
27-12-2009, 03:33 PM
|
 |
نـجــم الـعـطــاء
|
|
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
|
|
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
يقول أبو الحسن الأشعري في كتابه الإبانة عن أصول الديانة : الحمد لله الواحد الأحد ، العزيز الماجد ، المتفرد بالتوحيد ، والمنفرد بالتمجيد ، الذي لا تبلغه صفات العبيد ، ليس له مثل ولا نديد ، وهو المبدئ المعيد ، الفعال لما يريد جل عن اتخاذ الصواحب والأولاد ، وتقدس عن ملابسة الأجناس والأرجاس ، ليست له عثرة تقال ، ولا حد يضرب له مثال ، لم يزل بصفاته أولا قديرا ، ولا يزال عالما خبيرا ، استوفي الأشياء علمُه ، ونفذت فيها إرادته ، فلم تعزب عليه خفيات الأمور ، ولم تغيره سوالف صروف الدهور ، ولم يلحقه في خلق شيء مما خلق كلل ولا تعب ، ولا مسه لغوب ولا نصب .
خلق الأشياء بقدرته ، ودبرها بمشيئته ، وقهرها بجبروته ، وذللها بعزته ، فذل لعظمته المتكبرون ، واستكان لعز ربوبيته المتعظمون ، وانقطع دون الرسوخ في علمه العالمون ، وذلت له الرقاب ، وحارت في ملكوته فطن ذوى الألباب ، وقامت بكلمته السماوات السبع ، واستقرت الأرض المهاد ، وثبتت الجبال الرواسي ، وجرت الرياح اللواقح ، وسار في جو السماء السحاب ، وقامت على حدودها البحار ، وهو الله الواحد القهار ، فنحمده كما حمد نفسه ، وكما هو أهله ومستحقه ، وكما حمده الحامدون من جميع خلقه ، ونستعينه استعانة من فوض الأمر إليه ، وأقر أنه لا منجى ولا ملجأ إلا إليه ، ونستغفره استغفار مقر بذنبه ، معترف بخطيئته ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقرارا بوحدانيته ، وإخلاصا لربوبيته ، وأنه العالم بما تظن الضمائر ، وتنطوي عليه السرائر ، وما تخفيه النفوس ، وما تجن البحار ، وما تواريه الأسراب ، ( وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ) (الرعد:8) ، لا تتوارى عنه كلمة ، ولا تغيب عنه غائبة ، ( وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)(الأنعام: من الآية59) ، ويعلم ما يعمل العاملون وما ينقلب إليه المنقلبون ، ونستهديه بالهدى ، ونسأله التوفيق لمجانبة الردى .
ونشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله ، ونبيه وأمينه وصفيه ، أرسله إلى خلقه بالنور الساطع ، والسراج اللامع ، والحجج الظاهرة ، والبراهين والآيات الباهرة ، والأعاجيب القاهرة ، فبلّغ رسالة ربه ، ونصح لأمته ، وجاهد في الله حق جهاده ، حتى تمت كلمة الله عز وجل ، وظهر أمره ، وانقاد الناس إلى الحق خاضعين ، حتى أتاه اليقين ، لا وانيا ولا مقصرا ، فصلوات الله عليه من قائد إلى هدى مبين ، وعلى أهل بيته الطيبين ، وعلى أصحابه المنتخبين ، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين ، عرَّفنا الله به الشرائع والأحكام ، والحلال والحرام ، وبيَّن لنا به شريعة الإسلام ، حتى انجلت عنا طخياء الظلام ، وانحسرت عنا به الشبهات ، وانكشفت عنا به الغيابات ، وظهرت لنا به البينات .
أحبتي في الله من الدعاة وطلاب العلم ، وكل من يبتغى منهج الحق وحقيقة الأمر ، لا زلنا نقارن بين عقيدة الأشعري وعقيدة الأشعرية ، بين ما كان عليه أبو الحسن الأشعري ، والمنسبون لمذهبه من الخلف الأشعرية ، لنين للناس أن ما يدرس في المعاهد والجامعات الأزهرية ، وغيرها من المؤسسات التعليمية في سائر البلاد الإسلامية ، يختلف تماما عن العقيدة السلفية التي عليها الإمام أبو الحسن الأشعري ، يقول أبو الحسن الأشعري في كتابه الإبانة عن أصول الديانة :
( وجاءنا بكتاب عزيز ( لا يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42) جمع فيه علم الأولين والآخرين ، وأكمل به الفرائض والدين ، فهو صراط الله المستقيم ، وحبل الله المتين ، فمن تمسك به نجا ، ومن خالفه ضل وغوى ، وفي الجهل تردى ، وحثنا الله في كتابه على التمسك بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقال عز وجل : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (الحشر: من الآية7) وقال عز وجل : ( فَليَحْذَرِ الذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (النور:63) ، وقال تعالى : ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) (النساء: من الآية83) ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ) (النساء: من الآية59) .
ويقول عن كتاب الله وسنة رسوله : ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ) (لنجم:4) ، وقال تعالى : ( قُل مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى ) (يونس: من الآية15) وقال : ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ) (النور:51) فأمرهم أن يسمعوا قوله ، ويطيعوا أمره ، ويحذروا مخالفته ) .
ثم يمهد الأشعري لوصف المنهج الاعتزالي ، وما ارتكبته المعتزلة من مخالفات ، وتطاول على النقل والآيات ، وتأخير الأدلة القرآنية والأحاديث النبوية ، فيقول : ( فأمرهم أن يسمعوا قوله ، ويطيعوا أمره ، ويحذروا مخالفته وقال : ( وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) (المائدة: من الآية92) فأمرهم بطاعة رسوله كما أمرهم بطاعته ، ودعاهم إلى التمسك بسنة نبيه كما أمرهم بالعمل بكتابه ، فنبذ كثير ممن غلبت عليهم شقوته ، واستحوذ عليهم الشيطان ، سنن نبي الله صلى الله عليه وسلم وراء ظهورهم ، ومالوا إلى أسلاف لهم قلدوهم دينهم ، ودانوا بديانتهم ، وأبطلوا سنن نبي الله عليه الصلاة والسلام ، ودفعوها وأنكروها وجحدوها افتراء منهم على الله ، ( قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِين ) .
أوصيكم عباد الله بتقوى الله ، وأحذركم الدنيا ، فإنها حلوة خضرة ، تغر أهلها وتخدع سكَّانها قال تعالى : ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ ) (الكهف: من الآية45) ، من كان فيها في حيرة أعقبته بعدها عبرة ، ومن أعطته من سرائها بطنا ، أعقبته من ضرائها ظهرا ، غرارة غرور ما فيها ، فانية فَانٍ ما فيها ، كما في قوله تعالى : ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ) (الرحمن:26) ، فاعملوا رحمكم الله للحياة الدائمة ، ولخلود الأبد ، فإن الدنيا تنقضي على أهلها ، وتبقى الأعمال قلائد في رقاب أهلها ، واعلموا أنكم ميتون ، ثم إنكم من بعد موتكم إلى ربكم راجعون ، ( يَجْزِيَ الذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الذِينَ أَحْسَنُوا بِالحُسْنَى )(النجم: من الآية31) فكونوا بطاعة ربكم عاملين ، وعما نهاكم منتهين ) .
هذه مقدمة الأشعري في كتابه الإبانة عن أصول الديانة ، انظروا كيف بدأ حملته على المنهج العقلي والعقل الاعتزالي فيقول : ( أما بعد : فإن كثيرا من الزائغين عن الحق ، من المعتزلة وأهل القدر ، مالت بهم أهواؤهم إلى تقليد رؤسائهم ، ومن مضى من أسلافهم ، فتأولوا القرآن على آرائهم تأويلا لم ينزل به الله سلطانا ، ولا أوضح به برهانا ، ولا نقلوه عن رسول رب العالمين ، ولا عن السلف المتقدمين ، وخالفوا روايات الصحابة رضي الله عنهم ، عن نبي الله صلى الله عليه وسلم ، في رؤية الله عز وجل بالأبصار .
وقد جاءت في ذلك الروايات من الجهات المختلفات ، وتواترت بها الآثار ، وتتابعت بها الأخبار ، وأنكروا شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم للمذنبين ، ودفعوا الروايات في ذلك عن السلف المتقدمين ، وجحدوا عذاب القبر ، وأن الكفار في قبورهم يعذبون ، وقد أجمع على ذلك الصحابة والتابعون ، رضي الله عنهم أجمعين ، ودانوا بخلق القرآن نظيرا لقول إخوانهم من المشركين ، الذين قالوا : ( إن هذا إلا قول البشر ) وأثبتوا أن العباد يخلقون الشر ، نظيرا لقول المجوس الذين أثبتوا خالقين :أحدهما الخير ، والآخر يخلق الشر ، وزعمت القدرية أن الله تعالى يخلق الخير ، والشيطان يخلق الشر ، وزعموا أن الله تعالى يشاء ما لا يكون ، ويكون ما لا يشاء ، خلافا لما أجمع عليه المسلمون من أن ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وردا لقول الله تعالى : ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله ) فأخبر تعالى أنا لا نشاء شيئا إلا وقد شاء الله أن نشاءه ، ولقوله : (ولو شاء الله ما اقتتلوا) ، ولقوله تعالى : ( ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ) ، ولقوله تعالى : ( فعال لما يريد ) ، لقوله تعالى مخبرا عن نبيه شعيب صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا ، وسع ربنا كل شيء علما) ، ولهذا سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مجوس هذه الأمة ، لأنهم دانوا بديانة المجوس ، وضاهوا أقاويلهم ، وزعموا أن للخير والشر خالقين ، كما زعمت المجوس ذلك ، وأنه يكون من الشرور ما لا يشاء الله كما قالت المجوس .
ويقول أيضا : ( ودفعوا أن يكون لله وجه مع قوله عز وجل : ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) وأنكروا أن يكون له يدان مع قوله سبحانه : ( لما خلقت بيدي ) ، وأنكروا أن يكون له عينان مع قوله سبحانه : ( تجري بأعيننا ) ، وقوله : ( ولتصنع على عين ي) ، وأنكروا أن يكون له سبحانه علم مع قوله : ( أنزله بعلمه ) ، وأنكروا أن يكون له قوة مع قوله سبحانه : ( ذو القوة المتين ) ، ونفوا ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أن الله عز وجل ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا ) وغير ذلك مما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك جميع أهل البدع )
يقول أبو الحسن الأشعري : ( فصل في إبانة قول أهل الحق والسنة ، فإن قال لنا قائل : قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافعة والمرجئة ، فعرفونا قولكم الذي به تقولون ، وديانتكم التي بها تدينون ، قيل له : قولنا الذي نقول به ، وديانتنا التي ندين بها ، التمسك بكتاب الله ربنا عز وجل ، وبسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وما روى عن السادة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ، ونحن بذلك معتصمون ، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل - نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته - قائلون ، ولما خالف قوله مخالفون ، لأنه الإمام الفاضل ، والرئيس الكامل ، الذي أبان الله به الحق ، ودفع به الضلال ، وأوضح به المنهاج ، وقمع به بدع المبتدعين ، وزيع الزائغين ، وشك الشاكين ، فرحمة الله عليه من إمام مقدم ، وجليل معظم ، وكبير مفهم ، وجملة قولنا : أنا نقر بالله وملائكته وكتبه ورسله ، وبما جاءوا به من عند الله ، وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا نرد من ذلك شيئا ، وأن الله عز وجل إله واحد لا إله إلا هو ، فرد صمد ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق .
وأن الجنة والنار حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، وأن الله تعالى استوى على العرش على الوجه الذي قاله ، وبالمعنى الذي أراده ، استواء منزها عن المماسة والاستقرار والتمكن والحلول والانتقال ، لا يحمله العرش ، بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته ، ومقهورون في قبضته ، وهو فوق العرش ، وفوق كل شيء ، إلى تخوم الثرى ، فوقية لا تزيده قربا إلى العرش والسماء ، بل هو رفيع الدرجات عن العرش ، كما أنه رفيع الدرجات عن الثرى ، وهو مع ذلك قريب من كل موجود ، وهو أقرب إلى العبد من حبل الوريد ، وهو على كل شيء شهيد ، وأن له سبحانه وجها بلا كيف ، كما قال : ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) وأن له سبحانه يدين بلا كيف ، كما قال سبحانه : ( خلقت بيدي ) ، وكما قال : ( بل يداه مبسوطتان ) ، وأن له سبحانه عينين بلا كيف ، كما قال سبحانه : ( تجري بأعيننا ) وأن من زعم أن أسماء الله غيره كان ضالا ، وأن لله علما كما قال : ( أنزله بعلمه ) ، وكما قال : ( وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ) ونثبت لله السمع والبصر ، ولا ننفي ذلك كما نفته المعتزلة والجهمية والخوارج ، ونثبت أن لله قوة ، كما قال : ( أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة ) .
ونقول : ( إن كلام الله غير مخلوق ، وأنه سبحانه لم يخلق شيئا إلا وقد قال له كن ، كما قال : ( إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ) وأنه لا يكون في الأرض شيء من خير أو شر إلا ما شاء الله ، وأن الأشياء تكون بمشيئة الله عز وجل )
ويقول أيضا في مجمل عقيدته : ( ونقول : إن كلام الله غير مخلوق ، وأن من قال بخلق القرآن فهو كافر ، وندين بأن الله يُرى في الآخرة بالأبصار ، كما يُرى القمر ليلة البدر ، يراه المؤمنون كما جاءت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونقول : إن الكافرين محجوبون عنه إذا رآه المؤمنون في الجنة ، كما قال سبحانه : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) ، وإن موسى صلى الله عليه وسلم سأل الله عز وجل الرؤية في الدنيا ، وأن الله تعالى تجلى للجبل فجعله دكا ، فأعلم بذلك موسى أنه لا يراه في الدنيا .
وندين بأن لا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب يرتكبه ما لم يستحله ، كالزنا والسرقة وشرب الخمر ، كما دانت بذلك الخوارج ، وزعمت أنهم كافرون ، ونقول : إن من عمل كبيرة من هذه الكبائر مثل الزنا والسرقة وما أشبهها مستحلا لها ، غير معتقد لتحريمها كان كافرا ، ونقول : إن الإسلام أوسع من الإيمان ، وليس كل إسلام إيمانا .
وندين الله عز وجل بأنه يقلب القلوب بين أصبعين من أصابعه ، وأنه سبحانه يضع السماوات على أصبع ، والأرضين على أصبع ، كما جاءت الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تكييف ، وندين بأن لا ننزل أحدا من أهل التوحيد والمتمسكين بالإيمان جنة ولا نارا ، إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة ، ونرجو الجنة للمذنبين ونخاف عليهم أن يكونوا بالنار معذبين أجارنا الله منها بشفاعة سيدنا وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ونقول : ( إن الله عز وجل يخرج قوما من النار بعد أن امتحشوا بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تصديقا لما جاءت به الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونؤمن بعذاب القبر وبالحوض ، وأن الميزان حق ، والصراط حق ، والبعث بعد الموت حق ، وأن الله عز وجل يوقف العباد في الموقف ، ويحاسب المؤمنين ، وأن الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص ، ونسلم الروايات الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي رواها الثقات عدل عن عدل ، حتى تنتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وندين بحب السلف الذين اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونثني عليهم بما أثنى الله به عليهم ، ونتولاهم أجمعين )
ونقول : إن الإمام الفاضل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وأن الله سبحانه وتعالى أعز به الدين ، وأظهره على المرتدين ، وقدمه المسلمون بالإمامة ، كما قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة ، وسموه بأجمعهم خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وأن الذين قتلوه قتلوه ظلما وعدوانا ، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فهؤلاء الأئمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخلافتهم خلافة النبوة ، ونشهد بالجنة للعشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بها ونتولى سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونكف عما شجر بينهم ، وندين بأن الأئمة الأربعة خلفاء راشدون ، مهديون فضلاء ، لا يوازنهم في الفضل غيرهم .
ونصدق بجميع الروايات التي يثبتها أهل النقل عن النزول إلى سماء الدنيا ، وأن الرب عز وجل يقول : (هل من سائل هل من مستغفر) ، وسائر ما نقلوه وأثبتوه خلافا لما قاله أهل الزيغ والتضليل ، ونعوِّل فيما اختلفنا فيه على كتاب ربنا عز وجل ، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ، وإجماع المسلمين ، وما كان في معناه ، ولا نبتدع في دين الله ما لم يأذن لنا ، ولا نقول على الله مالا نعلم ، ونقول : إن الله عز وجل يجيء يوم القيامة ، كما قال سبحانه : ( وجاء ربك والملك صفا صفا ) وأن الله يقرب من عباده ، كيف شاء بلا كيف ، كما قال تعالى : ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) ، وكما قال سبحانه : (ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى) .
ومن ديننا أن نصلي الجمعة والأعياد ، وسائر الصلوات والجماعات خلف كل بر وفاجر ، كما روى أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم كان يصلي خلف الحجاج ، وأن المسح على الخفين سنة في الحضر والسفر ، خلافا لقول من أنكر ذلك ، ونرى الدعاء لأئمة المسلمين بالصلاح والإقرار بإمامتهم ، وتضليل من رأي الخروج عليهم إذا ظهر منهم ترك الاستقامة ، وندين بإنكار الخروج بالسيف ، وترك القتال في الفتنة ، ونقر بخروج الدجال - أعاذنا الله من فتنته - كما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ونؤمن بعذاب القبر ، ومنكر ونكير عليهما الصلاة والسلام ، ومساءلتهما المدفونين في القبور ، ونصدق بحديث المعراج ، وتصحيح كثير من الرؤيا في المنام ، ونقر أن لذلك تفسيرا ، ونرى الصدقة على موتى المسلمين ، والدعاء لهم ، ونؤمن بأن الله ينفعهم بذلك ، ونصدق بأن في الدنيا سحرة وسحرا ، وأن السحر كائن موجود في الدنيا ، وندين بالصلاة على من مات من أهل القبلة ، برهم وفاجرهم ، وتوارثهم ، ونقر أن الجنة والنار مخلوقتان ، وأن من مات وقتل فبأجله مات وقتل ، وأن الأرزاق من قبل الله سبحانه ، يرزقها عباده حلالا وحراما ، وأن الشيطان يوسوس الإنسان ، ويشككه ويخبطه ، خلافا للمعتزلة والجهمية ، كما قال تعالى :
( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ) ، وكما قال : ( من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس ) ، ونقول : إن الصالحين يجوز أن يخصهم الله تعالى بآيات يظهرها عليهم ، وقولنا في أطفال المشركين أن الله تعالى يؤجج لهم في الآخرة نارا ، ثم يقول لهم اقتحموها ، كما جاءت بذلك الرواية ، وندين الله عز وجل بأنه يعلم ما العباد عاملون ، وإلى ما هم صائرون ، وما كان وما يكون ، وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون ، وبطاعة الأئمة ونصيحة المسلمين ، ونرى مفارقة كل داعية إلى بدعة ، ومجانبة أهل الأهواء ، وسنحتج لما ذكرناه من قولنا ، وما بقى منه مما لم نذكره بابا بابا ، وشيئا شيئا إن شاء الله عز وجل ) ، ونحن معه إن شاء الله .
هل الأشعري يدين لله في مسألة الاستواء بما يدين به الأشعري ؟ نجيب عن هذا في المحاضرة القادمة ، ( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيما ً) (الأحزاب:56) فاللهم صلى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
|