عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 26-12-2009, 04:55 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 23
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

الفصل الثاني
الفضائيات الإخبارية والمذهبية
*************************************
الفضائيات الإخبارية هي التي يغلب عليها الطابع الإخباري في برامجها وهذه الفضائيات غالبا ما تقدم نفسها على أنها فضائيات نزيهة محايدة ، أو ليس لها مصلحة مع طرف في نزاعه الآخر ، وأنها تعطي كل طرف فرصة إبداء الرأي وتوضيح وجهة النظر دون انحياز أو تمييز بغض النظر عن توجهاته الفكرية حتى لو كان ضيفها هو رأس اليهودية ، ولا بد أن نشير إلى طرف من إيجابيات تلك الفضائيات قبل أن نبين كيف يتسلل منها الغزو الفكري للعالم الإسلامي ([1]) .
·إيجابيات القنوات الإخبارية :
لم تتواجد هذه الفضائيات إلا من وقت قريب ، ولم يكن آنذاك في البلاد العربية إلا القنوات المحلية التي لم تكن معنية بصورة أساسية إلا بأخبار القادة في كل قطر ، فلما تطورت وسائل الإعلام وأدت إلى سرعة تداول المعلومات والآراء انقلبت الأوضاع رأسا على عقب وأحدثت هزة كبيرة في البلاد العربية وجعلتها مصدرا للقلق والخوف والإزعاج لعدد كبير من النظم الحاكمة .
وقد كان مجرد نشر مقال ينتقد أوضاعا هنا أو بث برنامج مرئي يكشف نقصا هناك يعني التعرض لبلاء يصعب تحمله ، لقد خرجت هذه الفضائيات عن دوائر التأثير الحكومي والسيطرة الرسمية فوسائل الإعلام العربية المؤممة والمملوكة للحكومات العربية أو المسئولين فيها أو لوكلائهم ظهرت عاجزة أمام فضائيات ذات تأثير خارج عن النطاق المعمول به لدى هؤلاء ، وأصبحت متنفسا للمغيبين عن عمد من قبلهم ، وأصبح تأثيرها الجمهوري ملحوظا على صفحاتها وفي برامجها .
هذا بجانب إتاحة الفرصة أمام مفكرين وكتاب وأصحاب رأي ممن ضاقت بهم أجهزة الإعلام الرسمية لطرح أرائهم وأفكارهم دون وصاية أو ضغط ، وإن كان الأمر لم يخل من تدخل هذه الجهة أو تلك ، إلا أن الظاهرة في مجملها واجهت هيمنة على أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة استمرت لعقود وكانت ذات تأثير كبير على الرأي العام .
وقد تنامى تأثير هذه الفضائيات بفعل الحرب الأمريكية في أفغانستان ثم احتلال العراق وحرب الإبادة الجارية للمسلمين في فلسطين ، وهذا يفسر العلة في أن هذا النوع الجديد من أجهزة الإعلام بدأ يكشف جوانب لم تكن معروفة من قبل ، وصار له دور في تحديد درجة الشفافية ومستواها ويتحدث بلغة كانت غائبة بشكل أدى إلى تراجع تأثير خطاب المديح التقليدي المنفر وانهيار منطق مداحي الملوك والسلاطين وأصحاب الفخامة ، وهذا بشر ببزوغ عصر تتلاشى فيه الهالة القدسية التي يحاط بها كل مسئول ([2]) .
·الغزو الفكري والقنوات الإخبارية :
تحتوي القنوات الإخبارية على سلبيات وثغرات تحقق ما يصبوا إليه الغرب في صراعه مع الإسلام ويمكن عرض أبرزها في النقاط التالية :
1- تعميق الهوة بين الحاكم والمحكوم ، فليس معنى التعبير عن الآراء وحرية الكلمة في هذه الفضائيات إحداث انقلابات ومنازعات في البلاد الإسلامية تؤدي إلى الفتك بالمسلمين المستضعفين واستجلاب قوى الغرب للدفاع عن الحكام ضد المحكومين فإن هذا مراد المتربصين من الغربيين وأساس تخطيطهم للوقيعة بالأمة .
2- في خضم الإعجاب بجرة الفضائيات وما تحدثه من تأثيرات فعاله في الواقع ، فإنها تقدم برامج لا تعبر عن هموم الفرد والأمة ، بل إن هذه البرامج تصب في واد وهموم الفرد والأمة في واد بعيد ، وكذلك احتوائها على برامج تبيح الشرعية للسفور والرضا بوضع السافرات من خلال المذيعات اللاتي يقدمن البرامج ونشرات الأخبار ، فقضية الحجاب لا محل لها عندهم والسعي لطاعة الله لا مجال له في فهمهم ، فهذه القنوات ما زالت تسير في صمت وفق استراتيجية شاملة وحاسمة تسعى إلى تغريب المواطن العربي المسلم ، وإشباعه بسلوكيات الغرب ومناهجهم ، والدعوة إلى الإعجاب بخوارقهم حتى يصبح مسخا كما أراد له الواقفون خلف أسلحة الغزو الفكري .
3- تقديم الفضائيات الإخبارية لمتحدثين إسرائيليين واستضافتهم لأكبر رجال دولتهم مع هالة من الاحترام تعطي انطباعا لدى المشاهد على أنه يمثل صورة حضارية وأن كيانه مشروع ، وهو في حقيقته محتل غاصب قاتل للمواطن العربي المسلم ، ففي دعوته للقنوات الإخبارية دعوة ضمنية لقبوله والتطبيع معه وتسهيل دخوله على قلوب المسلمين وإذهاب غيرتهم على أرضهم وعقيدتهم ، فالمتحدثالإسرائيلي يتم تقديمه أنيقا لبقا بلغة عربية غير هجينة ، وليس كما هو الحال في تقدم وسائل إعلامهم للمسلمين في كل مكان كقتلة وإرهابيين ومتخلفين متطرفين فنحن ما رأينا وما سمعنا أنهم استضافوا فلسطينيا أو عربيا أو مسلما ملتزما بدينه على شاشة دولة إسرائيل أو فضائياتها أو إذاعاتها أو أذرعها الإعلامية يقدم كما يقدم الإسرائيلي على قنواتنا الفضائية .
4- البرامج المفتوحة للحوار كالاتجاه المعاكس وما يدار في حوار العربية والمستقلة وغير ذلك على الصور الحالية من أكبر الأخطار التي تفعل ما لا يفعله جند مسلحين بأنكى أسلحة الغزو الفكري ، فربما تستضيف قناة الجزيرة علمانيا حاقدا على الإسلام أو حداثيا كارها للالتزام ليقابل داعيا إسلاميا أو مفكرا تقيا ، وبإخطاء فادحة من المحاور يبدو للنظر أن العلماني متفوق في فكره على الإسلامي ، والشيعي أصدق من السني ، والنصر الذي يحققه الحزب الفلاني فهو بفضل إيمانه بالمذهب الشيعي أو الفكر الماركسي أو الرأسمالي .
5- في خضم تفاعل المسلم مع البرامج المثيرة وانجذابه إلى جوهر الموضوع وإحساسه بأهمية المتابعة خصوصا إذا كانت الشخصيات البارزة في البرنامج لهم ثقل إسلامي أو انتشار ثقافي يهم المسلمين ، يشير مقدم البرنامج فجأة إلى فاصل إعلاني ، ثم يتابع بعده الموضوع ويذهل المشاهد الذي يخاف الله مما يراه في الإعلانات التجارية من خلاعة نسائية وانحلال أخلاقي وعرض المرأة بصورة كاسية عارية عليها بصمة الشيطان وكأن القناة ما أصبحت إخبارية بل انحلالية غربية ، والمشاهد في حيرة أيغلق التلفاز حتى تنتهي الإعلانات أم يغمض عينه ويغلق سمعه حتى يواصل المتابعة ، أمران متناقضان وضدان لا يجتمعان وقع فيهما المشاهد المحافظ على أوامر الله ، وهنا يكمن الغزو فمع مرور الزمن في بقاء القنوات الفضائية الإخبارية على هذا الحال يصبح الأمر مألوفا لطبقة المحافظين على إسلامهم ، فإما يتقبلوا هذا الوضع المتناقض الذي يسخط الله ولا يرضاه وإما يوصفون بأنهم متشددون متعصبون وسيظلوا متخلفين مع من ينادي بتحريم كل شيء .

(1)مثال ذلك : قناة الجزيرة القطرية ، ومنافستها قناة العربية ، وقناة ENN ، وقناة العالم الإيرانية ، وقناة المستقلة ، والنيل للأخبار ، وقناةNILSAT ، وقناة دبى الإخبارية ، وقناة دبى الاقتصادية ، وجانب من قناة أبى ظبى ، وقناة CNBC ARAB ، وقناة الإخبارية ، وغير ذلك من الفضائيات المشابهة ، انظر المزيد عن هذه القنوات فى ملحق مجلة الأهرام العربى العدد 17، بتاريخ 27/72002 ، ص30 وما بعدها .

(1)دياب : محمد عبد الحكم ، مقال بعنوان : أكاذيب إعلامية لنشر ثقافة العجز وتجريم المقاومة ، انظر بتصرف : http://alarabnews.com/alshaab/GIF/12.htm