عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 25-12-2009, 05:26 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

زعم الجهم بن صفوان أن من وصف الله بشيء مما وصف به نفسه في كتابه أو في سنة رسوله صلي الله عليه وسلم فهو مشبه ، وأن التوحيد يكمن في نفي هذه الصفات متمسكا بزعمه بقول الله تعالى : } ليْسَ كَمِثْلهِ شيء {سواء كان النفي نفيا واضحا أو كان بتأويل القرآن على غير معناه ولي أعناق النصوص بغير ما تحتمل .
فالجهم بن صفوان زعم أن الله في كل مكان ، كما أن الروح في الجسد ، وهذا كلام باطل من جميع الوجوه لأن الله سبحانه وتعالي لا يحل في مخلوقاته ، فقد ثبت أنه بذاته ، في السماء فوق العرش وعرشه فوق الماء ، والماء فوق السماء السابعة ، وهو سبحانه تعالى العلى في سمائه ، يدبر أمر مخلوقاته ويعلم ما هم عليه .
قال أبو عمر الطلمنكي : أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معني قوله تعالى : } وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنتُمْ { الحديد:4 ونحو ذلك من القرآن أنه علمه ، وأن الله تعالى فوق السماوات بذاته مستو على عرشه كيف شاء ، وقال أهل السنة في قوله : } الرَّحْمَنُ على العَرْشِ اسْتَوَي { : إن الاستواء من الله على عرشه على الحقيقة لا على المجاز ) .
وقال أبو زرعة الرازى : إن الله عز وجل على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان رسول الله صلي الله عليه وسلم بلا كيف أحاط بكل شيء علما ، وإنه تبارك وتعالي يري في الآخرة يراه أهل الجنة بأبصارهم ويسمعون كلامه كيف شاء وكما شاء .
وقال أبو نعيم الأصبهاني : طريقتنا طريقة المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة ، ثم قال : فما اعتقدوه أن الأحاديث التي ثبتت عن النبي صلي الله عليه وسلم في العرش واستواء الله يقولون بها ويثبتونها من غير تمثيل ولا تشبيه ولا تكييف وأن الله بائن من خلقه والخلق بائنون منه ولا يحل فيهم ولا يمتزج بهم ، وهو مستو على عرشه في سمائه دون أرضه وخلقه ، وقال أيضا : وأجمعوا أن الله فوق سماواته عال على عرشه مستو عليه لا مستول عليه كما تقول الجهمية أنه بكل مكان خلافا لما نزل في كتابه ، قال تعالى : } أَأَمِنتُمْ مَنْ في السَّمَاءِ { ، وقال تعالى أيضا : } إِليْهِ يَصْعَدُ الكَلمُ الطَّيِّبُ { ، وقال تعالى : } الرَّحْمَنُ على العَرْشِ اسْتَوَي { .
وقال أبو الحسن الأشعري في كتابه الإبانة عن أصول الديانة الذي نصر فيه أهل السنة والجماعة عند قوله تعالى :
( أَأَمِنتُمْ مَنْ في السَّمَاءِ ) قال : السماوات فوقها العرش ولما كان العرش فوق السماوات قال أأمنتم من في السماء لأنه على العرش الذي فوق السماوات وكل ما علا فهو سماء والعرش أعلى السماوات ، وليس إذا قال : أأمنتم من في السماء يعني جميع السماوات وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السماوات .
وقال يحي بن معاذ الرازى : إن الله على العرش بائن من خلقه قد أحاط بكل شيء علما وأحصي كل شيء عددا لا يشك في هذه المقالة إلا جهمي رديء أو هالك مرتاب يمزج الله بخلقه ويخلط منه الذات بالأقذار والأنتان .
وقد أضل الجهم بن صفوان خلقا كثيرا وتبعه على قوله رجل يقال له واصل بن عطاء ، ورجل آخر يقال له عمرو بن عبيد وإليهما ينسب مذهب المعتزلة ، فما هي قصة المعتزلة ؟ كيف نشأت وما هي أصولهم ؟ وكيف دعوا الناس إلي القول بخلق القرآن ؟ وكيف امتحنوا إمام أهل السنة وقتلوا آلافا من أهل الإيمان ؟ بإذن الله تعالى سوف نتحدث عن ذلك في المحاضرة القادمة ، والسلام عليكم ورحمة الله بركاته .

فضيلة الشيخ محمود عبد الرازق الرضواني - استاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة