عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 09-12-2009, 08:37 PM
أبو إسراء A أبو إسراء A غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 6,315
معدل تقييم المستوى: 23
أبو إسراء A is a jewel in the rough
افتراضي

إقرا يا هانى ربنا يهديك
الفرعونية

كتبه فضيلة الشيخ / سعيد عبد العظيم
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه،
أما بعد،
فقد طالب البعض بإقامة حزب فرعوني، بحيث تصبح الفرعونية منهج حياة في القراءة والكتابة ونظام الحكم، أو بمعنى آخر: شعار ودثار، أو دين ودولة.
بالضبط كما يطالب المسلمون بتحكيم الكتاب والسنة في حياتهم الخاصة والعامة، في السياسة والاقتصاد والاجتماع والأخلاق في الحرب والسلم والمسجد والسوق وعلى مستوى الفرد والجماعة.
ونسبة الفرعونية للحضارة وإظهار الانبهار والافتخار بها والمطالبة بالعودة لحضارة أجدادنا الفراعنة، ظهرت بحدة وبعنف في الآونة الأخيرة، وتواكبت مع ضعف هذه الأمة، وتسلط الأعداء عليها وطرحت كبديل للعودة لدين الله ولتطبيق شرع الله.
وعلى نفس المنوال كان التشابه المريب في العراق وسوريا ولبنان، حيث تمت المطالبة بالعودة للبابلية والآشورية والفينيقية.
ولتأكيد هذا المعنى اشتدت حركات البحث والتنقيب في الأرض للكشف عن الحفريات والآثار؛ لإظهار عظمة الأجداد هنا وهناك!!
والحضارة عند المسلمين هو العمران الذي يقوم على منهج العبودية والالتزام بهدي النبوة {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}(الذاريات: 56)، {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}(الأنعام:90)؛ ولذلك لا نعتبر الفرعونية ولا البابلية حضارة حتى وإن برعوا في البناء والتشييد وأقاموا المسلات والأهرامات.
فهذا التقدم العمراني قد قام على غير منهج العبودية بل على أساس عبودية العباد للعباد، وادعاء أن الدماء الزرقاء تجري في عروق الفراعنة، بالإضافة لنظام السخرة المعروف في حمل الصخور على الظهور من أسوان إلى القاهرة لبناء الأهرامات.
وبالتالي فلا يجوز إضفاء الهالات والبريق حول الفرعونية؛ فقد ينبهر بهذا الزيف والعفن أعشى البصيرة ومن لا حظ له من النظر.
والفرعون كلمة تطلق على كل من حكم مصر كما أن كسرى تطلق على من حكم الفرس وهرقل على من حكم الروم والنجاشي تطلق على من حكم الحبشة.

والحرص متأكد على تدريس تاريخ الفراعنة قبل الميلاد في المرحلة الابتدائية حتى الجامعة، ابتداء من مينا موحد القطرين مرورا ببعض مشاهير الفراعنة كخوفو وخفرع ومنقرع وتحتمس وأحمس وحتشبسوت ونفرتيتي، ويعتبر رمسيس الثاني فرعون موسى أحد هؤلاء المشاهير.
ولا نكاد نجد كلمة فرعون تذكر في كتاب الله إلا على جهة الذم قال -تعالى-: {فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ}(هود:97)، وقال: {وأضل فرعون قومه وما هدى}(طه:79)، وقال –تعالى{اذهب إلى فرعون إنه طغى}(طه: 24)، وقال -تعالى-: {وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين}(يونس: 83).
وقال -تعالى-: {كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم}(الأنفال:54)، وقال -تعالى-: {كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله}(الأنفال:52)، وقال -تعالى-: {وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب}(البقرة:49)، وقال -تعالى-: {فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى}(طه:60)، وقال -تعالى-: {وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين . قوم فرعون}(الشعراء:10-11)، وقال -تعالى-: (قال فرعون وما رب العالمين)(الشعراء:23)
وذكر عن آسيا امرأة فرعون أنها قالت: {ونجني من فرعون وعمله}(التحريم:11)، وقال -تعالى-: {وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة}(الحاقة:9)، وقال -تعالى-: {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين}(القصص:4).
وقال -تعالى-: {إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين}(القصص:8)، وقال -تعالى-: {وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين}(العنكبوت:39)، وقال -تعالى-: {وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه}(غافر: 26)، وقال -تعالى-: {ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد}(غافر:29)، وقال -تعالى-: {وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل}(غافر:37).
لقد ادعى فرعون الربوبية والألوهية مع الله وذكر الله -تعالى-: {أنا ربكم الأعلى}(النازعات:24)، وقال -تعالى- حاكياً قوله: {ما علمت لكم من إله غيري}(القصص: 38).
وإذا كان هذا هو شأنه حال حياته فشأنه بعد مماته تحكيه الآيات البينات{النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب}(غافر: 46)، ثم هو يوم القيامة: {يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود}(هود: 98).
لقد مات يوم مات وهو يقول: {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين}(يونس: 90)، فقيل له: {آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين . فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية}(يونس:91-92).
رآه المصريون جثة هامدة وبدلا من الاتعاظ والاعتبار كان الافتخار والانبهار بمراكب الشمس وعلم التحنيط الذي برع فيه قدماء المصريين وصنع له تمثال في أكبر الميادين والمياه تنبع من تحت قدميه تصديقا لقوله: {أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي}(الزخرف:51).
لقد نسينا أن الله قد أجراها من فوق رأسه جزاء وفاقا وما ربك بظلام للعبيد، كما نسينا ربنا وديننا وما جاء بشأن فرعون وقومه من آيات بينات وعلا الصراخ بعظمة قدماء المصريين وأننا أصحاب حضارة عمرها سبعة آلاف سنة تضرب بجذورها في عمق التاريخ!!
يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به، إن البشرية قد بدأت بنبي مكلم وهو نبي الله آدم -عليه السلام- أي بدرجة من أعلى درجات الهداية، وكان بين آدم ونوح عشرة قرون على التوحيد الخالص كما يقول ابن عباس -رضي الله عنهما-.
ثم طرأ الشرك على قوم نوح وقالوا: {وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا . وقد أضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين إلا ضلالا}(نوح:23- 24)
وتتابع إرسال الرسل {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير}(فاطر: 24)، {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}(النساء: 165)، {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}(المؤمنون: 32)،{ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}(النحل: 36).
فلم يكتف -سبحانه وتعالى- وهذا من رحمته، بأن ركَّب في العباد عقولا وأودع فيهم فِطَراً بل أنزل لهم الكتب وأرسل لهم الرسل؛ ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، وبيَّن لهم -سبحانه وتعالى- دينه ومنهجه {إن الدين عند الله الإسلام}(آل عمران:19)، {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}(آل عمران: 85)، فآمن من آمن وكفر من كفر. وكان من جملة الأمم المكذبة قوم نوح وعاد وثمود وفرعون.
ورغم سفاهة وتفاهة فرعون إلا أنه سهل عليه الاستخفاف بعقول قدماء المصريين {فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين}(الزخرف: 54).
ولم يكن إخناتون إلا واحدا من جملة الوثنيين الذين يعبدون الكواكب والبقر من دون الله. ودعوتُه في توحيد الآلهة في الإله رع أو غيره ليس توحيدا، بل هو نوع من الكفر والشرك؛ حتى لا يقال نحن أول من دعونا بدعوة التوحيد على يد إخناتون على غرار القول بأن حتشبسوت وأجدادنا هم أول من أنشأ أسطولاً بحرياً.
فالدعوة إلى توحيد الله -عز وجل- ونبذ الشرك والكفر قد بدأت بآدم -عليه السلام-.
والبراعة في بناء الأساطيل والعمران وهندسة الأهرامات والمسلات تؤخذ من كل من أفلح فيها إن ترتب على ذلك نفع حقيقي للبلاد والعباد.
أما الكفر والصد عن سبيل الله وظلم الخلق وادعاء الربوبية والألوهية فهو مردود على صاحبه كائنا من كان لا يجوز فيه أن يكون الإنسان كحاطب بليل قد يحمل حية تلدغه.
ولا يصح هذه العصبية الجاهلية للآباء والأجداد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية) [رواه مسلم]، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من قاتل لتكون كلمة الله أعلى فهو في سبيل الله) [رواه مسلم].
بدلا من أن يقول المصري والعراقي والسوري واللبناني أنا مسلمٌ رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيا، يتنادى هذا بأنه فرعوني والثاني بابلي وهذا آشوري أو فينيقي؛ فتضيع وحدة الأمة المسلمة ويسهل على شياطين الإنس والجن افتراسها بسياسات «فرق تسد».
فالواجب علينا أن ننتبه لمخططات أعداء الإسلام والمسلمين فقد أطلقوا علينا سهوماً كثيرة، وفتحوا لنا أبوابا عديدة من الشر والفساد كلها توصل إلى نيران الجحيم، فصار البعض من جلدتنا وممن يتكلم بلساننا ينادي بالقومية أو بالاشتراكية وفريق يطالب بالديمقراطية أو الفرعونية.
وبين أبناء الشعب الواحد نجد الليبرالي والشيوعي والوطني، وتجد الشريعة المطبقة في هذا البلد فرنسية وفي البلد الآخر هولندية أو انجليزية، وكل ذلك ينهى عنه الإسلام.
أبي الإسلام لا أبا لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم. كلكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.
وقال حاتم الأصم: رأيت الناس يعودون إلى التجارات والأنساب والحرف والصنائع ونظرت في قوله -تعالى-: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} فعملت بالتقوى حتى أكون كريما عنده. وقد أغنانا -سبحانه وتعالى- وكفانا أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة وقال: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}(المائدة:3)، فكيف نستبدل الفرعونية بالإسلام {أتستبدلون الذي هو أدنى" بالذي هو خير}(البقرة:61).
يقول أنور الجندي في كتابه «تصحيح المفاهيم»: «كانت الفكرة الفرعونية من الغموض إلى الحد الذي جعل من الصعب شرحها وقد قضت على من عملوا بها فتخطوها (نجيب محفوظ وسلامة موسى وهيكل وعنان)إلى اتجاهات أخرى وقد بدا أن التوفيق بين الإسلام والفرعونية أو بين العروبة والفرعونية هي محاولة عقيمة.
ولقد تبين من مراجعات الأحياء أن فرعون رمز لنوع من الحكومات الاستبدادية البائدة، فالفرعونية نوع من النظم التي ينهض عليها الحكم الاستبدادي الجائر هذا النظام يقترن بما يتفق من الأوضاع الاجتماعية والصور الفعلية التي تبرز الظلم وتستطيب الخنوع وتساعد على الترفيه عن الطبقة المحدودة الحاكمة التي تستند إلى ما تخترعه من أسانيد الحقوق المقدسة.
ولا يجد المصري المشوق للحياة الصحيحة في شعار الفرعونية من قوة الدفع إلى الحرية والمساواة ما يجد المسلم في كلمة الإسلام، ومع انفتاح كل قبر يترائى ذلك الكابوس الخانق الذي تتحرك معه ذكريات عصور وأحقاب أجهدها الظلم الاجتماعي والتخلف العقلي (محب الدين الخطيب)» أهـ.
لا نقبل خلط الإسلام بغيره من النظم والفلسفات والمناهج أو إضافة الفرعونية أو الاشتراكية أو الديمقراطية إلى الإسلام فالإسلام دين كامل ومنهج حياة رضيه الله -تعالى- للخلق كافة من لدن آدم حتى قيام الساعة والحرية عند المسلمين تصاغ في قالب العبودية و دون أحد سواه.
وإذا كنا نرفض خلط أو إضافة الإسلام لغيره فنحن أشد رفضا لأن تصبح الفرعونية هي الدين الرسمي للبلاد والعباد ولا ينادي بالفرعونية إلا من ذهب عقله وانطمست بصيرته وضاع دينه وضل سعيه.
لما مر الصحابة بديار ثمود في غزوة تبوك قال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم؛ أن يصيبكم ما أصابهم) وهذا يفسر لنا ما يطلق عليه اسم «لعنة الفراعنة» فكم من أثري وغيره دخل على الفراعنة الهلكى فلحقه ما لحقهم من الهلاك والدمار والخوف كبير في الدخول عليهم على جهة اللعب واللهو والتنزه والانبهار.
فالشرع لا يفرق بين المتساويين ومن دعته الحاجة أو الضرورة لمثل ذلك فليكن دخوله على جهة الاتعاظ والبكاء {قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين}(الأنعام:11).
ولا مانع من الانتفاع بالآبار والأموال والكنوز التي تركوها، ففي الركاز الخمس والركاز هو دفن الجاهلية، أما الطلسمات والأصنام والمعاني الشركية فحكمها الطمس. وما سوى ذلك كالأهرامات وإيوان كسرى في العراق فحكمه الإهمال والترك بحيث لا نضفي حوله الهالة أو نصنع منه حضارة.
وقد مر الصحابة على الأهرامات ولم يعيروها اهتماما أو التفاتا أما الانبهار بالفرعونية وطلسماتها وأصنامها وحضارتها العفنة، فلم يحدث إلا في السنوات الأخيرة أي بعد انقضاء عصر الصحابة بقرون.
وبالتالي فلا محل للسؤال كيف فتح عمرو بن العاص مصر وترك الأصنام على مثل هذا النحو؛ فعمرو بن العاص لم يشاهدها ولم يعلم بوجودها.
وهو والصحابة الكرام أتقى لله من أن ينبهروا بالأصنام والوثنية أو أن يروجوا لفرعونية لقد فتحوا مصر ونشروا فينا دعوة التوحيد وجددوا عهدنا بدين الله، فجزاهم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
{وَآخِرُ دَعْوَانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}

__________________
المستمع للقرآن كالقارئ ، فلا تحرم نفسك أخى المسلم من سماع القرآن .