
05-09-2009, 02:50 PM
|
 |
عضو فعال
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2009
العمر: 31
المشاركات: 357
معدل تقييم المستوى: 16
|
|
رمضان فى مصر.. تراجع ظاهرة موائد الرحمن
تراجعت ظاهرة موائد الرحمن والخيم الرمضانية التي تقام بالعاصمة المصرية القاهرة، لصالح المقاهي خلال شهر رمضان في ظاهرة تعكس حال الغلاء والكساد التي تمر بها البلاد. 
موائد الرحمن بمصر كانت عامرة في الماضي ولم تعد كذلك
وكانت أشهر الموائد في الحجم والشهرة تقام بجوار نادي الصيد المصري في حي الدقي الراقي. وكان معدل من يتناولون بها الإفطار يزيد على 1500 شخص يوميا، حتى إن حركة المرور كانت تصاب بالشلل التام قبل وبعد الإفطار من شدة الزحام.
يقول جمال إبراهيم أحد الذين اعتادوا تناول الإفطار بموائد الرحمن بصحبة عدد من أصدقائه، حيث يعمل في شركة مقاولات قريبة من المائدة: "لاحظنا تغيرا جوهريا هذا العام في حجم المائدة وحتى في نوعية الطعام". وأوضح إبراهيم لـ"إسلام أون لاين.نت" الإثنين 3-11-2003 أن الطعام الذي كان يقدم على تلك المائدة "كان على مستوى الوجبات التي تقدم في الفنادق الكبرى، وكانت المائدة تستوعب أعدادا ضخمة، وكان بعض سكان حي بولاق الدكرور المجاور يأتون بصحبة أفراد عائلتهم لتناول الإفطار، وكانت هناك مقاعد تظل خالية، ويسعى المنظمون لإيقاف السيارات العابرة، ودعوة ركابها لتناول الإفطار".
ويستطرد إبراهيم قائلا: "أما هذا العام فالأمر مختلف؛ فعدد المقاعد تراجع، ونوعية الطعام أصبحت محدودة. كانت اللحوم تقدم يوميا بكميات كبيرة في الأعوام الماضية، لكنها تقلصت الآن كثيرا".
وفي الأحياء الشعبية أيضا
أما في حي المطرية الشعبي -شرق القاهرة- فقد اعتاد جزار مشهور إقامة خيمة رمضانية ضخمة طوال شهر رمضان في الأعوام السابقة، كانت تستوعب أعدادا كبيرة من عابري السبيل وسائقي الحافلات العامة. لكن سكان الحي فوجئوا هذا العام بإقامة خيمة أصغر بكثير من الأعوام السابقة.
محمد حسيب -من مركز المعلومات في اتحاد الغرف التجارية- أرجع السبب في تراجع ظاهرة موائد الرحمن بهذه الصورة إلى العامل الاقتصادي. وأوضح أن رجال الأعمال -وهم الفئة التي تحقق مكاسب كبيرة- كانوا يقيمون هذه الموائد كنوع من الصدقة لينالوا بها ثوابا كبيرا، لكن ارتفاع أسعار جميع السلع وحال الركود انعكسا على موائد الرحمن.
وأضاف أن العناصر المكونة للموائد هي: اللحوم والسكر والخبز والأرز والبقوليات، وجميع هذه الأصناف ارتفعت أسعارها بنسبة تتراوح بين 30 و40% خلال العام الحالي.
وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت في أواخر يناير 2003 تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية؛ وهو ما أدى إلى انهيار سعر العملة المصرية أمام الدولار من 340 قرشا منذ نحو 3 سنوات إلى نحو 7 جنيهات في السوق السوداء حاليا.
وحسب تصريحات رئيس الوزراء المصري د.عاطف عبيد فإن مصر تستورد 90% من احتياجاتها من الزيوت، و80% من الذرة، و50% من القمح، و50% من الفول، و33% من السكر.
وقال حسيب: الكساد الناجم عن الغلاء أدى إلى تراجع الإنفاق، وتراجع الحالة المالية للذين اعتادوا إقامة تلك الموائد؛ وهو ما اضطر الكثير منهم إلى تخفيض حجمها.. لكن كثيرا من المصريين يكرهون التوقف عن "هذه العادة"، مهما كانت الظروف؛ نظرا لأنها تحولت إلى طقس من طقوس شهر رمضان الكريم.
ظاهرة تاريخية
وحول بداية ظهور موائد الرحمن في مصر يقول الدكتور محمود حامد أحمد أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة: إن هذه الظاهرة ارتبطت بالفتح الإسلامي لمصر، وازدهرت في العصر الفاطمي؛ حيث كان الفاطميون يطلقون عليها اسم "الأسمطة"، ويقيمونها في أماكن مخصصة لها تسمى "دار الفطرة".
وأضاف أن الأمراء والتجار والأثرياء كانوا يتنافسون على إقامة الموائد والإشراف على إطعام ضيوفها بأنفسهم، لكنها تقلصت في العصر الأيوبي؛ لتزدهر مرة أخرى في العصر المملوكي، ثم في العهد العثماني؛ حيث شهدت مرحلة جديدة من المنافسة بين كبار التجار في القاهرة.
ويؤكد أستاذ الآثار أن ظاهرة موائد الرحمن ظلت ترتبط دائما بالظروف الاقتصادية، وتمثل مؤشرا حقيقيا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه الإنسان المصري على مدى العصور.
الخيم أشد تضررًا
أما الخيم الرمضانية فكانت أكثر مظاهر رمضان تأثرا بالوضع الاقتصادي المصري، بعد أن شهدت في السنوات الأخيرة انتشارا واسعا، تحولت معه إلى "بزنس" يتنافس عليه أبناء المسئولين، ورجال الأعمال، والفنانون، وحتى بعض المؤسسات الصحفية القومية التي وجدت من رمضان فرصة لتحقيق عائد اقتصادي ضخم خلال الشهر الكريم.
وقال مصدر في مؤسسة دار التحرير لـ"إسلام أون لاين.نت": "إن الخيمة الرمضانية التي اعتادت المؤسسة على إقامتها على مدار السنوات الأخيرة جاءت فكرتها عن طريق إفطار جماعي كانت تنظمه المؤسسة للعاملين بها سنويا في أحد الأماكن العامة".
وأضاف أن المؤسسة كانت تدعو للإفطار نخبة من الفنانين، وكانت هذه المناسبة تحقق رواجا ودعاية مجانية للمكان التي تقام فيه. وتابع أن المسئولين في دار التحرير "فكروا في أن يقيموا هم هذه الخيمة، وألا تقتصر على الإفطار، بل تقدم معارض للمنتجات وفقرات فنية وأنشطة دينية".
وقال: إن دار التحرير أقامت الخيمة في منطقة الميرلاند بمصر الجديدة وأماكن أخرى، "وحققت عائدًا اقتصاديًّا مغريًّا شجع على استمرارها، لكن العام الماضي بدأ يتراجع عائدها. وهذا العام كانت هناك رغبة في إلغائها؛ تجنبا للخسائر المتوقعة، رغم التسهيلات التي حصلت عليها المؤسسة من محافظ القاهرة الذي سمح بإقامتها على النيل هذا العام بالقرب من حي الزمالك" الراقي.
ويضيف المصدر أن افتتاح الخيمة تأخر في رمضان الحالي، "وأن المؤشرات حتى الآن غير مطمئنة لتحقيق العائد المتوقع منها كما كان يحدث في الأعوام السابقة".
وما تعاني منه خيمة دار التحرير تواجهه خيمة دار الأوبرا -أشهر خيام رمضان- باعتبارها صديقة للبيئة وملتقى لكبار السياسيين والدبلوماسيين العرب والأجانب في مصر.
وقال أحد منظمي خيمة دار الأوبرا، طلب عدم نشر اسمه: إن الإقبال محدود على الخيمة هذا العام، حتى من الضيوف الأجانب. وأضاف أن الشركة المنظمة لجأت إلى قبول عرض لقناة النيل للمنوعات المصرية لتقديم فقرات فنية على الهواء من الخيمة مقابل الترويج للخيمة؛ على أمل أن يتزايد الإقبال عليها لتغطية التكاليف الباهظة التي أنفقت على إقامتها.
انتعاش المقاهي
في المقابل انتعشت المقاهي بصورة مدهشة لأصحابها. وفي شارع فيصل -بحي الجيزة- المشهور بأعلى كثافة مقاه على مستوى القاهرة الكبرى يقول علي أبو الخير مدير أحد المقاهي: "إننا نقدم نفس برامج الخيم الرمضانية، سواء المشروبات أو الشيشة (النرجيلة)، وتعاقدنا مع عازف عود مبتدئ يقدم فقرات طوال الليل للزبائن".
وأضاف: "كما حرصنا على أن نعكس جو الخيمة -في المقهى- من خلال الفرش المزركشة التي بسطناها عند المدخل والأبواب؛ فضلا عن أن أسعارنا معقولة بالنسبة للشباب، على عكس الخيم التي تغالي في أسعار الخدمة
|