عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 04-12-2009, 12:09 AM
المفكرة المفكرة غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 1,413
معدل تقييم المستوى: 18
المفكرة is on a distinguished road
افتراضي فتوى

استوقفني محل صغير للعطور في مركز تجاري ، ذكرني بولع قديم برائحة الورد . فقد كنت أحتفظ بزيت عطري برائحة الورد في اسطوانة صغيرة أتعطر بها لصلاة الفجر و صلاة الجمعة حين أصليه في خلوة مع ربي . تدوم الرائحة عاماً و أكثر تملأ الحجرة بهجة .
أقف على ناصية المحل الصغير و أهم بالدخول فيصدني عائلة داخل المحل الضيق يعرض عليها صاحب المحل عطوره و يساومهم على الثمن ، فأخرج . تلمحني بائعة شابة كانت تجلس بركن بالمحل فتأتي خلفي ، تقول تفضلي أخبريني بحاجتك و سأحضرها لك . يعتريني تردد و يغيب عني الإختيار قليلاً فأجدني عائدة للمحل ، بينما ينشغل صاحب المحل بالبيع لرب العائلة تقوم تلك الشابة اللطيفة بعرض بضاعتها الزكية علي .
_ أريد عطراً برائحة الورد في عبوة صغيرة ، ثمنها قليل .
_ تفتح زجاجة الزيت فتنساب الورود منها ، تعدل مزاجي تلقائياً ، فأجدني أشتري .
في هذه اللحظة تخبرني أن العبوة يزيد ثمنها قليلاً لو هي أضافت إليها إضافة تجعلها أكثر ديمومة ، يصدح الشيخ مشاري الراشد من قلب المحل الصغير بقرآن رب العالمين فأنصت له أكثر مما أنصت للبائعة . بينما يعرض محل كاسيت مجاور بضاعته بصوت عالي يخرق الأعصاب لولا أن صوت القرآن يعادله ارتفاعاً .
لا أتنبه تماماً لما فعلت و قبل أن أعي آخر كلمات لها أجد البارفان في حقيبة في يدي و النقود في حوزة البائعة و أجدني في البيت مجدداً حين يعاودني الفكر والإنتباه .
البائعة مزجت زيت العطر بمادة بخاخة و وضعته في زجاجة ذات رشاش كي أتمكن من رشه .
في البيت أرشه على و أشمه طالما أنا في صلاتي مطولاً ثم تعتريني الذاكرة مجدداً .
المعتاد أن المادة البخاخة مادة كحولية و بالتالي فإن عطري ممزوج بالكحول ، المادة المسكرة في الخمر . و الخمر حرام و هي نجس .
أترى استخدامي للعطر حلال أم حرام و صلاتي به صواب أم خطأ ؟
أتذكر كلاماً طويلاً درسته في مقررات الشريعة في الجامعة و آخر قرأته منذ زمن ، أجعله في خلفية تفكيري و أذهب أبحث على النت فأقرأ طويلاً و كثيراً بينما تستوقفني محطات ، أستعرضها معكم :
بعض علماء الشريعة المشهورين من السعودية يفتون أن الكحول هو المادة المسكرة في الخمر لذلك فإن وجود هذه المادة مع العطر حرام و الخمر نجس و بالتالي لا يجوز التعطر بهذا الشيء و لا ملامسته الثياب أو الصلاة به . لقوله تعالى (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
سورة المائدة، الآية 90

يقول آخرون أن الكحول نسبة بسيطة من العطر و بالتالي فلا ضرر منه لأنه قليل .
آخرون يقولون أن نجاسة الخمر و الميسر (القمار) نجاسة معنوية (نفسية) و ليست حسية لذلك فإن الثوب الذي يصيبه الخمر لا ينجس .
ننتقل إلى علماء مصر ممن لهم فقه قريب من فقه أهل المملكة ، يقول أحدهم أن الكحول نوعان إيثيلي و ميثيلي.
الإثيلي ينشأ من تخمر الحبوب و هو مسكر و حرام أما المثيلي فصناعي و سم و ليس بمادة شرب و سكر لذلك فهو ليس بحرام فيتركني في حيرة أبعد .
الآن أذهب للأجنبي أفتش عن نوع الكحول الذي يمزجون به العطور أ إيثيلي أم ميثيلي ؟
أجد موقعاً مصرياً للزيوت العطرية يخبرني أن الزيت العطري يدوم طويلاً لكن ما ندعوه بارفان أو كولونيا هو زيت عطري ممزوج بالكحول الإيثيلي (المسكر المستخلص من الحبوب) لزيادة حجمه و لأن الكحول يتبخر حاملاً معه العطر فيعطيه قوة تفوق قوته لو كان وحده ، لكنه في النهاية يتبخر سريعاً مضيعاً معه العطر سريعاً أيضاً . يقول الموقع أيضاً أن الكحول كمية كبيرة و ملموسة في جانب العطر ! في الواقع يخبرني الموقع الذي يسوق للزيوت العطرية أنه من الأفضل لي أن أشتري زيتاً غير مخففاً لتجنب الحساسية التي يسببها الكحول للجهاز التنفسي و الجفاف الذي يصيب الجلد من تبخره السريع .
الآن إلى الأجنبي الذي يؤكد لي أن تداول الكحول في العطور ممنوع قانوناً في الولايات المتحدة و أن هيئة الأغذية و الأدوية الأمريكية تنظم استخدام الكحول و لا تسمح بتعاطيه إلا بإذن خاص و بالتالي فإن الكحول الذي يستخدمونه في بعض العطور لا يأتي من تخمر الحبوب بل ينشأ من أعشاب أخرى و بالتالي فله أنواع متعددة منها الكحول البروبيلي و الجليكول و غيرها .
مواقع أخرى تزعم أن هناك من يمزج الخمر بالعطر و لكن بصورة غير شرعية فهو أمر يحظره قانون البلاد و المتاجرة في عطور كتلك جريمة يعاقب عليها القانون!
تكتمل دورة عقلي فأجدني حيث بدأت بلا فتوى معلومة بعد ! تفتيني أنفي التي بدأت تؤلمني بعد زوال الرائحة الطيبة أنه لا ضرر و لا ضرار و ما كان كثيره سم فقليله سم أيضاً . حقاً لماذا نهوى تعذيب النفس بهذا التسميم البطىء؟!