عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 25-12-2009, 05:25 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

ولذلك تجلي الله للجبل الذي يتحمل أقصي درجة ممكنة من ضوء الشمس والذي لا يتحملة الإنسان أكثر من تسع دقائق تقريبا ، قال تعالى : } وَلمَّا جَاءَ مُوسَي لمِيقَاتِنَا وَكَلمَهُ رَبُّهُ قَال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِليْكَ قَال لنْ تَرَانِي وَلكِنِ انْظُرْ إلي الجَبَل فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلمَّا تَجَلي رَبُّهُ للجَبَل جَعَلهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَي صَعِقاً فَلمَّا أَفَاقَ قَال سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِليْكَ وَأَنَا أَوَّلُ المُؤْمِنِينَ { (الأعراف:143) .
فمن الخطأ طلب البحث عن كيفية الأمور الغيبية أو الذات الإلهية أو صفاتها في الدنيا ، لأن النواميس التي أوجدها الله في الكون لا تسمح بذلك ، اللهم إلا إذا حدث خرق للعادة كأن يري بعض الأنبياء ملائكة الله ، أو يطلعون على الجنة أو النار أو بعض أمور الغيب أو ما يعجز الإنسان العادي عن إدراكه .
أما في الآخرة فالأمر مختلف تماما إذا أن مدركات الإنسان في الآخرة تختلف عن مدركاته في الدنيا كما صح الخبر عن رسول الله بذلك فقد روي البخاري ومسلم من حديث أبي هريرةَ أن النبيِّ صلي الله عليه وسلم قال : ( خَلقَ اللّهُ آدمَ على صورته ، طولهُ ستون ذراعاً ، فلما خَلقَهُ قال : اذهَبْ فسلمْ على أُولئكَ نفَرٍ من الملائكةِ جُلوسٍ ، فاستمعْ ما يُحيُّونَكَ ، فإنها تحيَّتُك وتحية ذرِّيِتك ، فقال : السلامُ عليكم ، فقالوا: السلامُ عليكَ ورَحمةُ اللّه ، فزادوه ورحمة اللّه ، فكلُّ من يَدخلُ الجنةَ على صورةِ آدم، فلم يزل الخلقُ يَنقصُ بعدُ حتى الآن ) ، فالانسان يوم القيامة على صورة آدم طوله ستون زراعا ومن أجل ذلك فإن مداركه وحواسه تتغير بالكيفية التي تناسب أمور الآخرة .
فإذا قال رسول الله صلي الله عليه وسلم كما ثبت عند البخاري : ( إنكم سترون ربكم عيانا ) أو ( إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته ) ، علمنا أن إدرك العين المبصرة في الدنيا ، تختلف عن إدراك العين المبصرة في الآخرة .
من أجل ذلك وجب الإيمان بالرؤية في الآخرة والتسليم بذلك لموافقته للعقل الصريح والنقل الصحيح ، وكذلك الحال في بقية الصفات ، نؤمن بها ونثبتها لله دون سؤال عن الكيفية ، لكن الجهم بن صفوان بهذا الفكر العقلي الخبيث الذي زعم به أن الله حل في مخلوقاته وهو بذاته في كل مكان نظر في كتاب الله ، فما ظن أنه يوافق مذهبه من النصوص احتج بها ، وما ظن أنه يخالف مذهبه من النصوص أنكرها وعطلها عن مدلولها ، فوجد قوله تعالى : } ليْسَ كَمِثْلهِ شيء { (الشورى:11) وقوله تعالى : } وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنتُمْ { (الحديد:4) وقوله تعالى : } لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ اْلأبْصَارَ { (الأنعام:13) فبني عليها القول بالحلول ونفيه لصفات الله والتكذيب بها .
ووجد قوله تعالى : } الرحمن على العرش استوي { ،} سَأَل سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ مِنْ اللهِ ذِي المَعَارِجِ تَعْرُجُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِليْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلفَ سَنَةٍ { ، } قُل لوْ كَانَ مَعَهُ آلهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لابْتَغَوْا إلي ذِي العَرْشِ سَبِيلا { ، } الذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ للذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُل شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلمًا فَاغْفِرْ للذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الجَحِيمِ { .
ماذا صنع الجهم بهذه النصوص ؟ اسمعوا : قال أبو نعيم البلخي وكان قد أدرك جهما : كان للجهم صاحب يكرمه ويقدمه على غيره فإذا هو قد هجره وخاصمه ، فقلت له : لقد كان يكرمك ، فقال : إنه جاء منه ما لا يتحمل بينما هو يقرأ سورة طه والمصحف في حجره إذ أتي على هذه الآية : } الرحمن على العرش استوي { ، قال : لو وجدت السبيل إلي أن أحكها من المصحف لفعلت فاحتملت هذه ، ثم إنه بينما يقرأ آية أخرى إذ قال : ما أظرف محمدا حين قالها ثم بينما هو يقرأ القصص والمصحف في حجره إذ مر بذكر موسي عليه السلام فدفع المصحف بيديه ورجليه ، وقال : أي شيء هذا ؟ ذكره هنا فلم يتم ذكره وذكره هنا فلم يتم ذكره .
هذا هو المنهج الذي اتبعته المعطلة إلي يومنا هذا ، أتباع الجهمية من المعتَزِلة والأشعرية وسائر المتكلمين أصحاب المدرسة العقلية ، تسمع أحد المشايخ الكبار جدا يقول لك أنا أفتخر أنني من أصحاب المدرسة العقلية ، هذا هو المنهج الذي يدرس في أغلب البلاد الإسلامية ، منهج أتباع الجهمية