عرض مشاركة واحدة
  #574  
قديم 29-08-2009, 03:31 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الوصال ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم " يطعمني ربي ويسقيني
وكان يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره به من الشهور حتى إنه كان ليواصل فيه أحيانا ليوفر ساعات ليله ونهاره على العبادة وكان ينهى أصحابه عن الوصال فيقولون له إنك تواصل فيقول لست كهيئتكم إني أبيت - وفي رواية إني أظل - عند ربي يطعمني ويسقيني
وقد اختلف الناس في هذا الطعام والشراب المذكورين على قولين .
أحدهما : أنه طعام وشراب حسي للفم قالوا : وهذه حقيقة اللفظ ولا موجب للعدول عنها .
الثاني : أن المراد به ما يغذيه الله به من معارفه وما يفيض على قلبه من لذة مناجاته وقرة عينه بقربه وتنعمه بحبه والشوق إليه وتوابع ذلك من الأحوال التي هي غذاء القلوب ونعيم الأرواح وقرة العين وبهجة النفوس والروح والقلب بما هو أعظم غذاء وأجوده وأنفعه وقد يقوى هذا الغذاء حتى يغني عن غذاء الأجسام مدة من الزمان كما قيل
لها أحاديث من ذ**** تشغلها

عن الشراب وتلهيها عن الزاد
لها بوجهك نور تستضيء به

ومن حديثك في أعقابها حادي
إذا شكت من كلال السير أوعدها

روح القدوم فتحيا عند ميعاد
ومن له أدنى تجربة وشوق يعلم استغناء الجسم بغذاء القلب والروح عن كثير من الغذاء الحيواني ولا سيما المسرور الفرحان الظافر بمطلوبه الذي قد قرت عينه بمحبوبه وتنعم بقربه والرضى عنه وألطاف محبوبه وهداياه وتحفه تصل إليه كل وقت ومحبوبه حفي به معتن بأمره مكرم له غاية الإكرام مع المحبة التامة له أفليس في هذا أعظم غذاء لهذا المحب ؟ فكيف بالحبيب الذي لا شيء أجل منه ولا أعظم ولا أجمل ولا أكمل ولا أعظم إحسانا إذا امتلأ قلب المحب بحبه وملك حبه جميع أجزاء قلبه وجوارحه وتمكن حبه منه أعظم تمكن وهذا حاله مع حبيبه أفليس هذا المحب عند حبيبه يطعمه ويسقيه ليلا ونهارا ؟ ولهذا قال إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني .

ولو كان ذلك طعاما وشرابا للفم لما كان صائما فضلا عن كونه مواصلا وأيضا فلو كان ذلك في الليل لم يكن مواصلا ولقال لأصحابه إذ قالوا له إنك تواصل " لست أواصل " . ولم يقل " لست كهيئتكم " بل أقرهم على نسبة الوصال إليه وقطع الإلحاق بينه وبينهم في ذلك بما بينه من الفارق كما في " صحيح مسلم " من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم واصل في رمضان فواصل الناس فنهاهم فقيل له أنت تواصل . فقال إني لست مثلكم إني أطعم وأسقى .
وسياق البخاري لهذا الحديث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال فقالوا : إنك تواصل . قال إني لست مثلكم إني أطعم وأسقى وفي " الصحيحين " من حديث أبي هريرة نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال . فقال رجل من المسلمين إنك يا رسول الله تواصل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني .
وأيضا : فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما نهاهم عن الوصال فأبوا أن ينتهوا واصل بهم يوما ثم يوما ثم رأوا الهلال فقال لو تأخر الهلال لزدتكم . كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا عن الوصال .
وفي لفظ آخر لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالا يدع المتعمقون تعمقهم إني لست مثلكم أو قال إنكم لستم مثلي فإني أظل يطعمني ربي ويسقيني فأخبر أنه يطعم ويسقى مع كونه مواصلا وقد فعل فعلهم منكلا بهم معجزا لهم فلو كان يأكل ويشرب لما كان ذلك تنكيلا ولا تعجيزا بل ولا وصالا وهذا بحمد الله واضح .
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة للأمة وأذن فيه إلى السحر وفي " صحيح البخاري " عن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر
__________________
رد مع اقتباس