عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 30-12-2009, 01:17 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 23
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

وقد كانت الإجابة في الغالب وحالي حال الكثيرين في إجاباتهم الاعتماد إجمالا على ذكر منهج أهل السنة والجماعة في موضوع الأسماء الحسنى، أو ما تيسر من اجتهاد جزئي لمن سبق من العلماء في رد اسم أو إثباته، أو الاكتفاء بما ورد من الأسماء في الروايات المدرجة مع التنبيه على أن سرد الأسماء فيها ليس من كلام النبي صلي الله عليه وسلم ولكنه اجتهاد شخصي من قبل الرواة، كما أنها روايات مختلفة ومضطربة .
لكن بعد استخدام البحث الحاسوبي واستقصاء أدلة الكتاب والسنة تبين أن هذه الأسماء جميعها ليست من الأسماء الحسنى لأن الله عز وجل لم يسم نفسه بها، وكذلك لم ترد في صحيح السنة، فالمعز المذل اسمان لهما شهرة واسعة، وهما وإن كان معناهما صحيحا لكنهما لم يردا اسمين لله عز وجل في القرآن أو السنة، وإنما سماه بهما الوليد بن مسلم ضمن ما أدرجه باجتهاده في الحديث الذي رواه عنه الترمذي، وكذلك عبد الملك الصنعاني ضمن ما أدرجه في رواية ابن ماجة، حيث اشتق كل منهما هذين الاسمين من فعلين وردا في قوله تعالى: } قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ { [آل عمران:26] .
والله عز وجل أخبر في الآية أنه يؤتي ويشاء وينزع ويعز ويذل، ولم يذكر في الآية بعد مالك الملك واسمه القدير سوى صفات الأفعال، فالذين سموا الله عز وجل المعز المذل اشتقوا له اسمين من فعلين، وتركوا على قياسهم ثلاثة أسماء أخرى، فيلزمهم تسمية الله جل جلاله بالمشيء والمؤتي والمنزع طالما أن المرجعية في علمية الاسم إلى القياس والرأي والاشتقاق دون التتبع والجمع والإحصاء .
وكذلك المبدِيء المعِيد اسمان لا دليل على ثبوتهما، ولم يردا في كتاب الله أو في سنة رسوله صلي الله عليه وسلم اسمين لله جل جلاله، ولكن وردا فعلين في مواضع كثيرة، كقوله تعالى: } قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ { [يونس:34]، وقوله: } إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ { [البروج:13]، فاستند من سمى الله بهذين الاسمين إلى مجرد اجتهاده في الاشتقاق من الفعلين فقط، وهذا ليس من حق أحد إلا ما ورد النص بذكر الاسم .
وتسمية الله بالخافض يلزمها الدليل أيضا؛ فالاسم لم يرد في القرآن أو السنة وإنما ورد الفعل يخفض عند مسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ( إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَل لاَ يَنَامُ وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ) ([1])، ولا يجوز لنا أن نشتق لله من كل فعل اسما ولم يخولنا الله في ذلك قط، وإنما أمرنا سبحانه بإحصاء أسمائه وجمعها من الكتاب والسنة ثم دعاؤه بها، فدورنا حيال الأسماء الحسنى الإحصاء والدعاء وليس الاشتقاق والإنشاء .
ولو أصر أحد على تسمية الله جل جلاله بالمعز المذل المبديء المعيد الخافض وأجاز لنفسه ذلك فيلزمه قياسا تسميته البناء لأنه بنى السماء فقال: } أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا { [النازعات:27]، والساقي لأنه سقى أهل الجنة شرابا طهورا فقال: } وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً { [الإنسان:21]، والمدمر لأنه دمر على الكافرين فقال: } دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا { [محمد:10]، والطامس لأنه طمس على أعينهم فقال: } وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ { [يس:66]، والماسخ لأنه مسخهم على مكانتهم فقال: } وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ { [يس:67]، والمقطع لأنه قطع اليهود أمما فقال: } وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً { [الأعراف:168]، والمفجر لأنه سبحانه فجر الأرض عيونا فقال: } وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً { [القمر:12]، والحامل لأنه حمل نبيه نوحا عليه السلام على ذات ألواح ودسر فقال تعالى: } وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ { [القمر:13]، وغير ذلك من آلاف الأفعال في الكتاب والسنة والتي سيقلبها دون حق إلى أسماء لله عز وجل .

1.أخرجه مسلم في الإيمان، باب في قوله عليه السلام إن الله لا ينام 1/161 (179).
رد مع اقتباس