بينما أراجع بعض ما كتبت ، أشارت إلي تلك القطعة ، تليق بيوم من أيام التشريق :
يتعجلن إغلاق الكراسات و ترك الكتب استعداداً للإجتماع السنوي . يفيض الجميع باتجاه صالة الإجتماعات . يتوقف زمن عقلي و انساق مع من يتحرك . فيم يستعجلون زمناً هو رخاء في هذه الأنحاء ؟ يعمل ذهني ثانية ، تجد يدي مسبحتي ، أفتح كنزي و أستخرج منه بعض الجواهر.
عثرت عليه في الجامعة ، في مسابقة لحفظ أحاديث رسولنا الكريم (صلوات ربي وسلامه على النور البشير الهادي) ، بأحدها عبارة : لا إله إلا الله ، وحده ، لا شريك له ، له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير .
جملة ترديدها مفتاح كنوز . هذا ما فزت به من هذه المسابقة .
اليوم تستدعي الذاكرة الكنز مجدداً ، ترديد أنفاسي :
لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير . عدد ما خلق في السماوات و الأرض و عدد ما خلق بين ذلك و عدد ما هو خالق .
سبحان الله و بحمده .... مائة أخرى ....
أنظم منها زينة نفسي نوراً ، يرسم الرضا انعكاس مزاجي في صفحة وجهي .
الحي القيوم ، مالك الملك ، ذا الجلال و الإكرام .... أنادي اسمه تكرار ما وسعني إدراك.
تنسل الأفكار و الرؤى خارجي بينما أعيد تنظيم زوايا النفس . حساب المصالح و الأشخاص و الأماكن يتبدد . تحضر السكينة قائلة : قدره واقع ارضي به .
استقبلها بالترحاب .
تستشعر النفس ما لا تعبر عنه الأسماء من كيانات لا تنتمي لعالم المادة . يستقبلها مخي ، يدركها و ينصاع لها .
تختلف مواضعنا في هذا العالم ، لكن الطريق مأمور أن يجمعنا دوماً . أتحير أين أجلس بين البشر . تتقاطع خطواتنا مجدداً فأجلس خلفها . تناولني قطعة من الحلوى .
تشتاقها النفس و تهم بإحتوائها ، يهمس كنزي : ناوليها غيرك ، أشتري لك حسنة ، ربما يضاعفها لك عشرة أضعاف فأكثر.
تشرق نفسي فأسأله حسنة بعشر أمثالها ، أدفع قطعة حلوى فيأتيني عشرة ؟!
يمر بي ما ليس مني ، أدركه على نحو خاطف فيوحي : بل عشر حسنات على قدر المعطي . كل حسنة منهن كون أعظم من هذا الذي تعلمين اتساعه . أما ما هو مخبوء للآخرة فنظرة لنور وجهه الكريم تمحو كل شقاء ، نحيا قربه ، يفيض علينا من جماله .
أصدّقه ، و يملأ جوانحي الطمع .
***************************
أجلس في شرفة منزلي المطلة على الحديقة بينما أمي جواري تتحدث مع الجناينية . أردد طمعاً في بعض حسنات من كنزي .
لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير .
أدرك أن قدراً يقع ، يحضر في ركاب السكينة . أنشغل بذكر رب العالمين عمّـن حولي .
يذهب الرجلان لحال سبيلهما .
... دقائق ثم تسقط قطعة حجرية ضخمة (لم أستطع حملها) من ارتفاع ثلاثة طوابق و تستقر في الموضع الذي احتله الرجلان منذ لحظات !
****************