عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 30-08-2009, 12:50 AM
الصورة الرمزية محمد حسن ضبعون
محمد حسن ضبعون محمد حسن ضبعون غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء ((رحمه الله))
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
العمر: 63
المشاركات: 11,875
معدل تقييم المستوى: 29
محمد حسن ضبعون is just really nice
Lightbulb 8- كل ما يخص حقوق الأنسان ( نشر ثقافة حقوق الأنسان)

الحق فى التجمع السلمى
تكفل المادة الحادية والعشرون حماية هذا الحق الذي يعنى أن للمواطنين حق عقد الاجتماعات ليعبروا عن آرائهم في القضايا التي تهمهم بما في ذلك الحق في تنظيم المسيرات والتظاهر السلمى في الأماكن العامة. والأصل في هذا الحق إباحته للأفراد مجتمعين في حدود القانون في مجتمع ديمقراطى الذي ينظمه، أى شريطة عدم المساس بالأمن القومى أو السلامة العامة أو النظام العام أو بحماية الصحة العامة والآداب العامة أو بحقوق الغير وحرياتهم.

هذا ومفهوم المجتمع الديمقراطى ينصرف إلى أنه مجتمع يحترم مبادئ الأمم المتحدة والإعلان العالمى لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ولا يقتصر هذا الحق على الأحزاب السياسية بل يشمل كافة التجمعات المهنية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدنى.
كذلك فإن الحق في التجمع السلمى يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحق في تكوين الجمعيات الذي تنص عليه المادة الثانية والعشرون، كما يتداخل مع الحق في المشاركة في تسيير الشئون العامة الذي تضمنته المادة الخامسة والعشرون من العهد الدولي. ومن المشاهد أنه في عدد غير قليل من الدول الاعضاء ومنها الدول العربية لا تكتمل كفالة تلك الحقوق بمعنى أنها إذا سمحت بممارسة أحد تلك الحريات فإنها تقيد الحقين الآخرين وهو ما يتعارض مع نصوص العهد الدولي.
حرية تكوين الجمعيات
أصبح من المسلم به أهمية أنشطة المجتمع المدنى بما في ذلك دور الأحزاب السياسية والجمعيات في المجالات الاجتماعية سواء للمهنيين أو العمال، بما تتيحه لأفراد المجتمع من سبل ممارسة الحق في المشاركة في القضايا العامة وتنمية المجتمع بمعناها الشامل.

وفي ضوء ذلك نصت المادة الثانية والعشرون من العهد الدولي على أنه لا يجوز وضع قيود على حرية مشاركة الفرد مع الآخرين في تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها لحماية مصالحه المشروعـة، عـدا تلك القيـود التي ينص عليها القانون والتي تستوجبها في مجتمع ديمقراطى مصالح الأمن القومى أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الغير وحرياتهم. كذلك تنص نفس المادة على جواز تقييد هذا الحق بموجب القانون بالنسبة لأفراد القوات المسلحة والشرطة.
هذا وتتضمن نفس المادة فقرة خاصة بكفالة حقوق العمال والضمانات التي تصدرها اتفاقية منظمة العمل الدولية 1948 بشأن حرية مشاركة العمال وحماية حقهم في التنظيم. وقد أدرجت تلك الفقرة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بالرغم من أن الموضوع برمته يندرج في الأساس تحت العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق العمال الصادرة عن منظمة العمل الدولية. وجاء هذا الإدراج في المادة الثانية والعشرين كما تقدم تجنباً لتسرب فهم خاطىء بأن إغفال تلك الإشارة قد يعنى أن العهد الدولي لا يعتبر حرية تكوين النقابات حقاً مكفولاً للعمال.
وبالنسبة للأحزاب السياسية فإن الحق في تشكيلها وفي ممارستها لنشاطها السياسي السلمى هو حق لا ينفصل أيضاً عن إجراء الانتخابات العامة بمعنى أن الحق في تكوين الأحزاب السياسية لا تكتمل ممارسته العملية إلا بنزاهة الانتخابات العامة الدورية التي تجرى لشغل مقاعد السلطة التشريعية وغيرها.

فمن منطلق المادة الثانية والعشرين من العهد الدولي فإن القيود التي تتعارض مع نصوصها تعد أيضاً مخالفة للمادة الخامسة والعشرين الخاصة بالحق في المشاركة في تسيير الشئون العامة.

من الواضح أن قدرة المجتمع المدنى في المساهمة في حماية وتعزيز حقوق الإنسان عامة محدودة بما يتاح له ذاته من حرية ممارسة الحق في تكوين جمعياته وممارسة نشاطه السلمى فإذا قيدت الدولة ذلك الحق فإن المجتمع المدنى يأتى عملياً في صدر من يعانى من انتهاكات حقوق الإنسان.

وتلك صورة لا تنفرد بها الأقطار العربية مخالفة بذلك ما تتطلبه المادة الثانية والعشرون من امتناع الدول الأعضاء عن ملاحقة وترهيب نشطاء حقوق الإنسان والجمعيات غير الحكومية وتعطيل الاعتراف الرسمى بها، في حين ينصرف مفهوم المادة المذكورة إلى مطالبة الدول بالعمل على توفير الظروف الملائمة لتمكين تلك الجمعيات من ممارسة نشاطها المشروع دون عائق بما في ذلك تقبل الحوار معها حول الهدف المشترك في حماية وتعزيز حقوق الإنسان.
إذا سلمنا جميعاً بأن الحق في نقد سياسة الحكومة يشكل أحد السمات الأساسية في النظام الديمقراطى الذي يسمح بالتعددية وتداول السلطة، فإن إسقاط هذا المفهوم على عدد غير قليل من الدول ومنها غالبية الدول العربية التي تفرض قيوداً متعددة على حرية تكوين ونشاط الجمعيات والأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية، لتتحكم في قوى المجتمع المدنى وتقيد حركته وتحد من دوره وأنشطته، بما يتعارض مع العهد الدولي، فإن تلك الدول تنتقص بذلك بنفس القدر من ديمقراطية النظام القائم.
الحق في المشاركة في تسيير الشئون العامة
إن حق كل مواطن في المشاركة في تسيير الشئون العامة في الدولة التي يتمتع بجنسيتها، سواء بنفسه أو بطريق غير مباشر بانتخاب ممثليه، بالتصويت، وكذلك في الترشيح لشغل المناصب العامة هو حق يعد من المسلمات في أى نظام ديمقراطى، وحماية هذا الحق مكفولة بنص المادة الخامسة والعشرين من العهد الدولي التي تقرره لكل مواطن رشيد دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو المذهب السياسي أو الأصل القومى أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو غير ذلك.

والحق في الترشيح لشغل المناصب العامة لا ينبغى أن يتطلب عضوية الفرد في أحد الأحزاب السياسية أو في حزب بذاته. كذلك ينصرف مفهوم هذه المادة من العهد الدولـي إلى وجود تعارض بينها وبين الأنظمة التي لا تسمح بوجود أحزاب سياسية، أو تفرض وجود تجمع سياسى واحد ينفرد أو يكاد ينفرد بالحياة السياسية، أو حزب مسيطر يحافظ على استمرار ظروف معينة تسمح له قانوناً وعملاً باستمرار البقاء في الحكم. كذلك فإن ممارسة الحق في المشاركة في تسيير الشئون العامة تستلزم إطلاق حرية تداول المعلومات والأفكار المتعلقة بالقضايا العامة والسياسية بين المرشحين والناخبين إعمالاُ للحق في حرية الرأى والتعبير وفق المادة التاسعة عشر من العهد الدولي بما في ذلك إطلاق حرية الصحافة في التعليق على القضايا العامة وممارسة دورها في إعلام وتنوير الرأى العام.

يتطلب العهد الدولي من أعضائه إصدار التشريعات اللازمة التي تمكن المواطنين من الممارسة الفعلية لهذا الحق والمشاركة في العمليات التي تشكل في مجموعها تسيير دفة الشئون العامة، فالقوانين التي تنظم ذلك ينبغى أن تستند إلى معايير موضوعية ومعقولة، فمن الجائز على سبيل المثال اشتراط توافر سن معينة أو مؤهلات معنية لشغل بعض المناصب العامة. والحق في التصويت الذي يجب أن يكفل لكل مواطن لا يجوز تقييده إلا بنصوص قانونية موضوعية ومعقولة مثل القيد على حالات الاختلال العقلى.

إن مفهوم المشاركة في تسيير الشئون العامة ينصرف في الأساس إلى ممارسة السلطة السياسية أى المشاركة في السلطات التشريعية والتنفيذية والإدارية بما يعنى كافة أوجه الشئون العامة بما في ذلك تشكيل وتوجيه الشئون السياسية على المستوى المحلى والإقليمى والدولي بالطرق والوسائل التي ينظمها دستور وقوانين البلاد.

فالمواطن يشارك في تسيير الشئون العامة بطريق غير مباشر إذا كان عضواً في الهيئة التشريعية أو التنفيذية، كما يساهم في ذلك بطريق غير مباشر عند طرح موضوع ما للاستفتاء العام في الدول التي تأخذ بهذا الأسلوب، أو بممارسة حقه في الانتخاب الحر لممثليه في تلك الهيئات حيث يمارسون السلطات الموكولة إليهم في تسيير الشئون العامة وفق الدستور المعمول به والذين يعدون مسئولين أمام ناخبيهم.

كذلك يندرج تحت مفهوم المشاركة المباشرة حق الأفراد في عضوية التجمعات والآليات المحلية التي تتخذ القرارات في الشئون المحلية كلها أو بعضها وفق التشريعات المنظمة لذلك.

ومن صور المشاركة مساهمة الأفراد من خلال تنظيمات المجتمع المدنى في الحوار مع السلطات العامة، الأمر الذي يقتضى حماية حرية الرأى والتعبير وحرية الصحافة والإعلام وحرية تكوين الجمعيات وحرية العمل السياسي وتكوين الأحزاب الحق في المساواة أمام القانون، والحق في التمتع بحماية القانون على قدم المساواة تكفله المادة السادسة والعشرون من العهد الدولي التي تحرم أى تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأى السياسي أو خلافه، أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الملكية أو النسب وحرية الاجتماع، أى كفالة الحقوق المنصوص عليها في مواد العهد الدولي أرقام 22،21،19 الخاصة على التوالى بحرية الرأى والتعبير وحرية التجمع السلمى وحرية تكوين الجمعيات، وهي تعد شروطاً لازمة لإمكان الممارسة الفعلية للحق في التصويت.

كذلك تتضمن المادة الخامسة والعشرون من العهد الدولي النص على دورية الانتخابات التي تجرى بالاقتراع السرى وتضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين بما ينصرف إلى مبدأ تداول السلطة. كذلك على الدولة أن تتخذ الإجراءات الكفيلة بتمكين كل من له حق التصويت من الإدلاء بصوته بما في ذلك حق الأفراد في تسجيل أسمائهم في قوائم الناخبين في الحالات التي يؤخذ فيها بنظـام التسجيـل. هذا ومن المطلوب أيضاً إسناد مهمة مراقبة سلامة عملية الانتخاب إلى هيئة مستقلة لضمان اتمامها بحرية ونزاهة وسرية وفقاً للقانون المنظم لذلك والذي يجب أن يتفق مع أهداف العهد الدولي وهو ما يعنى حماية الناخبين من أى صورة من صور الضغط أو الإفصاح عن تصويتهم أو أى تدخل في عملية التصويت، كما لا بد من تأمين صناديق الانتخاب وأن يجرى فرز الأصوات في وجود المرشحين أو وكلائهم.
الحق في المساواة أمام القانون

الحق في المساواة أمام القانون، والحق في التمتع بحماية القانون على قدم المساواة تكفله المادة السادسة والعشرون من العهد الدولي التي تحرم أى تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأى السياسي أو خلافه، أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الملكية أو النسب أو غيره.
كما أن المادة العشرين من العهد الدولي تلزم الدول بأن تمنع بحكم القانون أى دعوة أو حض على الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية من شأنها أن تشكل تحريضا على التمييز أو العداء أو العنف.
كذلك فإن المادة الرابعة عشر تنص علـى مساواة الجميـع أمام القضاء وعلى توفير الضمانات القانونية للجميع دون أى تفرقة. ومدلول تحريم التمييز أو التفرقة يشمل أى استبعاد أو قيد أو تفضيل يستند إلى أى من الأسباب المشار إليها أعلاه يؤدى إلى إحداث أثر ينتقص من الاعتراف لأى فرد بحق من حقوقه أو بممارسته له علي أساس من المساواة في كافة الحقوق والحريات المكفولة للجميع.
مبدأ عدم التمييز مبدأ عام وأساسي يرد في أكثر من مادة من مواد العهد الدولي، فإلي جانب المادة السادسة والعشرين تتكرر الإشارة إليه في عدة مواد منها المادة الرابعة عشر الخاصة بالمحاكمة العادلة، والمادة الخامسة والعشرون المتعلقة بالمشاركة في تسيير الحياة العامة. علي أنه يلاحظ أن المساواة في التمتع بالحقوق لا يعنى بالضرورة في جميع الحالات التطابق في المعاملة فعلى سبيل المثال فالحق في المشاركة في تسيير الشئون العامة تجوز التفرقة فيه في حدود معينة بين المواطنين والأجانب.
كذلك فإن إعمال مبدأ المساواة قد يسلتزم في ظروف معينة اتخاذ تدابير إيجابية مؤقتة لتبديل أوضاع محددة يؤدى استمرارها إلى الإبقاء على عدم المساواة التي يحرمها العهد الدولي، الأمر الذي قد يرى معه جواز اللجوء إلى معاملة تفضيلية مؤقتة خلال مرحلة معينة للفئة التي تعانى من عدم المساواة حتى يتحقق الوضع الذي يكتمل فيه تصحيح تلك الأوضاع، على أنه يشترط أن تكون تلك المعاملة التفضيلية المؤقتة معقولة وموضوعية وهدفها مشروع وفق العهد الدولي.
حقوق الأقليات

تكفل المادة السابعة والعشرون من العهد الدولي حق الأقليات العرقية والدينية واللغوية في التمتع في الدول التي يعيشون فيها بثقافتهم الخاصة وحقهم كأفراد في أن يعتنقوا ويمارسوا شعائرهم الدينية وفي استخدام لغتهم الخاصة. والهدف من حماية هذه الحقوق هو الإبقاء على التراث الثقافي بمعناه الواسع الشامل للإقليات بما يثري المجتمع ككل.
إن تلك الحقوق الواجب كفالتها للإقليات هي حقوق تضاف إلى الحقوق الأخرى التي ينص عليها العهد الدولي المكفولة للجميع بما فيهم الإقليات. على أن حماية حقوق الإقليات لا تعنى شرعية ممارستها بطريق يتعارض مع الحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهد الدولي.

كذلك تحمى هذه المادة من العهد حقوق السكان الأصليين في البلاد التي أصبحوا يشكلون فيها أقلية. ومن الملاحظ أن مدلول الثقافة بالنسبة لهؤلاء ينسحب على حماية عاداتهم الحياتية في المناطق التي يعيشون فيها، الأمر الذي قد يقتضى من الدولة إصدار التشريعات اللازمة لحماية هذه الثقافة وتمكين هؤلاء من المشاركة التي تحسن طريقة معيشتهم ومصادرها الطبيعية.
خلاصـة

من المناسب في ختام هذا الجزء من المدونة، العودة إلى التذكير بما أشرنا إليه في مستهلها من أن نشر ثقافة حقوق الإنسان في عالمنا العربي يحبذ مزيداً من توعية الفرد وتبصيره بالحقوق والحريات التي تكفلها له ولغيره في المجتمع المواثيق الدولية.


إن حقوق الإنسـان تشكل وحدة متكاملة ومترابطة ومتداخلة، فإهدار أي جانب منها، بغض النظر عن مصدره، فرداً كان أو سلطة، ينعكس سلباً بالضرورة على غيرها من الحقوق والحريات التي يجب أن تكون مكفولة للجميع على قدم المساواة. وحق الفرد في ممارسة حرياته في أوسع نطاق هو أمر مشروع لا يحد منه إلا وجوب احترام حقوق وحريات الآخرين.

المراجـع
- العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. - التعليقات العامة للجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية على مواد العهد الدولي 2003 May 12 Rev 6/1/GEN/HR1 .
- تقارير اللجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية عن اجتماعاتها المتعاقبة والمرفوعة للجمعية العامة للأمم المتحدة.
- مطبوعات ونشرات وتقارير المنظمة العربية لحقوق الإنسان بما في ذلك تقريرها الأخير عن حقوق الإنسان في الوطن العربي الصادر في القاهرة سنة 2003.
- مجلد حقوق الإنسان في القانون والممارسة من مطبوعات برنامج الأمم المتحدة الإنمائى القاهرة 2003.
- حقوق الإنسان : مجموعة صكوك دولية الأمم المتحدة مستند ST/HR/1/Rev5/vol.1,Part1
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في العالـم العربـي
د.عزام محجوب

أستاذ بكلية الأقتصاد ، جامعة تونس
مقدمة
تنقسم هذه الدراسة إلى جزأين : أولهما وجيز وذو طابع تعريفي وتمهيدي، فيما يركز الجزء الثاني المطول على تقييم الأوضاع العربيّة من وجهة التقدم المنجز في إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيّة.
الجزء الأول

يتناول الجزء الأول ثلاث نقاط :
أوّلها تعريف بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيّة مع ربطها بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان وكذلك بإعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الحق في التنمية سنة 1986 وكذلك برنامج عمل فيينا الصادر عن المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان سنة 1993.
أما النقطة الثانية فهي تطرح موضوع التلاقي والإثراء المتبادل بين منظور التنمية القائم على الحقوق وذلك المعتمد على الطاقات الأساسيّة (التنمية البشرية).
</STRONG>
وفي آخر نقطة من هذا الجزء، ولتمهيد السبيل إلى عمليّة التقييم، تطرقنا إلى ماهية الالتزامات المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
أما الجزء الثاني فيركز على تقييم التقدم الحاصل في إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويتكون من فصل أول يهتم بالأساليب القائمة على مستوى المنظمة الأممية في الإشراف ومتابعة تنفيذ الالتزامات والمتمثلة في التقارير الرسميّة. وفي هذا المجال رأينا من المفيد حوصلة الشواغل الرئيسية التي عبرت عنها الهيئة الأممية المختصة والتي تتعلق بالتقارير الرسمية لـ 10 بلدان عربية.
أمّا الفصل الثاني والأخير فيقترح منهجية لتقييم التقدم في إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيّة وذلك بالاعتماد على أهداف الألفيّة للتنمية وهي كما سنراها أهداف معيارية أو مرجعيّة تمكن من رصد وتقييم نسب التقدّم في إعمال الحقوق استناداً إلى جملة من المؤشّرات الإحصائيّة.

وقد فضلنا جمع الجداول في الملحق، ما عدا بعض الاستثناءات، حتى لا نثقل كاهل القارئ لكن لا بد من استحضارها عند قراءة النص لاستيعاب كلّ ما ورد فيها.
نصّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في البنود 22 إلى 27 إلى جملة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيّة والتي يمكن تصنيفها إلى أربعة حقوق:
الجزء الأول

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المفاهيم والإشكاليات النظريّة
أولاً : الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيّة
تعريف الحقوق

تعدّ الشرعة الدولية لحقوق الإنسان الركيزة الأساسيّة لعمل منظّمة الأمم المتّحدة في مجال الحماية والنهوض بحقوق الإنسان والحريّات الأساسيّة. وتتكوّن من العناصر الأساسيّة التالية :
1- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
2- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة
3- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ونظرا لاهتمامنا الرئيسي بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيّة وارتباط هذه الحقوق بالتنمية، يجب أن نضيف إلى هذه المنظومة الدوليّة :
4- الإعلان حول الحقّ في التنمية الذي صدر عن الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة في ديسمبر 1986
5- وكذلك ما صدر عن المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي انعقد بفيينا سنة 1993 (برنامج عمل).
نص الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى البنود 22 إلى 27 إلى جملة الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والتى يمكن تصنيفها إلى أربعة حقوق :
- الحقّ في الضمان الاجتماعي (المادة 22)
- الحق في العمل (المادة 23 والمادة 24)
- الحقّ في مستوى معيشي كاف لضمان الصحّة
– التغذية – المسكن ورعاية الطفولة والأمومة (المادة 25)
- الثقافة والتقدّم العلمي والتقني (المادّة 27).
أمّا العهد الدولي الخاص بحقوق الإنسان فهو ينطلق ممّا نصّ عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مع إعادة الترتيب والتدقيق. إضافة إلى ذلك، يقرّ هذا العهد مبدئين يمثّلان جوهر محتوى كلّ الحقوق المنصوص عليها وهما :
أ- عدم التمييز:
إذ "تتعهّد الدول الأطراف في هذا العهد بأن تجعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد بريئة من أي تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب" (المادّة 2.2).
ب- المساواة بين الذكور والإناث:
إذ تؤكّد (المادة 3) بـ "تعهّد الدول الأطراف في العهد بضمان مساواة الذكور والإناث في حقّ التمتّع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيّة المنصوص عليها في هذا العهد". أمّا عن جملة الحقوق المعنيّة في هذا العهد فهي:
- الحقّ في العمل (الشغل) : المادة 6
- الحقّ في شروط عمل عادلة ومرضيّة (المكافآت– الأجر الأدنى المناسب– ظروف العمل في كنف السلامة والصحة، مدّة العمل المعقولة): المادّة 8
- الحق النقابي والحق في الإضراب: المادة 8. ويمكن اعتبار ما جاء في المواد 6، 7، 8 متعلّق كلّه بالحقوق المتعلّقة بالعمل
- الحق في الضمان الاجتماعي بما في ذلك التأمينات الاجتماعية (المادة 9)
- الحق في حماية خاصّة للأمومة والطفولة (المادّة 10)
- الحقّ في مستوى معيشي كاف مع التركيز على ضمانالتغذية (التحرّر من الجوع)والمأوى وكذلك في تحسين متواصل للظروف المعيشيّة (المادّة 11)
- الحقّ في التمتّع التمتّع بأعلى مستوى من الصحّة مع إشارة خاصّة إلىالطفولة والصحة البيئيّة والوقاية من الأمراض الوبائيّة وكذلك التمتّع بالعناية الطبيّة(المادّة 12)
- الحقّ في التربية والتعليم خاصّة في جعل التعليم الابتدائي إلزاميّا وإتاحته مجانا للجميع (المادة 13). كما تؤكّد المادة 14 من جديد على كفالة إلزاميّة ومجانيّة التعليم الابتدائي.
- حقّ المشاركة في الحياة الثقافيّة والاستفادة من التقدّم العلمي وتطوّراته (المادة 15).
أمّا فيما يخصّ إعلان الحقّ في التنمية فيجب ربطه بالعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيّة حيث جاء ليؤكّد :
أ- أن التنمية تمثل مسارا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيّا وسياسيا شاملا يهدف إلى النهوض المطّرد برفاهيّة كلّ الناس بالاعتماد على مشاركتهم الفاعلة والحرّة والتقاسم العادل للخيرات الناتجة عن تلك المشاركة.
ب- تكامل وترابط وعدم تجزئة الحقوق مع إيلاء نفس الاهتمام إليها (بالتساوي) واعتبار حقوق الإنسان منظومة واحدة متكاملة وبالتالي فإنّ التمتّع ببعض الحريّات الأساسيّة يبقى منقوصا في حالة إنكار أو انتهاك الحقوق والحريّات الأخرى.
ج- إن الحقّ في التنمية يتمثّل في تحقيق المساواة والفرص للتمكين من الموارد الأساسيّة : التعليم – الخدمات الصحيّة – التغذية – المسكن – العمل وكذلك في التقاسم المنصف والعادل للدخول.
د- إنّ مسؤوليّة إعمال الحق في التنمية مسؤوليّة مشتركة ومتقاسمة بين الدول الأطراف والمجموعة الدوليّة (التعاون الدولي – النظام الدولي الأكثر عدلا – نزع السلاح ...).
يمكن من هذا المنطق اعتبار الحقّ في التنمية حقّا شاملا يتفرّع إلى جملة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيّة ويجعل منها منظومة مترابطة في حدّ ذاتها ومنسجمة مع الحقوق والحريّات المدنيّة والسياسيّة خاصّة في مبدأي المشاركة والإنصاف ومكفولة في إعمالهما بصفة مشتركة ومتقاسمة بين الدول الأطراف والمجموعة الدوليّة. أمّا المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان بفيينا، فأهم ما أكّد عليه برنامج عمله يتمثّل في:
o عالمية الحقوق وترابطها وتكاملها وعدم تجزئتها?
o أهميّة الحق في التنمية باعتباره حقا كاملا وجزءاً لا يتجزأ من حقوق الإنسان
o الشروط والظروف الكفيلة لإعمال الحق في التنمية:
o سياسات إنمائية ناجعة
o علاقات دوليّة منصفة (قضيّة الديون)
o مقاومة الفقر باعتباره انتهاك لحقوق الإنسان
o الربط الصريح بين الديمقراطيّة وحقوق الإنسان والتنمية
o إيلاء البعد المعياري للتنمية، حيث تمهّد السبيل إلى الاعتماد على المشروعيّة القانونيّة للمطالبة والمحاسبة والمساءلة ... والمقاضاة.

(8)

__________________
اطلبوا العلم، فإن عجزتم فأحبوا أهله، فإن لم تحبوهم فلاتبغضوهم
هيا بنا نتعلم الديمقراطية
<!-- Facebook Badge START --><!-- Facebook Badge END -->