و قد كانت مواقف إبراهيم عليه السلام متعددة مع قومه فتارة يحاج والده و تارة يحاج الجمهور
و تارة يحاج الملك و تارة يفعل ما يستفزهم به إلى محاجته كتكسير الأصنام ليكلموه فى شأنها إلى أن أوقدوا النار لتحريقه فنجاته منها بعد أن ألقى فيها فهجرته – بعد تبرأوه من أبيه – و تهديده له بأن يهجره – و موعدة إبراهيم إياه أن يستغفر له ربه – فلما علم أنه لن يؤمن – و أنه عدو
لله تبرأ منه 0
ثم بعد هذه الأحداث العظام لم يطلب له المقام بين أهله و قومه 000 و ذهب إلى حران 00
و بعد ذلك توجه إلى فلسطين بالشام و معه زوجته سارة و ابن أخيه – لوط – متجهين إلى
مصر (1)
nرحلته إلى مصر :
حدث جدب فى الأرض ، فانتقل إبراهيم – عليه السلام – إلى مصر و ذلك فى عهد ملوك الرعاة – و هم العماليق – و يسميهم الرومان : الهكسوس – و كان وصول إبراهيم عليه السلام إلى ارض مصر بعد هجرته الأولى إلى فلسطين بنحو 5 سنوات و كان عمره 80 سنة و ذلك عام 1917 ق0 م ( 2) و عند دخوله مصر اظهر أن التى معه أخته – و كانت سارة من أحسن الناس – فلما وصفت لفرعون ووصف له حسنها و جمالها أرسل إلى إبراهيم – فلذا اخبره إبراهيم إنها أخته
( 3) – اى فى الإسلام – إذ تخوف أن يقول هى إمراتى أن يقتله عنها 0 فلما أراد الملك أخذها أرى فى نومه أنها ذات بعل – فعاتب إبراهيم و أعطاه أموالاً وماشية ، و جوارى و عبيداً و عاد إبراهيم كما بدأه 0
و اختلف فى الملك الذى قدم فى عهده إبراهيم – عليه السلام – إلى مصر – فقيل إنه كان يسمى : سنان بن علوان بن عبيد بن عويج بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح ( 4 )
و قيل اسمه عمرو بن امرؤ القيس بن مايلون بن سبأ 00 و كان على مصر ملكاً ( 5 )والله أعلم 0
ــــــــــــــــــــــــــ
1- قصص الأنبياء – عبد الوهاب النجار
2- حياة الأنبياء بين حقائق التاريخ و المكتشفات الأثرية الجديدة عادل طه يونس – مكتبة القرآن – 1990
3- قصص الأنبياء – عبد الوهاب النجار
4- البداية و النهاية ابن كثير ج 10
5- نفس المصدر
ثم إن الخليل عليه السلام رجع من بلاد مصر إلى الأرض المقدسة و معه أنعام و عبيد ومال جزيل و فى صحبته هاجر القبطية المصرية و قد أهداها له ملك مصر – ثم إن لوطاً عليه السلام – نزح بماله إلى ارض الغور المعروف بغور زغر– فنزل بمدينة سدوم و كان أهلها أشرارا 0 و أوحى الله تعالي إلى إبراهيم الخليل فأمره أن يمد بصره و ينظر شمالا و جنوبا و شرقا و غربا 0 و بشره أن الأرض التى نظرها سيجعلها له و لخلفه إلى آخر الدهر و سيكثر من ذريته حتى يصيروا بعدد تراب الأرض ( 1)
nدخول إبراهيم ( عليه السلام ) بهاجر :
كانت سارة زوج إبراهيم – عليه السلام – عاقرا لم تلد 0 و كان ملك مصر قد أعطى سارة – على ما تقول التوراة – جارية مصرية – و تألمت سارة إذ لم تجد لإبراهيم نسلا – و هى قد شاخت – و لا يرجي لها أن تكون أما ، فأتمرت مع إبراهيم – و كان عاقبة ذلك أن دخل إبراهيم على هاجر فأتت منه بغلام – هو إسماعيل عليه السلام ( 2)
nمولد إسماعيل عليه السلام
نشأ إسماعيل عليه السلام فى وادي مكة فى قبيلة جرهم بعد ما أتى إبراهيم به و بأمه هاجر من جنوب الشام إلى وادي مكة و تركهما و لكن رحمة الله لم تفارقهما ، إذ نبع ماء زمزم من تحت أقدام إسماعيل الرضيع حيث نفذ الماء و الطعام منهما ، و لما شب تزوج من إحدى فتيات هذه القبيلة ، و قد تحدث بلسانهم فتعرب فهو و أولاده العرب المستعربة ( 3) و قد تحققت دعوة إبراهيم فيه حين دعا كما ذكرت التوراة " فقال إبراهيم لله : يا ليت إسماعيل يحى فى طاعتك – فقال الله : حقا إن سارة زوجتك ستلد لك ابنا و يدعى اسمه اسحق ، و اثبت عهدى معه ، عهد الدهر و لنسله بعده – و فى إسماعيل استجبت منك – هو ذا باركته و أثمره و أكثره جدا جدا 00 أثنى عشر رئيسا يلد – و سأجعله شعبا عظيما – و عهدى اثبت مع اسحق الذى تلد لك سارة فى الميقات هذا فى السنة الأخرى 00 و حينما كبر إسماعيل – جاء إبراهيم بأمر من الله تعالى لبناء البيت – حيث عرفه له ( 4 ) كما قال تعالى : " وَإِذْ بَوّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهّرْ بَيْتِيَ لِلطّآئِفِينَ وَالْقَآئِمِينَ وَالرّكّعِ السّجُودِ " ( 5)
ــــــــــــ
1- البداية و النهاية : ابن كثير ج 10
2- قصص الأنبياء – عبد الوهاب النجار
3- البداية و النهاية : ابن كثير ج 10
4- البداية و النهاية : ابن كثير ج 10
5- سورة الحج ( 26 )
و قام ببناءه و دعا " ُ رَبّنَا تَقَبّلْ مِنّآ إِنّكَ أَنتَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ - رَبّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرّيّتِنَآ أُمّةً مّسْلِمَةً لّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنّكَ أَنتَ التّوّابُ الرّحِيمُ " ( 1)
و لما أتما بناء البيت أمر الله تعالى إبراهيم أن يدعو الناس لزيارة البيت و الحج له و علمه مناسك الحج 0 و كان إبراهيم قد نذر نذراً فأراد أن يوفى بنذره فقال لأبنه إسماعيل : " َ يَبُنَيّ إِنّيَ أَرَىَ فِي الْمَنَامِ أَنّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىَ " واجه إسماعيل هذا الأمر بالصبر و الطاعة لله و لأبيه 0 حتى فداه الله بذبح عظيم 0
nسُنّة الختان
عهد الله إلى إبراهيم بالختان و كانت سنة 0 إذ ذاك تسعاً و تسعين سنة 0 و كان إسماعيل قد بلغ ثلاث عشرة سنة ، فاختتن إبراهيم و إسماعيل و كل من كان لإبراهيم من العبيد – و فى إنجيل بر نابا أن سبب الختان إن آدم لما عصي ربه نذر أن يقطع من نفسه عضوا إذا تاب الله عليه – فلما قبلت توبته و أراد الوفاء بنذره احتار ماذا يصنع – فدله جبريل على هذا الموضوع فقطعه 0 و لعل أبناءه تركوا هذه السنة حتى أمر الله إبراهيم بإحيائها ( 2)
و تزوج إسماعيل عليه السلام من قبيلة جرهم و هى : بنت مضاض بن عمرو الجرهمى فولدت له : نبايوت – قيدار – أربئيل – مبسام – مشماع دومة – مسا – حدار – تيما – يطور – نافيش – قدمه – ( أثنى عشر ابنا ) – و قد عاش إسماعيل عليه السلام 137 سنة – و دفن بجوار أمه هاجر فى الحجر بجوار الكعبة ( 3)
ـــــــــــــ
1- سورة الصافات ( 102 )
2- قصص الأنبياء : عبد الوهاب النجار
3- نفس المصدر
__________________
|