عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 09-11-2009, 08:53 PM
المفكرة المفكرة غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 1,413
معدل تقييم المستوى: 18
المفكرة is on a distinguished road
افتراضي الدين النصيحة

ينفصل النت عن حاسبي أوائل رمضان فلا أشغل نفسي بتجديده ، فمقر الشركة بعيد و جسمي يكاد يتلاشى بين جنبات الصيام ثم أنني نويت أن أصلح شأني حقاً في رمضان . أزلت فتات البشر و بقايا المشاغل و تفرغت لقرآن ربي أنصت كي أعيي ، أزعم أنني سأفهم فأعمل !
يتلاشى الإلف و المعتاد و يشتد عودي طوال رمضان و إسبوعاً بعده أقضيه صائمة ، في عقلي قرآن ربي ، أحاول.
ثم تتسلل الحياة عائدة إلى نفسي بكل مغرياتها و منها هذه الشبكة الواسعة ، متنفس من التكرار اليومي المقيت . في بريدي أجد رسالة منه تهنئة بالعيد ، يعلن فيها نفسه أخاً دائماً لي ، رسالة جددت تاريخا مشتركاً كان بيننا يوماً ما .
كان كلانا مشرفاً في منتدى ذي نكهة أدبية ، دينية ، شبابية ، قرّب بيننا المهنة و حب اللغة العربية و القراءة و الثقافة بشكل عام و العمر ، في الواقع كانت تلك إحدى صدف النت النادرة في حياة البشر ، إثنان من أبناء آدم لهما من الصفات المشتركة ما يسخرانه لمنفعتهما و مصلحة و متعة قراء متعددين !
ثم يعتريني الغضب و قلة الصبر و أشياء أخرى و تنفصم عرى المنتدى و تلك العلاقة و المراسلة . و أنا عاداتي متأصلة بين جنبات عقلي و أحدها تنقية أعصابي مما لا يلزم ، ذكريات و أفكار و أشخاص ، اندثروا ، حتى لا ينبض عصب بأي من ذلك مجدداً ، أنا أحوج البشر لذلك و إلا هلكت من كثرة التفكير و الأسى على ما مضى .
ثم تلك الأخوة التي يطوق البشر بها عنقي ، ما لا أمنحه إلا قليلاً ، فأخي على الأرض واحد ، طالما أعجبه تفرده بين ثلاث أخوات .
من أخبرهم أنني أنوي الإلتزام تجاه آدمي في الأرض أو على نت بشيء ؟! أين لمح أحدهم في كلامي أن أحداً يجر قيادي حيثما ولى ؟!
فقط أن الجسور بيننا كانت كثيرة و أن مودته كانت تبدو رائقة ، أحياناً كانت ترقى إلى الحقيقة ، و أياديه عندي بيضاء .
أتجاهل قوانين الغياب التي ألزمت بها نفسي ، حيث الغياب يحرق كل أثر .
أبحث عنه على النت فأجده مستقراً في منتدى ، يكتب شعراً عن الحب و الهوى ، كل من تستهويهم اللغة سيعجبهم ما يقول ، فالنسق أكثر من جيد . قلما تطاوع اللغة أحداً كما تأذن له (ليتها تناولني حجرة ، لا بيتاً)
فقط أن عقل المفكرة يسلم قياد ملكاته لشق المخ الأيمن ، ذاك الذي ينظر بعين البصيرة ، فيتراءى له من المستقبل صوراً ، يستبقيها بينما ينسق الخطو وفقها . وفق هذا العقل و النبض ، يمسني حزن و قلق .
تنبض أعصابي بكل أنواع الهواجس ، تقول أن ما مضى لا يحق له أن يتجدد و يقول أن الأمور تمزقت و ليس بالإمكان رتقها ثم يدوي مردداً : ما شأنك ؟
أركن الأمر بين ثنايا قشرة المخ بعيداً عن الإدراك الذي يتناول ما هو عاجل ، متكرر و واضح المعالم .
تأتي تلك اللحظة التي أصلي فيها و أستخير فيما أقول و أفعل فتأذن الإستخارة بفكرة . ينتهي الدعاء ، فيمتد اللاوعي تجاه كتاب رياض الصالحين ، هجره زمان عملي ، فارتكن على رف قريب . أفتح صفحة فتتلو حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم : الدين النصيحة .
أغلقه و أنا أعي شيئاً ، فقط أنني لا أدري ماذا أقول ، تردد نفسي : ما أنا بكاتبة !
*********************