم الرأس )، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت جورا وظلما ، ويملك سبع سنين )"" .
ـ( صحيح الجامع الصغير- المجلد الثاني )
(5073 ) (صحيح )
(لتملأن الأرض جورا و ظلما، فإذا ملئت جورا و ظلما، يبعث الله رجلا مني اسمه اسمي و اسم أبيه اسم أبي، فيملؤها عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما، فلا تمنع السماء شيئا من قطرها، و لا الأرض شيئا من نباتها، يمكث فيكم سبعا أو ثمانيا، فإن أكثر فتسعا)
الآن من المتن الأخير نستنتج أن المهدي يمكث في هذه الأمة، سبع أو ثماني أو تسع و بعدها00 ماذا يحدث؟؟
و هنا أرجو الانتباه و التمعن و تحكيم النص00نحن الآن أمام أمرين :
الأول: أن نقول أن هذا المهدي هو من قال عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم : (منا الذي
يصلي خلفه أبن مريم )
و أنتهاء المكث هنا يعني : تسلم عيسى الخلافة و الحكم من المهدي 0
فيكون الأمر كالأتي:
يأتي المهدي بعد عصر من عصور الجور، فيعدل في الناس سبع أو تسع ، و تنعم الأمة في
هذه الفترة نعماء لم ينعموها قط ، حتى يتمنى الأحياء الأموات ، ثم يسلمها لعيسى عليه السلام
00ودليل هذه النعماء هو :
(سنن ابن ماجة 36- كِتَاب الْفِتَنِ- بَاب الْكَفِّ عَمَّنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)
(4083 ) (حسن)
(حدثنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا محمد بن مروان العقيلي، حدثنا عمارة بن أبي حفصة، عن زيد العمي، عن أبي صديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يكون في أمتي المهدي، إن قصر فسبع وإلا فتسع، فتنعم فيه أمتي نعمة لم ينعموا مثلها قط، تؤتى أكلها ولا تدخر منهم شيئا، والمال يومئذ كدوس، فيقوم الرجل فيقول، يا مهدي أعطني، فيقول خذ)
فهل هذا الأمر يصح ؟؟
إطلاقا00 فرسولكم يقول أن هذه السنوات تنعم فيها الأمة نعماء لم تنعمها من قبل 00و نحن
نعلم أن المهدي الذي يسلم الملك لعيسى عليه السلام يدرك في حكمه أموراًً عظام، لا
تستوعبها مدة عشرون عام، و ليس فيها من الأمن و النعماء شيء سوى رائحة الشهادة 00
فالخليفة الذي يسبق نبي الله عيسى ستكون في عصره الملاحم، و ما أدراك ما الملاحم؟؟ (
يرتد ثلث و يقتل ثلث ) ، ثم يدرك في خلافته فتح قسطنطينية ، و روما و فتح الهند