3. تكفير مرتكب الكبيرة: وهي بدعة قال بها الخوارج قديماً فكفروا بها عموم الأمة وحكامها، ولم يحكموا بإسلام إلا من انضم إليهم وقال بقولهم، وهو مذهب مخالف للكتاب والسنة والإجماع، فالمسلم الذي ارتكب بعض المعاصي كالزنا والسرقة من غير استباحة لها لا يكفر، بل هو فاسق ناقص الإيمان، وليس كافراً، والدليل على ذلك قوله تعالى: { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما }(الحجرات: 9 ) حيث حكم بإيمان الطائفتين وإحداهما عاصية باغية بقتال أختها، فلو كان قتال المسلم – وهو من أكبر الكبائر - كفراً لما أطلق على الطائفة الباغية اسم الإيمان، وقال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان }(البقرة: 7 فقد سمى الله القاتل أخاً في الدين، ولو كان كافرا لنفى عنه الأخوة الإيمانية، وعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لجماعة من أصحابه: ( بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه ) فبايعناه على ذلك . متفق عليه . وهو حديث صحيح صريح بيّن فيه النبي - صلى الله عليه وسلم – أن أصحاب الكبائر من السراق والزناة والقتلة إن أقيم عليهم الحد في الدنيا فهو كفارة لهم عن خطاياهم، وإن قدموا على الله بتلك الذنوب فهم تحت مشيئته إن شاء عفا عنهم، وإن شاء عاقبهم، ودخولهم تحت المشيئة دليل على عدم كفرهم، لأن مصير الكفار محسوم، وهو النار وبئس المصير .
|